سادساً: العلم واليقين

حكم- لا بد للشاهد ان يكون عالماً مستيقناً بما يشهد به ولا فرق بالعلم من اين يحصل اليقين والعلم اما علم عقلي وهو مئة بالمئة وهذا غير لازم, واما علم شرعي وهو الذي يقوم عليه اسواق المسلمين والذي يحصل من خبر الثقة ومن البينة ومن الحديث الشريف وهو مظنون الصدور ومظنون المعنى, وتفسير القرآن الكريم وهو مظنون المعنى والنفسير وقطعي الصدور فهذا الظن القوي الذي اتبعه الشرع وامر باتباعه في المعاملات بين الناس والذي أخذ بواسطته تعاليم الدين واذا اعتبرت الاحتمالات بحسب النسبة المئوية فيمكن ان يرمز له بـ (80%) والظن غير الشرعي والذي نهانا الله عن اتباعه وهو مطلق رجحان الاحتمال يعني (51% - 70%) تقريباً ويقابله الشك (50%) اي عدم رجحان احتمال ولا سلب الاحتمال او الوهم وهو(20 – 49%) والخيال (1 – 20%) وكذا الوسوسة, وبهذا سوف تعرف الاحاديث من قوله تعالى [وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ...](1), وقوله تعالى [إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ86](2), وعن الصادق (ع) : (لا تشهد بشهادة حتى توفها كما تعرف كفك)(3), فهذه المعرفة المأمور بها هي مقدار الظن الخاص والمسمى بالحجج الشرعية والذي يصدر من البينات وخبر الثقة وخبر ذي اليد وخبر اهل العلم والخبرة.
حكم- اذا شهد شخص بشيء وعلى يقين وكتبت شهادته وبعد مدة طلب للشهادة على الموضوع وكان قد نسي الموضوع فأروه توقيعه والكتابة بخطه او بغير خطه فان تذكر او اطمأن بانه قد شهد ولو من الاطمئنان بخطه جاز ان يشهد ثانياً, وان لم يتذكر ولم يطمئن فلا يشهد وليصر على انه نسي وفي ذلك مكاتبة جعفر بن عيسى قال: جعلت فداك جاءني جيران لنا بكتاب زعموا انهم اشهدوني على ما فيه وفي الكتاب اسمي بخطي قد عرفته ولست اذكر الشهادة وقد دعوني اليها فاشهد لهم على معرفتي ان اسمي في الكتاب ولست اذكر الشهادة؟ اولا تجب الشهادة عليَّ حين اذكرها كان اسمي بخطي في الكتاب او لم يكن؟ فكتب: لا تشهد)(4).
وعمر بن يزيد قال: قلت لابي عبد الله (ع) الرجل يشهدني على شهادة فاعرف خطي وخاتمي ولا اذكر من الباقي قليلاً ولا كثيراً, فقال لي: (اذا كان صاحبك ثقة ومعه رجل ثقة فاشهد له)(5).
حكم- الامور التي يشهد بها انما هي امور حسية تصدر من السمع او البصر او اللمس او الشم والذوق, واما الحواس الباطنة من الحب والشوق والوهم والخيال والادراك فهي مخصوصة بالعقائد الا الظن الاطمئناني والعلم العقلي فهما سندا الشرع واغراضه, وفي رواية يونس عن الصادق (ع) قال: سألته عن البينة اذا اقيمت على الحق ايحل للقاضي ان يقضي بقول البينة اذا لم يعرفهم من غير سألة؟ فقال: (خمسة اشياء يجب على الناس الاخذ فيها بظاهر الحكم, والولايات والتناكح والذبائح والشهادات والمواريث فاذا كان ظاهره ظاهراً مأموناً جازت شهادته ولا يسأل عن باطنه)(6).
حكم- ورد في ان الحكم بظاهر البينات والاقرارات وان الواقع اترك علمه على الله تعالى فقد ورد عن ابي عبد الله (ع) قال في كتاب علي (ع) ان نبياً من الانبياء شكا الى ربه القضاء فقال كيف اقضي بما لم ترعيني ولم تسمع اذني؟ فقال اقضي عليهم بالبينات واضفهم الى اسمي يحلفون به وقال ان داود قال: (يا رب ارني الحق كما هو عندك حتى اقضي به) فقال: (انك لا تطيق ذلك) فالح على ربه حتى فعل فجاءه رجل يستعدي على رجل فقال ان هذا اخذ مالي فاوحى الله الى داود ان هذا المستعدي قتل ابا هذا واخذ ماله فامر داود بالمستعدي فقتل واخذ ماله فدفع الى المستعدي عليه, قال فعجب الناس وتحدثوا حتى بلغ داود (ع) ودخل عليه من ذلك ما كره , فدعى ربه ان يرفع ذلك ففعل ثم اوحى الله اليه ان احكم بينهم بالبينات واضفهم الى اسمي يحلفون به)(7).
حكم- في كل مورد علم الشاهد بخطأ شهادته وجب عليه ان يخبر المحكمة سواء بعد الحكم او قبله, وكذا لو كذب واثم ثم اراد ان يتوب فعليه ان يخبر سواء قبل الحكم وقبل التنفيذ او بعده, واذا حصل التنفيذ بالقطع او القتل او التعزير يجب ان يتصالح ويبذل الديات واستدراك ما حصل من النقيصة بسبب شهادته.
حكم- اذا اشتهر خبر بشيء بثبوت الهلاك مثلاً وطلب من الشخص السامع بالشهرة فليشهد بالشهرة بين الناس ولا يجوز له الشهادة برؤية الهلال وهكذا كل خبر اشتهر يشهد بالشهرة ولا يشهد بثبوت ما اشتهر واذا رأى القاضي او الشاهد ثبوت خبر في ورقة فلا يشهد بالمخبر به وله ان يشهد بالورقة والقاضي لا يقضي بالورقة الا اذا علم بالامان من الغط والكذب والغش, وهكذا كل شهادة يجب ان تكون بوضوح وصراحة ولا زيادة ولا نقيصة.

حكم- اذا سمع الاعمى بصوت وعرف معناه وصاحبه شهد بذلك اذا استيقن بالخبر وصاحبه, وكذا الاصم الابكم اذا رأى شيئاً عمل بشهادته اذا عرف الحاكم ولجنة المحكمة اشاراته ومقاصده.


(1) سورة الاسراء 17/36.

(2) سورة الزخرف 43/86.

(3) الوسائل ب20 الشهادات.

(4) الوسائل ب8 ح2 و1 الشهادات.

(5) الوسائل ب8 ح2 و1 الشهادات.

(6) الوسائل ب22 كيفية الحكم.

(7) الوسائل ب1 ح2 كيفية الحكم.