الحد العاشر: السرقة

وهنا يحسن ان نقدم أموراً:
الاول: آية السرقة وآية الزنا
[حكم -124] ابتدأ في آية السرقة بالرجل [وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ] وفي آية الزنا بدأ بالمرأة [الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي](1)
لأن الزنا لا يحصل الا بسبب المرأة فهي ابتداء الشر في الزنا.
وأما السرقة فليس جرم جنسي ولا علاقة له بالفروج وفسادها فالشر يبدأ فيه من الرجال.
الثاني: دية اليد لو قطعها خمسماءة دينار ذهبي فكيف تقطع حداً في سرقة ربع دينار؟
قد سأل الشاعر المتنبي للسيد المرتضى هذا السؤال فقال:


يد بخمس مئين عسجد اديت

 

ما بالها قطعت في ربع دينار


والعسجد الذهب
فاجابه المرتضى (رضي الله عنه):


عزالامانة أغلاها وأرخصها

 

ذل الخيانة فاعرف حكمة الباري


الثالث: للسرقة معاني عديدة.

  1. اخذ المال من مكمنه ومكان ادخاله بعد فتح او كسر الحاجب والساتر له وهذا موضوع بحثنا في الحدود الشرعية.
  2. غصب الشيء بواسطة خداع وبدون حق ظاهر ومنه ما قيل في تفسير […إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ…](2) زعم اخوة يوسف(ع) ان يوسف سرق حزاماً من عمته حتى استحلت اخذ يوسف واستخدامه.
  3. والحقيقة ان عمته كانت تحب ان يعيش عندها فالبسته الحزام ثم ادعت انه سرق الحزام (المنطقة) فاستحلت بذلك ابقاءه عندها.

  4. سرق النظر او استرق النظر وهو الذي ينظر شيئاً مستور عنه نظراً خفياً بدون ان يحس الحاضرون بنظره وقد عبر عنه في القرآن [خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ] [يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ](3)
  5. وتحصيل الاخبار المستورة كما في الآية [إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ](4) كان الشياطين يرقون في السماء فيأخذون بعض الأخبار من الملائكة وهي أخبار مستورة عن أهل الأرض فيخبرون المتصلين بهم لاعمال السحر والخديعة فلما ولد النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) صارت الشهب تضرب الشياطين فتحرقهم وتثقب اجسادهم.
  6. ويقال سرق الالباب خطبتك أو سرق الابصار جمالك ونورك أو سرق الحظوظ حظك ونصيبك ورفعتك ونجاحك.

[حكم -125] السرقة حرام ففي القرآن [وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ](5)
وعن الإمام الرضا(ع) قال: (وعلة قطع اليمين من السارق لأنه تباشر الاشياء بيمينه وهي أفضل اعضائه وانفعها له فجعل قطعها نكالا وعبرة للخلق لئلا يبتغوا أخذ الاموال من غير حلها ولانه اكثر ما يباشر السرقة بيمينه وحرم غصب الاموال وأخذها من غير حلها من انواع الفساد، والفساد محرم لما فيه من الفناء وغير ذلك من وجوه الفساد وحرم السرقة لما فيها من فساد الاموال وقتل الانفس لو كانت مباحة ولما يأتي في التغاضب من القتل والتنازع والتحاسد وما يدعو الى ترك التجارات والصناعات في المكاسب واقتناء الاموال اذا كان الشيء المقتني لا يكون أحد أحق به من أحد)(6)
وعن اسماعيل بن مسلم عن الصادق(ع) عن آبائه(ع) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اربع لا يدخل بيتا واحدة منهن الاخرب ولم يعمر بالبركة: الخيانة والسرقة وشرب الخمر والزنا)


(1)النور 24/2.

(2)يوسف × 12/77.

(3)غافر جل جلاله 40/19.

(4)الحجر 15/18.

(5)المائدة 5/38.

(6)الوسائل ب1ح2 حد السرقة.