أنواع الاخذ وكيفياته

[حكم -136] للاخذ والاحتواء عناوين واسماء كثيرة
منها- الاخذ والغصب والسرقة الغيلة والدغرة والارغام والخيانة.
والاغرام والاختلاس والنهب والخطف والطر. والسلب. واللص والآخذ يسمى لصاً أو حرامي أونشّال أوجاحد.
1- فالأخذ أما آخذ لما له من غريمه فهذا حلال ويمكن ان يؤثم بكيفية الاخذ كالغضب وسوء الخلق ويسمى سوء الاستيفاء.
وإما أخذ لغير ماله ويكون بتخويف المعطي أو باستحيائه
فهذا حرام ويكون ضامنا له
واما آخذ من طيب نفس المعطي فهذا حلال لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (لايحل مال امرئ الا بطيبة نفسه).
2- الغصب:
الغصبهو الاستعمال أو الأخذ من مال غيره بغير رضاء المالك بدون كسر شيء وأخراجه من حرزة وبدون وجه حق.

3- الغيلة:

[حكم -136] وأما الغيلة كما في الآية [وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ…](1)
والغل كلمة كثيرة المعاني بهيئات مختلفة
فمنه غل واغلال يعني قيد وقيود كالاية [إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ](2)
ومنه اخذ الشريك المال الذي فيه شركاء كغل شيء من الغنيمة قبل التقسيم واخذ الوارث مال التركة بعضه أو كله قبل تعيين حصته ولعله يكون حصته ولكنه تعجل واخذ سراً عن شركائه فالغل هنا أخذ الشيء غير المعين لملكه له سراً.
ومن الغل ادخال الشيء في مكان يضيف عنه، مثل ادخال اشياء كثيرة في كيس ضيق.
ومنه الغلة بالفتح أي الأجرة والنفع والزيادة مثل غلة البستان هي ثمرته النامية وغير ذلك كثير وأما الغلة التي اتهموا بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الأخذ من الغنيمة سراً بحيث لم يعدوه من حصته من الغنيمة الا اذا صرح عند التقسيم بانه أخذ كذا حتى ينقصوه من حصته وكيف كان فان الفعل حرام والفاعل الحقيقي هو أحد المنافقين.
4- والدغرة
[حكم -138] الدغرة هي اختلاس شيء من مال غيره جهراً
كما في الحديث عن أبي جعفر(ع): (قضى أمير المؤمنين(ع) في رجل اختلس ثوباً من السوق فقالوا قد سرق هذا الرجل فقال(ع): اني لا اقطع في الدغارة المعلنة ولكن اقطع من يأخذ ثم يخفي)(3)
5- الارغام:
وهي فعل الاذى في الغير على رغمه أو اجباره على فعله بدون رضاه وهي الجبر والقهر على عمل أو أخذ أو عطاء لشيء.
فهو ليس سرقة وإنما أخذ شيء من معطيه والمعطي مرغم وليس بارادته.
6- والخيانة:
وهي ان يودع عنده شيء فيستعمله أو يغصبه ويجحده فلا يرده على صاحبه فهو الخائن وهو التصرف في مال الغير بلا اذن من صاحبه ولا من الشرع وهو غير مخصوص بالمال.
فاذا تصرف ببنت بالزنا أو المس بلا عقد فهو خائن والمستعمل للعارية أو استعمل المستأجر بالشيء المستأجر بأكثر مما اذن له ولم يظهر التعدي للمالك فقد خانه في المعار.
7- والاختلاس
هو أخذ الشيء بغفلة صاحبه بدون اذن من صاحبه ولا من الشرع والخِلسة بكسر الخاء الغصب سراً لا جهراً وبسرعة حركة
8- النهب:
[حكم -139] النهب هو الغصب خلسة للمال الكثير مع الفرار به.
فلا يقال لاخذ المال القليل سراً مثل أخذ سيجارة أو درهم واحد فلا يقال عرفا انه نهبه وانما أخذ الاغراض الكثيرة كجنطة المسافرين، ولا يقال للآخذ الجهري ولا للآخذ مع الوقوف انما ما يفر به ويختفي من الناس.
9- الخطف:
وهو الأخذ السريع مع غفلة الحارس وبحضوره، ثم اختفاء الخاطف عن نظر المخطوف منه.
فلا يقال لاخذ ما غاب عنه صاحبه انه خطف وفي الآية [لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ](4) وقال تعالى [يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ](5)
فهو السلب السريع ثم الاختفاء العاجل أي يفاجئهم فيسلبهم النظر لان الحق مهلك لمن لا يتمسك به.
10- والطر بفتح الطاء والطرّار هو النشال يطر الجيب أي يشقه ويسرق ما فيه ويعبر عن السائل الطالب للصدقات كثيراً، فالطر هو الاخذ مع الالحاح والكثرة.
11- النشال: هو الحرامي وهو الذي ينتظر غمض المالك أو ادارة رأسه لينشل الشيء من بين يديه أي يسرقه بسرعة غير محسوسة.
12- الحرامي: هو الاكل الحرام من اموال الناس والمستعمل الشيء الحرام مطلقاً
13- الجاحد: هو يأخذ قرضاً أو وديعة أو عارية أو يأخذ مالاً ليعمل مضاربة، ثم لا يرده على صاحبه ويجحده أي ينكر كونه أخذه
14- والاغرام أو التغريم: وبعضه حق مثل المستودع المفرط بالوديعة حتى يتلفها فهذا تغريمه باعطائه المثل أو القيمة حق.
أو اذا تلفت الوديعة أو العارية أو العقار المستأجر بدون تفريط ولا تعد من المستأجر او المستعير أو المستودع فتغريمه بالمثل أو القيمة لمقدار التلف حرام لانه أمين.
15- واللص: بفتح اللام هو الاستغفال لصاحب المال والاخذ بغفلته من المال او الانتفاع بالمنافع المستورة عن المتلصص.
ويقال تلصص لمن يسرق النظر على نساء الجار بغفلتهم وفي حال عدم حجابهم وهكذا اللص وهو الانتفاع بشيء محرم عليه ومستور عنه.
[حكم -140] لو سرق فقير مستحق للحقوق من شخص غني عليه حقوق بنية استلام ماله من حق والغني كان جاحداً لحق الفقراء في ماله أو ملتوياً لم يسلم الحقوق التي في ذمته حلت للفقير ولا ضمان ولا تعنيق له.
وللحاكم الشرعي ان يرسل من يجبر الغني على تسليم الحقوق أو الأخذ رغماً عليهم ولو سرقة اذا اضطر لذلك.
[حكم -141] لو اخرج متاعا من الحرز وادعى انه ماله أو انه يطلب صاحب الحرز مقدار ما اخذ منه أو ان المالك وهبه أو اذن له في اخراجه، والمالك ينكر ملكية الآخذ وينكر الاذن له.
فلا قطع على الآخذ وانما يرد المال للمالك حتى يثبت الاذن او كونه مال الاخذ.
وأما اذا شهدت البينة بعدم ملكية الاخذ ولا الاذن له فان علم انه كاذب فلتقطع يده وان علم انه خاطئ فلا قطع.
[حكم -142] لو سرق المال ثم أرجعه لصاحبه تائباً أو خائفاً قبل الرفع الى الحاكم وقبل الحكم عليه فلا شيء عليه ولو اعاده بعدما أخبروا الحاكم واشتكوا عليه وقبل الحكم عليه فلا قطع أيضاً.
[حكم -143] لو سرق الشريك المال المشترك
فان كانت السرقة بمقدار حقه فلا قطع ولا ضمان
وان كان اكثر ضمن مقدار الزيادة فان كانت اكثر من ربع دينار كما سيأتي ولا شبهة بالحلية لدى السارق ومع الكسر والفتح للحرز ففيه القطع.
ففي الرواية عن الصادق(ع): (قلت له رجل سرق من الفيء؟ قال بعدما قسم أو قبل؟ قلت اجبني فيهما جميعاً؟ قال: ان كان سرق بعدما أخذ حصته منه قطع وان كان سرق قبل ان يقسم لم يقطع حتى ينظر ماله فيه فيدفه إليه حقه منه فإن كان الذي أخذ أقل من ماله اعطى بقية حقّه ولا شيء عليه الا أن يعزر لجرئته وان كان الذي أخذ مثل حقّه أو في يده وان كان الذي سرق اكثر من ماله بقدر مجن(6) قطع وهو صاغر وثمن مجن ربع دينار)(7)
[حكم -144] ورد عن علي بن أبي رافع قال: (كنت على بيت مال علي بن أبي طالب(ع) وكاتبه وكان في بيت ماله عقد لؤلؤ كان اصابه يوم البصرة قال: فأرسلت اليَّ بنت أمير المؤمنين(ع) فقالت لي بلغني ان في بيت مال أمير المؤمنين(ع) عقد لؤلؤ وهو في يدك وأنا أحب أن تعيرنيه اتجمل به في أيام عيد الأضحى فارسلت اليها عارية مضمونة مردودة با بنت أمير المؤمنين(ع)؟ قالت نعم عارية مضمونة مردودة بعد ثلاثة ايام
فدفعته اليها وان امير المؤمنين رآه عليها فعرفه فقال لها من اين صار اليك هذا العقد؟ فقالت استعرته من علي بن ابي رافع خازن بيت مال أمير المؤمنين(ع) لأتزين به في العيد ثم ارده قال فبعث اليَّ أمير المؤمنين(ع) فجئته فقال لي اتخون المسلمين يا ابن ابي رافع؟ فقلت له معاذ الله أن أخون المسلمين فقال كيف أعرت بنت أمير المؤمنين العقد الذي في بيت مال المسلمين بغير اذني ورضاهم؟
فقلت يا أمير المؤمنين(ع) انها ابنتك وسألتني أعيرها اياه تتزين به فاعرتها اياه عارية مضمونة مردودة فضمنتها في مالي وعلى ان اردّه سليماً الى موضعه قال فرده من يومك واياك ان تعود لمثل هذا فتنالك عقوبتي قم اولي لابنتي لو كانت أخذ العقد على غير عارية مضمونة مردودة لكانت اذاً اول هاشمية قطعت يدها في سرقة... الى ان قال فقبضته منها ورددته الى موضعه)(8)
[حكم -145] الحديث الشريف القاعدة فيه عدم القطع لا لبنت الامام سلام الله عليهما ولا لابن ابي رافع.
أولاً: ان البنت هي أم كلثوم وللإمام ثلاث بنات باسم زينب وكناها ام كلثوم فالكبرى دفنت بالشام والوسطى دفنت في مصر والصغرى دفنت في المدينة كما قيل وقيل ان الآخذة هي الوسطى او الصغرى.
والأخذ ليس باثم لجواز الاستعارة من المال العام ولبيت الامامة رخصة اكبر من عادي الناس.
وابو رافع لم يثبت منعه من الإعارة من بيت المال العام وأما غضب أمير المؤمنين(ع) قضية في واقعة ولولا فعله وقوله لجوزنا سرقات عثمان من بيت المال لخاصته وعشيرته.
وان كان فعل بنت الامام مع الفارق فانها اخذت امانة مضمونة واين هذا من الاخذ والاحتواء وزعم ان بيت مال المسلمين هو بيتهم وقوله لولا كونها عارية مضمونة لقطع يدها فهو مثل قوله تعالى [وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ](9) ففعل الإمام لقطع الطريق على خونة الامانات التي تحدث من الخلفاء واعدائهم
[حكم -146] لو سرق افراد القافلة في طريق السفر فلا قطع للشركة العرفية كما في الحديث قال ابو بصير عن رفقة في سفر فسرق بعضهم متاع بعض فقال هذا خائن لا يقطع وكذلك اذا سرق من منزل أبيه؟

فقال لا يقطع لان الابن لا يحجب عن الدخول الى منزل أبيه هذا خائن وكذلك اذا سرق من منزل أخيه أو أخته اذا كان يدخل عليهما لا يحجبانه عن الدخول)(10) فالاخذ سرا من المال المأذون الانتفاع به بدون أخذ وأحتوائه انه خيانة وليس بسرقة.


(1)ال عمران 3/161.

(2)يس 36/8.

(3)الوسائل ب12 ح3 حد السرقة.

(4)الصافات 38/8-10.

(5)البقرة 20.

(6)المجن بكسر الميم جمع مجنة وهو الترس الذي يرفع المحارب ليوقي نفسه عن اصابة سيف عدوه لبدنه.

(7)الوسائل ب24 ح6 حد السرقة.

(8)الوسائل ب26 حد السرقة.

(9)الحاقة 69/44-46.

(10)الوسائل ب18 ح1 حد السرقة.