بقية الايات التي تفرض ولاية علي بعد رسول الله

الاية السادسة: (آية الولاية قال تعالى:[أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاء إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا102](1), هذه الاية للمنافقين الذين يتولون السلاطين والخلفاء الطواغيت اولياء بدون امر الله تعالى ومعلوم ان بعض المنافقين اتعس حالاً من الكافرين حيث قال الله لهم انهم [إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ...145](2)
وليس المعنى اصناما او اشخاصا يعبدونهم لان المولى غير المعبود والذين يعبدونهم لايسمونهم اولياء وانما هم ارباباً, فالاولياء هم الطواغيت الذين تتولاهم الطبقة الجاهلة والمنافقة والمخالفة لأمة الحق, وقال تعالى[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ...51](3), وهذه أيضاً تبين ان معنى الولي هو المتبوع من قبل سفلة الناس والمتخذ لأية خلافا للرسول واهل البيت(ع) الذين هم الاولياء حقا قال تعالى[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ54](4), هؤلاء هم الائمة من آل محمد واتباعهم المجاهدون انهم على طول التاريخ يطاردهم الحكام وموظفوهم وعلماء السلطان الظالم يفتون ضدهم ويكفرونهم ويقتلونهم ويسجنونهم ويخرجونهم من ديارهم حتى ان العجم الذين علماء السنة صاروا في بلاء العرب قلدهم مخالفوا ال محمد وعدوهم عربا والعرب هربوا الى بلاد العجم فاخذوا يعيرونهم بالعجمية مثل ايران والافغان وتركيا وباكستان وغيرها, ولذلك ترى انساب كثير من الايرانيين والهنود او الافغان انهم سادة من ذرية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واهل بيته.
واكثر علماء السنة القادمون انهم عجم اقحاح عاشوا بجنب السلاطين الامويين او العباسيين او الايوبيين, فمن الذي قد ضحى وعاش الظلم والجور غير اهل البيت وشيعتهم لقولهم الحق مهما كان الثمن ولا تأخذهم في الله لومة لائم, وتراهم اعظم مصداق واجلى حقيقة لقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ما مضمونه والحديث مشهور: (لا تزال فئة من امتي يعملون قائمين بالحق لا يردهم من خذلهم وظلمهم الى يوم القيامة), مع ان الحب المطلق من الله ومن العبد والى الله لا يكون الا بنزع جميع الرذائل والقيام بتمام الحق وهو معنى العصمة.
ولم يحدث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا المستوى لواحد من الاصحاب وانما خص هذه الصفة باهل البيت (فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ومن احبها فقد احبني), (احب الله من احب حسيناً), (سأعطي الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه), (الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا), (الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة وابوهما خير منهما), وسيأتي النصوص مثل ذلك في ذكر امامة كل واحد من الائمة الاثني عشر.
والخلاصة [لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء... 51], [إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ55], [وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ56](5).
وقد اتفق محدّثوا العامة على نزولها في علي(ع) ولكن الذي في قلبه مرض لا يتعرض لخبر سبب النزول ليتخلص من الاعتراف لعلي بالولاية مثل تفسير الجلالين اكتفى بان معنى راكعون يعني خاضعون مطيعون! بينما الادب العربي يستهجن هذا التفسير لان الذي يصلي ويبذل الزكاة من ماله هو مطيع فلا يحتاج لوصف الاطاعة نعم لو جاء بصفة زائدة على الاطاعة مثل وهم مخلصون في اطاعة الصلاة والزكاة لصحت الجملة, ومجمل الحادثة قد روى الثعلبي(6) (اخرج بالاسناد الى ابي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهاتين والا صمتا ورأيته بهاتين والا عميتا يقول: علي قائد البررة وقاتل الكفرة منصور من نصره مخذول من خذله, اما اني صليت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم فسأل سائل في المسجد فلم يعطه احد شيئاً وكان علي راكعاً فاومأ بخنصره إليه وكان يتختم بها فاقبل السائل حتى اخذ الخاتم من خنصره فتضرع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الى الله عز وجل يدعوه فقال: اللهم ان اخي موسى سألك قال: [قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي25...] اللهم واني عبدك ونبيك فاشرح لي صدري ويسر لي امري واجعل لي وزيراً من اهلي علياً اشدد به ظهري...قال ابو ذر فوالله ما استتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الكلمة حتى هبط عليه الامين جبرائيل بهذه الآية [إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ...حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ56].


(1) سورة الكهف 18/102.

(2) سورة النساء 4/145.

(3) سورة المائدة 5/51.

(4) سورة المائدة 5/54.

(5) سورة المائدة 55 و 56.

(6) تفسير الثعلبي الكبير وهو من اعلام المسلمين وتفسيره مرجع لهم.