كتاب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

حكم- الامر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرتان عظيمتان في الاسلام وهما واجبان في العقل قبل ان يامر بهما الشرع لاستقامة البشرية في الدنيا والآخرة وقد عنى القرآن الكريم بالتوجيه اليهما في آيات كثيرة منها بلفظ الدعوة والعرف, [وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ 198 خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ199](1) ابو بلفظ الهادي واهد وهي كثيرة وكذلك لفظة الارشاد والوعظ وفي آل عمران ثلاث آيات متقاربات [وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ104](2), [كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ...110](3), [يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ114](4), فهذه الآيات اولاهن تحكي حال المنافقين المعاندين وتأمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ببان يأمرهم ويعرض عن جاهليهم وهم الاكثر, والثانية ولتكن منكم في كل مجتمع جماعة بالمقدار الكافي ينظمون ويتنظمون للقيام باصلاح الناس وتحسين سيرتهم بالاضافة الى توصية كل انسان لاصلاح نفسه وعياله وجاره ومن وصل اليه صوته ومعرفته, والثالثة (كنتم) لفظ الخبر بقصد الامر اي كونوا ولو كانت الآية تقصد الاخبار حقيقة لكانت كاذبة وحاشا القرآن من الكذب اذ كيف كانوا خير امة وهم يقتلون الاولياء آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ويتسلطون على الامة بلا حجة ولا امر من الله ورسوله, ويحاربون اولياء الله وكيف كانوا خير أمة والآيات الاخرى تثبت ان اهل المدينة مردوا على النفاق وهم من الكثرة والتكتم بالشر حتى ان الرسول لا يعرفهم, وكيف اذا مات الرسول انقلبوا على اعقابهم وكيف يشكوهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم القيامة [يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا30](5), وكيف يقرؤن القرآن وقلوبهم مقفلة عن تطبيقه [أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا24](6), وكيف: [وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ106](7), وكيف: [وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ70](8), وكيف: [وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ103](9), وكيف يقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) : (لا ينجوا من اصحابي الا كهمل النمل), وكيف يبشرهم بالنار: (يؤخذ بهم الى النار فيقول اصحابي اصحابي فيقال له دعهم (ذرهم) يا محمد فانك ما تدري ما فعلوه من بعدك فاقول بعداً بعداً), وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : (اذا تركت الامر بالمعروف والنهي عن المنكر سلط الله عليهم شرارهم وخسرت تجارتهم وغلت اسعارهم ولعنتهم سماؤهم ثم يدعون فلا يستجاب لهم ثم يدعو صالحهم فلا يستجاب له).
وعن الامام الباقر(ع) قال: قال علي(ع) : (اوصى الله جلت قدرته الى........اني مهلك من قومك مأة الف اربعين الفاً من شرارهم وستين ألفاً من خيارهم, فقال هؤلاء الاشرار فما بال الاخيار, فقال داهنوا اهل المعاصي فلم يغضبوا لغضبي)(10), وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (ليلة اسري بي الى السماء رأيت جماعة تقرض شفاههم فقلت: يا جبرائيل من هؤلاء, قال: هؤلاء خطباء امتك يقولون ما لا يفعلون ويأمرون الناس بالبر وينسون انفسهم)(11), وعن امير المؤمنين(ع) : (امرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ان نلقى اهل المعاصي بوجوه مكفهرة)(12), وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ايضاً: (كيف بكمُ اذا فسدت نساؤكم وفسق شبابكم ولم تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر) فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ فقال: (نعم وشر من ذلك كيف بكم اذا امرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟) فقيل له: يا رسول الله ويكون ذلك؟ قال: (نعم وشر من ذلك كيف بكم اذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً)(13).
وعن ابي عبد الله(ع) : (ان ابليس احتال على عابد من بني اسرائيل حتى ذهب الى فاجرة يريد الزنا بها فقالت: ان ترك الذنب ايسر من طلب التوبة وليس كل من طلب التوبة وجدها فانصرف وماتت في ليلتها فاصبحت واذا على بابها مكتوب احضروا فلانه فانها من اهل الجنة, فارتاب الناس فمكثوا ثلاثاً لا يدفنونها ارتياباً في امرها فاوحى الله عز وجل الى نبي من الانبياء ولا اعلمه الا موسى بن عمران ان إئت فلانه فصل عليها ومر الناس فصلوا عليها فاني قد غفرت لها واوجبت لها الجنة بتثبيتها عبدي فلاناً عن معصيتي)(14).


(1) سورة الاعراف 7/199.

(2) سورة آل عمران 3/104.

(3) سورة آل عمران 3/110.

(4) سورة آل عمران 3/114.

(5) سورة الفرقان 25/30.

(6) سورة محمد 47/24.

(7) سورة يوسف 12/106 – 103.

(8) سورة المؤمنون 23/70.

(9) سورة يوسف 12/106 – 103.

(10) مستدرك الوسائل ب7 ح7 الأمر بالمعروف.

(11) مستدرك الوسائل 9/8 الأمر بالمعروف.

(12) الوسائل ب6 ح1 الأمر بالمعروف.

(13) الوسائل 1/12 الامر بالمعروف.

(14) الوسائل 2/3 الأمر بالمعروف.