دليل جواز تأخير تخميس الغنائم الى سنة

[حكم -47] قد توضح ثبوت الزكاة في كل عام وليس اقل من عام لان الغلات انما تزرع وتحصد في كل عام والتجارة والانعام ايضا ثبت نصّاً تزكيتها في كل عام وليس اقل من عام وأما الخمس فلطلاب العلم ان يستشكلوا بجواز التأخير الى رأس سنة ويقول انما مؤنة الغنائم تخرج بحسب ما يستفيده الشخص ويصرف من مؤنته. فإذا كان عاملاً أو موظفاً ويأخذ معاشا شهريا فانه يصرف مؤنة بيته في كل شهر وما يزيد منها فعليه ان بخمسه في كل شهر والتاجر يتاجر ويغنم في كل اسبوع ما يربح فعليه ان يخمس كل ما يربح بعدما يصرف مؤنته من ربحه،
والعامل اليومي كذلك يبذل نفقة عياله في كل يوم وما يزيد يخمسه وهذا ما اجابه الحديث الشريف حيث نص على ان التخميس في كل عام عن علي بن مهزيار قال كتب اليه ابو جعفر(ع) ((... ان موالي اسأل الله صلاحهم أو بعضهم قصروا فيما يجب عليهم فعلمت ذلك، فأحببت ان اطهرهم وازكيهم بما فعلت من أمر الخمس في عامي هذا قال الله تعالى: [خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا](1)
ولم اوجب عليهم ذلك في كل عام ولا اوجب عليهم الا الزكاة التي فرضها الله عليهم وانما اوجب عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضة التي قد حال عليهما الحول....
وأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام قال الله تعالى: [وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ](2) ...
وما صار الى موالي من أموال الخرمية الفسقة فقد علمت ان اموالاً عظاماً صارت الى قوم من موالي فمن كان عنده شيء من ذلك فليوصله الى وكيله ومن كان نائباً بعيد الشقة فليتعمد لايصاله ولو بعد حين فان نية المؤمن خير من عمله فاما الذي اوجب من الضياع والغلات في كل عام فهو نصف السدس فمن كانت ضيعته تقوم بمؤنته ومن كانت ضيعته لا تقوم بمؤنته فليس عليه نصف سدس ولا غير ذلك)(3)
فلو فرضنا ان المزرعة تثمر ستين كر من الحنطة فسدسها عشر ونصف السدس خمسه.
وسبب ما يأخذ السلطان من خراجها والمصاريف عن العمارة والالات والعمال فلو كانت المصاريف عشرين وما أخذه السلطان خمسة عشر كراً بقي من الستين 25 كراً وخمسها خمسة وهي نصف السدس لأصل التمر الذي 60 كراً.
وعليه فاخراج المؤنة يقصد به مؤنة السنة وليس المؤنة الشهرية او الاسبوعية او اليومية لان من جملة المؤنة هي الخراج الذي يأخذه السلطان في كل عام.
وهذا التوقيت كله معفو فلا نحاسب الرجل بعد مؤنته الاسبوعية ولا الشهرية وانما فقط السنوية.
فكلما يربح يخرج منه على طول السنة لطعامه وشرابه وسكناه ومراكبه واسفاره وضيوفه وهداياه وعطاياه، وجميع مصاريفه، فاذا انتهت السنة يحاسب نفسه ويرى ماليته فان زاد شيء اعطى خمس ذلك الزائد.
[حكم -48] بعض المؤن لا تكمل في سنة وانما تطول سنينا كبناء الدار للسكن وكتجميع المال لزواج فربما يجمع الشاب المال من معاشه اربع سنين حتى يستطيع ان يتزوج ويهيئ لزوجته المهر والسكن والطعام والاثاث وسيارة الركوب وجميع لوازم العائلة فهذا شرعاً يعفى حتى يكمل المؤنة اللازمة لعيشه وسعادته ان شاء الله.

[حكم -49] لا خمس بالميراث المحتسب والخمس في غير المحتسب. كما في رواية ابن مهزيار عن أبي جعفر(ع): (والميراث الذي لا يحتسب من غير اب ولا ابن)(4)
فالاقرباء القريبين كالابوين والابناء والزوج والزوجة فميراثهم محتسب فليس يخمس وأما غير المحتسب يعني لم يعلم المكلف ويفاجأ بان له اخ في البلد الفلاني قد مات وخلف كذا مقدار من المال وعرَّفنا عليك بانك اخوه فهذا الإرث غير المعلوم سابقا يخمس وكذا كل القرابات غير المعلومين أو المنسيين قبل موتهم.

[حكم -50] ما يستفيده الشخص من الاوقاف العامة أو الخاصة ما دام المال أو الزرع والثمرة منسوبة للوقف فلا خمس فيها واذا قسمت وصارت حصصاً للناس تابعي الوقف فهي من جملة ارباحهم يصرفون منها ما ارادوا وخمسوا الباقي في رأس السنة.

[حكم -51] على كل مؤمن ان يحزم أمره حتى يُبرئ ذمته من الحقوق الشرعية فيجعل له رأس سنة يحسبها من اول استقلاله بمصاريفه أو من اول وقت استرزاقه من وظيفة أو عمل أو اجارة او تجارة او زراعة او صناعة ويكون هذا اليوم الذي بدأ به الرزق رأس سنته الهجرية فلنفرض كان اول يوم من محرم فكل سنة في أول محرم يحسب ما زاد على مؤنة السنة ويعطي خمسه وإذا اراد ان يقدمه في اول رمضان مثلا لزم ان يخمس في اول رمضان حتى يحاسب في السنة الاخرى في اول رمضان أيضاً. أو اراد ان يؤخره الى أول ربيع مثلاً فليحاسب نفسه أول ربيع ويخمس على رأس الشهرين أي محرم وصفر حتى ينقلب رأس سنته أول ربيع وهكذا

[حكم -52] من الفوائد التي يجب تخميسها عوض الخلع والهدايا والمهر للمرأة الا إذا اشترت به اثاثا وما شابه من ضروريات السكن فلا خمس فيه وكذا النذور وما شابه فانها فوائد تخمس بعد المؤنة. نعم لو نذر له نذراً واشترط عليه ان يتزوج به أو يشتري كذا فانه لا يخمس لانه ليس بملك مطلق وانما هو مال مشروط.
وكذا المهر اذا أمهرها واشترط عليها ان تشتري به كذا فانه لا خمس فيه لانه تمليك مشروط.
[حكم -53] لو علم ان مورثه لم يخمس ماله وتركته فيها من الاموال الزائدة عن مقدار المؤنة من السكن والملابس والسيارة الخاصة وغيرها من ضروريات المؤنة. فعليهم ان يقدموا عطاء الخمس في الزائد ثم يتورثون الباقي بشرط انه تعلق بها الخمس في زمان وليس مثل دية قتله ودية اعضائه وما شابه فلا خمس في ذلك.
وكذا مثل المغصوب منه والمجحود عليه وقد حصل الورثة فلا خمس فيه لانه من الإرث الا اذا كان عنده مدخراً اكثر من سنة ولم يخمسه فسرق منه أو غصب ثم الان حصله ورثته فان فيه الخمس.

[حكم -54] العفو عن الخمس: لنفس المخمس ان يعفو عن شيء من الخمس او يعفو الذي يأخذ الخمس ويعيش عليه يمكن ان يعفوه فيغنيه ويعطيه اكثر من حقه، كل ذلك من الاحاديث القائلة بعفو الشيعة من الخمس اذ من جملة محامل تلك الاحاديث انه للمتصدي لخدمة المسلمين والمقسم الارزاق على المبلغين له ان يعفو عملا بهذه الاحاديث بعد منع العمل لاطلاقها.
ولكن ليس له ان يضيع الحق كله وانما يعفو المخمس من قليل منه باعتباره هدية من الامام(ع) لولائه له.
[حكم -55] الطلبة في الحوزة بعضهم طبيعي المالية اذا انه لم يحصل على المال الا المعاشات البسيطة من قبل بعض المراجع الدينية التي لا تزيد عن مقدار تزوجه وقوته اليومي واذا زاد فانه سيملك سيارة وبيت سكن متواضع وما شابه فهذا لا يمكن ان يطارد عما زاد عليه من المال وانما نعفيه اذا زاد عنده شيء من المال عملاً بعفو الشيعة. وأما إذا زادت الهدايا له أو صار خطيباً مسترزق بارزاق واسعة أو كاتبا مؤلفا أو صاحب دار نسر وطبع وتجارة كتب وما شابه.
بحيث صار من رؤوس الاموال الضخمة فهذا لا يمكن ان يعفى ويجب ان يخمس سواء كان مرجعاً دينياً أو خطيباً أو طالباً أو اماماً او قاضياً.

[حكم -56] لو زاد قيمة ما يملك السوقية فقد قلنا ان ما يملك اذا كانت من المؤنة كالدار الذي يسكنه والسيارة الخاصة له ولعائلته والاثاث واللباس وغيرها، فلا خمس عليها سواء زادت قيمتها او نقصت ما لم ينو بيعها.
وكذلك الشيء الذي يؤجره فلا يخمس ما زاد في قيمته كالسيارة التي يؤجرها ويعيش من ايجارها والبيت والارض والخان والدكان والملابس والاثاث والكراسي التي يملكها ويؤجرها ويعيش من ايجارها فانها يخمس الاصل ولا يخمس الزيادة لو زادت قيمتها الا اذا باعها فان التجارة يخمس ارباحها كما يخمس اصلها.

[حكم -57] اذا كان له اعمال عديدة من عمارة يؤجرها وصناعة وزراعة فهو مخير ان يجعل لكل فائدة رأس سنة يحاسب عليها وبين ان يجعل لكل فوائده رأس سنة واحدة .

[حكم -58] اذا كان شخص فقيراً واستطاع ان يجمع شيئاً من المال لكي يتاجر به حتى يحصل عيشه فما دام رأس ماله شحيحاً قليلاً بحيث لو سُلب شيئاً افتقر وعجر عن العيش التام، فلا يخمس حتى يستغني بحيث لو أخرج الخمس بقي له رأس مال يتاجر به أو آلة يؤجرها ويستغني منها وكذا لو كان له سيارة يؤجرها وهو فقير الحال ليس عنده غيرها فلا تخمس السيارة حتى يستغني وكذلك لو كان له دكان ضعيف البضاعة يبيع فيه شيئا من الحاجيات وبيعه لا يزيد على متوسط معيشته فهذا يعفى عن التخميس حتى يستغني للحديث الشريف الخمس بعد الغنى ومثلهم الخياط والنجار والحداد والخراط والسباك واللحام والقصاب وغيرهم الذين بضاعتهم ضعيفة لا تزيد على قوتهم اليومي.

[حكم -59] كل مصروف محرم وما اسرفه من المال وبذره فلا يحسب من المؤنة بل يحاسب عليه ويعطي خمسه واي نوع من المعاصي من الخمر والزنا والملاهي المحرمة والسهرات مع الجنسين بصورة خليعة وعلامات ماجنة والعاب سفهائية، وغناء ورقص وكلام فاحش ومزاح فاجر
كل ما يصرف في ذلك يجب ان يخمس والالات كذلك من الفيديو والتلفزيون المخصوصة للأفلام المحرمة واشرطة الكاسيت والسيديات والكامرات كلها المتخذة لاشاعة الفساد والتشجيع على الرذيلة كله حرام ولا يعفى من خمس ما يصرف في ذلك.

[حكم -60] إذا كان عنده مال مخمس، ومال لم يخمس ولم يأت رأس سنته، ومال لم يخمس وقد فات رأس سنته. فما فات رأس سنته فلا يجوز ان يستعمله حتى يخمسه.
لقول الامام الصادق(ع) كما مرّ : ((لا يحل لأحد ان يشتري من الخمس شيئاً حتى يصل الينا نصيبا (نصيبنا) ))(5)
وأما الذي لم يأت رأس سنته فله ان يستعمله ويأخذ منه مؤنته الى رأس العام وأما الذي قد خمسه أو لا خمس فيه كالارث وما شابه ان صرف منه مؤنته فقد أحسن للشرع حيث أبقى الربح كله ليخمسه رأس السنة واستعمل ما قد خمسه.
[حكم -61] لو حل رأس السنة وراح يخمس ولكنه طلب من الحاكم الشرعي ان يقرضه ما عليه من الخمس ويجعله عليه اقساطا في ذمته، ليحج به او ليتزوج او ليشتري شيئاً أو لأي شيء محلل جاز للحاكم الشرعي ان يرد عليه ويجعله عليه اقساطاً ويعفيه عن بعضه مساعدة له،
فإذا كان سيداً يعفوه عن حق السادة وان كان عامياً يعفوه من حق الامام

[حكم -62] اذا حوى كتباً كثيرة يطالع بها ويدرسها ويدرس بها ثم عجز أو مرض ولم يكن من ولده وأهل بيته من يستفيد منها وهجرت بلا فائدة ولا من يطلبها الظاهر يجب تخميسها الا إذا كان المرض والعجز مؤقتاً باحتمال العود للاستفادة بها. وكذلك لو كانت له دار سكن ثم اشتروا بيتاً آخر وسكنوه وبقي هذا مهجوراً أو اعدوه للايجار او للبيع فان فيه الخمس لأنه أصبح زائداً عن المؤنة.

[حكم -63] لو بنوا داراً وهم ليسوا بحاجته للسكن فبعد كماله يجب تخميسه وان كان لهم رأس سنة خمسوه في رأس سنته لأنه ربح زائد مؤونتهم. نعم لو احتاجه أحد العائلة للسكن كما لو تزوج أحد ابنائهم واحتاج ان يستقل عن أهله وكان قرار السكن عند اكماله قبل ان يحل وقت تخميسه فلا يخمسه.

[حكم -64] المواد التي يشتريها للمؤنة منها للغذاء كالسمن والزيت والعسل والتمر والرز وباقي الحبوب والأطعمة المتيبسة للمؤنة المستقبلة والسكر ومنها للوقود كالخشب والفحم. ومنها للبناء والترميم كالرمل والحجر والجص والجبصين،
ومنها للزراعة كالسماد والبذور،
ان جاءت رأس السنة وعنده من قبيل ذلك زائداً عن مؤنة السنة الماضية فإن كان قليلاً كمقدار وزنه رز ونصف وزنه حنطة وتنكة دهن وبرطمان مكدوس وتنكه دبس وحلانة تمر وعشرة كيلوات فحم ووزنه جبصين،
وما شابه فلا مانع من العفو عنه ولو بعنوان العفو عن الشيعة.
وأما لو زاد اكثر من ذلك كعشر تنكات دهن وعشر وزنات حنطة والف كيلو تمر فهذا لا يعفى عنها ويجب التخميس في رأس العام.
[حكم -65] اذا مات المكتسب قبل رأس السنة فلا خمس لتركته وان مات بعد رأس السنة ولم يخمس وجب التخميس الا اذا كانت التركة قليلة والورثة فقراء فهم أحق بالخمس. [حكم -66] لو كان رأس سنته في ذي القعدة واراد ان يحج وفي هذا الزمان عليه ان يتفق مع المتعهد للحج والمتعهد يضمن المقدار من المال قبل ستة أشهر من الحج تقريباً ثم يراجع السفارة ويعطي الضرائب والدوائر قبل اشهر الحج فهذا الحاج ليس عليه خمس مقدار المال الذي يحج به لانه صار في حساب المتعهد حتى لو ابقى بعضه عند الحاج لانه مطلوب منه نعم لو زاد المال عن مقدار الضروريات للسفر فعليه التخميس.
[حكم -67] لو بنى مصنعاً أو بنى داراً للتأجير وما شابه للاستفادة فما دام لم يكمل فلا خمس فاذا اكمل وجب تخميسه واذا بدأ الاسترباح منه وجب تخميس ربحه عند رأس السنة. وكذا اذا اراد تكوين رأس مال للتجارة مثل انه فتح محل تجاري وبدأ شراء المواد وتخزينها ليتاجر بها فما دام لم يكمل رأس المال ولم يفتح المحل ولم تكمل مواد التجارة لا يجب الخمس فاذا كمل رأس المال وفتح المحل وبدأ البيع والربح وجب تخميس رأس المال وإذا ربح وجب تخميس الربح في رأس العام.

[حكم -68] لا يجب التخميس الى رأس السنة فيجوز ويجزء التخميس يوما بيوم وشهراً بشهر وانما هذا التأخير ارفاق للمخمس. واختلفوا في قول الإمام علي(ع): ((بعد المؤنة)) يعني البعدية الزمانية التي تعني لا وجوب إلا بعد السنة أو البعدية المقدارية الفعلية.
فالمشهور على الثاني والحلي في السرائر ورآه السيد الشيرازي (قدس نفسهما) على أنه بعد السنة فلا وجوب قبل انتهاء السنة.
وحتى ان الحلي جعل الامر من المستحيل فقال بعدم امكان العلم بالمؤنة الا بعد السنة وهذا عجيب بالمبالغة ولو سألت كل الناس لقالوا كل مؤنة بحسبها وبحسب ارتزاق صاحبها.
فمؤنة بناء الدار لا تظهر الا بعد اكماله في سنتين أو ثلاث بالنسبة لبناء الفقراء دارهم ومؤنة الاكل والشرب تظهر يوماً بيوم واسبوعاً باسبوع وشهراً بشهر ومؤنة الزواج تظهر في عدة شهور حتى يتم العقد ويدخل الرجل بزوجته وقد أمنوا اغراضهم وبنوا تمام عشهم.
بالجملة ان المراد بالمؤنة هي المؤنة المصرفية وهي لا تشترط بمضي سنة ثم ايضاً لم يظهر لنا ان الشرط بالمؤنة على نحو اللزوم.
فلو بذل مؤمن خمس ارباحه قبل اخراج مصاريف داره ونفسه فهل قد اساء ولم يعبد الله تعالى؟!
بالعكس انه من المحسنين وله الاجر الزائد على بقية المطيعين.

[حكم -69] على ما قلنا آنفا فلو ظهر الربح في اثناء السنة فعليه الخمس بعدما يصرف لمطاليبه الحالية ولعائلته فإن وبقي شيء بعد المصاريف المحللة والمعتادة ولكن المكلف أسرف تلك الفائدة بالحرام والضياع والتبذير فلا يسقط الخمس عنه ويحاسب في نهاية السنة عما اسرف وبذَّر واثم بذلك، نعم لو تلفت او ضاعت او سرقت بدون تعد ولا تفريط من صاحبها فلا يحاسب عليها.

الخمس على العين وليس في العين (6)

[حكم -70] من المسائل الخلافية العويصة والمطولة ان الخمس جزء من عين الفائدة أو جزء في العين أو فرض على العين أو فرض بالعين أي سبب حصول العين وقد بحثننا ذلك في الزكاة وقلنا بعدم جواز التصرف في النصاب الا بعد عزل مقدار الزكاة وبذلها امراً تكليفياً ولو خالف وتصرف فلا يشارك الفقير فيما ربح التاجر من النصاب غير المزكى كنفقة الزوجة والاقارب اذا قصر الزوج فلم يبذل نفقتهما وتاجر بارباحه المفروض ان ينتفق منها لزوجته أو والديه وربح بها ومنها مقدار النفقة فلا تشاركه الزوجة ولا الاقارب في أرباحه الثانية وانما لهم نفقتهم حتى يعيشوا. ونعيد الاقوال والاحتمالات في عين الخمس والزكاة في اموال الناس
ومجمل الاقوال انه على نحو الجزئية أو على نحو الحقية،
والجزئية على نحو الاشاعة أو كالكلي في المعين والحقية على أي نحو من الحقوق:
أ- من قبيل الكلي المشاع: يعني لا يجوز التصرف بالمال بأي جزء منه الا بإذن شركائه من الفقراء أو الحاكم الشرعي كالشركاء في الاملاك واذا تصرف وربح في تصرفه شاركه شريكه في الربح. ب- الكلي في المعين: يعني يجوز تصرفه بالمال الذي ربحه الا المقدار من الخمس فيه فلا يجوز التصرف فيه وهذا يختلف أيضاً انه عدم الجواز تكليف فقط لا وضعاً يعني لو تصرف فقد أثم ولم يشاركه مستحق الخمس في أرباحه بذلك الجزء. او وضعاً أيضاً بحيث يشاركه رأي السيد السبزواري قدست نفسه بانه لا يشاركه وانما يأثم، واستنبط ذلك من قول الإمام(ع) في خبر ابن سنان \((حتى الخياط ليخيط قميصاً بخمسه دوانيق منه دانق))(7).
فقال (والمتيقن من كلمة اللام مطلق الاختصاص الشامل للحق أيضاً اما الملكية) يقصد الجزئية (فتحتاج الى قرينة وهي مفقودة)(8)
ومثل السيد الشيرازي قدست نفسه (يجوز التصرف فيما زاد على الخمس كما يجوز تصرف من باع منَّاً من صبرة في الصبرة الا في مقدار المن منها)(9)
ج- من قبيل حق الرهانة: يعني ليس الحق جزءاً من العين وانما متعلق حقه بالعين فلا يجوز للراهن ان يتصرف فيها الا ان يعطي دين المرتهن.
ولا يجوز للمرتهن التصرف فيها الا بحلول الاجل فيأخذها بدلاً عن حقه وليس هي عين حقه.
د – من قبيل حق الجناية من العبد: يعني اذا جنى عبد على شخص فقتله او جرحه فبدن العبد ليس جزءاً من الدم الذي سال مثلاً.
وإنما الدم الذي سال ظلما لصاحبه حق على بدن العبد أما ان يقتله او يستعبده او يستخدمه حتى يوفيه مقدار الدية.
وكذلك الخمس لصاحبه الفقير أو الحاكم أن يأخذ جزأه من صاحب رأس المال غير المخمس أو يأخذ شيئاً بمقدار ووفاء عنه من مال الرجل.
ولمالك العبد ان يبقى مستخدما للعبد فليس حق جنايته مانعاً من استعماله فلو كانت أمة لمالكها ان يجامعها ولو كان عبداً لمالكه ان يستخدمه حتى يقرر المجني عليه نعم لا يجوز لمالكه ان يتلفه أي يقتله او ينقله عن ملكه أو يخفيه عن المجني عليه حتى يضيع حق الجناية فيه فيكون شريكاً في الجناية.
هـ- من قبيل الامور الذمية التي لا ترتبط بالعين اصلاً يعني الضريبة الشرعية على ملاَّك رؤوس الاموال.
و- او من قبيل الحق العيني كالدين يخير آخذه بين ارجاع عينه وبين التصرف به وجعله في الذمة.
وحينئذٍ فرواية أبي بصير (كل شيء قوتل عليه على شهادةَ ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فان لنا خمسه ولا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتى يصل الينا حقنا)
ظاهرها ان التصرف بمقدار الخمس حرام فقط وليس في كل المال وهذا ما يقرب القول بالكلي بالمعين ويبعد القول بالاشاعة.
وانه يجوز أن يسقطه اذا وصل للسادة حقهم يعني لا يشترط ان يبذل الخمس من عين المال.
والا لزم ان يقول الإمام(ع) (لا يحل لأمر ان يشتري مقدار الخمس وانما يعطيناه) بينما قال حتى يصل الينا حقنا يعني ان الخمس لا بشرط ان يكون من عين المال يعني انه على نحو الكلي بالمعين حقاً لا جزءاً وهذا ظاهر تفسير السيد السبزواري والسيد الشيرازي قدست نفسهما
وهذا معنى حق الجناية حسب المحتمل من مقصودهم به
وقال السيد السبزواري&: (ومنها المشتملة على كلمة (من) ... وهل هي بمعنى على بقرينة جملة من الاخبار او بمعنى (في) ... والكل محتمل ولا ظهور لها في واحد منها وان كان الاقرب كونها بمعنى على ... وهو ظاهر في أصل الجعل ولا يستفاد منه الملكية ولا الحقية بل حق له نوع تعلق بالعين.
ومنها المشتملة على لفظ الخمس كقوله(ع) (لنا الخمس) قوله(ع) ((لنا خمسه))(10)
وهو ظاهر في الاشاعة ولكنه أعم من الملكية والحقية وان كان لا يبعد الاولى من مثل قوله(ع) (لنا خمسه) ولكنه اعم بانه من حيث العينية الخارجية أو من حيث المالية
ومنها هل اشتمل على لفظ الحق ... وهذه الاخبار قرينة معتبرة على أن المراد من سائر الاخبار مجرد الحقية....)(11)
وعلى كل حال فلو قلنا كما يقول صاحب العروة (الخمس بجميع اقسامه متعلق بالعين .... ولو اتجر به قبل اخراج الخمس كانت المعاملة فضولية...) ويشارك اصحاب الخمس بارباح التجارة
فلو قلنا بهذا القول لكان كل المؤمنين والمؤمنات اجمعون أبصعون أكتعون يأكلون الحرام ويشاركون باكل الاموال الفضولية.
كيف لا واكثر الناس الذين نعاملهم في شراء أي شيء لنا لا يخمسون ولا يزكون والذي يخمس يحوص مئة حوصة حتى يبذل بعض القروش.
ألم تقرأ قوله تعالى [هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ](12)

[حكم -71] اذا تاجر بالمعدن او بمواد مخرجه بالغوص او باخراج الكنز من الارض واعطى الخمس من المخرجات سقط خمس التجارة لان الذي يخمَس لا يخمس لقول الامام الرضا(ع): (ان الخمس في جميع المال مرة واحدة) وقوله (لا مثنية في الصدقة) بناء على أن الخمس من الصدقة أيضاً وبعدة أخبار أن من دفع الخمس طاب به بقية المال

[حكم -72] المرأة التي تشتغل وتكتسب عليها ان تخمس بعدما تصرف اذا كانت تشترك مع زوجها بالصرف واما اذا تحمل زوجها كل المصاريف فعليها ان تخمس بدون حساب المؤنة الا اذا اشتركت مع زوجها وجمعت معاشها ومعاشه فالخمس بالمال المجموع بعد المؤنة من الجميع.


(1) التوبة 9/103-105.   

(2) الانفال 8/41.

(3) الوسائل ب8 ح5 ما يجب فيه الخمس.

(4) الوسائل ب8 ما يجب فيه الخمس.   

(5) الوسائل ب3 ح9 الانفال.

(6) بحث هذه المسألة في العروة في م31 من زكاة الغلات وفي م75 من كيفية تعلق الخمس ونحن تبعا للشراح اوضحنا أقوالهم وقولنا بما أمكن ليسعد ويتثقف بذلك طلابنا الكرام.

(7) الوسائل ب8 ح8 ما يجب فيه.

(8) مهذب الاحكام 11/518.

(9) الفقه 391 كتاب الخمس بالطبعة القديمة.

(10) الوسائل ب2 ح5 ما يجب فيه.

(11) المذهب 11/519.

(12)محمد |38/ آخرها.