فصل شروط الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

حكم- الاول: كما قلنا ان يكون عارفاً عالماً بان ما يأمر به واجب او مستحب ويناسب المأمور وينطبق الوجوب عليه, الثاني: احتمال التأثير فلوا احتمل عدم التأثير بتقليب وجوه من الكيفيات في الطرح من جعله صديقاً ويعمل معه تزوراً او الاهداء اليه او تعديد الامرين معه حتى يكمل نصاب البيان له وتبليغه فان لم ينفع كل ذلك يسقط الوجوب.
حكم- يمكن ان يكون الامر نافعاً لغيره بان المؤمنين لو سكتوا عم الفساد وكثر وان تحركوا حد الفساد وتوقف وان كان نفس المأمور عاند ولم يستحب فاحداث حالة النقد والردع لابد ان تحدث في المجتمع حتى لا يتجرأ الآخرون بكل صلافة على العصيان.
حكم- لو علم الآمر الناهي عدم التأثير او احتمل ولكن علم او احتمل ان المنهي سيبدل المعصية باخف منها مثل لو كان يزني بذات المحرم فينهاه فيكون يزني بالغريبة او كان يلوط فينهاه فيكون يزني ويترك اللواط او ينهاه عن الزنا فيكون يقذف بيده ويترك الزنا, فالظاهر وجوب النهي للتخفيف وكذا متجاهراً بالفسق فينهاه فيكون متستراً بالمعصية او مخففاً, الثالث: ان يكون الفاعل للمنكر او تارك الواجب مستمراً مصراً على الفعل والترك.
حكم- اذا كان بالامر والنهي لا يستحب ولكنه ينخذل ولعله يخفف او يقترب للهداية فهذا يجب أيضاً لئلا يبقة مصراً على الفعل وعلى الاقل ان يكون متستراً بعد كونه متجاهراً وهو اقل اثماً, واذا شك الآمر بان المأمور مصر ام لا وجب عليه التبليغ ولا ينتظر ان يقول له انا مصر وانا معلون, الرابع: ان لا يكون في الامر والنهي مضرة تلحق بالآمر او باهله او بمتعلقيه لا تتحمل عادة.
حكم- هذا الشرط مشكل التطبيق ودقيق المعنى لانه يحتاج الى موازنة فانه بعض الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يحتاج الى تضحية من كل احد ولذلك وجب الجهاد وقد ترى الانبياء والاولياء واتباعهم من اول الدنيا الى آخرها ذهبوا قتلاً وسجناً وتطريداً وظلماً وعدواناً, وبعض الامر والنهي يفرض تحمل الاذى او القتل او السجن من اناس مخصوصين دون آخرين, مثل التضحية بالنفس والمال ورجال العشيرة والاتباع كان واجباً على مثل الامام الحسين(ع) وابتاعه واتباع امثاله من العظماء والاشراف لفتضيح حكم بني امية اللعناء.
ولا تجب مثل هذه التضحية على سوقة الناس اذا لم يحسب على هؤلاء العظماء كما انه ليس كل زمان تجب هكذا تضحية وتكون مباركة ومثمرة مثلاً الان لو قتلوا نصف شيعة العراق لا يتشيع العالم اثر هذه الجريمة فانه قد قتل من اول الانقلاب على صدام لعام 2003 وحتى عام 2010 قد قتل منهم حوالي مليون نسمة ولم تر الشعوب والحكومات زادت ضد اهل البيت(ع) وشيعتهم الا عتوا وعداوة ولم ترد الشيعة انفسهم الا تفرقاً واختلافاً وجهالة وضعفاً.
حكم- بعض الظروف يحرم تحمل الاذى في سبيل الامر والنهي وبعضها يستحب وبعضها يجب فمثل تضحية الامام الحسين(ع) كانت واجبة على مثله ومثل شيعة العراق يجب الامر والنهي بالعلم والفكر والتنظير ولا يجوز الحملات المسلحة, نعم يجب المطالبة بقتل القتلة والمفجرين وملاحقتهم بشكل منظم ومن المسؤلين الحكوميين ومن يعينهم وهكذا الامر في كل المعمورة فان الحملات المسلحة محرمة شرعاً حالياً والتفاهم والمناقشة العلمية واجبة بين الفئات المختلفة والنقود والمظاهرة السلمية لازمة على كثير من الهيئات الادارية.
حكم- الانسان على ثلاث طبقات فمنهم متهور يثور ويتدخل بعنوان الامر بالمعروف او بعنوان الجهاد سواء كان الامر الشرعي يقتضي الهدوء والصبر او يقتضي التقدم والاثارة, ومنهم جبان لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر خوفاً وجبناً ولا يستعد ان تصيبه شوكه في جلده في سبيل الله كما في الآية الكريمة: [وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ10](1), ومنهم شجاع فلا يتقدم اذا اقتضى الامر الشرعي الاحجام ويتقدم ويثور عند الامر بالاقدام, وذلك مثل الامام امير المؤمنين(ع) انه جدل الابطال واهلك الاقران في الحروب وانه صمت ولم يرفع سيفاً ولم يستعمل يداً بعد استشهاد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عملاً بما عاهد به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ان لا يرفع سيفاً من بعده الا في ثلاث الناكثين والقاسطين والمارقين فهذا هو الشجاع.
حكم- لو كان فاعل المنكر وتارك المعروف عالماً بالوجوب أو التحريم جاهلاً بالموضوع فان كان الموضوع خطراً كالنكاح انه متزوج اخته مثلاً او الخمر وما شابه فالاحوط تعريفه وان لم يكن كذلك فلا يجب تعريفه كالصلاة بالنجس وان كان جاهلاً بالحكم وجب تعريفه مطلقاً وكذا مع نسيانه وغفلته, الخامس: ان لا يكون فاعل المنكر وتارك الفرض معذوراً.
حكم- اذا كان آكل الميتة بسبب قربه من الموت بشدة الجوع فلا يجوز منعه لاكل الميتة, واذا ترك الصلاة بسبب انقاذه للغرقى او لدفع الحريق او ما شابه في وقت الصلاة فهو معذور ولا يجوز منعه من قيام الواجب الاهم نعم لو كان فاسقاً لا يريد اقامة الفرض او لاستعماله الحرام ويتحجج بعدة حجج فهذا يجب ردعه وايقافه وارجاعه الى الطاعة بما امكن.
حكم- لو كانت مسألة خلافية بين فقهاء الشيعة الاتقياء بين الوجوب وعدمه فلا يجب الاصرار بالامر بها, ولو كانت خلافية بالتحريم وعدمه كذلك فلا يجب النهي عنها.
حكم- يجب على الامر بالمعروف والناهي عن المنكر ان يتحلى بالاخلاق بحسن التعبير مع الناس والتهذيب وان يكون عاملاً بما يأمر به ومنته عما ينهى عنه وقد روينا في اول بحثنا هذا كيف رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المعراج ان خطباء امته تقرض شفاههم بمقاريض من نار, وقال الله تعالى: [وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ 43 أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ44](2), وقال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ2 كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ3](3).
وعن الامام الصادق(ع) : (انما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من كانت فيه ثلاث خصال: عامل بما يأمر به تارك لما ينهى عنه عادل فيما يأمر عادل فيما ينهى رفيق فيما يأمر رفيق فيما ينهى)(4).


(1) سورة العنكبوت 29/10.

(2) سورة البقرة 43 – 44.

(3) سورة الصف 61/2 – 3.

(4) الوسائل ب10 ح3 الامر والنهي.