الرابع: الكمال بالبلوغ والعقل

[حكم -613] اذا قتل مجنون شخصاً في حال جنونه فلا يقتص منه ويبذل عاقلته الدية سواء كان المقتول عاقلا أو مجنوناً او صغيراً أو كبيراً نعم لو كان القاتل مجنونا أدوارياً وقتل في حال تعقله جاز الاقتصاص منه.
وان لم يقتص منه فانه يتحمل الدية وليس عاقلته
[حكم -614] لو قتل صبي قبل بلوغه شخصاً صغيراً أو كبيراً فلا يقتص من الصبي حتى بعد البلوغ والدية على عاقلته لان الاحاديث تقول (عمد الصبي خطأ تحمله العاقلة)
[حكم -615] اذا تبت بأن القتل في حال العقل اقتص منه حتى في حال جنونه
كما في معتبر بريد العجلي قال: (ان أبا جعفر(ع) سئل عن رجل قتل رجلاً فلم يقم عليه الحد ولم تصح الشهادة حتى خولط وذهب عقله ثم ان قوماً آخرين شهدوا عليه بعدما خولط انه قتله؟ فقال ان شهدوا عليه انه قتله حين قتله وهو صحيح ليس به على من فساد عقل قتل به وان لم يشهدوا عليه بذلك وكان له ما يعرف دفعت الى ورثة المقتول الدية من مال القاتل وان لم يترك ما لاً اعطي الدية من بيت المال ولا يبطل دم أمرئ مسلم)(1)
[حكم -616] اذا كان القاتل بالغا عاقلا اقتص منه ولا يعفى انه سفيه أو أحمق أو عصبي المزاج أو انه حسن النية أو سيء النية او انه يتيم أو انه فقير أو انه معيل أو انه اعزب وغيرها من الاعذار التي هي أقبح من الذنب.
[حكم -617] لو اختلف ولي المغدور والجاني فشاجره في حال كمال الجاني بالبلوغ والعقل.
فقال الولي انك قتلته وانت كامل فانكر وقال اني كنت مجنونا أو قال كنت لم ابلغ
قال بعض الفقهاء ان القول قول الجاني بيمينه ويمكن الميل إليه بعد عدم قدرة الاثبات
أولا للاحتياط بالدماء وعدم جواز التهجم على الدماء بلا يقين بالاستحقاق.
وثانيا: ان الولي هو المدعي يدعي ما يوجب قتل الجاني والجاني هو المنكر ذلك فتطبق على الجاني حينئذ الأصالات اصالة عدم الكمال اذا ارتبط الكمال بادعاء زائد واصالة البراءة عن القصاص واصالة عدم التكليف لمنكر التكليف.
[حكم -618] بالنسبة للدية يمكن ان يقال بعدم تكليف العاقلة وانما اعتراف الجاني بالجناية يوجب تكليفه بالدية ما لم يثبت قصوره المثبت لتحويل الدية على العاقلة.
واصالة عدم الكمال بالنسبة لاسقاط القصاص لا تأخذ ملازمها
لثبوت ان الامارة بحكم بملازماتها فاصالة عدم الكمال لا تثتب تحويل الدية من الجاني الى العاقلة.
[حكم -619] لو قتل الكامل القاصر الصغير جاز الاقتصاص فهو على القاعدة بالاضافة الى خبر عن الامام الصادق(ع) (كل من قتل شيئا صغيراً او كبيراً بعد ان يتعمد فعليه القود)(2)
بل ولو كان جنينا كاملاً وبعث فيه الروح، فانه يقتص له من الجاني العاقل باسقاطه وموته
واما اذا لم تبعث فيه الروح فلا يقتص له وديته عشر دية الحي
[حكم -620] لا يقتص من العاقل اذا قتل مجنونا سواء ادواريا او جنونا مطبقاً ويجب على العاقل بذل الدية كاملة.
كما في رواية ابي الورد (قلت لابي عبد الله(ع) اصلحك الله رجل حمل عليه رجل مجنون فضربه المجنون ضربة فتناول الرجل السيف من المجنون فضربه فقتله؟ فقال(ع): ارى ان لا يقتل به ولا يغرم ديته وتكون ديته على الإمام ولا يبطل دمه)(3)
وانما كان لا يغرم ديته لانه قتله دفاعا عن نفسه
وكان على الامام لقصور القتيل والامام ولي القاصرين
[حكم -621] النائم والمغمى عليه اذا قتل احداً في حال النوم وعدم الوعي وجب عليه الدية لانه قتله باعتباره خطأ.
وهكذا في كل فاقد الوعي
وأما الأعمى فإما ان يكون مدركا لما يفعل فيمسك السلاح القاتل ويرمي هدفا يعرف وجوده مقابل سلاحه، فهذا عامد وان لم ير الحدث، فيمكن الاقتصاص منه
واما اذا سبب عماه العثور بشخص فقتله أو رمى شيئاً غير قاصد فهو قتل خطأ، كما هو كذلك في تقسيم فعل البصير.
السكران الذي يقرب بالنظر بالنسبة إليه انه اذا قتل بدون وعي فلا يحكم بعمده ولا يحل القصاص منه.
سواء شرب الخمر أو شيأً حلالاً عمداً أو سهواً لأن حرمة المقدمة لا تسبب تبدل النتيجة من العمل بدون الوعي الى حكم العمل بالوعي وهو قد قتل بدون وعي
وكان الاحاديث تبدي هذا الرأي
ومنها صحيح ابن قيس عن ابي جعفر(ع) قال: (قضى أمير المؤمنين(ع) في أربعة شربوا مسكراً فأخذ بعضهم على بعض السلاح فاقتتلوا فقتل اثنان ورجرح اثنان فامر المجروحين فضرب كل واحد منهما ثمانين جلدة وقصى بدية المقتولين على المجروحين وامر ان تقاس جراحة المجروحين فترفع من الدية فان مات المجروحان فليس على أحد من أولياء المقتولين شيء)(4)
فلم يتطرق للقصاص وعن السكوني عن الصادق(ع) قال: (كان قوم يشربون فيتباعجون بسكاكين كانت معهم فدفعوا الى أمير المؤمنين(ع) فسجنهم فمات منهم رجلان وبقي رجلان فقال أهل المقتولين يا أمير المؤمنين اقدهما بصاحبينا فقال علي للقوم ما ترون؟ قالوا نرى ان تقيدهما قال علي فلعل ذينك اللذين ماتا قتل كل واحد منهما صاحبه قالوا لا ندري فقال علي(ع) بل اجعل دية المقتولين على قبائل الاربعة واخذ الدية جراحة الباقين من دية المقتولين)(5)
فان الظاهر ان الامام(ع) حكمهم بحكم الخطأ والا لم يحمل الدية على العشيرة وأما اعتذار الامام(ع) بانه لم يقتص من الباقين باحتمال ان الذين قتلا هما تقاتلا فمجرد اقناعيةواسكاتية لان المحتجين عليه جهلة وحمقى والا لم يفتوا وهم بحضرة امير المؤمنين(ع) وولي الله ووصي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
مع العلم ان كلهم قاتلون متعمدون لولا السكر

بل يستطيع ان نشكك بفرض الدية أيضاً لولا الحديث وذلك لاحتمال ان الاحياء لم يبدؤا بقتالهم وقتلهم وانما كانوا مدافعين عن انفسهم ولا دية على المدافع فاذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال ووجب المصالحة وليس الدية القطعية.


(1)الوسائل ب29 ح1 القصاص في النفس.

(2)الوسائل ب19 ح5 القصاص في النفس.

(3)الوسائل ب28 ح2 القصاص في النفس.

(4) الوسائل ب1 ح1 و2 موجبات الضمان.

(5)الوسائل ب1 ح1 و2 موجبات الضمان.