(8) قضاء دانيال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في فضح القاضين

حكم- فقال عمر: فحدثنا يا ابا الحسن بحديث دانيال: فقال: ان دانيال كان يتيماً لا ام له ولا اب, وان امرأة من بني اسرائيل عجوز كبيرة ضمته فربته, وان ملكاً من ملوك بني اسرائيل كان له قاضيان وكان لهما صديق وكان رجلاً صالحاً, وكانت له امرأة ذات هيئة جميلة وكان يأتي الملك فيحدثه, فاحتاج الملك الى رجل يبعثه في بعض اموره, فقال للقاضيين: اختارا رجلا ارسله في بعض امورى, فقالا فلان, فوجهه الملك فقال الرجل للقاضيين: اوصيكما بامرأتي خيراً, فقالا: نعم.
فخرج الرجل, فكان القاضيان يأتيان باب الرجل الصديق فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها فأبت, فقالا لها, والله لئن لم تفعلي لنشهدن عليك عند الملك بالزنا ليرجمك. فقالت: افعلا ما احببتما. فأتيا الملك فأخبراه وشهدا عنده انها بغت فدخل الملك من ذلك امر عظيم واشتد بها غمه وكان بها معجباً, فقال لهما, ان قولكما مقبول ولكن ارجموها بعد ثلاثة ايام.
ونادى في البلد الذي هو فيه احضروا قتل فلانة العابدة فانها قد بغت وان القاضيين قد شهدا عليها بذلك واكثر الناس في ذلك, وقال الملك لوزيره: ما عندك في هذا من حيلة؟ فقال ما عندي في ذلك شيء, فخرج الوزير يوم الثالث فاذا هو بغلمان عراة يلعبون وفيهم دانيال وهو لا يعرفه, فقال دانيال: يا معشر الصبيان تعالوا حتى اكون انا الملك وتكون انت يا فلان العابدة ويكون فلان وفلان القاضيين الشاهدين عليها ثم جمع تراباً وجعل سيفاً من قصب وقال للصبيان: خذوا بيد هذا فنحوه الى مكان كذا وكذا وخذوا بيد هذا فنحوه الى مكان كذا وكذا ثم دعا بأحدهما فقال له: قل حقاً فانك ان لم تقل حقاً قتلتك بما تشهد – والوزير قائم يسمع وينظر – فقال: اشهد أنها بغت الخ.
قال: متى؟ قال: يوم كذا وكذا, قال ردوه الى مكانه وهاتوا الآخر فردوه الى مكانه وجاؤا بالآخر, فقال له: بم تشهد؟ فقال اشهد أنها بغت قال: متى؟ قال: يوم كذا وكذا قال: مع من؟ قال: مع فلان بن فلان, وأين؟ قال: موضع كذا, فخالف صاحبه, فقال دانيال: الله اكبر, شهدا بزور يا فلان, ناد في الناس انما شهدوا على فلانة بالزور فاحضروا قتلهما, فذهب الوزير الى الملك مبادراً فأخبره الخبر, فبعث الملك الى القاضيين فاختلفا كما اختلف الغلامان فنادى الملك في الناس وامر بقتلهما.

ورواه الفقيه, عن الاصبغ بن نباتة قال: اتى عمر الخبر, لكن فيه في سؤال دانيال عن الاول زيادة السؤال عن الوقت والموضع والزاني.