الآية السابعة يتلوه شاهد منه

حكم- جاءت الآيات تصف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للكفار وللمنافقين في اوائل سورة هود(ع) [أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ2](1), هذا خطاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) للناس ثم عدل الى خطاب الله للرسول [فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ...12](2), ثم عدل الى الحديث عن الناس وموقفهم منه (صلى الله عليه وآله وسلم) [أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ...13](3), ثم وصف هؤلاء الكفار واعوانهم [أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ16](4), ومعلوم ان المقصود بهم هنا المنافقون وليس الكافرين لسبقها اية [نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ...15], يعنيي حسناتهم وعبادتهم بحيث يعرفون بين الناس بالاسلام والعبادة ونزيد اموالهم واولادهم واعوانهم وصحتهم وسعادتهم ولك هذه القاعدة ان كل كلمة (احباط) في القرآن انما تصف المنافقين والفاسقين وليس الكافرين لان الاحباط هو اسقاط ثواب الحسنات واجر العبادات وليس للكافر عبادة ولا حسنات اسلامية حتى تحبط وعلى كل حال ثم قايس وقارن صفة النبي وصفة هؤلاء المنافقين والكفار وتساءل انه من الافضل فانتصر لتفضيل واصطفاء رسول الله واخبر بان عمله غير مقطوع بموته وانما (يتلوه شاهد) على الامة من قبل الله وقبله [أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ...17], وصف الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الموجب لتفضيله وتقديم قوله وعمله على قول المنافقين واعمالهم وانهم عماة وجهله عن ربهم والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كل عمله وقوله [أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ...17](5).
ان علياً(ع) هو الشاهد على الامة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسيأتي تفسير الشاهد وقد مر عليك آيات وأحاديث من السنة والشيعة لاثبات كون علي الشاهد والوصي والناصر والوزير ومنجز عداه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من بعده وموفي دينه والمجيب عنه.
والقرينة الاظهر من ذلك بان الآية [عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ] تعني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والشاهد الوصي من بعده, الجملة بعدها قوله [وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً...17], فموسى هو الامام والرحمة في امته قبل بعثة رسول الله, والآية تخص مستوى الانبياء(ع) والاوصيا, ان قلت ان (يتلوه) الضمير يرجع الى البينة وليس للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والشاهد هو القرآن, قلت: أولاً ان البينة مؤنث فلا توصف بالمذكر حتى لو كانت غير ذات فرج فان وصف لغير ذات الفرج اذا سبق لفظه بالمذكر واما اللاحق فلا يجوز الا ان يكون كلاماً عجمياً فتقول (طلع الشمس ولا تقول الشمس طلع او طالع انما تقول طالعة).
وثانياً: ان القرآن ليس شاهداً من رسول الله وانما شاهد من الله تعالى, وثالثاً: ان القرآن ليس تالياً لحجج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبيناته وانما هو مقارن وهو نفس حجج الله ورسوله وليس بعد البينات والحجج, نعم يصح ان تفسر البينة من ربه هو القرآن وهو اعظم بينات الله ورسوله بل ليس لرسول الله بينات من غير القرآن.
وقد سئل الامام الصادق(ع) : (هل عندكم غير علم القرآن شيء؟ قال: ان كل علومنا انما هي في القرآن ومن القرآن), نقلت الخبر بالمعنى.

فالبينة من ربه هو القرآن ويتلوه هو خلفاؤه العالمون والصادقون واولهم علي(ع) هذا ما ورد في تفسيرها من اهل بيت العصمة.


(1) سورة هود 11/2.

(2) سورة هود 11/12.

(3) سورة هود 11/13.

(4) سورة هود 11/16.

(5) سورة هود 11/17.