خلاصة أحكام المرتد

[حكم -85] خلاصة حكمنا في المرتد ان لا نفرق بين الملي والفطري حالياً فان المرتد ان قدرنا عليه نستتيبه فان تمادي بالكفر ولم يتب قتلناه والنصوص في ذلك متوافرة كما سيأتي
نعم اذا رأيناه من أول لقاء انه متعصب وشرير ومفسد في الأرض بما لم يظفر به لو خليناه فانه يقتل مهما أمكننا من قتله.
ومعلوم ان هذا مجرد طرح معلومات وأما التطبيق فلم ولا يمكننا لشياع الارتداد والتشكيك في كل المبادئ المقدسة في مجتمعاتنا، ولم تخلُ عن ذلك بيوت علماء الدين والحكام وطبقة البسطاء والمثقفين واصبح المؤمن المخلص والصحيح العقيدة والممتمسك بالحق كالماسك جمرة من النار.
ولا تكاد تدرك بيتاً أو محلة أو مدينة أو فئة من علماء أو حكام بلاد الا وفيهم الظلم والجور والريبة بالحق والسيرة الخاطئة.
[حكم -86] ورد في تعيين الارتداد الذي يقتل الشخص عليه أو لا يقتل عن الإمام الصادق(ع) في موثق عمار قال: (كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الاسلام وجحد محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) نبوته وكذبه فان دمه مباح لكل من سمع ذلك منه وامرأته بائنة منه يوم ارتد فلا تقربه ويقسم ماله على ورثته وتعتد امرأته عدة المتوفى عنها زوجها وعلى الامام ان يقتله ولا يستتبه)(1)
ومعلوم ان هذه أحدى الروايات وفي بعض الظروف وليس مطلقاً ولا لكل مرتد فان بعض المرتدين جهلة وغير معاندين فلا يعجل عليهم بذلك.
وهذه بعض الاحاديث والادلة على استتابة المرتد مطلقا وعدم العجلة بقتله
[حكم -87] في القرآن الكريم عدة آيات تطلق قبول التوبة:
1- منها: [إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ](2)
فلو ماتوا وهم مؤمنون فقد يغفر الله لهم وهذا الكفر يمكن ان يكون من ارتداد كما في الآية الأولى.

2- والاية: […وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ…] (3)
فلو مات بعد التوبة والايمان فلا احباط ولا يكون من اصحاب النار.
3- [وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا](4)
وهذه الاية مطلقة شاملة لمن دعى مع الله الاها آخر بعد الايمان والاسلام أو بدون ان يسلم.
4- وقوله تعالى: [وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62) قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (64) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ](5)
5- [كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (88) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ](6)
وهذه التوبة وقبولها مطلقة أعم من الكافر الاصلي أو المرتد اذا آمن
[حكم -88] وأما الأحاديث فانها ايضا كثيرة وواضحة الدلالة
ولعل ابن الجنيد وجماعة من الفقهاء القائلين بقبول توبة المرتد مطلقاً اعتمدوا على ذلك مثل صحيح ابن بكير الحضرمي عن ابي عبد الله(ع) قال: اذا ارتد الرجل المسلم عن الاسلام بانت منه امرأته كما تبين المطلقة ثلاثاً وتعتد منه كما تعتد المطلقة فان رجع الى الاسلام وتاب قبل ان تتزوج فهو خاطب من الخطاب ولا عدة عليها منه له وإنما عليها العدة لغيره)(7)
والفضيل بن يسار عن ابي عبد الله(ع) (ان رجلاً من المسلمين تنصر فاتى به أمير المؤمنين فاستتابه فأبى عليه فقبض على شعره ثم قال طؤه عباد الله فوطؤه حتى مات)(8).
ورواية ابن سبأ انه استتابه ولما ابي قتله)(9)
وحديث القدرية عن السكوني عن ابي عبد الله(ع) عن آبائه عن علي(ع) انه دخل عليه مجاهد فقال ما تقول في كلام القدرية.... وما تصنع بهم يا أمير المؤمنين؟ قال: استتيبهم فان تابوا والا قتلتهم)(10).
والعجلي الذي تنصر انه استتابه
والمرتدون الذين حاربوه مع ان الامام(ع) عفى عنهم بعد الحرب بل استعمل بعضهم ولم يقتل عائشة وهي التي قادت الجيوش لحرب ولي الله ولا أصحاب معاوية بعد القدرة عليهم.
وفتنة الزنادقة من زمان أمير المؤمنين(ع) الى ما بعده وبعض الأئمة(ع) تمكنوا منهم ومنهم الامام الرضا(ع) وقد جادلوا الامام الصادق(ع) والإمام الرضا ولم يأمر بقتلهم ومنهم ابن الكوا وابن ابي العوجاء.
والفضيل قال: (ان رجلين من المسلمين كانا بالكوفة فأتى رجل أمير المؤمنين(ع) فشهد انه رأهما يصليان للصنم فقال ويحك لعله بعض من يشتبه عليه امره فارسل رجلاً فنظر اليهما وهما يصليان لصنم فاتى بهما فقال لهما ارجعا فأبيا فخدَّ لهما في الارض خدّاً وأجَّح ناراً وطرحهما فيها)(11)
[حكم -89] بالنسبة للمرأة المرتدة انها لا تقتل
كما في صحيح حماد عن ابي عبد الله(ع): (في المرتدة عن الاسلام لا تقتل وتستخدم خدمة شديدة وتمنع الطعام والشراب الا ما تمسك نفسها وتلبس اخشن الثياب وتضرب على الصلاة)(12)
ابن محبوب عن الباقر والصادق (ع)(في المرتد يستتاب فان تاب والا قتل والمرأة اذا ارتدت استتبت فان تابت ورجعت والا خلدت السجن وضيق عليها في حبسها)(13).
[حكم -90] اذا رجع المرتد الى الاسلام وقبلت توبته ردت إليه أمواله وأما زوجته فان كان رجوعه قبل خروجها من عدة الطلاق رجعت اليه والا خطبها وعقدها من جديد.
نعم لو قلنا ببيونونتها بالكفر بالنسبة للمرتد الفطري فالزوجة لا بد ان يعقدها.
من جديد وهو الأحوط وأما الاموال فان الاظهر رجوعها إليه
وعليه نفقة زوجته اذا قطعها عنها في حال ردته.
[حكم -91] بالنسبة لوصاياه ان مات على الكفر: اما وصاياه في حقوق الناس فيما على الآخرين وفي ما للآخرين عليه فانها نافذة ويجب العمل بها لان الحقوق لا يفرق بها بين الكافر والمسلم.
وأما الوصية بالصوم والصلاة وما شابه فلا تصح للكافر اذا ايقنا بموته كافراً واما اذا اسلم فانها تصح حتى لو لم تقبل توبته وحكم عليه بالقتل مطلقاً.
[حكم -92] قلنا في باب الطهارة بان الاولاد لا يتبعون الوالدين باعتبار كفرهم او ايمانهم بل كل مولود يولد على الفطرة وانما نعتبر دينه حين يميز ويرشد فان حكى الاسلام فهو مسلم وان اعتقد الكفر فهو كافر نعم اذا كان احد ابويه او كلاهما مسلم فلا يترك الولد ان وصف الكفر فعن ابي عبد الله(ع) في الصبي اذا شبَّ فاختار النصرانية وأحد ابويه نصراني أو مسلمين قال( لا يترك ولكن يضرب على الاسلام)(14)
[حكم -93] اذا ارتد المسلم عن فطرة وتاب قبل انقضاء العدة فعليه احتياطاً ان يعيد العقد على زوجته المسلمة.
وان كان الكفر عن ملة فان عاد الى الاسلام رجع نكاح زوجته بدون اعادة العقد.
واذا ارتد المسلم عن فطرة أو عن ملة وكانت زوجته من أهل الكتاب فلا تحرم امرأته عليه سواء تاب أم بقي كافراً.
واذا كانت من الكافرين غير أهل الكتاب فما دام كان زوجها مسلماً فعقده عليها كان باطلاً ويعتبر مقاربته لها زنا بها.
ولما أرتد صح عقده عليها وان لم يعد العقد لقولنا بصحة النكاح بالنية ومعلوم انه كان يقاربها بقصد الزوجية فهذا كاف بالحكم.
[حكم -94] بعض العوائل الجاهلة يخطب ابنتهم شاب ولا يسألون عن دينهُ وعقيدته وانه يعبد الله أم لا، ويكتفون باسلام امه أو أبيه وحجاب أخواته.
وما أن يتزوج ابنتهم حتى يظهر انه كافر لا يعتقد بالله ولا بأي دين ولا يقيم العبادات ولا يعتقد بالحجاب فيعري زوجته ويدخل عليها الرجال فيضيع دينها وحجابها وشرفها.
وهذا التسرع حرام شرعاً وحينئذ ان كان في نفسه مؤمنا وانما يظهر الكفر بانتمائه للشيوعية والاحزاب الملحدة فهو فاسق يمكن ان نصحح عقده على المسلمة.

وأما ان كان في نفسه يلحد بالله والحزب الملحد نفسياً وليس ظاهراً فقط فعقده على المسلمة باطل ويعتبر بناؤه بها زنا مؤبداً.


(1)الوسائل ب1 ح3 المرتد.

(2)محمد 47/25-34.

(3)البقرة 2/217.

(4)الفرقان 25/68-71.

(5)القصص 28/62-67.

(6)ال عمران 3/85- 89.

(7)الوسائل ب9 ح24 حد المرتد.

(8)الوسائل ب1 ح4 حد المرتد.

(9)الوسائل ب6 ح4 و3 حد المرتد,

(10)الوسائل ب6 ح4 و3 حد المرتد,

(11)الوسائل ب1 ح4 حد المرتد.

(12)الوسائل ب4 ح1 حد المرتد.

(13)الوسائل ب4 ح1 حد المرتد.

(14)الوسائل ب2 ح2 حد المرتد.