فصل معنى الامر واخواته واحكامه

حكم- الامر اصلهُ الطلب من العالي الى الداني ولكنه يستعمل باعم منه من الطلب من المساوي وهو الرجاء ومن الداني الى العالي يستعمل ايضاً شذوذاً فيقال امر التلميذ استاذه او اباه بالمعروف, ولا يقال امر العبد ربه او نبيه او امامه فالمعصوم لا يأمره العباد, والمعروف: هو بمعنى الصالح عند الله وعند الصلحاء من الناس, والنهي لا يقال الا على الذي يخطأ بحيث يصح ان ينهاه الناهي.
حكم- الامر والنهي واجب كفائي لو قام بهما من به الكفاية سقط عن الآخرين وقد اختلفوا في حكمه فقيل بالاباحة كالامر عند توهم الحضر كقوله تعالى [فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ...187]( ) وقيل ان الامر للاستحباب, والمشهور هو للوجوب نعم غلب في القرآن والسنة اوامر للاستحباب وهي اكثر من اوامر الوجوب ومع ذلك لو لم يكن قرينة يحمل على الوجوب ولو كان قرينة يحمل على الاستحباب او الاباحة او التهديد وما شابه وحسب القرينة.
حكم- قال بعض الفقهاء رحمهم الله ان وجوب الامر والنهي عيناً وليس كفاية مع ثبوت سقوط الامر اذا حصل الهداية في المأمور او المنهي, ولكن يجيبك في سقوط العينية حين الاطمئنان على حصول الغاية وعليه فجميع المسلمين المؤمنين يجب ان يهبّوا حين فساد او فتنة وما شابه فاذا حصلت الهداية سقط عن الجميع, ولهذا وجه ولكن فسر فتواه بالعينية انها الكفائية المرحلية ونحن كنا نقول بالكفائية وليس العينية ولكن نتظاهر بالعينية لما نرى من شيوع الفساد والانحراف بالعقائد وبالعمل والفضلاء اخذتهم الاتكالية اللاابالية.
حكم- (التدرج) غالب العصاة والمنحرفين لا يتحملون الامر ولا النهي فاللازم على الآمر الناهي يعرف كيفية الدخول الى هذا الشخص والتأثير له كما ان كثيراً من العصاة لا تستطيع ايصاله لكامل الهداية وانما تحكي بعض الكلمات لتحدث في نفسه التشكيك لعله يخف وتتركه وتراقبه بدون ان يحس بك لعلك تحصل على فرحة في بعض ظروفه واحواله فتزيده علماً والتفاتاً وهكذا.
وبعض الناس لا يفيده شخص واحد فاللازم ان يتعاون المرشدون فقد ورد عن عمر بن حنظلة عن ابي عبد الله(ع) قال: (يا عمر لا تحملوا على شيعتنا وارفقوا بهم فان الناس لا يحتملون ما تحملون)( ), وعن الاحوص عن ابي عبد الله(ع) قال: (ان الله وضع الايمان على سبعة اسهم على البر والصدق واليقين والرضا والوفاء والعلم والحلم ثم قسم ذلك بين الناس فمن جعل فيه السبعة الاسهم فهو كامل محتمل وقسم لبعض الناس السهم ولبعضهم السهمين ولبعضهم الثلاثة حتى انتهوا الى سبعة ثم قال لا تحملوا على صاحب السهم سهمين ولا على صاحب السهمين ثلاثة فتبهضوهم ثم قال: كذلك حتى انتهى الى سبعة).
حكم- يجب ان يعرف الآمر الناهي الحكم الشرعي تماماً حتى لا يعد ممن يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف ككثير من الناس وهم يحسبون انهم يحسنون صنعاً فالامر بالواجب واجب وبالمستحب مستحب والنهي عن الحرام واجب وعن المكروه مستحب والامر بالحرام حرام وبالمكروه مكروه, واذا كان امر مختلف في تحريمه فيحاول ان يحتاط فلا يأمر به لانه من الشبهات والمختلف في وجوبه بالافضل ان يأمر ويشجع عليه.
حكم- رأي العدلية وهم الشيعة ان الله لا يأمر بشيء وجوباً او استحباباً الا وفيه المصلحة للعباد غالبه على السوء والضرر فيه لو صح ان يكون فيه سوء, ولا ينهى عن شيء الا ما زاد مفسدته في العباد اكثر من نفعه كما قال تعالى: [يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا...219]( ) فان الخمر والقمار مادتان تجاريتان واسعة يستطيع الانسان الفاسق ان يستغني ويصبح مليونيراً بالتجارة فيمها, ولكنهما فساد للحرث وخراب الدنيا والآخرة وسقوط البشرية في حضيض الرذيلة والموجب للخلود في نار جهنم وبئس المصير وغضب الجبار العظيم.


( ) سورة البقرة 187.

( ) الوسائل ب14 ح1 و2 الامر.

( ) سورة البقرة 219.