الرابعة: آية التبليغ

[يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ...67](1), مجمل القضية نلقيها ثم نذكر بعض مصادر اهمها من مصادر السنة ولم نقتصر على مصادر الشيعة لان بحثنا لاقناع اتباع مذاهب السنة فقد يرتابون ببعض مصادر غيرهم.
مجمل القضية: ان جبرائيل(ع) نزل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في شهر رجب في السنة العاشرة من الهجرة واشاد باداء النبي في تبليغه الرسالة وتحمل اعباءها وانه بقي عليه خصلتان ان لم يبلغهما فكأنما لم يفعل شيئاً وتذهب اتعابه ورسالته هدراً [وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ...] وهما الحج والولاية لعلي من بعده, وكان علي في اليمن وارسل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) باقي من اسلم في القرى ويخبرونهم ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سوف يحج حج الوداع فتجمع القوم معه ما يقارب سبعين الفاً وجاء علي من اليمن بما يقارب ستين الفاً فاصبحوا ينوفون 120 الفاً كما في بعض المصادر, فعلمهم الحج وتحمل عناد وصلافة بعضهم في كيفية الاداء, ثم خطب فيهم في منى واعاد بعض الاحكام واكثر من وصيتهم بالتقوى والطاعة ومحبة اهل البيت(ع) , ثم اكمل ورجع عن مكة ونزل جبرئيل قبل ان يتفرق الناس في منطقة غدير خم وهي على ثلاثة اميال عن الجفة أي 5625 متر وهو فرسخ بهذه الآية [يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ...] امر الخلافة لعلي من بعدك الذي انزل في المدينة حيث امرت في رجب بتبليغه, فصلى بالناس صلاة الظهر والعصر حتى اجتمعوا فقام بهم بخطبة مفصلة في فرض مبايعة الناس لأمير المؤمنين(ع) بالفاظ مؤكدة واخذ عليهم العهود ومن جملة ما خطب (صلى الله عليه وآله وسلم) : (اليس تشهدون ان لا اله الا الله وان محمداً عبده ورسوله وان جنته حق وناره حق وان الموت حق وان البعث حق بعد الموت وان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور؟ قالوا بلى نشهد بذلك, قال: اللهم اشهد, ثم قال: ايها الناس ان الله مولاي وانا مولى المؤمنين وانا اولى بهم من انفسهم فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه...ثم قال: ايها الناس اني فرطكم, (سابقكم), وانكم واردون عليَّ الحوض...واني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما الثقل الاكبر كتاب الله عز وجل سبب طرفه بيد الله وطرفه بايدكم فاستمسكوا به ولا تضللوا ولا تبدلوا وعترتي اهل بيتي فانه قد نبأني اللطيف الخبير انهما لا ينقضيان ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض)(2), وسيأتي احاديث تؤكد ما اكده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) , وامر الجمع ان لا يفارقوا المكان حتى يبايعوا علياً بالخلافة واوائل من بايعه ابو بكر وعمر قالا له (بخ بخ لك يا علي اصبحت مولانا ومولى كل مؤمن ومؤمنة) وظل عمر يقول في طول حياته لعلي هو مولاي(3), ثم في الطريق اجتمعوا ابو بكر وعمر وعثمان وعبيدة بن الجراح وعبد الرحمان بن عوف وكتبوا صحيفة ان لا يجمع النبوة والخلافة لنبي هاشم ومن يخالف يقتل ونصها ذكرت في الجزء الاول (اصول الدين) من الموسوعة, ولما رجعوا جاء النظر بن الحارث الفهري بعد اجتماعه بهم ايضاً وقال للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يا محمد انك واهل بيتك احتويتم على الشرف كله ولم تدعوا لقريش شيئاً من الخير, فانت رسول الله وابنتك سيدة نساء العالمين وولداها سيدا شباب اهل الجنة وعمك سيد الشهداء وابن عمك له جانحان يطير بهما في الجنة وقد امرتنا بالصلاة فصلينا وبالصيام فصمنا وبالحج فحججنا وما زلت بنا حتى اخذت بضبع ابن عمك فنصبته علينا من بعدك هذا الامر منك او من الله, فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) والله الذي لا إله الاهو انه من الله, فتولى وهو يقول [اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ32](4), فلم ينزل عليه العذاب لتعقبه باية[وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ33] فتولى حتى كاد ان يخرج من المدينة نزلت الاية الكريمة[سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ 1 لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ2 مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ3](5) فنزل عليه بحجارة من سجيل نزلت في رأسه وخرجت من دبره فخطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبشر جماعته بان صاحبكم قد هلك فحزنوا وبكوا, ذكر بعض الجمل في هذه الحادثة كثير من محدثي السنة والشيعة ومنهم تفسير الثعلبي والشبلنجي في نور الابصار 71 وسيرة الحلبي 3/ حجة الوداع, ومستدرك الصححين 2/502, وبالجملة فان هذه مجمل ماحدث في عيد الغدير العظيم ولذا سماه اهل البيت بالعيد الاعظم.


(1) سورة المائدة 5/67.

(2) الخطبة راجعها في معجم الطبراني والصواعق 25 وصححه وكنز العمال 1/168 ومجمع الزوائد للهيثمي 6/164 وتاريخ دمشق للشافعي 2/45 وغدير الزاميني 1/26 وعبقات الانوار 12/3133 و 1/156, ونوادر الاصول للترمذي 389 وينابيع المودة 37 عنهم نظرية عدالة الصحابة.

(3) الصواعق 26 وتاريخ ابن عساكر 2/82 والرياض النضرة 2/224 لاحمد حسين يعقوب.

(4) سورة الانفال 8/32.

( ) سورة المعارج 70/1 - 3.