الحلف

حكم- الحلف بغير الله تعالى عند الشيعة وعند العقلاء جائز ويحصل به تأكيد المتكلم ماشاء ان يؤكد به سواء كان وعداً مستقبلاً او خبراً عن شيء ماضي وقد نزل القران الكريم بذلك في ايات كثيرة فانه اقسم بالشمس والقمر والنجوم والشجر والنفس وعمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) [لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ72](1) وبمختلف اعمال الملائكة [وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا1 فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا2](2).
حكم- لا يصح الحلف بغير الله في اثبات الحقوق عند القاضي الا اذا رضي به المنكر وصدّق المدعي, والحلف بغير الله لوحنث فلا كفارة له في مورد النذر والقسم العبادي وفي مورد القضاء يلزم ان يكون بالله او باحد اسمائه الخاصة به مثل رب السماوات والارض او الخالق العظيم وما شابه.
حكم- اسم الله قيل انه اسم جامد مخصوص بالذات المقدسة وقيل مشتق من الوله اي العشق وهو اشد العشق اوهو التحير فان الله تعالى قد تحيرت بكنهه العقول ولذا قال امير المؤمنين (ع) في اول خطب نهج البلاغة الحمد الله الذي لايبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعماءه العادون والايؤدي حقه المجتهدون الذي لا يدركه بُعد الهمم ولايناله غوص الفطن الذي ليس لصفته حد محدود ولا نعت موجود ولا وقت معدود ولا اجل ممدود)(3), وكيف كان فان واو الوله انقلبت همزة صارت الأله مصدر أله بكسر اللام يأله وهو المعشوق لخلقه والمحير لهم فزيدت الفا لصيغة الفاعل صارت الله بتغير خطها فاصل الخط هكذا آلاّه فاتصلت الهمزة هكذا الله.
حكم- المناط بالتحليف هو التوثق من القائل سواء كان مدعيا او منكراً او شاهداً فان كان لايعتقد حرمة اسم الله فانه يحلف كاذبا فلاثقة بحلفه وسبب عدم الاعتقاد اما من جهة انه كافر او انه معيدي غارق بالجهل والعمى فانه يحلف بكل شيء ولايخاف واذا حلفته بنفسه او بالنعمة التي يأكله او باولاده او بعرضه وشرفه الذي يقتل نساءه عليه يخاف من الموت له او لاولاده او بهتك شرفه وعرضه فلا بد من الاحتياط لغير المعتقد بتحليفه بما يخاف عليه ويعتقدبه ومثل المجوس (يعتقد بخالق النور والظلمة) وقد ورد ان عليا (ع) استحلف يهوديا بالتورات التي انزلت على موسى (ع) (4), وعن ابي جعفر (ع) ان عليا (ع) كان يستحلف اليهود والتصارى بكتابهم ويستحلف المجوس ببيوت نيرانهم).
حكم- لابد من الحلف بالله مع الحلف بما يعتقد الحالف لعدم الاعتبار عند المسلمين المتدينيين بغير اسم الله تعالى نعم يستحب للمؤمنين ان يخسر الحاجة ولا يتعرض للحلف بالله تعالى احتراماً وجلالاً له, فقد ورد عن الخزاز قال سمعت ابا عبد الله (ع) يقول: لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين فانه عز وجل يقول : [وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ...](5), فلا تحلفوا بالله تعالى الا في مورد [أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ224](6).
حكم- مقدار المال الذي يستحب ان تبذله ولا تحلف 30 درهما كما في الرواية عن ابي عبد الله (ع) قال ان ادعى عليك مال ولم يكن عليك فاراد ان يحلفك فان بلغ مقدار ثلاثين درهما فاعطه ولا تحلف وان كانت اكثر من ذلك فاحلف ولا تعطه)(7), ولكن الامام زين العابدين (ع) ترك الحلف وخسر 400 دينار فعن ابي بصير عن ابي جعفر (ع) ان أباه كانت عنده امرأة من الخوارج اظنه قال من بني حنيفة فقال له مولى له يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ان عندك امرأة تبرأ من جدك فقضى لابي انه طلقها فادعت عليه صداقها فجاءت به الى امير المدينة تستعديه فقال له امير المدينة ياعلي اما ان تحلف واما تعطيها فقال لي يابني قم فاعطها اربعماءة دينار فقلت له يا أبه الست محقاً؟ قال بلى يابني ولكن اجللت الله ان احلف به يمين صبر(8), وللعلم ان الدرهم = 415/2 غرام فضة(ع) 30=45/72 غرام فضة تساوي اليوم3/4 دولار للغرام الواحد = 4/54 دولار تقريباً والدينار الشرعي = 45/3 غرام ذهب(ع) 400= 1380 غرام ذهب والاغرام الذهب = 10 دولار تقريباً = 13800 دولار قد خسر الامام (ع) ولم يحلف بالله تعالى وهو محق وصادق.
حكم- لا بأس بتغليظ الحلف بذكر الاسماء الحسنى لله تعالى حتى يخاف الحالف من الكذب او المبالغة او التقصير عن الحق ولا يجب للحالف التغليظ بالحلف مثل قوله القاهر والمنتقم والغالب ولايجب عليه الاستجابة بيوم مقدس كيوم عيد او جمعة او شهر مقدس كرمضان وذي الحجة ولايجب عليه في مكان مقدس كحضرات الائمة (ع) او المسجد وما شابه.
حكم- اذا لم يحضر مجلس القضاء ووكل للحضور وكيلاً لزم واحتاجت الدعوى للقسم جاز ان يقسم وينقل من يسمع منه صيغة القسم او يرسله بالانترنيت او بالتلفون او بالمسجل لاشكال بعضهم في حلف الوكيل.
حكم- افتى في المهذب بانه (يستحب على الحاكم التغليظ في مادون نصاب القطع احتياطا في اموال الناس بل في جميع الحقوق ايضا كما مر)(9), وجاء بالحديث على ذلك (عن احدهما (ع) : لايحلف احد عند قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على أقل مما يجب فيه القطع)(10), يعني لايحلف والفتوى انه يستحب ان يحلف وبغلظ ولعل السيد P الادان يقول يكره ان يغلظ في الحلف على اقل من ربع دينار الذي يجب فيه قطع السارق وما اذا اراد ان يقول انه يستحب التغليظ في الحلف على اكثر من ربع دينار احتياطاً لاموال الناس فلا دليل له لانه مقابل نص الحديث.
حكم- الحلف لابد ان يكون على اليقين والا فهو قد يكون كذباً فقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد سئل عن الشهادة قال هل ترى الشمس؟ على مثلها فاشهد او دع(11), هذا مع عدم الحلف فكيف مع الحلف فهو أشد وهذا في القسم عن نفسه او بالدفاع عن حق غيره.
حكم- لايمين في الشهادة على الحدود او في الدفع عن نفسه لان مجرد الانكار انه يسقط عنه مالم يكن شهادة تامة عليه وفي الحديث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ادرؤا الحدود بالشبهات ولا شفاعة ولا كفالة ولا يمين في حد(12), وعن اسحاق بن عمار عن الصادق عن ابيه (ع) ان رجلاً جاء علي (ع) برجل فقال انه افترى علي (ع) فقال (ع) للرجل افعلت ما فعلت؟ قال لاثم ان رجلا استعدى عليا على رجل فقال للمستعدي الك بينة فقال مالي بينة فاحلفه لي فقال علي (ع) ما عليه يمين(13).
حكم- ما يحلف عليه يلزم ان يكون صريحاً واضح المعنى واذا كان خادعاً وجب ان يحضر من يفهم دقائق الكلام حتى لايحلف على معن بالثورية يعني يقصد غير مايظهر من الالفاظ فان علم انه ورىّ بالكلام فلا اعتبار لحلف حتى نستيقن انه ماذا قصد
حكم- يلزم على القاضي ان يعظ الشاهد قبل ان يشهد والحالف قبل ان يحلف والمدعي قبل ان يطرح الدعوى ويحذرهم من الكذب واكل الحرام ومما ورد من المواعظ المؤثرة ماورد عن عدي قال اختصم امرؤ القيس ورجل من حضر موت الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ارض فقال الك بينة؟ قال لا قال فيمينه قال اذن والله يذهب بارضي قال ان ذهب بارضك بيمينه كان ممن لاينظر الله يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم قال ففزع الرجل وردها إليه(14).
حكم- لو حلف او نذر ان لا يحلف ابداً فما دام الحلف مرجوحا وتركه راجح فالنذر والحلف على تركه صحيح واما اذا صار في ضرف من الضروف الحلف واجباً او لاجحاً سقط النذر والحلف على ترك الحلف.
حكم- اذا ادعى على أخرس يجب ان يفهمه من يستطيع ان يفهمه ثم يفهم منه الرد واذا احتاج الى الحلف احضر عنده القران وطلب منه ان يتوضأ ويضع يده على القران واذا صعب ذلك فعل الاقل ان يؤشر على القران وعلى السماء ويحرك لسانه بما يعرف انه حلف وقد شدد امير المؤمنين (ع) لان الظاهر ان الاخرس كان غاصباً او مديونا معانداً كما في الرواية صحيح محمد بن مسلم اتي باخرس فادعى عليه دين ولم يكن للمدعي بينة فقال للاخرس ما هذا: فرفع رأسه الى السماء واشار انه كتاب الله عز وجل ثم قال إئتوني بوليه فاني باخ له فاقعده الى جنبيه ثم قال ياقنبر على بدواة وصحيفة فاتاه بهما ثم قال لأخ الاخرس قل لاخيك هذا بينك وبينه انه علي فتقدم إليه بذلك ثم كتب امير المؤمنين (ع) والله الذي لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة الرحمان الرحيم الطالب الغالب الضار النافع المهلك المدرك الذي يعلم السر والعلانية ان فلان بن فلان المدعي ليس له قبل فلان بن فلان اعن الاخرس حق ولا طلبة بوجه من الوجوه ولا بسبب من الاسباب ثم غسله وامر الاخرس ان يشربه فامتنع فالزمه الدين(15), الظاهر ان الامام (ع) قد اخافهُ بطول الكتابة مع انه اخاه قد افهمه مجمل معناه فاذا كان معانداً خاف ولم يتورط بالكذب.


(1) سورة الحجر 15/72.

(2) سورة المرسلات 77/ 1 – 6.

(3) الخطبة الاولى لعلي بن ابي طالب (ع)

(4) الوسائل ب32 ح2 و3 ايمان.

(5) سورة البقرة 224.

(6) سورة البقرة 224.

(7) الوسائل ب3 ح1 الايمان.

(8) الوسائل ب2 الايمان.

(9) مهذب الاحكام 27/116 مسألة 9 ما يعتبر في الحلف.

(10) الوسائل ب29 ح1 كيفية الحكم.

(11) الوسائل ب20 كيفية الحكم.

(12) الوسائل ب24 ح4 مقدمات الحدود.

(13) الوسائل ب3 ح7 كيفية الحكم.

(14) الوسائل ب3 ح7 كيفية الحكم.

(15) الوسائل ب33 كيفية الحكم.