الثاني من موجبات الضمان: هو السبب بالقتل

[حكم -309] ورد عن السكوني عن ابي عبد الله(ع) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) البئر جبار والعجماء جبار والمعدن جبار)(1)
الظاهر انهابضم الجيم وبدون تشديد أي تنجبر بواسطة كون اعتدائها لا يعتبر اعتداء لانها جماد فجنايتها مجبره مثل الربطة التي ينجبر بها الجُرح.
أما البئر اذا لم يعرف حافرها وما غايته فالسائر في طريقها عليه ان يراقب طريقه قبل المرور عليها فاذا مرَّ بدون فحص وتوكيد فحصل سقوط فدمه هدر.
والأجير اذا استأجره لحفر بئر فحفر، او تنظيفها فنظفها وما شابه فهلك أو انكسر فلا ضامن له لعدم تقصير أحد في حقه وانما هو الذي عمل وهو الذي وقع في عمله.
والدابة اذا كانت في مرعاها ودخل عليها داخل فاذته فهو هدر او ربطها صاحبها فانفتحت وعملت جناية بدون تقصير منه والمعدن عمل بها العمال لاخراجه واصلاحه فهلك او انكسر العمال فيه فلا ضمان لدمائهم.
[حكم -310] اذا حفر بئراً ولم يغطها ولم يجعل عليها علامة ودليل فسقط فيها من سقط فالحافر والمقرر لعمله وبدون غطاء وعلامة هما الضامنان لما يقع في تلك الحفرة
سواء حفرها في بيته أو خارجاً وكذلك اذا حفرها خارجا عن ملكه فلا حق له بعمله فاذا حصل منها جناية فهدر.
وفي صحيح ابي الصباح قال الصادق(ع): (من أضر بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن)(2)
[حكم -311] لو حفر حفيرة في ملكه او في مكان مباح له ثم دعا من لم يطلع عليها فوقع فيها ضمنه، واذا دخل داخل بدون اذن فسقط فلا ضمان له
وكذا اذا كان سابقا من مدة بعيدة وقبل ان يحفر داخلا فاستصحب الحالة فدخل بدون ان يجدد الاستئذان.
[حكم -312] ما فعله الماء او الرياح أو الزلازل أو البراكين وكل شيء في الطبيعة بدون تسليط أحد من الناس أو تقصير في دفع البلاء فلا ضمان على أحد.
واذا قصر أحد فتسلطت الطبيعة بسبب هذا التقصير فهو ضامن
مثل ما فتح شخص الشباك فتمرض الاطفال من البرد فان الفاعل المسبب ضامن لمصاديق تطبيبهم.
[حكم -313] كل تقصير يحصل لا يضمن صاحبه ما لم يحصل به حادث وجناية كانقلاب سيارة وانهدام حائط وزلق في بئر والمتهور المسبب للحادث لا يغرم بشيء ما لم تقع الجناية وان كان خبيث النفس كمثل ما قيل في مسألة التجري.
[حكم -314] لو كان حائط كاد ان يقع وجب تهديمه وتجديد بنائه واذا لم يفعل صاحبه وانهدم على المشاة أو على الجيران فضمان المتلفات على صاحبه
واذا وقف شخص تحت حائط او مكان منزلق او فوق منحدر او فوق بناء متفطر مهلهل او سقف متشقق او عمود مضطرب، أو ضرب بالسيارة وغيرها بيتا عتيقا خاوياً
وغير ذلك من علامات الخراب والهلاك والسقوط فهو ضامن لنفسه وللآخرين فعلى الانسان العاقل ان يبعد عن الشر ويبعد اطفاله والقاصرين.
[حكم -315] لو اجج نارا في ساحة بين البيوت او في السطح والرياح شديدة فتعدت الى الجيران فاحرقت واهلكت فانه يضمن.
نعم لو اجج في ملكه وبقدر حاجته وبما لا يحتمل التعدي فصادف بسبب لا من عنده ان تعدت واحدثت فلا يضمن.
وكذا لو أحدث صوتا خارقا شاذا ففزع بعض السامعين وحدثت حوادث فانه ضامن
[حكم -316] لو غير المستعير او المستأجر الدار او غيره الذي استأجره من رفع حائط وتغيير هندسي، بلا اذن من مالكه فهو ضامن لارجاعه كما استلمه
نعم مثل الصبغ والتزيين واحداث تعاليق للملابس وتنظيم وتنظيف المطبخ والحمام وتعليق المراوح بالسقف والحائط مما هو متعارف عند العقلاء وعرف المجتمع ومما لا يؤثر بالبناء فلا بأس به وان كان الأحوط ان يستأذن باستعمال أي شيء في الحائط أو الارض أو السقوف.
[حكم -317] لو اذن لشخص في استعمال التلفون او الكهرباء أو طباخ النار او انبوب الماء وغير ذلك فاستعمله ولكنه لم يسده بعد الاستعمال
[حكم -318] فاحدث جنايات او كلف صاحب الدار مصاريف وأجرة زائدة فهو على المستعمل والمستعير لانه لم يؤذن بالزائد وان الحوادث حدثت بسبب خارج عن المأذون.
[حكم -319] يجب التشديد في حبس ومنع الحيوانات المؤذية وغير الطبيعية في التوحش كالثور الهائج والدابة الصائلة والكلب العقور والبعير المغتلم والفرس العضوض والقط العدواني.
كما يجب الاحتياط وسد الخروق وطم الحفر في البيوت القديمة لمنع الحيات والعقارب والسامات واللاذعات اللاسعات كما يجب مراقبة الطفل الحرك والمجنون الهائج والاحمق اللجوج وتهديئهم ومنعهم من احداث جناية بانفسهم والآخرين والا فيكون المشرف عليهم ضامن لما يحدثون ويجنون.
[حكم -320] لو وضع اناء على حائط أو على حافة سطح فواضعه ضامن لما يحدث اذا سقط على شيء واذا كان الموضوع مال الغير ضمن سلامته حين يقع.
فعلى العاقل ان يلاحظ كل تصرف وما يصحل منه من اسباب الجنايات فلا يعمله وليراقب كل حركاته وسكناته واقواله وافعاله فلا يتهور بشيء يكون عواقبه وخيمة ويسبب عليه الديات والغرامات أو القصاص
اذا دخل شخص داراً لغيره فعقره كلبهم فبدنه ونفسه هدر وان أفلت انسان حيوانه فجنى على أحد ضمن صاحبه جنايتهم
كما ورد عن جعفر بن محمد(ع) قال (اتى رجل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال ان ثور فلان قتل حماري فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ائت أبا بكر فسله فاتاه فسأله فقال ليس على البهائم قود فرجع الى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فاخبره بمقالة ابي بكر فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أئت عمر فسله فاتى عمر فسأله فقال مثل ما قاله ابي بكر فرجع الى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فاخبره فقال إئت عليا فسله فاتاه فقال علي(ع) ان كان الثور الداخل على حمارك في منامه حتى قتله فصاحبه ضامن وان كان الحمار هو الداخل على الثور في منامه فليس على صاحبه ضمان قال فرجع الى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واخبره فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الحمد لله الذي جعل من أهل بيتي من يحكم بحكم الانبياء)(3)
[حكم -321] الطيور حين تفارق مالكيها فلا يسأل صاحبها ما فعلت فلا يضمن مالك الطيور الا ان تكون بحوزته وهو قادرعلى تحديد تصرفاتها فلو قصر وقامت بشيء من الجناية فهو ضامن.
[حكم -322] لو كان يعلم شخصا لسياقة السيارة فحصل حادث فان كان الخطأ من المتدرب فعليه ديته وان كان من تقصير واهمال المدرب أو رباشاده الخاطئ فعليه الدية.
وقد قلنا في كتاب القصاص ان السائق يقود السائرة لمقصده فيقع حادث منها.
[حكم -323] لو ادب الاب أو الام ابنهما أو المعلم تلميذه او الزوج زوجته أو الكبير صغيره
فان كان الضرب مميتاً أو قصد القتل فهو مورد القصاص ولكنا قلنا بعدم قتل الاب أو الأم بولدهما.
وان لم يكن قاتلاً ولا قصد ذلك فحصل القتل او تلف بعض الاعضاء فهو شبيه العمد.
[حكم -324] روى السكوني عن ابي عبد الله(ع) (عن أمير المؤمنين(ع) في ستة غلمان كانوا في الفرات فغرق واحد وشهد اثنان على الثلاثة بانهم غرقوه وشهد الثلاثة على الاثنين فقضى علي(ع) بالدية اخماسا، ثلاثة اخماس على الاثنين، وخُمسين على الثلاثة)(4)
المسألة في تطبيقها على القواعد مشكل
أولاً- قبول شهادة الفسقة القتلة وهو خلاف المعلوم من الشرع
وثانياً قبول شهادة الصغار وهو ايضا خلاف الشرط
ولكن يمكن التنازل عن الشرط هنا باعتبار اللوث وباعتبار عدم امكان العلم بالواقعة الا من قبلهم.
وثالثاً – ان الشهود اذا تكاذبوا تساقطوا
ولو كان تضمينهم لا بالشهادة وانما بقاعدة الخروج به ومن خرج بشخص ضمنه لكان الواجب تقسيم الدية على الخمسة الباقين بالسوية.
ولو كنا نعتبرهم كالذين يقاتل بعضهم بعضاَ فقتل واحد فيجب ان يعطي الخمسة الباقون خمسة اسداس من ست حصص وذلك لان المقتول بمقدار عدوانه يهدر في حقه وهو واحد من ستة فتقسيم الدية من ست حصص ويعطى الباقون خمسة منها ومع ذلك فالعمل على الرواية وندع التعليل لاجلها.
[حكم -325] من المجاز شرعاً وعمل به عرفا وباجماع البشرية في العالم جواز اخراج الجناح (البالكون) من البناء وكذا الميزاب وكذلك جعل الرفوف الطالعة والمنصوبة على الحائط في داخل الغرف وكذلك الجسور في الشوراع وتمر السيارات والقطارات والناس والعربات تحتها وفوقها.

فلا يمكن ان نعتبر موارد ضرر وضمان ما يحدث نعم لو بني واطيا بحيث يصيب المشاة أو السيارات المارة تحته او صار قديما متفطراً فلا يجوز ابقاء البناء الخطر وان ابقاه صاحبه حتى اصاب شيئاً وعمل جنايات فهو ضامن، او كان عالياً ولكن الشارع بلطوه ورفعوه حتى صار البالكون واطيا ويصيب الناس أو السيارات فاللازم رفعه أما ببنائه اعلى من مكانه أو بعدم وجوده بالمرة.


(1)الوسائل ب32 ح1 موجبات الضمان.

(2)الوسائل ب8 ح2 موجبات الضمان.

(3)الوسائل ب19 ح2 موجبات الضمان.

(4)الوسائل.