فصل في اللواحق

حكم- اذا شهدا الشهود على زنا المرأة في قبلها فادعت انها بكراً فنظرتها النسوة ورأينها ذات بكارة فقد بطلت الشهادة وجلد الشهود وان احتمل انها قد خاطت البكارة فلا يعذب ولا يحقق معها ويدرأ عنها الحد ولا يجلد الشهود لاحتمال صدقهم من وجهين من وجه ان الزاني قد دخل فيها, ولكنه لم يفتق البكارة يعني دخول غير تام فلا تعتبر زانية وانما عليها التعزير اذا ثبت مثل هذا الفعل.
والوجه الثاني: يحتمل انها زانية ولكنها قد خاطت البكارة فاذا جاء الاحتمال سقط الاستدلال وفي الشبهة يسقط الحد.
حكم- اذا كان احد الشهود زوج الفاعلة جازت شهادتهم وثبت الحد عليها وليس لها الشهادة لرفع الحد عنها واذا شهدت بتكذيبهم فلا تصدق, وانما لو شهد الزوج ولاعنها كان لها اجابة اللعان حيث تحرم عليه مؤبداً, ومع الشهود مع الزوج لاتحرم عليه ما دامت لم تقتل.
حكم- اذا تراجع بعض الشهود او لم يكونوا ثلاثة باضافة الزوج جلد الشهود واما الزوج فيمكن ان يخلص نفسه من الجلد بان يلاعنها فان لاعنته هي أيضاً فيرفع عنها الرجم فالرواية عن الصادق (ع) : قال بن نعيم سألته عن اربعة شهدوا على امرأة بالزنا احدهم زوجها؟ قال تجوز شهادتهم(1) وهذا الحديث معتمد للمشهور وسنده قوي كما يقول صاحب الجواهر(2) ورواية زرارة عن احدهما (ع) في اربعة شهدوا على امرأة بالزنا احدهم زوجها؟ قال يلاعن ويجلد الاخرون(3), قال في الجواهر انه ضعيف جداً وعليه فاما ان نطرحه ولا نعمل به او نشكل بالعدد بانه لم يكونوا اربعة شهود فالحل الذي ذكره الحديث لما لم تستوفى الشروط شهوده.
حكم- ذكرنا في اول كتاب القضاء حول عمل القاضي بعلمه والقول فيه مختلف فأما الامام المعصوم (ع) فهو يعرف حكمه وقد ذكرنا في كتاب القضاء بعض قضاياه العظيمة, واما نحن في حال الغيبة فليس بايدي العلماء الاحكام لا في حق الناس ولا في حق الله تعالى, نعم على العلماء العادلين ان يتوسطوا ولو للسلطان الظالم لرد بعض المظالم وتعزير الفاسقين وتأديبهم ورد الاموال من السارقين ومساعدة ذوي المقتولين ظلماً ان يقتصوا وقتل المجرمين المفسدين في الارض الذين يقتلون الناس جماعات وافراداً ليؤمن الناس على ارواحهم واموالهم واعراضهم.
حكم- بغض النظر عن احوالنا من عدم الحول ولا القوة للمتشرعين على فعل شيء الا بالتوسط الى السلاطين نتكلم بمقتضى القاعدة فعن الحسين بن خالد عن ابي عبد الله (ع) قال سمعته يقول الواجب على الامام اذا نظر الى رجل يزني او يشرب الخمر ان يقيم عليه الحد ولا يحتاج الى بينة مع نظره لانه أمين الله في خلقه واذا نظر الى رجل يسرق ان يزبره وينهاه ويمضي ويدعه قلت وكيف ذلك؟ قال لان الحق اذا كان لله فالواجب على الامام اقامته واذا كان للناس فهو للناس(4).
هذه الرواية مخصوصة بامام الاصل وليس على الفقيه ان يحد الناس في حق الله واما حق الناس فانه يخبر المسروق او اولياء المقتول وما شابه بانه ثابت لديه السرقة وعرف السارق والقاتل والمعتدي فان شاء المسروق او اولياء القتيل او المعتدى عليه الاخذ بحقه اعانه على اخذ حقه ولا يقيم عليه الحد الا بالشهادة او الاقرار.
حكم- يمكن التفريق في حقوق الناس بين من قتل واحداً او اكثر من باب التعدي الشخصي عن عداوة او لا عداوة, فالفقيه لا يأخذ بالقصاص الا ان يحضر اولياء القتيل ويطالبوا بالقصاص فيقيم الحاكم الشرعي القصاص وكذا السرقة وسائر التعديات الفردية, وبين المفسدين في الارض حيث الفوا عدواناً في طريق الناس مسلحاً يقتلون ويسلبون ويهتكون الاعراض, فهؤلاء لا ينتظر بهم اختيار المضرورين وانما يحدهم الحاكم الشرعي حد المفسدين كما في القرآن وحدهم من باب ولاية الفقيه ومن باب الحسبة الشرعية وليس من باب القصاص لحق افراد الناس, فحديث الصحيح اذ قال الامام (ع) : (واما حقوق المسلمين فاذا اقر على نفسه عند الامام بفرية لم يحده حتى يحضره صاحب الفرية او وليه واذا اقر بقتل رجل لم يقتله حتى يحضر اولياء المقتول فيطالبوه بدم صاحبهم)(5).

حكم- لو شهد اربعة شهود بانهم رأوا الزاني والزانية عاريين وقد ادخل ذكره في فرجها ثلاثة منهم قالوا في المهبل والرابع قال لم يستيقن انه في المهبل ولعله كان يدخل من حوض الفرج بين الشفرتين فالظاهر ان الزانيين يعزران ولا يحدان والشهود لا يجلدون لانهم متصادقون, ولو شهد بعضهم ان فلان زنا بفلانه والرابع اثبت الزنا ولكنه لم يعرف الزاني لو لم يعرف المزني بها فلا يحد الشهود ولا الزانيين, فعن صحيح عمار قال: سألت ابا عبد الله (ع) عن رجل شهد عليه ثلاثة رجال انه قد زنى بفلانة ويشهد الرابع انه لا يدري بمن زنى؟ قال: (لا يحد ولا يرجم)(6).


(1) الوسائل ب12 ح1 و2 اللعان.

(2) عن الفقه للسيد الشيرازي(قده) 87/260.

(3) الوسائل ب12 ح1 و2 اللعان.

(4) الوسائل ب32 ح3 و2و1 مقدمات الحدود.

(5) الوسائل ب32 ح3 و2و1 مقدمات الحدود.

(6) الوسائل ب12 ح6 حد الزنا.