التصوير والنحت

حكم- في الآية الكريمة: [يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ...13](1) ان الجن كانوا يعملون لسليمان (ع) التماثيل وورد عن ابي العباس عن ابي عبد الله (ع) في قوله تعالى [يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ...13] فقال والله ما هي تماثيل الرجال والنساء ولكنها الشجر وشبهه(2), وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ولا كلب ولا جنب)(3) وليس فيه دليل على التحريم, وعن محمد بن مروان عن ابي عبد الله (ع) قال سمعته يقول ثلاثة يعذبون يوم القيامة: (من صور صورة من الحيوان يعذب حتى ينفخ فيها) الروح (وليس بنافخ فيها والمكذب في منامه يعذب حتى يعقد بين شعيرتين وليس بعاقد بينهما والمستمع الى حديث قوم وهم له كارهون يصب في اذنه الانك وهو الاسرب) وهو الرصاص المذاب, ولكن الفقهاء اختلفوا بين التحريم مطلقاً ومنهم متن المهذب للتصوين مطلقاً وبين محرم للتجسيم كامل او غير كامل ومنه نحت صورة الانسان او الحيوان وبين محرم للتجسيم اذا كان تام الخلقة وهذا الآخير معين عندي احتياطاً وفي الحديث عن ابي بصير قال قلت لابي عبد الله (ع) ان نبسط عندنا الوسائد فيها التماثيل ونفترشها؟ فقال: (لا بأس بما يبسط منها ويفترش ويوطأ انما يكره منها ما نصب على الحائط والسرير)(4), يظهر من هذا الحديث ان الممنوع هو المجسم على الحائط والسرير كما نرى بالاسرة القديمة واما مجرد صورة على الفرش والبسط فلا منع واستظهر صاحب الجواهر(رح) من التكليف بالنفخ انها المجسمة بل الاجازة مطلقة في بعض الحديث ومنها عن محمد بن مسلم قلت لابي جعفر (ع) اصلي والتماثيل قدامي وانا انظر اليها؟ قال: (لا اطرح عليها ثوباً ولا بأس بها اذا كانت عن يمينك او شمالك او خلفك او تحت رجلك او فوق رأسك وان كانت في القبلة فالق عليها ثوباً وصل)(5).
فالحديث انما كره الصلاة مقابل التمثال وهو مطلق على المجسم والمنقوش لعدم الاستفصال, واما نقصان التمثال موجب لاسقاط الحرمة فله عدة أحاديث منها عن ليث المرادي انه سأل ابا عبد الله (ع) عن الوسائد تكون في البيت فيما التماثيل... وسأل عن التماثيل تكون على البساط لها عينان وانت تصلي؟ فقال: (ان كان لها عين واحدة فلا بأس وان كان لها عينان وانت تصلي فلا)(6), وعلي بن جعفر عن اخيه موسى (ع) قال سألته عن مسجد يكون فيه تصاوير وتماثيل يصلي فيه؟ فقال: (تكسر رؤس التماثيل وتلطخ رؤس التصاوير ويصلي فيه؟ قال لا بأس)(7) فان التماثيل مجسمة اكتفى بكسر رؤسها.
حكم- احتمال جواز التمثال التام المجسم قائم عندنا اذا كان التمثال لعظماء الناس كالانبياء (ع) والاوصياء (ع) من رواية رأيتها في كتاب للشيخ علي الاحقاقي الكويتي(رح) (ان الملائكة شكت الى الله تعالى الاشتياق لرؤية وزيارة امير المؤمنين (ع) حيث ان اهل الارض فازوا بلقائه ورؤيته والملائكة حرموا من ذلك فاستأذنوا بجعل تمثال له في السماء يزورونه كل يوم فاذن لهم فجعلوا له تمثالاً من نور وطافوا حوله), ويدل على جواز التمثال ايضاً الآية الكريمة [أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ...49](8) ولا تقل ان الجلية توقفت على نفخه فيه فيكون طيراً حقيقياً اذ لم يشر في الاحاديث تقييد التحليل بذلك فانه قبل نفخ الروح انه صنع طيراً مجسماً وهو نبي فانا غير النبي اولى بالاجازة بعمل هذه اللعبة فتأمل.
حكم- لا يخلو من استحباب جعل صور وتعليقها على الحائط بغير جهة القبلة للنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) او لعلي (ع) وللائمة اذا عملها رسام دقيق وخبير وليس اذا كانت مشوهة ومخزية وان كانت هي غير حقيقية ولكن قريبة جداً لاشكالهم (ع) حسب ما وردنا من اوصاف ابدانهم ووجوههم ولقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (النظر الى وجه علي عبادة) والنظر الى وجه المؤمن عبادة, وهكذا استحباب جعل صور الاباء والاجداد للتذكار وللترحم عليهم اذا كانوا من المؤمنين نعم يكره تعليق صور كثيرة على الحياطين.
حكم- لا بأس من احتواء البوم الصور لكل العائلة قدماء وحدثاء نساء ورجالاً ولا تعرض صور النساء اذا كانت غير محجبة الا لمحارمها, وهكذا احتواء صور العلماء والعظماء بل هكذا صور المجرمين والحكام الظالمين والفاسقين للعنهم والاعتبار بهم.
حكم- اذا حرمت الصورة او التمثال المجسم انما حرم صنعها واما اقتناؤها فليس بحرام سواء كانت مستقلة او على قماش او على نايلون او على روق خصوصاً اذا كانت من قبيل لعب الاطفال نعم لا يحسن اكثار ذلك في البيوت وقد سمعت احد خطبائنا الاجلاء قد شدد التحريم للعب الاطفال وبالجملة انه لادليل على تحريم الاقتناء, اذا حرمت انما هي لذوات الارواح من انسان او حيوان او جن او ملك واما غير ذوات الارواح كالشجر والجبل والارض والحدائق وغيرها فلا حرمة ولا كراهة.
حكم- يحرم للزوجين تصوير حالتهما الجنسية من كيفيات الجماع وحالات العورتين فانها غالباً تقع بيد من يسكن معهما او من يزورهما فتكون مورد فتنة وفساد اخلاق, نعم لهما ان يصورا انفسهما وعوراتهما ويتفرجان على صورهما طول الليل ثم يتلفان الصورة تماماً لئلا تقع بيد الآخرين خصوصاً الاطفال فانها موجبة لفاسدهم وعموماً انه عمل سفهائي سخيف لا يعمله الشخص العاقل الرشيد فانه اذا اراد رؤية بعضهما فلينظر لانفسهما فانهما اجسام حقيقية وما يحتاجان للصورة بعد رؤية الاصل.

حكم- اجاز بعض الفقهاء لرؤية الصورة الخلاعية والعمليات الجنسية للكفار او للاشخاص غير المعروفين من الفاسقين والفاجرين ولكن الاحوط التحريم الا اذا كان الشخص مع زوجته وفيه او فيها برود جنسي فينظران ليحصل عندهما حرارة واستعداد للجماع.


(1) سورة سبأ 34/13.

(2) الوسائل ب94 ح1و7و4 ما يكتسب به.

(3) مستدرك الوسائل.

(4) الوسائل ب94 ح1و7و4 ما يكتسب به.

(5) وسائل ب32 ح1 مكان المصلي.

(6) الوسائل ب32 ح8و10 مكان المصلي.

(7) الوسائل ب32 ح8و10 مكان المصلي.

(8) سورة آل عمران 3/49.