(13) اكفليه حتى يعقل

حكم- وروى الكافي والتهذيب, عن ميثم قال: اتت امرأة تحج أمير المؤمنين (ع) فقالت: اني زنيت فطهرني طهرك الله, فان عذاب الدنيا ايسر من عذاب الآخرة الذي لا ينقطع, فقال لها: مم أطهرك؟ فقالت: اني زنيت, فقال لها, اوذات بعل انت ام غير ذلك؟ فقالت: بل ذات بعل, فقال لها: أفحاضراً كان بعلك اذ فعلت ما فعلت ام غائباً عنك كان؟ فقالت: بل حاضراً, فقال لها: انطلقي فضعي ما في بطنك ثم ايتيني اطهرك.
فلما ولت عنه فصارت حيث لا تسمع كلامه قال: اللهم انها شهادة, فلم تلبث ان اتت فقالت: قد وضعت فطهرني فتجاهل عليها, فقال: اطهرك يا امة الله مماذا؟ فقالت: اني زنيت فطهرني, فقال: وذات بعل انت اذ فعلت ما فعلت؟ قالت: نعم, قال وكان زوجك حاضراً ام غائباً؟ قالت: بل حاضراً, قال: فانطلقي وأرضعيه حولين كاملين كما امرك الله, فانصرفت المرأة, فلما صارت بحيث لا تسمع كلامه قال: اللهم انها شهادتان, فلما مضى حولان اتت المرأة فقالت: قد ارضعته حولين فطهرني يا امير المؤمنين, فتجاهل عليها وقال: أطهرك مماذا؟ فقالت: اني زنيت فطهرني, قال: وذات بعل اذ فعلت ما فعلت؟ فقال: نعم, فقال: وبعلك غائب عنك اذ فعلت ما فعلت ام حاضر؟ قالت: بل حاضر, قال: فانطلقي فاكفليه حتى يعقل ان يأكل ويشرب ولا يتردى من سطح ولا يتهور في بئر, فانصرفت وهي تبكي, فلما ولت فصارت حيث لا تسمع كلامه قال: اللهم انها ثلاث شهادات, فاستقبلها عمرو بن حريث المخزومي فقال: ما يبكيك يا أمة الله وقد رأيتك تختلفين الى علي تسألينه ان يطهرك, فقالت: اتيت امير المؤمنين فسألته ان يطهرني فقال: اكفلي ولدك حتى يعقل ان يأكل ويشرب ولا يتردى عن سطح ولا يتردى في بئر, وقد خفت ان يأتي علي الموت ولم يطهرني, فقال لها عمرو بن حريث, ارجعي اليه فأنا اكفله, فرجعت فأخبرت امير المؤمنين (ع) بقول عمرو فقال لها امير المؤمنين (ع) وهو متجاهل عليها: ولم يكفل عمرو ولدك, فقالت: اني زنيت فطهرني, قال: وذات بعل انت اذ فعلت ما فعلت؟ قالت: نعم, قال: أفغائباً كان بعلك اذ فعلت ما فعلت ام حاضراً؟ فقالت: بل حاضراً, فرفع (ع) رأسه الى السماء وقال: اللهم انه قد ثبت لك عليها اربع شهادات وانك قلت لنبيك (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما اخبرته من دينك: (يا محمد من عطل حداً من حدودي فقد عاندني وطلب بذلك مضادتي) اللهم واني غير معطل حدودك ولا طالب مظادتك ولامضيع لاحكامك بل مطيع لك ومتبع سنة نبيك.
فنظر اليه عمرو بن حريث وكأنما الرمان يفقأ في وجهه, فلما رأى ذلك عمرو قال: يامير المؤمنين اني انما اردت ان اكفله اذ ظننت انك تحب ذلك فأما اذ كرهته فانى لست افعل, فقال (ع) أبعد أربع شهادات بالله لتكفلنه وانت صاغر.

فصعد أمير المؤمنين (ع) المنبر فقال: ياقنبر ناد في الناس الصلاة جامعة, فنادى فاجتمعوا حتى غص المسجد بأهله, وقام أمير المؤمنين فحمد الله واثنى عليه ثم قال: أيها الناس ان امامكم خارجا بهذا المرأة الى هذا الظهر ليقيم عليها الحد انشاء الله, فعزم عليكم لما خرجتم وانتم متنكرون ومعكم أحجاركم لايتعرف احد منكم الى أحد حتى تنصرفوا الى منازلكم. ثم نزل فلما اصبح الناس بكرة خرج بالمرأة وخرج الناس متنكرين متلثمين بعمائمهم وبأرديتهم والحجارة في ايديهم وفي اكمامهم حتى انتهى بها والناس معه الى الظهر بالكوفة, فأمر لها أن يحفر حفيرة ثم دفنها فيها ثم ركب بغلته وأثبت رجايه في غزر الركاب, ثم وضع اصبعيه السبابتين في أذنيه ثم نادى بأعلى صوته: أيها الناس ان الله تبارك وتعالى عهد الى نبيه عهداً عهده محمد الي بأنه لايقيم الحد من لله عليه حد, فمن كان لله عليه مثل ماله عليها فلا يقيم الحد. فانصرف الناس يومئذ كلهم ماخلا امير المؤمنين والحسن والحسين (ع) , فأقام هؤلاء الثلاثة عليها الحد يومئذ ومامعهم غيرهم.