فصل عقائدي بالمناسبة

[حكم -573] ان في عقيدتنا ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته المعصومين(ع) لهم علم المنايا والبلايا فهل جهلوا حين سقوا السم وابتلوا ما ابتلوا وحاشاهم من الجهل
وان لم يجهلوا فكيف يشربون وهم يعلمون انه سم قاتل
وهذا البحث طويل ويحتاج الى جهد ودفاع ليقيم الجهلة والمشككين على جادة الحق والصواب
واجمال الجواب أولا قد ثبت لدينا ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد ورد عنه ما ورد.
وأمير المؤمنين(ع) قد ربى ابن ملجم من صغره وهو يقول كل يا قاتلي واشرب يا قاتلي
والإمام الحسن يشرب السم من يد زوجته جعدة.
والإمام الحسين يتوجه الى العراق وهو يقول (خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة...
وكأني بأوصالي هذه تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء...)
رضا الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه فيوفينا اجور الصابرين)
والامام الكاظم(ع) يجيز لابن أخيه النزول الى بغداد ويقول لجلاسه انه سوف يسعى بدمي
والحديث المستفيض عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن الإمام الحسن العسكري (ما منا الا مقتول أو مسموم).
الجواب للإشكال
أولاً قيل لأمير المؤمنين(ع) اذا علمت ان ابن ملجم هو قاتلك فلماذا لم تقتله فقال: فمن الذي يقتلني؟
وثانياً: انه ثبت ان جبرئيل أخذ العهد على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وامره من الله ان يأخذ العهد على أهل بيته واحداً بعد واحد بمقاتلهم وتحملهم تلك المصائب العظيمة وليتخذ منهم شهداء كما في الآية:
[إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ] (1)
ولذا ورد عنهم(ع) انهم يموتون بارادتهم فهم الذي اختاروا التسليم للمنية لاداء عهد الله تعالى حين يخبرهم الله بالالهام أو الايحاء المصلحة بقبول المنية.
ولذا ترى الإمام(ع) حين كان متوجهاً الى كربلاء وهو عازم على تحمل امر الله قال ما مضمونه: لولا قرب الاجل واحباط الاجر بدفع أمر الله لانتصرت عليهم بهؤلاء واشار الى ملائكة السماء والجن في الأرض
والإمام الرضا(ع) طلبه المأمون لسقيه السم فذهب وقال لخادمه
ان هذا الفاسق قد دعاني فانتظرني خارجاً فاذا رأيتني قد وضعت عبائي على رأسي فاتبعني ولا تكلمني فأكون قد سقيت السم
فدخل على المأمون وقدم له عنبا أو رطباً فاكل منه وحدات ثم امسك فقال له كل فقال قد حصلت بغيتك (مرادك) وقام يخرج فقال المأمون اين تذهب؟ قال الى حيث ارسلتني ومعلوم ان الإمام كان مقهوراً على اكل الرطب والا لقتله المأمون ولجَّ على شيعته اكثر واكثر وتجرأ على أهل البيت(ع) اشد واكثر فاكل الذي قدمه وامتصاص غضبه المتزايد على أهل هذا البيت(ع) أهون عاقبة واقل ضرراً على مذهب أهل البيت(ع) واتباعه من ان يمتنع وينجو بنفسه ثم ان المأمون سوف لا يتركه يعيش ولو باتهامه بشيء ويقتله جهراً ان لم يستطع قتله سراً.
وكذلك الامام محمد الجواد(ع) انه قبل السم من يد زوجته ام الفضل بنت المأمون الذي جاء به اخوها جعفر من عمه المعتصم.
واكل الامام الجواد الاكل المسموم باحترام
ولو لم يفعل لقتله المعتصم باذل حال واشد تعذيب وجوراً بل لاتهمه بتهمة تسيء سمعته بين الناس وقتله على رؤوس الاشهاد وطارد شيعته بحجة تلك التهمة الكاذبة.
بينما قبل الامام السم بكل احترام وبذلك قد امتص غضب المعتصم ودفع الفتنة العظمى التي كانت محتملة عليه وعلى شيعته وذريته فافهم جيداً والكلام طويل ويحتاج الى مجلد كبير
[حكم -574] خلاصة الدفاع عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واهل بيته في شربهم السم أو التوجه للقتال وهم يعلمون انه سم قاتل.
1- انهم عاهدوا الله تعالى على قبول الشهادة بهذه الكيفيات حتى ان أمير المؤمنين(ع) قد توجه للمسجد وهو يعلم انه الان يقتل وقد اقام ابن ملجم قائلاً له اني اعلم ما خبأت تحت ثيابك ولكن ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيي عن بينه.
2- ان الله اعلمهم بان هذا المقدار من العمر سيعمرون لا اكثر فنظروا في اجالهم وانصاعوا لأمر الله لهم حتى ان الإمام الحسن لما سقي السم قال لو قبلته قبل اليوم لكنت اعنت على نفسي.
3- لو لم يقبلوا القتل أو السم لما تركهم المنافقون والسلاطين والمبغضون.
ولقتلوهم باشر القتلات ولجوا عليهم ولجو في قتل عوائلهم واذلوهم باشد مما اذلوهم.
4- ليتخذ الله منهم شهداء ويكونوا قدوة وسادة الشهداء
حتى ان الحسين(ع) لما توسل بالرسول عند قبره حين اراد الخروج من المدينة قال يا جداه خذني اليك لا حاجة لي بالرجوع الى الدنيا...) فاجابه يا بني اخرج فان لك درجة في الجنة لا تنالها بالشهادة.
5- لو لم يقبلوا الشهادة لماتوا بدون شهادة والموت على بني آدم(ع) حق وحتم لا بد منه ولذا قال ابو عبد الله(ع):


وان كانت الأبدان للموت أنشئت

 

فقتل امرئ بالسيف في الله افضل


6- لو لم يقبلوا الشهادة لسأم الناس من جودهم وبقائهم وقلت فيهم عزتهم ونزل قدرهم ومست كرامتهم واستشرى عدوهم واشتدت عداوة اعدائهم. ومعلوم ان الأئمة(ع) عاضوا محاطين بالاعداء واستمرت عداوة الأمة لهم الى يوم الناس هذا.
7- لو لم يستضعفوا ويقتلوا ويسجنوا ولم يستطع منهم أحد لعبدهم الناس من دون الله كما عبدوا عيسى بن مريم وغيره فلا بد لهم ان يظهروا العجز والضعف حتى يعرفوا الناس انهم بشر لا حول لهم ولا قوة.
[حكم -575] لو قدم المضيف للضيف اكلاً ملوثاُ بنية قتله وهو لا يقتل أحيانا ولكنه قد قتل به ولو بالتكرار.
قيد به ان كان الاكل لا يعلم بالتلويث والقذارة
وأما اذا علم ومع ذلك اقدم لاكله ظناً منه عدم الموت به فلا يقاد المضيف
ولا عليه ديته واحتياطا ان يتصالح مع ولي المقتول بشيء من المال لتعمد التقديم.
[حكم -576] لو قتله باعتقاد انه مهدور الدم مثل احتمال انه غريمه الذي قتل اباه فقتله قصاصا ثم بان غيره فلا يقاد به وانما عليه الدية للشبهة الحاصلة لديه وان وضع شخص سماً في طعام لقتل الحشرات والحيوانات المؤذية ولكن شخصا آخر آكله فمات فان الطعام ان كان مسممه قد عزله واخفاه عن الاكلين ومع ذلك فتش الاكل عنه واخرجه واكله فلا قود على المسمم ولا دية.
وان لم يخفه وابقاه في معرض الاكل فان على المسمم دية القتل
وان تعمد ذلك فان عليه القود
[حكم -577] لو ضربه ضربة قاتلة ثم اصابه حدث قد عجل موته كلدغة عقرب وعضة حية أو نهشة الكلب أو سقط من شاهق.
فان على الضارب القود
وان ضربه ضربة غير قاتلة وانما القاتل الحدث وقد تعجل الموت بسبب انه مجروح فعلة الموت ليست الضربة
فيشكل القود بالنفس نعم لوليه القصاص بالضربة أو يأخذ ديتها لا دية القتل.
[حكم -578] من اطلق حيوانا هائجاً او كلبا عقوراً او حيواناً ساماً فان قصد قتل الناس قيد بهم ان حصل قتل او جرح
وان اطلقه ساهيا عن فعله كان عليه دية ما يعمل من التلف والخراب.
[حكم -579] لو اجتمع السبب والمباشر
مثل لو القاه من شاهق وقبل وصوله الارض رماه اخر فقتله فالقاتل الدامي بالرصاص
وان ضربه حتى عطله عن الحركة فدهسته سيارة فتلته فالقاتل سائق السيارة.
وان حفر بئرا فرماه شخص آخر فيها فالقائل الرامي
[حكم -580] لو مسكه شخص وقتله آخر واشرف على القتل ثالث فالقاتل يقتل والماسك يسجن مؤبداً.
والناظر يسمل عينه
نعم لو كان النظار عابر طريق ولم يعلم ان القتل بحق او باطل
فعليه ان يسرع بالمفارقة ولو وقف لم يفارق عزر تعزيراً
ولم يسمل عينه وانما يسمل عينه لو كان هو احد العصابة القاتلة
[حكم -581] لو امره بقتل شخص وقال اني اقطع يدك إن مل تقتله
فلا يجوز للمأمور قتله وان قتله فلا يقتص منه لانه مقهور وانما يغرم الدية.
ولو كان المباشر طفلاً أو مجنونا والآمر سبب تام بالقتل وهو بالغ وعاقل فعلى الآمر القود.
وان كان المأمور بالغ وعاقل والآمر مجنون أو صغير فالقود على المباشر وان كان الآمر والمأمور كلاهما مجنون أو صغير فلا قود وإنما عليهما الدية من عشيرتهما.
[حكم -582] لو قال بالغ وعاقل لشخص اقتلني والا قتلتك فلا يجوز ان يقتله ولو قتله فلا قود عليه
ولو قال اقتلني والا قتلتك ثم حمل الآمر على المأمور بالسلاح فللمأمور ان يدافع عن نفسه ولو بقتل الحامل عليه ودمه هدر ان قتله
[حكم -583] ورد عن ابي بصير عن ابي جعفر(ع) عن رجل قتل رجلاً مجنوناً؟ فقال ان كان المجنون اراده فدفعه عن نفسه فقتله فلا شيء عليه من قود ولا دية ويعطى ورثته ديته من بيت مال المسلمين.
قال وان كان قتله من غير ان يكون المجنون اراده فلا قود لمن لا يقاد منه وارى ان على قاتله الدية في ماله يدفعها الى ورثة المجنون ويستغفر الله عز وجل ويتوب اليه)(2)
والعبارة (لا قود لمن لا يقاد منه) مغلقة معناها ان المجنون لو اجرم لا يقاد منه فلذلك لا قود من الذي يقتله بسبب جنون المجني عليه وعدم كماله
أما الدية من بيت المال لعله لان الحاكم الشرعي هو ولي المجنون وهوالمسؤول عن بيت المال فيصرف منه على المتولى عليه.
والإمام يصرح بان المجنون لا يقاد له من العاقل وانما عليه الدية لورثة المجنون
[حكم -584] لو أمر شخصا بالاعتداء على ثالث بما دون النفس كقطع عضو أو ما شابه وتوعده لو لم يفعل وعلم بان الآمر قادر وعازم على ما توعده به، جاز العمل بالمأمور به والقصاص على الامر دون المباشر
وكذا لو امر مجنونا أو صغيراً او حيوانا حرك آلة، فالقصاص على الآمر لأن المباشر ضعيف
وأما لو أمر عاقلاً بالغا وبدون تهديد وتوعيد ولا تخويف ففعل المأمور فالقصاص على المأمور المباشر، وعلى الآمر السجن كما مر
[حكم -585] لو عفى أولياء القتيل عن القاتل فلا قصاص وعلى الآمر السجن ولو عفوا عن كليهما فلا قصاص ولا سجن ولو عفوا من الآمر فقط لهم القصاص على الفاعل.
ولوطلبوا الدية من القاتل فلا قصاص وعلى الآمر السجن ولو طلبوا الدية من الآمر فلا سجن وسقط القصاص أيضاً والقاتل حينئذ يشارك بالدية بما يتصالحون عليه.
[حكم -586] لو شهد اربعة شهود على واحد محصن بالزنا ورجم بناءاً على الشهادة ثم ظهر كذب الشهود فان قالوا وهمنا فعليهم ديته.
وان قال احدهم تعمدت فعليه القصاص وعلى الثلاثة اعطاء اولياء المقتص منه ثلاثة ارباع الدية
وان قالوا تعمدنا فولي المقتول أما ان يطلب الدية ويعفو عنهم ويشتركون بالدية عن القصاص وأما ان يقتص من أحدهم وعلى الثلاثة اعطاء ثلاثة ارباع الدية للمقتص منه.
وأما ان يقتلهم جميعاً ويعطيهم ثلاث ديات يقسمونها بين الاربعة لأن حقه قتل واحد فقط.
والذي لم يقتص منه وجب جلده ثمانين جلدة لانهم قذفوا الرجل لكل واحد منهم حد ثمانين.
[حكم -587] لو شهد اربعة شهود على شخص بالزنا وهو غير محصن وقبل الجلد تبين كذبهم وجب ضربهم ثمانين جلدة لكل واحد منهم وان قالوا وهمنا فلا شيء عليهم وليستغفروا الله وان تبين الكذب من بعد حده مأة جلدة
فاولاً: على كل واحد منهم حد ثمانين جلدة للقذف وأما القصاص منهم لضربه ظلما فاما ان يعطوه الدية بحسب حكم الحاكم ويقال لها ان فيه الحكومة
أو يقتص من واحد والحكومة للمتقص منه على الشهود البقية غير المقتص منهم وفي هذا اشكال
وانما العدل والانصاف يقتضي ان يضرب كل واحد منهم 25 جلدة اقتصاصا له عن مئة جلدة التي ضربه الحاكم ظلماً بسببهم.
1- وقال السيد الشيرازي Q فالظاهر انه لا شيء على الشاهد اذ لا ضمان في ماله فان الجلد لا يوجب الضمان
أقول اذا اختار المجني عليه المال فالاحوط اعطاءه مصالحة أولاً ومن باب رد المظالم ثانياً أما انه لا شيء على الشهود وأما القصاص أو ولا شيء فبعيد
[حكم -588] اذا قطع بدن شخص حتى صار محتضراً للموت ثم جاء آخر فذبحه فعجل عليه
فالامر مشكل ولنعتبر بتحليل الذبيحة فإن جرحها جارح حتى اشرفت على الموت وجاء آخر فذبحها (ذابح شرعي) فان اللحم حلال ولو نسب للأول لما حل لحمها فعلى هذه القاعدة نحكم بالقصاص على الذابح وأما الآخر ويمكن ان نفرض عدة وجوه للمسألة.
أ- اذا استند ازهاق الروح للأول فعليه القصاص وعلى الآخر فلا دية جرح الميت.
ب- واذا استند الى الثاني كان عليه القصاص وعلى الأول قصاص الجرح.
ج- اذا استند لكيهما فهما القاتلان والاشتراك بالقتل واضح الاحكام.
د- واذا شك الاستناد الى اليهما فلا يجوز الاقتصاص من احدهما.
واحتمال جرح الأول بمقدار ما جرح وقتل الثاني لانه قد اكمل القتل مشكل وخصوصا اذا مات الأول بالجرح عند القصاص
فانه يكون قتل شخصين بواحد ويكون قتل غير القاتل
هـ- لو اشترك جماعة بقتل شخص فان علم القاتل المخلص عليه فهو المقتص منه والآخرون جارحون
و- ولو علمنا تأثر القتل من الجميع فكلهم قاتلون وقد قلنا تفصيله.
[حكم -589] لو قتل مريضا مشرفا على الموت قيد به
ولا يحسب للمرض تحفيف للقاتل بالعفو عن القصاص ولا بارجاع شيء من المال للمقتص منه
[حكم -590] ورد عن محمد بن قيس عن أحدهما(ع) (في رجل فقأ عيني رجل وقطع اذنيه ثم قتله فقال ان كان فرق ذلك اقتص منه ثم يقتل وان كان ضربه ضربة واحدة ضربت عنقه ولم يقتص منه)(3)
ورواية حفص البختري قال: سألت أبا عبد الله(ع) عن رجل ضرب على رأسه فذهب سمعه وبصره واعتقل لسانه ثم مات؟ فقال ان كان ضربه ضربة بعد ضربة اقتص منه ثم قتل وان كان اصابه هذا من ضربة واحدة قتل ولم يقتص منه)(4)
والمعنى واضح فان الضربة الواحدة المميتة سواء اتلفت عضواً واحداً او عدة اعضاء ثم مات فعلى الجاني قصاص بالنفس فقط وكذا حسب الظاهر لو ضرب عدة ضربات في مكان واحد من البدن فاتت على النفس فالقصاص بالنفس فقط.
وكذا مثل رشه بالرشاش بالرصاص حتى مات.
[حكم -591] روى في صحيح ابي عبيدة عن ابي جعفر(ع) قال سألته عن رجل ضرب رجلاً بعمود فسطاط ضربة واحدة فاجافه حتى وصلت الضربة الى الدماغ فذهب عقله؟ قال ان كان المضروب لا يعقل منها اوقات الصلاة ولا يعقل ما قال ولا ما قيل فانه ينتظر به سنة فان مات ما بينه وبين السنة اقيد به ضاربه وان لم يمت فيما بينه وبين السنة ولم يرجع عقله اغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله قلت فما ترى عليه من الشجة شيئاً؟ قال لا لأنه انما ضرب ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فالزمته اغلظ الجنايتين وهي الدية ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لا لزمته جناية ما جنت كائنا ما كان الا ان يكون فيهما الموت بواحدة وتطرح الاخرى فيقاد به ضاربه فان ضربه ثلاث ضربات واحدة بعد واحدة فجنين ثلاث جنايات الزمته جناية ما جنت الثلاث ضربات كائنات ما كانت ما لم يكن فيها الموت فيقاد به ضاربه قال فان ضربه عشر ضربات فجنين جناية واحدة الزمته تلك الجناية التي جنتها العشر ضربات)(5)
وبالجملة ان كانت ضربة واحدة وقتلت فليس الا القتل وقصاصا سواء سببه عدة تلفات ام تلف واحد.
وان لم يمت وتلف منه كتلف عقله فعليه الدية ولا يقتص منه بالضربة لانه دية النفس هي اكبر ما حصل بالضرب.
ولو كان اكثر من ضربة وسببت عدة جنايات فان مات فالقصاص فقط وإلا ضمن لكل ما اتلفت الضربات.
وان كانت كل الضربات سببت تلفاً واحداً فضمان ذلك التلف.
[حكم -592] لا يعتبر التساوي في عدد الجنايات من كل واحد من الجانبين اذا حصل الموت بمجموعها فلو ضربه أحدهم بضربة واحدة والثاني بخمس ضربات والثالث بعشر فانهم يقتصون منهم أو يغرمون الدية بالسوية.
[حكم -593] في الجناية على الاطراف اذا اشترك جماعة
فان اختص كل واحد بعضو اقتص من عضو الذي جنى عليه خاصة
وان اشترك الجميع بكل الاعضاء اشتركوا بالقصاص من جميع الاعضاء التي اصابوها أو الديات للجميع من الجميع وقلنا ان هذا اذا لم يمت والا حوسبوا على جناية القتل واقتص منهم او غرموا الدية حسب اختيار ولي القتيل
[حكم -594] لو اشترك في قتل رجل امرأتان جاز قتلهما بدون رد عليهما لان دية المرأة نصف دية الرجل
ولو كن اكثر فاختار ولي القتيل قتل الجميع فاللازم الرد على ما زاد عن اثنين.
فان كن ثلاث فان قتلهن يرد عليهن خمسمأة دينار وان كن اربع رد عليهن الف دينار وهكذا.
وان كانوا رجالاً ونساء فاختار اولياء المقتول الاقتصاص من الجميع
وجب تعويض ما زاد عن رجل واحد بالف دينار والمرأة خمسمأة وهكذا.
[حكم -595] لو قتلت المرأة رجلاً فاقتص منها فلا ترد عليه بعد قتلها ولا تكلف اكثر من نفسها.
ولو قتل رجل مع امرأة رجلاً فاقتص منهما وقتلهما
فيرد على الرجل خمسمأة دينار ولا يرد على المرأة
ولو قتل المرأة فقط فعلى الرجل ان يرد على القتيل نصف الدية
لانه اقتصاصه من المرأة قد استلم نصف حقه
ولو اقتص من الرجل ردت المرأة على المقتص منه خمسمأة دينار أي نصف دية الرجل.
[حكم -596] لو قتل اب ابنه فلا يقتص من الاب وانما عليه الدية فان اقتص منه ولي القتيل أي ابناء الابن القتيل أو اخوانه قتلوا أباهم قصاصا لاخيهم فلا يقتص من القاتل المقتص وان كان عاصياً.
[حكم -597] لو قتل رجل امرأة فلا يقتل بها الا ان يرد عليه نصف ديته لان دية المرأة نصف دية الرجل.
ولو قتل رجل وصبي رجلاً فالصبي لا يقتل لان عمده خطأ وكذا لو كان مجنوناً ونائماً أو مغمى عليه أو خاطئاً وإنما يطلب منه الدية.
فان قتل اولياء القتيل الرجل فعلى اولياء غير الكامل كالصبي رد نصف الدية للمقتص منه.
وان لم يقتصوا فلهم الدية كاملة يأخذونها من القتلة على عددهم
فان كانوا اثنين فعلى كل واحد نصف وان كانوا ثلاثة فعلى كل واحد ثلث وهكذا
[حكم -598] لو اشترك اب وصبي أو مجنون في قتل الولد فلا قصاص على الاب ولا على غير الكامل
ولو اشترك أب وغيره في قتل الولد فلولي المقتول قتل غير الاب ان كان كاملاً وحينئذ يعطي الاب للمقتص منه نصف الدية.
[حكم -599] لو ركل بطنه أو خاصرته او ضربه عند قلبه أو دعس خصييه بقصد القتل فان كانت الضربة شديدة قاتلة ومات بها قيد به
وان لم يقصد القتل وانما قصد الفعل وفعل ما قصد على اشده فمات بها فهو قاتل عامد أيضا يقاد به.
ولو لم يكن الضرب قاتلاً ومع ذلك انه تمرض ومات فلا يقاد وانما عليه الدية فانه من الخطأ شبيه العمد
[حكم -600] لو حفر بئراً خطرة بحيث من يقع فيها يموت وهذا الحفر إما ان يكون في ملكه أو في ملك الغير أو على الطريف العام أو خارج السكن.
وهذا كله ليس بالمهم بقدر أهمية انه أما يضع علامة واضحة حتى لا يسقط فيها أحد ووضع محجر يمنع الطفل والاعمى والغافل.
او يسدها سداً محكماً فان لم يعمل بهذه الثلاثة فما يحصل هو ضامن فان قصد القتل ودعى احداً لعند البئر وبدون ان يخبره واستغفله فوقع فيها فمات اقتص منه.
وان لم يقصد القتل ولم يدع ممن دخل معتديا ظالماً فلا يضمنه ان دخل د
بيت الحافر متعديا عليه فوقع ومات فلا يضمنه
ويضمن غيره بالدية لعدم وضع علامة ولا سده ولا وضع موانع للسائرين.
[حكم -601] روى زرارة عن أبي عبد الله(ع) قال قلت له رجل حفر بئراً في غير ملكه فمر عليها رجل فوقع فيها؟ فقال(ع) عليه الضمان)
وخبر الكناني عنه(ع) (من أضر بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن)
وخبر سماعة قال (سألته عن الرجل يحفر البئر في داره أو في أرضه؟
فقال أما هل حفر في ملكه فليس عليه ضمان وأما ما حفر في الطريق أو في غير ما يملك فهو ضامن لما يسقط فيه)
وعن زرارة عنه(ع) قال (لو ان رجلاً حفر بئراً في داره ثم دخل رجل فوقع فيه لم يكن عليه شيء ولا ضمان ولكن ليغلقها) من هذا يتبين ان المقدمات لها علاقة بالضمان بالنتائج الحادثة السلبية.
بالاضافة الى ما قدمنا بالمسألة الأخيرة
اذا حفر في الطريق العام فهو متعد في غير حقه فهو ضامن لما يقع من الحوادث.
ومثله ما حفر في ملك الغير بل هذا اوضح ضمانا لانه غاصب ومثله ما روي في صحيح الحلبي عن ابي عبد الله(ع) قال: (سألته عن الشيء يوضع على الطريق فتمر الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره؟ فقال كل شيء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه)


(1) ال عمران 3/140.

(2) الوسائل ب28 ح1 قصاص النفس.

(3) الوسائل ب51 ح1 و2 قصاص النفس.

(4) الوسائل ب51 ح1 و2 قصاص النفس.

(5) الوسائل ب7 ح1 ديات المنافع.