الثاني الانكار وهو مورد الشهود والقسم

حكم- اذا انكر المدعى عليه فلا يثبت الا أن يأتي المدعي بشهود عدول فان لم يكن له بينة فيعلمه القاضي ان له ان يحلّف المنكر وان حلف المنكر سقطت الدعوى وان نكل عن الحلف فله ان يرد الحلف على المدعي فان حلف المدعي ثبتت الدعوى ولو حلف المنكر قبل ان يطلب منه الحلف فلا اعتبار بحلفه ولا للحاكم طلب الاحلاف مالم يطلب المدعي.
حكم- اذا لم يكن للمدعي بينة واستحلف المنكر فحلف) فالمشهور شهرة عظيمة ونقل عليه الاجماع انه سقطت الدعوى ظاهراً وواقعاً فلا يجوز ان يأخذ حقه بعد ذلك ان تمكن منه واستدلوا بصحيح ابن خالد قال سألت ابا عبد الله (ع) عن رجل وقع لي عنده مال فكابرني عليه وحلف ثم وقع له عندي مال اخذه لمكان مالي الذي اخذه واحلف عليه كما صنع؟ قال ان خانك فلا تخنه ولا تدخل فيما عتبته عليه)(1) وخبر عبد الله ابن وضاح... الى ان قال فكتبت الى ابي الحسن (ع) فاخبرته اني قد أحلفته فحلف وقد وقع له عندي مال فان أمرتني ان اخذه منه الالف درهم التي حلف عليه فعلت؟ فكتب لا تأخذ منه شيئاً ان كان ظلمك فلا تظلمه ولولا انك رضيت بيمينه فحلفته لامرتك ان تأخذ من تحت يدك ولكنك رضيت بيمينه وقد ذهبت اليمين بما فيها فلم أخذ منه شيئا وانتهيت الى كتاب ابي الحسن)(2), ومنه ان الرجل بعد ما قبل بالحلف لم يأت ببينة ولا بامر قطعي كاقرار المنكر وما شابه فلو سلب المنكر والحال هذه فلا يزيد الا زيادة العداوة ورجوع الفتن والدعاوى ولو قدمه الى القاضي لكان حقه التعزر واخراج المال منه الى المنكر ويحتاج الناس والقاضي انك رضيت منه بالحلف ولم يستطع ان يثبت عليه اكثر من ذلك حتى ترجع الى ما ادعيته باليقين.
وصحيح ابن ابي يعفور قال اذا رضي صاحب الحق بيمين المنكر لحقه فا ستحلفه فحلف ان لاحق له قبله ذهبت اليمين بحق المدعي فلا دعوى له قلت له وان كانت عليه بينة عادلة؟ قال نعم وان اقام بعدما استحلفه با لله خمسين قسامة ما كان له وكانت اليمين قد ابطلت كل ما ادعاه قبله مما قد استحلفه عليه)(3), وهذا ولكن قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : انما اقضى بينكم بالبينات والايمان وبعضكم الحن بحجته من بعض فابما رجل قطعت له من مال اخيه شيئا فانما قطعت له قطعة من النار)(4), فهو على كل حال ظالم وغاصب وان حلف فلا يسقط الملك من المالك فلوا استرجعه المالك فهو ماله ولكنه يحرم استرجاعه تكليفا إحتراما للقسم باسم الله تعالى, فلذلك لا ينفع الشهادة بعد ذلك في اسقاط هذا الاثم نعم لو اقر بعد الانكار جاز للمالك الاسترجاع كما في خبر مسمع قلت لابي عبد الله (ع) اني كنت استودعت رجلاً مالاً فجحدنيه وحلف لي عليه ثم جاء بعد ذلك بسنين بالمال الذي كنت استودعته اياه فقال مالك فخذه وهذه اربعة الاف درهم ربحتها في مالك فهي لك مع مالك واجعلني في حل فاخذت المال منه وابيت ان اخذ الربح واوقفت المال الذي كنت استودعته واتيتك حتى استطلع رأيك فما ترى؟ فقال (ع) خذ الربح واعطه النصف واحله ان هذا رجل تائب والله يحب التوابين)(5), بل حسنة الحضرني تجيز للمالمك اخذ ملكه مع بقاء جحود الجاحد قال رجل لي عليه دراهم فجحد في حلف عليه ايجوز لي ان وقع له قبلي دراهم ان آخذ منه بقدر حقي؟ فقال (ع) نعم, وقول علي (ع) فان الحق القديم لايبطله شيء).
حكم- لا تدخل العين في ملك الحالف ولا تخرج من ملك مالكها فلا يجوز للمستولي عليها التصرف بها ولا بيعها ولا أيجارها ولا هبتها ولا اي شيء من التصرف ويجوز للمالك استيهابها واستيجارها واشراؤها وغير ذلك ولو سرقها فلا يمنع من تملكها الا انه اثم لانه خالف الحلف.
حكم- انما التحريم ان يثبت على المالك الذي هو اختار التحليف فيحرم الرجوع لملكه بعد التحليف واما غير المالك فاذا رأى القاضي كذب الحالف جاز اجباره على التسليم للمالك وتحل للمالك بهذا, كما ان المالك اذا قبل حلف المنكر بسبب خوف او خجل او ضغط من القاضي او غيره فلا اعتبار بهذا الحلف وجاز المالك استمرار المطالبة كما لا اعتبار بحلف بغير الله تعالى.
حكم- اذا طلب من فرض عليه الحلف الامهال قبل ان يحلف وجب امهاله الا اذا اطال المهلة فلا يجب الصبر عليه اكثر من ذلك فيخير اما ان يحلف او يحكم عليه بالنكول.
حكم- اذا جحد المال آخذه ولم يكن للمعطي بينة على اعطائه ديناً او ثمن شراء عين او اجرة لايجار عين, وحلف الاخذ الجاحد المنكر على عدم الاخذ وعدم الدين بينهما قلنا بان الحلف قطع الخصومة ولكن الجاحد قد تاب بعد اشتغل بهذا المال وربح فجاء بعد سنة مثلاً بالمال وربحه وقد روينا عن ابي عبد الله (ع) ان يرجع نصف الربح يأخذه ويأخذ رأس المال, واختلف بسبب ارجاع نصف المال للغاصب قلت هو اما باعتبار اجرة لعمله بالمال وهو اجرة معقوله ومناسبة لمقدار العمل بذك واما حصة العامل بالمال لاعتبار مضارباً ولم يكن هذا غاصب محظ حتى يحرم من اجرة عمله او حصته من المضاربة لانه استلم المال بامر المالك واستفاد منه بامره وانما لاثم في الجحد تاخير ارجاعه مدة من الزمان فا لاستيلاء على المال والعمل به لم يكن غصباً فله حق العمل اجرة او حصة وكونه النصف وهو مقتضى العدل والانصاف.
حكم- خلاصة رد المال في الخصوصة باربعة احل كما في مرسل موسى قال (ع) استخراج الحقوق باربعة وجوه بشهادة رجلين عدلين فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان, فان لم تكونا امرأتين فرجل ويمين المدعي, فان لم يكن شاهد فاليمين على المدعى عليه, فان لم يحلف ورد اليمين على المدعى فهي واجبة عليه ان يحلف ويأخذ حقه فان ابى ان يحلف فلا شيء له) اقول هذا في الحاضر واما في الشهادة على الميت فيحتاج الى بينة ويمين.
حكم- اذا لم يكن بينة فتوجه اليمين على المنكر فلم يحلف حتى حكم الحاكم بنكوله حلف فان كان الحاكم متعجلاً ولم يعطه فرصته للتروي بالحلف وعدمه فلا يبعد ان له ان يحلف لان تعجل القاضي يسقط شرعيته وان اعطاه مهلة فلم يحلف حتى حكم بالنكول فالمشهور عدم الاعتبار بحلفه بعد ذلك, وكذا اذا رد القسم على المدعي فتأخر عن الحلف.
حكم- لايجوز للحاكم الزام المدعي لاحضار البينة وانما يخيره بين اسقاط الدعوى او البينة او ردا اليمين على المنكر, ويعلمه الحاكم بالتخير ويجوز للمدعي احلاف المنكر حتى لو كان عنده بينة حاضرة كما في صحيح ابن ابي يعفور عن ابي عبد الله (ع) : اذا ارضى صاحب الحق يمين المنكر لحقه فاستحلفه فحلف ان لاحق له قبل ذهبت اليمين بحق المدعي فلا دعوى له قلت له وان كانت عليه بينة عادلة؟ قال نعم(6).
حكم- البينة اما ان يعلم بعدالتها وجامعة الشرائط, او يعلم بعدم جامعيتها للشرائط او يشك فالاولى يلزم قبولها والحكم بشهادتها, والثانية مطروحة وعدم الحكم بحبسها, الثالثة يتفحص ولو اثبت المنكر فسق الشهود سقطت شهادتهما سواء بعد حكم الحاكم او قبله ولوا ثبت المدعي عدالتهما ثبتت سواء قبل اعراض الحاكم عنهما او بعده او قبل شكه او بعده, ولو جرحهما المنكر وعدلهما المدعي نظر الحاكم وعمل باقوى الحجتين مع ان اصالة العدالة في المسلم ومع ان العدالة المطلوبة في الشاهد صدقة بالقول وعدم الغش بالمعاملة وعدم شهرته بترك الصلاة وعمل الفسق من الكبائر.
حكم- لو عرف الشاهد بالفسق فلا يحكم بعدالته الامع ثبوت الثوبة ولو عرف بالصلاح فلا يحكم بالفسق الامع العلم بحصوله بدون عذر شرعي واذا لم يعرف ماضيه وحاضره اختبرهو وسئل عنه اخرون ويكفي حسن الظاهر بعد الاسلام.
حكم- اذا رضى المنكر يشهادة الفاسق او غير كامل الشروط جاز الحكم على قبوله ولا يجوز الحكم يشهادة المجهول عدالته حتى تثبت الا ان يرضى المنكر بها وزعم انه حكم بغير ما انزال الله وتطبيق

الاية عليها [وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ47](7), لاوجه له لان جبر المدعي بقبول شهادة الفاسق هو الحكم بغير ما انزال الله واما اذا اختاره هو فتطبيق بغير محله وعليه فيقبل شهادة الفاسق حينئذ ان قلت انها من قبيل اتباع السفهاء امواله وقد قال تعالى [وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً...](8) قلت اولاً- ليس كل فاسق سفيه, وثانيا- رب فاسق لايكذب وهو أمين على اموال الناس واعراضهم وانفسهم, وثالثا- المنكر يعرف الشهود فلعله يعرف فيهم الامانة من جهة الادعاء عليه.


(1) الوسائل ب83 ح1 ما يكتسب.

(2) الوسائل ب10 كيفية الحكم.

(3) الوسائل ب9 ح1 كيفية الحكم.

(4) الوسائل ب2 كيفية الحكم.

(5) الوسائل ب2 كيفية الحكم.

(6) الوسائل ب9 ح1 كيفية الحكم.

(7) سورة المائدة 5/44 – 45 – 47.

(8) سورة النساء 4/5.