[حكم -43] اتفق الشيعة وبعض مذاهب السنة على ان الذمي اذا اشترى ارضا من مسلم وجب ان يخمس الثمن حقاً شرعياً عليه وقيل ان الوجوب لمطلق الانتقال معوضاً أو غير معوض كالصلح والمهر والهبة والنذر اذا صح.
ولا فرق ان تكون خالية أو مزروعة أو مبنية والخمس عليها ليس على البناء ولا على الزرع،
سواء استقرت في ملكه أو انتقلت لشراء مسلم آخر منه أو غير مسلم.
[حكم -44] لو اشتراها ثم اسلم لم يسقط الخمس. ولو اشتراها ثم استقال وفسخ الشراء سقط الخمس سواء كان الشراء بالخيار ام لا.
السابع: ارباح المكاسب بعد المؤنة:
[حكم -45] كل ما يستفيد المكلف المسلم من أي طريق كان ففيه الخمس الا الارث فانه لا خمس عليه يقسم ما يراد به اربعة أقسام:
الأول- ان يقصد به العيش والمؤنة للنفس والعيال من طعام وشراب وسيارة وبيت واثاث ولباس ورياش فليس بهذا خمس يأكله ويستعمله وله المهنى.
الثاني – اتخذه ليؤجره ويعيش بايجاره وهذا يخمس ما صرف عليه وهذا أيضاً كل شيء من أثاث وبيت ودكان وسيارة وآلات خياطة وحدادة ونجارة ليشتغل بها ويعيش، وأرس مال ليتاجر به.
الثالث – اتخذه ليتاجر به فهو يشتريه ويعرضه فيربح به وهذا أيضا كل شيء من سيارة وبيت واثاث وملابس وطعام وشراب،
فهذا يخمسه برأس ماله وأرباحه بعد اخراج المؤنة.
الرابع – ما لم يقدر عليه أو ضائع أو مقروض لم يأتِ أجله.
فهذا ان شاء خمسة وان شاء صبر حتى يحصل عليه ويتمكن منه فيخمسه بحسب ما قصد به كما قلنا.
[حكم -46] استقرار المذهب وحصل الاجماع للشيعة على وجوب الخمس من هذا القسم من الخمس الا ما يذكر عن القديمين من العفو عنه ولعل هناك من تبعهما وهما ابن الجنيد وابن عقيل.
ولعل استنادهما ومن تبعهما رحمهما الله تعالى بعض الروايات وهي مصروفة لحالات خاصة وبعضها مقولة تقية ومنها:
صحيح النصري عن ابي عبد الله(ع): ((قلت له ان لنا امولاً من غلات وتجارات ونحو ذلك وقد علمت ان لك فيها حق؟
قال(ع): فلم احللنا إذاً لشيعتنا؟! الا لتطيب ولادتهم وكل من والى آبائي فهم في حل مما في ايديهم من حقنا فليبلغ الشاهد الغائب))(1)
والظاهر انه تعريض بانساب مخالفيهم وحرمة اموالهم وقد سبقهم(ع) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: (لا يبغضك يا علي الا ابن زنا أو ابن حيض أو منافق) وقول الحسين(ع) في خطبته في اللعناء ولم يخضعوا لحججه بترك القتال فقال: (لقد ملأت بطونكم من الحرام فقست قلوبكم ونسيتم ذكر الله العظيم)
وكذلك صحيح الفضلاء عن الصادق(ع) قال: (قال أمير المؤمنين(ع) هلك الناس في بطونهم وفروجهم لأنهم لم يؤدوا الينا حقنا الا وان شيعتنا من ذلك وآباءهم في حل)(2)
لا يبعد ان يقصد ما يأخذ الشيعة من الفسقة إذ لو بنينا على ان الخمس جزء من كل فائدة تكون اموالهم جميعاً فيها حرام وذلك لأنهم يتعاملون مع الذي لا يخمس فيأخذون مال اصحاب الخمس في ضمن معاملاتهم فجزء من كل معاملة حرام وفضولية،
فأما الشيعة فقد عفوا عن الجزء في معاملاتهم.
ومعلوم ان الكافر لو عفيناه عن التخميس فلا نعفي المسلم وقد ورد بالكتاب والسنة سواء زعم انه يعتقد أو لا يعتقد فالكتاب والاحاديث الكثيرة تحكمه فمعاملاتهم حرام والتعامل معهم موجب للفضولية بالاموال الا الشيعة فقد أحل لهم تلك الاجزاء من المعاملة وخبر الكناسي عنه(ع): ((اتدري من أين يدخل على الناس الزنا؟ فقلت لا أدري! فقال(ع): من قبل خمسنا أهل البيت الا لشيعتنا الاطيبين فانه محلل لهم لميلادهم)(3)
وان قلت كيف قال عن الاشكال في المعاملة تسبب الزنا، مع ان الامة جمعاء من السنة والشيعة لا يحكمون على الغاصب بالزنا لو امهر زوجته من الحرام وانما يصححون العقد وهو ضامن الإرجاع الحق الى أهله سواء ارجاع نفس المهر اذا كان من عين المغصوب أو تحليل أمواله من غيره؟
قلت: هذا صحيح ولكنه يحاسب ويحشر يوم القيامة في صف الزناة وليس كل الاحكام في الدنيا تصدق في الحساب يوم القيامة.
وقد وردت عدة ورايات عند السنة والشيعة ان من أمهر زوجته من المال الحرام كتب زانياً عند الله تعالى.
وخذ مثلاُ لتقريب المعنى من مات على ولايتنا مات شهيداً ومن مات مظلوماً محقاً مات شهيداً.
مع أنه يحكم عليه باحكام الموت الطبيعي ويغسل ويحنط ويكفن ولو كان شهيداً لم يكفن ولا يغسل؟
الخلاصة يبعث ويحشر مع الشهداء يوم القيامة وليس باحكام الدنيا بشهيد وكيف نأخذ بأخبار تحليل الخمس للشيعة على الاطلاق.
واطلاقها يتعارض مع ضروريات مذهب التشيع واكثر منها احاديث واوضح منها متنا فاليك هذه الاحاديث:
عن أبي الحسن الرضا(ع) ((لا يحل مال الا من وجه أحله الله، ان الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالنا وعلى موالينا وما نبذله ونشتري من اعراضنا ممن نخاف سطوته فلا تزوه عنا ولا تحرموا انفسكم دعانا ما قدرتم عليه فان اخراجه مفتاح رزقكم وتمحيص ذنوبكم وما تمهدون لانفسكم ليوم فاقتكم))(4)
وعن محمد بن زيد قال: ((قدم قوم من خراسان على ابي الحسن الرضا(ع) فسألوه ان يجعلهم في حل من الخمس فقال ما أمحل هذا اتمحضونا المودة بالسنتكم وتزوون عنا حقاً جعله الله لنا وجعلنا له وهو الخمس لا نجعل لا نجعل لا نجعل لأحد منكم في حل))(5)
وعن محمد بن جعفر الاسدي في جواب مسائله الى صاحب الدار(ع) وأما ما سألت عنه من أمر من يستحل ما في يده من اموالنا ويتصرف فيه تصرفه في ماله من غير أمرنا فمن فعل ذلك فهو ملعون ونحن خصماؤه فقد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المستحل من عترتي ما حرم الله فهو ملعون على لساني ولسان كل نبي مجاب فمن ظلمنا كان من جملة الظالمين لنا وكانت لعنة الله عليه بقوله عز وجل: [أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ] (6) الى ان قال وأما ما سألت عنه من أمر الضياع التي لناحيتنا هل يجوز القيام بعمارتها واداء الخراج منها وصرف ما يفضل من دخلها الى الناحية احتسابا للأجر وتقربا اليكم فلا يحل لأحد ان يتصرف في مال غيره بغير إذنه فكيف يحل ذلك في مالنا انه من فعل شيئاً من ذلك لغير امرنا فقد استحل منا ما حرم عليه ومن اكل من مالنا شيئاً فانما يأكل في بطنه ناراً وسيصلى سعيرا)(7)