الفصل الثالث: موجبات الضمان

[حكم -270] المريض اذا كان مرضه خطراً يحتمل منه الهلاك فعليه بمراجعة الطبيب، واذا لم يراجع ولم يطبب نفسه فقد اعان على نفسه
واذا لم يكن مهلكاً فلا يجب كما علمنا من أحوال أهل البيت(ع) ان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عاش موعوكاً من الجوع والسفر والحروب واذى الكفار واذى المنافقين وانه تورمت قدماه من العبادة حتى نزل قوله تعالى [طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى] (1) وكذلك من الصبر الطويل على الجوع.
وهكذا قد تورمت قدما فاطمة الزهراء(ع) من العبادة وكذلك الأئمة(ع) ومنهم زين العابدين(ع).
[حكم -271] الطبيب لا يحل له ان يمارس الطب وخصوصا العمليات الجراحية ما لم يتقن فان:
أ- تصدى وهو ليس باهل فهو ضامن للتلف الذي يسببه من بسرعه وعدم خبرته.
ب- واذا حذق واتقن الطب فاما ان يستأذن من المريض وذويه قبل العملية والتطبيب فلا يضمن ما يحصل من التلف والموت لانه لا يمكن ترك التطبيب بسبب احتمال التلف.
وكما ورد عن ابي عبد الله(ع) قال: (قال أمير المؤمنين(ع) من تطبب او تبيطر فليأخذ البراءة من وليه والا فهو ضامن)(2)
[حكم -272] الطبيب مع ما قلناه من خبرته اما:

  1. ان يعالج بلا اذن فيتلف مما ان ينقذ ولكن صادف التلف فهو ضامن.
  2. ان يعالج مع الاذن فهو غير ضامن.
  3. ان يعالج مع التقصير فهو ضامن.
  4. ان يعالج مع التعمد بالتقصير فهو متعد سواء استأذن ام لا.
  5. ان يعالج وتنجح العملية ولكن بسبب اهمال التعقيم المستمر تورم الجرح فأتى على النفس أو على العضو.
  6. وهذا الاهمال اما ان يكون من طاقم المستشفى فهم ضامنون وأما من عائلة المريض وأما من نفس المريض فهو المسؤول.

  7. حصل التلف بسبب عدم توفر الدواء اللازم أو الاجهزة المهمة وهذا لا يضمنه احد الا من كان مسؤولاً عن توفيرها.

[حكم -273] هذه بعض تقاسيم العلماء والادلة عليها
قالوا ان الطبيب اما ان يكون: أولاً: عالما بحصول التلف ولا مناص له لوجوب التطبيب عليه أو انه اخذ الاذن
وثانياً- انه عالم ولكنه لا وجوب عليه ولا اخذ الاذن
وثالثا –ان لا يكون عالماً وعالج باذن او وجوب عليه
ورابعاً- ان لا يكون عالماً وعالج بلا اذن ووجوب عليه.
ففي الاول اختلفوا بالضمان وعدمه فالمشهور المنصور على عدم الضمان بل لا وجه له لانه ادى كل المقدمات اللازمة ان كانت لازمة من الاذن أو الوجوب عليه فاطلاق الضمان يبعد الاطباء عن القيام بواجبهم واستدل القائل بالضمان برواية (تضمين الامام لقاطع حشفة الصبي في الختان)
وردَّ ان قطع الحشفة انما يكون من الجاهل وليس من الطبيب الحاذق المعتمد فهو ضامن بجرأته الآثمة سواء استأذن ام لا.
بالاضافة الى رواية السكوني عن جعفر(ع) عن أبيه ان رجلا شرد له بعيران فاخذهما رجل وقرنهما في حبل فاختنق احدهما ومات فرفع ذلك الى علي(ع) فلم يضمنه وقال انما اراد الاصلاح) هذا بالاضافة الى قوله سبحانه […مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ…] (3)
وعن أحمد بن اسحاق قال كان لي ابن وكان تصيبه الحصاة فقيل لي ليس له علاج الا ان تبطه فبططته فمات فقالت الشيعة شركت في دم ابنك قال كتبت الى ابي الحسن(ع) صاحب العسكر(ع) فوقع: يا أحمد ليس عليك فيما فعلت شيء انما التمست الدواء وكان اجله فيما فعلت)
وعن إسماعيل ابن الحسن المتطبب عن الصادق(ع) عليه اني رجل من العرب ولي بالطب بصر ولي طب غير ولست آخذ عليه صفداً؟
فقال(ع): (لا بأس قلت انا نبط الجرح ونكوي بالنار؟ قال لا بأس قلت ونسقي هذه السموم الاسمحيقون والغاريقون؟.
قال(ع): لا بأس قلت انه ربما مات؟ قال(ع): وان مات)
اقول لا حاجة الى الاستدلال على بقية التقسيم وانما الخلاصة ان الطبيب ان كان حاذقاً عارفاً وقد احتاط بالعملية ولم يقصر في شيء وقد اذن المريض أو اهله الاتين به واعتمدوا على الطبيب وان لم يلفظوا كلمة الاذن.
او كان له اذن شرعي كما اذا كان المريض في خطر فاحسن إليه وطببه بلا ان يأتوا به أهله فهو احسان والعملية له باذن شرعي فلا ضمان ان مات أو حصل له تلف اعضاء.
[حكم -274] اذا توجه المريض الى الطبيب وحكى له وجعه فوصف له دواء او عملية ظناً منه ان مرضه من المرض المشهور بين الناس في وقته ولم يحقق منه الكيفية والاعراض وحصل بعض التلف فهو ضامن.
من ذلك ما ابتلى بعض القرابة به وهو امرأة كانت في كليتها حصاة فتوجهت الى الطبيب وحكت له شدة الاوجاع فأرسلها الى قسم الولادة: ولم يسمحوا لذويها اخراجها حتى كادت ان تموت وشاب كانت فيه الزائدة الدودية فأعطاه دواء الدزانتري حتى فتقت الزائدة اكثر وكاد ان يموت لولا الحاق اهله به لمستشفى أخرى.
ومريض بانحراف فقرات الظهر وقد حصل له الاوجاع الشديدة فافتى الطبيب له بعملية البواسير ولكنه خالف وراجع طبيب آخر.
وأنا كان عندي حصى في المرارة وقد اكثر علي الاطباء وصفات الطب حتى عمل لي أحد الاطباء فاخرج المرارة فارتحت من الاوجاع.
وهكذا من استهتار الاطباء وسخريتهم باللعب بابدان وارواح الناس مما يوجب لهم اللعنة والعذاب
وعلى ذلك فلا يسقط الضمان مجرد الاذن وانما المهم التحقيق والاجتهاد في وصف الدواء او اجراء العملية.
[حكم -275] الختان ضامن ان قصر في قطع القلفة وتعدى الى الحشفة وكذا هو ضامن ان لم يقطع القلفة وبقيت منها اجزاء مشرشبة محدثة اوجاع شديدة
نعم ان في العلم الحديث انهم لا يقطعونها وانما يفتحوها من الامام ويطووها طوياً متقنا خلف الحشفة ويعفون اثرها.
وهذا بحسب الظاهر مجزيا ومؤدياً للواجب والمهم هو كشف الحشفة اكملاً.
[حكم -276] اذا ظهر خطأ قبل عمل الطبيب او في اثناء العملية الجراحية او بعدها يوجب الاستدراك دفع الخطر ومحاولة التصحيح وايجاد الصحة.
[حكم -277] لو باشر جمع من الاطباء للمريض أو وضعوا له وصفات فمات أو تلف بعض اعضائه واشتبه الطبيب الخاطئ
فاللازم ملاحظة القرائن ومراجعة آخرين يحكمون صاحب الجناية خطـأً أو عمداً، ولو اعطاه الدواء فلم يعلم انه مات من الدواء اوحتف انفه فلا ضمان حتى يعلم انه بسبب الدواء.
[حكم -278] اختلفوا ان الدية التي على الطبيب للمريض الميت تحت يده او بوصفه الدواء فيما حكم بعدم سقوط الدية هي على الطبيب او على عاقلته.
والظاهر انه يحمل على القاعدة بانه ان كان خطأً محظاً فهو على العاقلة وان كان عمداً او شبيه العمد فهو على نفس الطبيب والروايات مختلفة كي لا يحمل على جهته
ومن ذلك خبر السكوني عن ابي عبد الله(ع): (ان علياً(ع) ضمن ختانا قطع حشفة علام)(4) الظاهر انه نفسه ضامن
وعن الجعفريات عن علي(ع) (انه ضمن ختانة ختنت جارية فنزفت الدم فماتت فقال لها علي(ع) ويلاً لأمك أفلا ابقيت فضمنها علي(ع) دية الجارية وجعل الدية على عاقلة الختانة)(5)
يحمل على انزلاق السكين من يد الختانة فقطعت تمام القلفه التي على البظر والمفروض ان تقطع رأس القلفه أي الغطاء حتى يظهر البظر مما يوجب الشهوة اكثر عند الجماع
[حكم -279] فعل النائم والمغمى عليه والسكران والمبنج بنجاً عاماً
روي فيه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (رفع القلم عن النائم حتى يستيقض..) فكل فعل يفعله يعد من الخطأ المحظ
كما اذا تحركت الام على الطفل الرضيع فاختنق ومات، او بكى الطفل فأخذته واودعته في الثلاجة او رمته من شاهق، وما شابه ذلك والله المجير كما نسمع من شواذ الامور
للحديث (إنما الظئر مأمونة)(6)
[حكم -280] ورد التفريق بين احكام الظئر عن محمد بن مسلم قال قال ابو جعفر(ع) ايما ظئرقوم قتلت صبياً وهي نائمة فقتلته فان عليها الدية من مالها خاصة ان كانت انما ظاءرت طلب العز والفخر وان كانت انما ظاءرت من الفقر فان الدية على عاقلتها)(7)
وهذا شاذ وخارج عن القاعدة العامة ولكننا نميل معه ونسلم هذه الخصيصة بان هذه المرأة استلمت الرضيع بنية منافقه وصفة رذيلة
فهي ليست بأمينة ويمكن ان نحملها على عدم الامانة في أي حدث سيء يحصل مثل الذي يخرج ليلاً بشخص وليس معه من يؤمنه فان الشرع يضمّن هذا المخرج للرجل ويخرج به فهي حالة شاذة لا تصدر من سليم الطوية غالباً
[حكم -281] لو اعنف الرجل زوجته في حال الجماع وما شابه حالة الجماع فماتت أما من الضم وأما من شدة الدخول بها فالدية عليه.
ففي المعتبر عن سليمان بن خالد عن الصادق(ع): انه سئل عن رجل أعنف على امرأته فزعم انها ماتت من عنفه؟
قال(ع) الدية كاملة من ذلك قال عليه الدية)(8)
ولاجل احتمال العداوة وتعمد القتل ورد عن مرسل يونس عن ابي عبد الله(ع) قال سألته عن رجل اعنف على امرأته أو امرأة اعنفت على زوجها فقتل احدهما الآخر قال لا شيء عليهما اذا كانا مأمونين فان اتهما الزما اليمين بالله انهما لم يردا القتل)(9)
[حكم -282] الظاهر أنه من كل اثنين او أكثر في حالة مزاح او رجل اتصل بامرأة حراماً أو حلالاً
وهما مأمونان من العداوة وظاهرة الكيد فقتلت بيده او قتل بيدها فلا يقتص من القاتل حتى يشهد الشهود بالقتل العمد، ويحمل القاتل الدية بالخطأ ولا يثبت الاكثر الا بالاقرار أو البينة
الا ان يقال ان القتل كان بيد القاتل فهو على الاقل شبيه العمد ويكون عليه الدية
وهذا ظاهر من روايات الزوجين الآنفة
[حكم -283] لو ادعى ولي الميتة ان زوجها هو سبب موتها من عنفه باليد أو اللسان وانكر الزوج وقال ان موتها طبيعي وليس بالضغط ولا بالعنف يقدم قول الزوج حتى يثبت الخلاف.
[حكم -284] لو صاح ببالغ غير غافل فمات او سقط ومات او صاح على انسان او حيوان فمات آخر فهو على اقسام.

  1. ان يقصد بالصيحة الموت وهو مفزع يمكن ان يميت فهو من العمد.
  2. ان لا يقصد به الموت ولكنه مميت غالباً وفيه القصاص أيضاً.
  3. لم يكن الصوت مميتاً ولا قصد الموت وهذا فيه الدية لانه شبه العمد.
  4. لم يكن مميتا ولا قصد والموت حصل صدفة بما لا يحتمل ولم يعلم انه بسبب الصيحة، وهنا تجري اصالة عدم الضمان لا قصاص ولا دية.

ولكن لا يمكن ان يعفى ما دام الصوت او الاسلوب كان شديداً فقد مر من بعض البحوث قد نقلنا صيحة عمر بالحامل اذ اسقطت حملها فحكم امير المؤمنين(ع) بالدية عليه.
وفي صحيح الحلبي عن الصادق(ع) (أيما رجل فزع رجلاً من الجدار أو نفر به دابته فخر فمات فهو ضامن لديته فان انكسر فهو ضامن لدية ما ينكسر منه)(10)وصحيحه الاخر انه سئل عن الرجل ينفر بالرجل فيعقره ويعقر دابته رجل آخر فقال (هو ضامن لما كان من شيء)(11)
وهذه الروايات وان كانت في موضوع آخر لكنها قرينة على عدم ضياع الدم
[حكم -285] ليس الموضوع مخصوصاً بالصيحة المفزعة بل كل مفزع من رؤية مخيفة وركضة شديدة وفزع الناس فيه.
كما ورد من ان طلحة والزبير لما انهزما يوم الجمل فمرا بامرأة حامل فخافت والقت جنينها وماتا فوداهما أمير المؤمنين(ع) من بيت المال)
[حكم -286] لو أخاف شخصاً فهرب فوقع من خوفه من شاهق او وقع في بئر او افترسه حيوان وحشي او دخل خربة فلدغه عقرب أو عضته حية.
فان كان الوقوع وعدم التفاته للوقوع وما شابه تأثر من الفزعة فعلى المفزع ديته ولا يقتل به وانه لم يباشر قتله
وان كانت الفزعة قد انتهت وانما استمرار الركض باختياره فلا شيء على المفزع
[حكم -287] اذا صدم شخص آخر ببدنه او بسيارته او بأي آلة فانه يصيبه التقسيم الانف وهو ان قصد قتله او كانت الضربة والصدمة قاتله فهو مورد القصاص.
وان لم يقصد ولم تكن الصدمة قاتلة فعليه الدية وانه شبيه العمد اذا قصد الصدمة.
وأما اذا لم يقصد الصدمة وانما وقعت الصدمة عليه بلا قصد فهو الخطأ المحظ وفيه ديته.
وفي ذلك كله ان دم الصادم هدر الا اذا كان بريئاً والمصدوم هو قاتله فعلى المصدوم القصاص أو الدية.
[حكم -288] أما القصاص اذا عرض وقصد قتله وأما الدية اذا كان عرضه مسبب القتل بدون القصد.
[حكم -289] لو وقف في مكان ضييق او اوقف عربته او سيارته فتزاحم الطريق فمات بعضهم او حصل كسور
فالجالس والعارض المسبب هو الذي يضمن الموت او الكسر
قال في المبسوط: يضمن المصدوم ديته لانه فرط بوقوفه في موضع ليس له الوقوف فيه فحاله حال ما اذا جلس في الطريق الضيق فعثر به انسان مما كان السبب فيه اقوى من المباشر.
[حكم -290] فرق بين ما اذا وقف في مكان مشروع له كما اذا اوقف العربة عند الرصيف مثل كل السيارات والعربات وبين ما اوقفها على الرصيف حيث هو مسار المشاة وتزاحمهم ووقوف عربات أو غيرها مما يوقع المارين وهو المسبب لضمان ما يحدث.
نعم لو كان الطريق واسعاً وخالياً بحيث لا يصطدم أحد بشيء واقف ولا يضطر الى ذلك فهو غير ضامن
وكيف كان ففي فرض ضمان الواقف للحوادث الحادثة من وقوفه فلا يرفع عنه ضمان الدية كونه مضطراً أو مقهوراً
فان الضمان حكم وضعي ووجوب الدية لتدارك المتلفات حكم تكليفي ولا يتخلف التكليفي للحكم الوضعي كما اذا اضطر الشخص لوضع يده بالنجاسة فانها تتنجس ولا يرفع الاضطرار حكم النجاسة.
[حكم -291] اذا تصادم شخصان بالغان عاقلان سواء بنفسيهما او بسيارتيهما بسلاح او بغيره
فان قتلا فقد تهاترا ان قصدا القتل او كانت الضربات مميتة فلا يأخذ شيئاً ولا يعطي شيئاً
وأما اذا كان واحد رجل والاخرى امرأة رد اولياء المرأة نصف الدية الى اولياء القتيل البت بهذه المسألة يستلزم التحقيق في كيفية الهجوم ومن البادئ وكيف استمر الضرب والقتال فلعله يكون المقتول هدر ويتحمل جروح غير المقتول.
[حكم -292] اذا لم يقصد التقاتل وانما كانا اعميين او غافلين فتصادما فقتلا فهو من الخطأ المحظ فدية كل واحد على عاقلة الآخر.
ويمكن ان يتصالح العاقلتان بالتهاتر وعدم اداء شيء
[حكم -293] اذا كان احدهما مدافعاً والآخر قاتلاً وهاجما فالقاصد للعدوان يتحمل الخسارات ودمه هدر
وقد يكون أحدهما شبه عمد والآخر خاطئ وقد يكون الهاجم ضعيفاً والآخر هو القاتل فالدية لكل حكمه
واذا شك في ذلك فالبناء على الاقل واصالة عدم وجوب تعجيل اداء الحق.
[حكم -294] اذا تصادما بالخطأ وليس بالعمد في مسيرهما ولكن الذي سبب الكارثة كان سرعة أحدهما كان تمام درك الحادث على المسرع من قتله او تكسره وقتل مقابله او تكسره.
[حكم -295] اذا تضاربا بدابتيهما او بسيارتهما أو بعربتيهما فتلفتا فعل كل واحد نصف عطب آلة الاخر لان نصفها قد عطب.
من فعل صاحبها والنصف الآخر على الآخر، وان ماتا بالاصطدام ففي تركتهما ذلك، بعدما اوضحنا ديتهما وتقاسمهما بها وقد ورد في التضارب الخطأ عن علي(ع) قال: (قضى في فارسين تصادما فمات أحدهما فقضى ان الدية على عاقلة الباقي منهما فان ماتا جميعاً فدية كل واحد منهما على عاقلة صاحبه)
[حكم -296] روى في الدعائم عن ابي عبد الله(ع) عن أبيه(ع) عن آبائه(ع) عن أمير المؤمنين انه قال في الفارسين يتصادمان فيموتان جميعاً أو أحدهما أو يناله كسر او جراحة قال ان تعمداً أو أحدهما قصد صاحبه فعلى المتعمد القصاص فيما يقتص منه والدية فيما يجب فيه الدية فيما اصاب صاحبه وان كان ذلك خطاءاً فالدية على عاقلة كل واحد منهما)(12)
وهذا وبالجمع مع الروايات الاخرة يتبين التنصيف بالدية لان الخراب حصل من الطرفين.
[حكم -297] الصبيان أو المجنونان اذا قتل بعضهما بعضاً كانت ديتهما على العاقلة سواء تعمدا أو أخطأ لان عمدهما خطأ تحمله العاقلة كما في الخبر سواء كان بالسيارة أو بالعربة أو ببدنهم
هذا اذا لم يكن الكبار دفعوا الصغار وكانوا كمثل الآلة بيد الكبار فان الحدث يتحمله الكبار.
[حكم -298] اذا مر بين الرماة والمتسابقين أو الراكضين
فان كان يرى الرمي الخطر والمسابقة الخطرة مع ذلك تجرأ وتجاوز بين الرماية أو السباق فهو ما يحدث له هدر.
وكل ذلك لو كان الرمي ظاهراً مرئياً وأما لو لم يكن ظاهراً واما لو لم يعلم فان حذره المستابقون ومع ذلك فدمه هدر والا كانت الدية على الرامي كما في الخبر عن الكناني عن ابي عبد الله(ع) قال: (كان صبيان في زمن علي بن ابي طالب(ع) يلعبون بأحظار لهم فرمى أحدهم بخطره فدق رباعية صاحبه فرفع ذلك الى أمير المؤمنين(ع) فاقام الرامي البينة بانه قال حذار فدرأ عنه القصاص وقال(ع) قد اعذر من حذر)(13)
[حكم -299] لو تصادم امرأتان حاملتان فاسقطتا وماتتا سقط نصف الدية كما قلنا
وان ماتت المرأتان فكذلك كما قلنا في غيرهما انه كل واحدة عليها نصف دية ما حصل للأخرى من نفسها وجنينها ان كانت الجناية شبيه العمد فهو في ماله
وعلى العاقلة ان كان خطً محضاً
هذا اذا علم ان الاجنة من جنس واحد ذكرين أو انثيين وأما ان كانا مختلفين فللجنين الانثى ربع الدية
[حكم -300] لو دخل دار غيره فعظه الكلب او حصل مما شابه ذلك
أ- فهو اما ان يكون عالما بالخطر مع ذلك تجرأ ودخل فدمه هدر
ب- وأما جاهلاً ولكنه غير مأذون شرعاً ولا من المالك ولو أعلم المالك لعله يحذره.
ج- وحينئذ فاما ان ينصب المالك له أو لغيره ليهلك الداخل هو أو غيره فهذا ضمانه على المالك الناصب.
د- وأما ان يكون المالك غافلا عما يقع فلا ضمان عليه
هـ - او يدخل باذن والمالك لم يربط الحيوان أو لم يغلق البئر ولم يؤمن الدار من الخطر فالمالك ضامن.
و- او يكون المالك رابط الحيوان ولكنه انفلت صدفة فهذا لا ضمان على أحد.
[حكم -301] اذا وقع من علو على انسان فقتله فانه اما
أ- ان يقع عمداً وبقصد القتل للواقع عليه ففي هذا القصاص.
ب- ان يتعمد الصعود الى ما يقع غالباً ويعلم انه اذا وقع يقتل الواقع عليه فقد قالوا في هذا القصاص ولكن ان صعد باحتمال امكانه حفظ نفسه من السقوط فلا قصاص عليه لانه لم يتعمد القتل
ج- ان لم يعلم ان الصعود مسبب السقوط أو لم يعلم ان السقوط يسبب القتل او التكسير فهذا قتل وحادث الخطأ
د- تعارف الصعود واللعب ولكنه صدفة زلق فوقع بدون الاختيار فسبب القتل او الكسر فلا شيء عليه كما في الاخبار ومنها عن عبيد بن زرارة قال: (سألت أبا عبد الله(ع) عن رجل وقع على رجل فقتله؟ فقال ليس عليه شيء)(14)
[حكم -302] لو دفعه دافع فوقع على الغير وحصلت جناية فالضمان على الدافع فان كان قصد بدفعه القتل فالقصاص وان لم يقصد ذلك ولا كان الدفع مميتاً فمضان الدية.
ولو ركب شخص شخصا فنخس الراكب او المركوب شخص ثالث فعصر الراكب المركوب خوف الوقوع فالدية على الناخس
كما في رواية ابي جميلة: (قضى أمير المؤمنين(ع) في جارية ركبت أخرى فنخستها ثالثة فقمصت المركوبة فصرعت الراكبة فماتت فقضى بديتها نصفين بين الناخسة والمنخوسة)(15)
وعن المفيد (رحمه الله) في الارشاد: (ان علياً رفع اليه باليمن خبر جارية حملت جارية على عاتقها عبثا ولعباً فجاءت جارية أخرى فقرصت الحاملة فقفزت فقمصت الحاملة للمحمولة) أي القتها ارضا (لقرصها فوقعت الراكبة فاندقت عنقها فهلكت فقضى علي(ع) على القارصة بثلث الدية وعلى القامصة بثلثها واسقط الثلث الباقي لركوب الواقعة) أي الراكبة القافزة (عبثا القامصة فبلغ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فامضاه)(16)
وهذه على القاعدة ولا اشكال فيها
[حكم -303] لو غصب طفلاً أو خدع اهله فأخذه ضمن سلامته ورجوعه لاهله وكذا لو ساق شخصا عاقلاً بالغا فابعده عن انصاره وأهله ولا ينحصر الدليل بحديث بن ابي المقدام(17) الذي ذكرناه في كتاب القصاص وهو ضمان الشخص للاخر الذي أخرجه ليلاً.
بل ان قاعدة (على اليد ما اخذت حتى تؤدي) هي أعم واقدم عقلاً ونقلا من مسألة الاخراج فمسألة الاخراج هي جزئية من كلية اليد والضمان بسببها.
[حكم -304] لو سلم شخص آخر الى ظالم فقتله الظالم فان كان يعلم بانه يقتله كان مشاركاً الا انه لا يقتص منه لانه لم يباشر
وقد تقدم انه يحبس مؤبداً ويتبدل الحكم من قضية لاخرى
[حكم -305] لو دخل داراً لعمل فاحشة أو غيره من العمل المحرم فقتل في الدار فهو على وجوه.
أ- قتله داخل آخر عاصي يريد ان يغصب أو يعمل الفاحشة وما شابه فهو قتل عمد بلا وجه حق.
ب- داخل آخر وقتله تعجيلاً عليه بدون قصد الدفاع عن العرض أو المال وانما تهوراً وحمقاً. فهذا قاتل ظالم ومتعمد.
ج- دفاعاً عن المال والعرض فهذا قاتل بحق ان لم يتسرع ويقتل قبل ان يتأكد بعد وان الداخل فهذا لا شيء عليه.
د- دخل الداخل بشبهة الحلية والاجازة فهذا لا يجوز قتله ولا يعتدى عليه واذا اعتدى عليه أحد يظن انه سارق أو راغب للفاحشة فهذا قاتل بغير حق ولكن لا يقتص منه لأنه بشبهة وعليه الدية من ماله.
[حكم -306] روى ابن طلحة عن ابي عبد الله(ع) قال سألته عن رجل دخل على امرأة ليسرق متاعها فلما جمع الثياب تابعته نفسه فكابرها على نفسها فواقعها فتحرك ابنها فقام فقتله بفأس كان معه) الزاني نفسه قتل ابن المزنى بها.
(فلما فرغ) من الزنا بها (حمل الثياب وذهب ليخرج حملت عليه بالفأس فتقلته فجاء أهله) أهل الجاني بالزنا والقتل
(يطلبون بدمه من الغد؟ فقال ابو عبد الله(ع) اقض على هذا كما وصفت لك) الظاهر ان قصده: كما وصفت لي فقال الامام(ع) نفسه (يضمن مواليه الذين طلبوا بدمه دية الغلام ويضمن السارق) أي ورثته (فيما ترك اربعة الاف درهم بمكابرتها على فرجها انه زان وهو في ماله عزيمة وليس عليها في قتلها اياه شيء لانه سارق قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من كابر امرأة ليفجر بها فقتلته فلا دية له ولا قود)(18)
اقول: الاربعة الاف درهم ليس هو المهر لان المهر 500 درهم وليس هو دية الفرج لأنا ان حسبنا ان الاعتداء على الفرج مثل قطع الفرج فهو 5000 درهم والظاهر ان للأمام ان يقدر دية الاعتداء على الفرج وهي بين المهر الشرعي الذي هو دخوله بوجه حلال وبين دية قطعه.
[حكم -307] لو دفعت الظئر الولد الذي استأجروها لرضاعته دفعته الى غيرها من دون اذن أهله وحصلت جريمة في حقه فالظئر المستأجرة تظمنه واذا ادعت الاذن وانكره ولي الصبي قدم قول الولي بعدم اذنه لها كما في خبر سليمان بن خالد قال: (سألت ابا عبد الله(ع) عن رجل استأجر ظئراً فدفع اليها ولده فانطلقت الظئر فدفعت ولده الى ظئر اخر فغابت به حينا ثم ان الرجل طلب ولده من الظئر التي اعطاها انه فاقرت انها استأجرت واقرت بقبضها ولده وانها كانت دفعته الى ظئر أخرى فقال(ع) عليها الدية أو تأتي الدية أو تأتي به)(19)
[حكم -308] لو اتت الظئر بالطفل فشك أهله فلم يقبلوه فلا حق لهم الا ان يأتوا بشهود وقرائن يقينة على خلاف صفات هذا لولدهم.

كما في صحيح الحلبي قال: (سألت أبا عبد الله(ع) عن رجل استأجر ظئراً فدفع اليها ولده فغابت بالولد سنين ثم جاءت بالولد وزعمت أمه انها لا تعرفه وزعم أهلها انهم لا يعرفونه؟ فقال ليس لهم ذلك فليقبلوه انما الظئر مأمونة)(20)


(1)طه/1-2

(2)الوسائل ب34 ح1 موجبات الضمان.

(3)البراءة 9/91.

(4)الوسائل ب24 ح2 موجبات الضمان.

(5)مستدرك الوسائل موجبات الضمان.

(6)الوسائل ب29 ح2 موجبات الضمان.

(7)الوسائل ب29 ح2 موجبات الضمان.

(8)الوسائل ب31 ح1 -4 موجبات الضمان.

(9)الوسائل ب31 ح1 -4 موجبات الضمان.

(10)الوسائل ب15 ح2 موجبات الضمان.

(11)الوسائل ب15 ح2 موجبات الضمان.

(12)مستدرك الوسائل ب20 ح3 موجبات الضمان.

(13)

(14)الوسائل ب20 قصاص النفس.

(15)الوسائل ب7 ح1 و2 موجبات الضمان.

(16)الوسائل ب7 ح1 و2 موجبات الضمان.

(17)الوسائل ب23 ح2 قصاص النفس.

(18)الوسائل ب23 ح2 قصاص النفس.

(19)الوسائل ب23 ح3 قصاص النفس.

(20)الوسائل ب29 ح2 موجبات الضمان.