فصل كيفية ايقاع الحد

حكم- لو اجتمعت حدود على شخص ابتدئ بما لايفوت معه الآخر فلو كان عليه جلد وقتل جلد اولا ثم قتل, واذا كان عليه نوعان من القتل كما اذا قتل وزنا وهو محصن اختير القتل الاشد كالرجم, واذا زنى وهو محصن ولاط اختير الحرق بالنار مثلاً, ولا ينتظر البرء من الحد الاول لقول علي (ع) ليس في الحدود نظر ساعة(1).
حكم- اذا هرب الذي يقام عليه الحد فان ثبت عليه الحد بسبب الشهادة رد الى اكمال الحد لو قدر عليه وان ثبت الحد بسبب اعترافه فلا يرد ويترك سالماً, واذا ثبت زناه بالاقرار اول ما يبدأ رجمه الامام (ع) واذا ثبت بالبينة فاول ما يرجمه الشهود الذين شهدوا والمشهور انه على نحو الوجوب.
حكم- يتقي في الضرب الوجه والمذاكير والبطن والخاصرة, اما الوجه والفرج ففي الخبر عن ابي جعفر (ع) قال يقرب الحد على الجسد كله ويتقي الفرج والوجه ويضرب بين الضربين(2) واما اتقاء البطن والخاصرة لصحيح بن مسلم عنه (ع) قال: الذي يجب عليه الرجم يرجم من ورائه لا يرجم من وجهه لان الرجم والضرب لايصيبان الوجه)(3).
حكم- يجلد الرجل قائما والمرأة جالسة والزاني يجلد عارياً ومعلوم ان يكون مستور العورة لحرمة النظر الى العورات, وكذا المرأة اذا جلدنها النساء والا فيجب سترها سواء بالجلد او الرجم ولا مانع بانكشاف بعض الرأس واليد في حال الضرب او الرجم, ولا يكون يكشف صدرها او بطنها او عورتها او فخذها او ما يقرب ذلك, وهذا التفصيل يعرف من روايات الحجاب مع ان ضرب على الزنا باشد الضرب واما غير ذلك فعن سماعة عن الصادق (ع) : حد الزاني كاشد ما يكون من الحدود)(4) وعن ابي الحسن الرضا (ع) وعلة الزاني على جسده باشد الضرب لمباشرته الزنا واستلذاذ الجسد كله به فجعله الضرب عقوبة له وعبرة لغيره وهو اعظم الجنايات(5) وبالنسبة للتعري من دون العورة في خبر طلحة: عن الباقر (ع) قال: يضرب الزاني على الحال التي وجد عليها ان وجد عريانا وان وجد عليه ثيابه ضرب وعليه ثيابه(6) هذا مع مراعاة ما قلناه ونقول بان لايحصل النظر للعورة من النساء والرجال.
حكم- كل من قتل بالحد فلا دية له الا اذا زاد في مقدار الحد فان تعمد المباشر للحد اقتص منه وان اخطأ ففي الضرب يقتص وفي القتل او القطع يعطى الدية كما في حديث الحسن الثوري عن ابي جعفر (ع) قال: ان امير المؤمنين (ع) امر قنبراً ان يضرب رجلاً حداً فغلط قنبر فزاده ثلاثة اسواط فاقاده علي (ع) من قنبر بثلاثة اسواط(7) وعن ابي جعفر (ع) في قول الله: [تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ229](8)) فقال: ان الله غضب على الزاني فجعل له جلد ماءة فمن غضب عليه فزاده فانا الى الله منه بريئ(9) وفي الفوالي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال يؤتى بوال نقص من الحد سوطاً فيقول يوم القيامة رب رحمة لعبادك فيقال له انت ارحم بهم مني؟ فيؤمر به الى النار ويؤتى بمن زاد سوطاً فيقول لينتهوا عن معاصيك فيؤمر به الى النار(10).
حكم- كل من ثبت عليه حد اذا كان لحق الناس كالقصاص وجب عليه الصبر ولا يجوز ان يهرب واذا كان لحق الله تعالى كحدود الزنا واللواط وما شابه, قيل وجب عليه الصبر ويحرم له الهروب او تهريب احدله وعدم الوجوب اقرب في نظري لتصريح بعض الروايات للمقرين انك ان لم تات فلا نرسل عليك, وقد جاءت رواية ابي العباس عن الصادق (ع) في من اقر على نفسه عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اربع مرات فامر به رسول الله ان يرجم فحفروا له حفيرة فلما ان وجد من الحجارة خرج يشتد فلقيه الزبير فرماه بساق بعير فعقله به فادركه الناس فقتلوه فاخبروا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : هلا تركتموه ثم قال: لو استتر ثم تاب كان خيراً له(11).
حكم- وروري ان اصابه حجر واحد كفى عن ابي بصير عن ابي عبد الله (ع) قال: قلت له المرجوم يفر من الحفيرة فيطلب؟ قال لا ولا يعرض له ان كان اصابه حجر واحد لم يطلب فان هرب قبل ان يصيبه الحجارة رد حتى يصيبه الم العذاب(12), وانا لم اجد اصرح من هذا الحديث في جواز الهروب او التهريب اذا كان اصابه بعض العذاب نعم قد قلنا وجوب رده ان ثبت الجرم بواسطة الشهادة.
حكم- لا يجوز لمن وجب عليه الحد دون القتل امن يهرب ولا يهرّب ففي حديث عيسى بن عبد الله قال: قلت لابي عبد الله (ع) الزاني يجلد فيهرب بعد ان اصابه بعض الحد ايجب ان يخلى عنه ولا يرد كما يجب للمحصن اذا رجم؟ قال لا ولكن يرد حتى يضرب الحد كاملاً قلت فما فرق بينه وبين المحصن وهو حد من حدود الله؟ قال المحصن هرب من القتل ولم يهرب الا الى التوبة لانه عاين الموت بعينه وهذا انما يجلد فلا بد من ان يوفى الحد لانه لا يقتل(13).
حكم- ما ذكرنا من عدم الهروب من حد الزنا فهل كذلك تحريم الهروب من كل حد ليس فيه القتل؟ اشكال اقربه ذلك, الا القطع للسرقة فتحتمل جواز الهروب قبل تمام القطع خوفاً التعيير الى آخر عمره لبقاء العلامة, ولكن لا سند لنا حالياً بالجواز مع ظهور تعميم علة العدم.
حكم- قلنا في ثبوت الزنا اما اربع شهداء بشهادة صريحة واما اربع اقرارات, والاشكال اذا حصل شاهد وثلاث اقرارات او شاهدان واقراران او ثلاث شهود واقرار فهل يثبت الزنا ويجب الحد ولا يحد الشهود بسبب النقصان ولأنهم تكاملوا بالاقرار, اشكال وحكم الشبهة درء الحد فلا يحد المقر ما لم يتم الاقرار ولا يحد الشهود لحصول الاقرار ولكن ليس يترك بالمرة فاذا شهد عليه شخص بالزنا فصدقه فالشاهد يترك والمقر يجلد بمقدار حكم الحاكم حتى يؤدب.
حكم- في الآية الكريمة [الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ2](14), وعن الجعفريات في الآية قال (الطائفة من واحد الى عشرة)(15), وعن ابي بصير عن ابي عبد الله المؤمن الواحد يجزي اذا شهد(16), وقد روينا آنفاً عن الحد الذي اقامه قنبر فاخطأ فيه(17), نعم انه يستحب الزيادة لما روي عن امير المؤمنين (ع) في اقامة الحد على المرأة التي اقرت عنده, امر قنبر بالنداء فيهم بالصلاة جامعة ثم صعد هو المنبر وقال: (يا ايها الناس ان امامكم خارج بهذه المرأة الى هذا الظهر ليقيم عليها الحد لله لعزم امير المؤمنين لما خرجتم بكرة وانتم متنكرون ومعكم احجاركم)(18).

حكم- ثبت الرجم بالاحجار فهل يصح بالرجم بالصخرة الكبيرة تلقى عليه مرة واحدة احتمال لعدم الدليل على العدم والظاهر صحة الرمي بالرصاص من الرشاش او المسدس لانه رمي ايضاً ولم يخص الرمي بالاحجار ولم يخصص بالرمي باليد بدون واسطة آلة, وهذ اذا طلب تبنيجه وتخديره قبل الحد يستجاب بحيث لا يعذب ولا يحس بالقتل احتمال نعم لعدم دليل على المنع يمكن هذا بالقتل واما بالجلد والتعزير فلا لغرض تعذيبه واذا تخدر لا يحس بالالم نعم بالقطع في السرقة لم يذكر التعذيب فلا يبعد صحة التخدير ايضاً والمسألة مشكلة ندعها لامام زماننا ان شاء الله تعالى.


(1) الوسائل ب25 ح1 مقدمات الحدود.

(2) الوسائل ب11 ح3-8 حد الزنا.

(3) الوسائل ب14 ح6 حد الزنا.

(4) الوسائل ب11 ح3-8 حد الزنا.

(5) الوسائل ب11 ح3-8 حد الزنا.

(6) الوسائل ب11 ح3-8 حد الزنا.

(7) الوسائل ب3 ح3 و8 مقدمات الحدود.

(8) سورة البقرة 229.

(9) الوسائل ب3 ح3 و8 مقدمات الحدود.

(10) المستدرك ب32 ح7 مقدمات الحدود.

(11) الوسائل ب15 ح3 حد الزنا.

(12) الوسائل ب15 ح3 حد الزنا.

(13) الوسائل ب35 حد الزنا.

(14) سورة النور 24/2.

(15) المستدرك ب9 ح2 حد الزنا.

(16) مجمع البيان 5/9.

(17) الوسائل ب3 ح8 مقدمات الحدود.

(18) الوسائل ب30 ح1 مقدمات الحدود.