اصلاح عمل المجرمين بعد حدهم

[حكم -167] على العلماء والخطباء والمدرسين ان يحفظوا هذا الحديث ويؤدوه الى المجتمع حتى تنصلح النفوس وتزكوا الاعمال ويأمن الناس من جرائم الآخرين بحقهم ويشيع الهدى ويحق الحق ويبطل الباطل ان الباطل كان زهوقاً
ففي صحيح ابن مسلم عن ابي جعفر(ع) قال اتي أمير المؤمنين(ع) بقوم لصوص قد سرقوا فقطع ايديهم من نصف الكف وترك الابهام ولم يقطعها وامرهم ان يدخلوا الى دار الضيافة وامر بايديهم ان تعالج فاطعمهم السمن والعسل واللحم حتى برؤوا فدعاهم فقال لهم يا هؤلاء ان ايديكم سبقتكم الى النار فان تبتم وعلم الله منكم صدق النية تاب عليكم وجررتم ايديكم الى الجنة فان لم تتوبوا ولم تقلعوا عما أنتم عليه جرتكم ايديكم الى النار)(1)
وعن حذيفة عن الصادق(ع) قال: (اتي أمير المؤمنين(ع) بقوم سراق قد قامت عليهم البينة واقروا فقطع ايديهم ثم قال قنبر ضمهم اليك فداو كلومهم وأحسن القيام عليهم فإذا برؤا فاعلمني فلما برؤوا اتاه فقال يا أمير المؤمنين القوم الذين أقمت عليهم الحدود قد برئت جراحاتهم فقال اذهب فاكس كل رجل منهم ثوبين وائتني بهم قال فكساهم ثوبين ثوبين واتي بهم في احسن هيئة متردين مشتملين كأنهم قوم محرومون فمثلوا بين يديه قياماً فاقبل على الارض ينكتها باصبعه ملياً ثم رفع رأسه اليهم فقال اكشفوا ايديكم ثم قال ارفعوا رؤوسكم الى السماء فقولوا اللهم ان علياً قطعنا ففعلوا فقال اللهم على كتابك وسنة نبيك ثم قال لهم يا هؤلاء ان تبتم سلمتم ايديكم وان لم تتوبوا الحقتم بها ثم قال يا قنبر خل سبيلهم واعط كل واحد منهم ما يكفيه الى بلده)(2)
[حكم -168] يلزم تأخير الحد عن شدة الحر وعن شدة البرد وفي وقت مرض المحدود وشدة التعب والنعاس الى ان يرتاح.
كما سبق من الرحمة بالمحدود فلو مرض بسبب الحد فلا بد من مداواته وشفائه.
[حكم -169] لو كان للسارق اكثر من اربع اصابع فعلى الحاكم ان يقطع خلف الاصابع الاربعة فانه يقطع وان كان أصابع اخرى فروع منها وأما اذا كان الزائد مع الابهام فلا يقطع الابهام ولا فرعه واما اذا كان له اكثر من يد جاز قطع الاصابع من أي يد منها لعدم التخصيص بالادلة.
ولو بذل كل اليد الزائدة بدل الاصابع من اليد الاصلية أو الفرعية فلا دليل على عدم الكفاية لحصول قطع الاصابع بقطع منبتها لم يؤخذ في الحد ان لا يستفيد منه القطيع.
[حكم -170] اذا فر من السجن فالقاعدة انه اذا ثبت الجرم باقراره فلا يلحق وتركوه يهرب وان ثبت بالشهود أعيد الى السجن وبالجملة ان فر ثم سرق ايضا فانه يقتل.
كما قلنا انه ان لم يفر وسرق في السجن فانه يقتل أيضاً.
[حكم -171] لا يسقط الحد الا بسبعة اسباب
الأول: دخول المال في ملك الحرامي قبل الحكم عليه كما لو كان ابنا ويموت والده الذي سرق منه فيدخل المال المسروق في ملك السارق ارثا له فلا يقطع.
الثاني: موت السارق قبل القطع.
الثالث: تلف المسروق قبل الاخراج من الحرز.
الرابع: رجوع المقر قبل اتمام الاقرار كما في خبر جميل: (لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرتين فاذا رجع ضمن السرقة ولم يقطع اذا لم يكن شهود)(3)

والخامس: التوبة كما في صحيح ابن سنان عن ابي عبد الله(ع) قال (السارق اذا جاء من قبل نفسه تائباً الى الله عز وجل ترد سرقته الى صاحبها ولا قطع عليه)(4)
والسادس: عفو الإمام(ع) عن الإمام الهادي(ع) واذا كان للإمام الذي من الله ان يعاقب عن الله كان له ان يمن عن الله اما سمعت قول الله [هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ] (5)
السابع: عفو صاحب الحق.
كما في خبر مسلم عن الباقر(ع) قلت له رجل جنى اليَّ اعفو عنه أو ارفعه الى السطان؟ قال هو حقك ان عفوت عنه فحسن وان رفعته الى الامام فانما طلبت حقك وكيف لك بالامام)(6)
الظاهر انه يقصد انك اذا شكوته الى الامام فلا حق لك ان تشفع بعدم قطعه واذا لم يصل الى الامام فلك ان لا تشكوه
[حكم -172] اذا سرق ولم يحكم جاز رفعه الى الحاكم غير العادل لايصال الحق الى ذويه الا اذا كان حكمه اكثر من اخراج الحق مع تعزيره كما اذا كان يقتله فلا يجوز ففي خبر جميل بن دراج قال (اشترتيت انا والمعلى خنيس طعاما بالمدينة وادركنا المساء قبل ان ننقله فتركناه في السوق في جوالقه(7) وانصرفنا فلما كان من الغد غدونا الى السوق فاذا أهل السوق مجتمعون على اسود قد أخذوه وقد سرق جوالقاً من طعامنا وقالوا إن هذا قد سرق جوالقاً من طعامك،فارفعوه الى الوالي فكرهنا ان نتقدم على ذلك حتى نعرف رأي أبي عبد الله(ع) فدخل المعلى على ابي عبد الله(ع) وذلك له فامرنا ان نرفعه فرفعناه فقطع)(8)
[حكم -173] لو قطع الحداد اليد اليسار خطأ فلا تقطع اليمين واجزأت اليسار وكذلك لو اذن المحدود. لرواية محمد بن قيس عن ابي جعفر(ع) قال (قضى علي(ع) في رجل أمر به ان تقطع يمينه فقدموا شماله فقطعوها وحسبوها يمينه فقالوا انما قطعنا شماله انقطع يمينه.
فقال(ع) لا تقطع يمينه وقد قطعت شماله)(9)
[حكم -174] يجب ارجاع المسروق وان تلف وجب ارجاع مثله ان كان مثليا وقيمته ان كان قيميا
وان كانت العين موجودة وقد نمت نموا متصلاً كالشاة كانت هزيلة فسمنت.
او تمت نموا منفصلاً كاللبن والولد ارجعها مع ما حصل منها سواء استوفاه او باعه أو اهداه أو اهدره.
[حكم -175] لو سرق دابة أو سيارة يعمل عليها صاحبها بالاجرة ارجع ما سرق واجرته اذا استوفى منافعها.
وان مات المالك ارجعه الى ورثته وان لم يعرف ورثته فسبيله سبيل مجهول المالك يتصدق به صاحبه بعد اليأس من معرفته.
[حكم -176] لو سرق ثلاثة أو اكثر مقدار نصب بعددهم مثلا سرق ثلاث نفر مقدار دينار شرعي يعني 12 دولار للربع دينار كما قدرنا احتمالاً فالدينار= 4/41 دولار.
فان سرقوه بالتساوي فكل واحد يكون قد سرق اكثر من النصاب فيقطع الجميع وان سرقوه بالتفاوت فمن سرق مقدار ربع دينار أو اكثر قطع والذي كان نصيبه اقل من الربع وهو 12 دولار فلا يقطع.
[حكم -177] أ- لو سرق الشخص من اشخاص شركاء بالمال مقدار النصاب أو اكثر فطالبه بعضهم فارجع المال وقطع يده ثم جاء الشركاء الاخرون وطالبوا ايضاً فلا يرد عليهم شيئاً لانه سلم حصتهم لشركائهم ولا يعاد القطع أيضاً.
ب- لو سرق مرة واحدة مجموعة اموال لعدة ملاك فلا يقطع اكثر من يمناه سواء جاؤا مطالبين سوية أو متفرقين أو جاء بعضهم فحكم عليه بالقطع ثم جاء الاخرون.
ج- وان سرق مرة نصابا أو اكثر فلم يظفر به ثم سرق من نفس الملاّك فلا تقطع الا يمينه سواء طالبوا سوية أو متفرقين.
هـ- وان سرق نصابا من اناس ولم يظفر به ثم سرق من آخرين أقل من نصاب فطالبوه قطع لاجل السرقة الاولى فقط.
و- وان سرق نصابا من اناس فهرب ثم سرق من آخرين نصابا فجاء الملاّك جميعا قبل ان يقطع وطالبوا فلم يقطع الا يمينه فقط.
ز- وان سرق نصابا أو اكثر فهرب ثم سرق نصابا أو اكثر من آخرين فطالب ملاك إحدى السرقتين فقطع يده لاجلهم ثم جاء ملاك الاخرى فطالبوا فالقاعدة تقتضي قطع الرجل للثانية ولكنه مشكل أيضاً من حيث ان في كل الحدود لا يحد اكثر من حد ما لم يجرم جرماً آخر بعد الحد مثل الزاني لو زنى مرات كثيرة ثم قدم الى الحاكم فلا يضربه اكثر من مئة جلدة وبعد الجلد لو زنا ايضاً ضرب مئة اخرى وهكذا.
[حكم -178] الحد الشرعي مثل قطع يد السارق ليس اكراماً للمسروقين بل هو حد شرعي فلا فرق بين اتيان المسروق به الى الحاكم او غيره.
ولا فرق بين علم المسروق قبل قطع سارقه او بعده وبين كون المسروق واحداً او اكثر وبين كون المال كثيراً أو بمقدار النصاب فقط فالمهم في اقامة الحد ثبوت سرقة السارق.
نعم قد قلنا انه ان عفى عنه المسروق أو صالحه قبل الرفع الى الحاكم فلا يقطع.
[حكم -179] لو سرق اربع حرامية اكثر من مقدار دينار وعلم ان بعضهم كان اكثر من نصاب وبعضهم أقل من نصاب ولكن اشتبه ذو النصيب الزائد فلا يقطع الجميع وانما يحقق معهم فان تبين اخذ الزائد قطع والا فلا.
[حكم -180] ورد في صحيح بن اعين عن ابي جعفر(ع) في رجل سرق فلم يشهد عليه ثم سرق مرة اخرى فاخذ فجاءت البينة فشهدوا عليه بالسرقة الاولى والسرقة الاخيرة؟ فقال تقطع يده بالسرقة الاولى ولا تقطع رجله بالسرقة الاخيرة فقيل له كيف ذلك؟
فقال لان الشهود شهدوا جميعاً في مقام واحد بالسرقة الاولى والاخيرة قبل ان تقطع بالسرقة الاولى ولو ان الشهود شهدوا بالسرقة الاولى ثم امسكوا حتى تقطع يده ثم شهدوا عليه بالسرقة الاخيرة قطعت رجله اليسرى)(10) والمعروف ان لا يحد العاصي مرتين مرة واحدة وانما يحد الاولى فاذا سرق بعد الحد الاول حد الحد الثاني. والعمل بالصحيح في مورده لهدم امكان مخالفته.


(1)الوسائل ب30 ح2 و3 حد السرقة.

(2)الوسائل ب30 ح2 و3 حد السرقة.

(3) الوسائل ب3 ح1 حد السرقة.

(4)الوسائل ب16 ح1 حد السرقة.

(5)سورة ص 38/39.

(6)الوسائل ب18 ح4 و1 حد السرقة وب17.

(7)الجوالق هي الصناديق أو الاكياس تكون في جوانب الجمل أو الفرس والتي ينقل فيها الاغراض.

(8)الوسائل ب33 ح1 حد السرقة.

(9)الوسائل ب6 ح1 حد السارق.

(10)الوسائل ب9 ح1 حد السرقة.