مقدمات الحدود

حكم- لابد من تقديم مقدمات لتوضيح ما حول الحدود ثم نعين كل حدو احكامه:


اولا- الحد: هو المنع المقدر وسمى الحديد حديداً لمناعته وصلابته وان به يمنع الظالم او المحق من اراد ان يشز عن الحكم المتبع ولذا قد قال الله تعالى [وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ25](1) وفي الهندسة يقال السطح حد للجسم والخط حد للسطح والركن حد للخط والنقطة حد الركن ويقصد به النهاية للشيئ.
حكم- الحد الشرعي يقال حداً للحدود المعينة كما فصلنا ويقال ايضا للتعزيزات وهي حدود غير معينة في اصل الشرع, واصل العقاب ضرورة انسانية فطرية لارجاع كل شاذ الى اصالته وما فطر عليه بعضه يصدر ظلما وبعضه حقاً من المتسلط أو بفعل الابوة والامومة او من الاستاذ للتلميذ او الرئيس للمرؤس او المخدوم للخادم او الزوج للزوجة او الكبير للصغير او القوي للضعيف, وبعض هؤلاء يصدر على المتسلط عليه لاثبات الشخصية عليه وامام انظار الاخرين وليس باستحقاق العقاب وهذا من اشد الظلم, ولذا ورد عن الامام الصادق (ع) : من بلغ حداً في غير حد فهو من المعتدين)(2).


ثانيا حكمه
حكم- اقامة الحدود الشرعية واجب على ائمة المسلمين ولكن بدون الامام الاصل نعتقد بحرمة اقامته اذا كانت بحد لله تعالى ووجوب اقامتها ابحد لحقوق الناس, نعم لابد من بدل الحدود من التعزيزات للتأديب ولا لاكل الناس بعضهم بعضاً, مثلا السارق يرجع منه المال ويحبس او يعزر بنظر الحاكم, والزاني يفرق بينهما ويعزران, والمفسد بالارض بالقتل يقتل باشد حال وغير القاتل يحبس ويعذب بالضرب الشديد ووجوبها في اصل الشرع ثابت وحرمة تركها قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ساعة امام عادل افضل من عبادت سبعين سنه وحد يقام لله في الارض افضل من مطر اربعين صباحا(3) وعن امير المؤمنين (ع) : (ان امرأة اتت امير المؤمنين (ع) فاقرت عنده بالزنا اربع مرات, قال فرفع رأسه الى السماء وقال: (اللهم انه قد ثبت عليها اربع شهادات وانك قد قلت لنبيك (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما اخبرته من دينك يا محمد من عطل حداً من حدودي فقد عاندني وطلب بذلك مضادتي)(4).


ثالثاً: لا عقاب بعد الحد
حكم- لا يجوز تعيير المحدود بالذنب الذي حد عليه ولا اذاه ولا عقابه في الدنيا وفي الآخرة, ففي الحديث صحيح حمدان قال سألت ابا عبد الله (ع) : عن رجل اقيم عليه الحد في الدنيا ايعاقب في الآخرة؟ فقال (الله اكرم من ذلك)(5), وسيأتي من عير محدوداً فانه يضرب حد القذف.


رابعاً: الحد عقاب معين
حكم- في اصل الشرع لكل ذنب من الذنوب التي ذكرناها حد معين فلا يجوز ان تخفف وتبدل ولا ان تزيد ومن تعدى اقتضى منه اذا كان متعمداً, والمشهور افتوا بعدم اقامة الحدود في عصر الغيبة وانما تخفف لئلا يترك العصاة يعبثون في الارض ويشيع الفساد اكثر, ففي الحديث عن ابي عبد الله (ع) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (ان الله عز وجل جعل لكل شيء حداً وجعل على من تعدى حداً من حدود الله عز وجل حداً)(6).


خامساً: اختلاف الذنوب
حكم- الذنوب على ثلاثة اقسام: جرائم كبيرة ومنها التي ذكرناها ان لها حدود في الاسلام 12 حداً واكبرها ما يوجب القتل سواء بطرق معينة او بمطلق القتل, ومن الكبائر ما له تعزيرات كعق الوالدين وقطيعة الرحم واذى الجيران ومقدمات الزنا خصوصاً بالجبر او بذات محرم من التقبيل والضم والتعري والتعرية ومقدمات اللواط.
ومن الذنوب متوسطة وهي التي لم يثبت ولا تعزيراً شديداً وذلك مثل العادة السرية (الاستمناء) لصغار الشباب فانه يضرب على يده ثم يزوج من بيت المال كما عمل امير المؤمنين (ع) في الشاب, ومن الذنوب صغائر ويعبر عنها باللمم, وهي التي لا حد عليها ولا تعزير وانما يردع صاحبها ويمنع مثل الاكل ماشياً والبول واقفاً والصلاة متكاسلاً.


سادساً: تدرء الحدود بالشبهات
حكم- الشبهات اما موضوعية مثل: هذا الاناء نجس او طاهر وهذا خمر او حليب وهذه زوجتي او غيرها وهذا مسلم او كافر, واما حكمية: مثل هذا حرام او حلال والحرير يجوز لبسه للرجال او لا يجوز, والذهب لهم يبطل الاحرام ام لا والذهب والزينة للنساء تبطل الاحرام ام لا.
واما مفهومية: مثل ما معنى الجنون وهل يشمل الصرع ام لا وما معنى الاسكار وهل الاغماء منه ام لا, وكل من الشبهات قد تزول بالتأمل والمراجعة وقد لا تزول.

حكم- من الشبهة الحكمية من خطب امرأة فرضيت ورضي أهلها فاخذ يختلي بها ويقبلها ويضمها بل يعري بعض بدنها فلما قيل له فقال انها خطيبتي, ومنها من سمعت بثواب التمتع المنقطع فاتصلت برجل يتمتع بها وهي مزوجة ولم تعلم ان التمتع مخصوص لغير ذات الزوج, ومن الشبهة الوضعية من شرب الخمر وهو يظن انه لبن ومن شرب النفط باحتمال انه ماء.


(1) سورة الحديد 57/5.

(2) الوسائل ب3 ح6و2 مقدمات الحدود.

(3) الوسائل ب1 ح5 و6و7 مقدمات الحدود.

(4) الوسائل ب1 ح5 و6 و7 مقدمات الحدود.

(5) الوسائل ب1 ح5 و6 و7 مقدمات الحدود.

(6) الوسائل ب2 ح2 مقدمات الحدود.