فصل في كيفية سماع الدعوى

حكم- الدعوى تدور من قاضي ومساعده ومدع خاص وهو المشتكى ومدعى عليه وهو المشتكى عليه وفي هذا العصر نصبوا في كل محكمة مدع عام باعتبار ان كثيراً من الدعاوى لا تمس المدعى فقط وتهضم حقه وانما يتضرر المجتمع حولهما ويتأثر سلبيا بالحدثة مثلاً لو دهس سائق شخصا بسيارته فالمدعي الحاص يريد حقه حيث دهسه وكسر بعض اعضائه, والمدعي العام يطالب بحق ما اصاب المجتمع الحاضر في الحادثة من خوف واتعاب من الركض والتزاحم ولعل بعضهم قد دهس بعضا وما شابه ذلك كما فصلنا في اول الباب.
حكم- بين المتقاضيين اما ان يظهر القضية.

 

أ - آنها بين مدعي ومنكر فعلى المدعي البينة فان لم توجد فله ان يحلّف المنكر اما ان يحلف فيثبت عدم الحق للمدعي واما ان يرد الحلف على المدعي فان حلف المدعي ثبت الحق على المنكر وان نكل عن الحلف سقطت الدعوى.

ب - أو يثبت في القضية بين مدعيين وليس مدع ومنكر مثل ان تكون عين كل منهما يدعيها ويقول لصاحبه ليست لك.

حكم- اشترط في مهذب الاحكام عدة شروط بعضها خلاف الدليل

 

1- يشترط في المدعي الكمال بالبلوغ والعقل)(1), غير ظاهر ولم يأت له بدليل الا الحديث: لايجوز امر الغلام حتى يبلغ ولم يتعرض لاحاديث عديدة بان الغلام اذا بلغ عشراً صحت معاملاته من البيع والنكاح والوصية وغيرها كما مر مرار ويكاد ان نطلق على مثل هذا الاستدلال ما نطلق على الوهابية انهم انتقائيون يذكرون ماشاؤ او ينكرون ويخفون ما شاؤا والا فالطفل اليتيم اذا كان عاقلاً وعارفا بما يقول اذا لم تقبل دعواه فكيف يحصل على مظلمته وهو مظلوم ما هذا الاهمال لحقوق الناس نعم في المسألة الثانية استدرك وقال (لو رفع الصبي الى الحاكم الشرعي يعمل الحاكم فيه بموازين القضاء فهل القاضي غير حاكم شرعي ولو بالواسطة وقد اشترط فيه الاجتهاد المطلق فبين المسألة الاولى والثانية تهافت, سامح الله السيد الاستاذ ونور الله ضريحه المقدس.

حكم- قال في المسألة الثانية فيحلف الحاكم الشرعي اقول: بل يطلب الصبي الحلف من المنكر مثل الكبار وان نكل عن الحلف فله ان يرد الحلف الى المدعي وحلف البالغ عشر سنين, نعم حلف غير البالغ غير ملزم لسقوط الدعوى فلوليه المطالبة وان لم يحلف الصبي على ثبوتها.
2- عدم الحجر
حكم- ان كان المدعي محجور عليه فلاوجه للمنع لانه يحصل المال ولايبذل واما المدعي عليه فلا يضر ثبوت دين عليه بعد الحجر والا وما الحل اذا لم نصحح القضية ونعترف للناس بحقوقهم؟ وباي دليل بسقوط الدعوى بمجرد ضيق المدعي عليه.
3- ان يكون مدعيا او مدعيا عليه او المعلقين بهما مما له مساس بالقضية بخلاف ما كان اجنبيا فلا حق له بالتدخل في قضايا الاخرين.
4- وجود اثر.
حكم- لا بد من وجود اثر للدعوى فاذا كانت لا اثر يحصل في ثبوتها وعدم ثبوتها مثلا لوا ختلف في شخص انه يرث الميت من جهة انه أخ من ابيه او من ابويه ولا اخ غيره للميت او وجود اخوه من نفس الام المختلف انها ام للميت ام ليست بامه فلو ثبت انه من ابويه فلا يزيد بالميراث لانه يرث حصة الاخ وله الارث على كل حال او اختلف في تمليك عين من الزوج لزوجته انها هبة او انها جزء من المهر مع عدم مطالبته لارجاعها فلو ثبت انها اي الاثنين فلا فرق في تملكها او انه قد ابيح لشخص تملك او تصرف بشيء واختلف انه نذر عام لكل الاصدقاء او له خاصته او انه نذر او هبة او هو وقف او حبس او انه يطلب دينا من مجهول اسمه وعنوانه وعمله وكل شيء عنه وهكذا من الامثلة وهذا مجرد تمثيل للتقريب وان كانت هذه الامثلة يكون لها اثر من جهات أخرى مثلا لو ثبت ان ام الميت امهم فسيرثونها اذا ماتت كما ورثوا الميت ولو ثبت ان العطية كانت من المهر لا من الهبة كانت حقا لازماً ولا منة له عليها وليس له حق ارجاعها عند وقوع نزاع ولو كان النذر عاما ولم يخص الاخذ جاز اعطاء غيره وحرمانه من الاخذ واذا كان نذراً فلا يجوز ارجاعه واذا كان هبة جاز واذا ثبت الدين لزم التفتيش عن معرفة المدين وهكذا وهكذا.
5- عدم المجهولية.
حكم- المجهولية: من 12 جهة بضرب 3(ع) 4=12, اما المدعي مجهول او المدعي عليه واما المادة المطلوبة المدعاة فهذه 3 وكل منها اما واقعا مجهولة لدى المدعى فقط ومعلومة لدى المدعى عليه واما بالعكس بان المدعى يعلمها والمنكر يجهلها واما مجهوله لديهما واما معلومة لديهما واخفوها لمقتض الحال فهذه اربع حالات والخلاصة فقد اختلفوا في صحة القضاء بالمجهول وعدمها والوجه ان القضاء بنفسه وفي حينه لا يلزم ان يثبت كل شيء بل هو مسؤل عن ثبوت الحق ايا كان ولاي شخص كان ومن اي شخص كن وفي اي حال واي شروط كانت, وحينئذ فان ثبت الحق فان كان فائدة في الثبوت تظهر حالياً او بعد حين بعيد او قريب فالقضاء صحيح وعقلاني وان لم تنتظر اي فائدة واي تغيير للمدعى من المنكر او سقوط فائدة من المدعي فهذا بالخصوص يمكن ان نقول.. ببطلانه وعدم صحة القضاء به.
حكم- لو ادعى نوعاً مردداً بين افراد تسمع دعواه ويطالب المدعى عليه بالتفسير والاداء مع الثبوت ككتاب من الكتب, واذا كان مجهولاً لدى المدعى عليه طولب المدعي بالتفسير واذا كان المدعي مجهولاً كما اذا اخفى نفسه وخابر بمطالبته فلاناً شيئا فان القضية تامة ولا حاجة لمعرفة المدعي واذا كان المدعى عليه مجهولاً قضى عليه غيابياً وللمدعي التفتيش لمعرفته بعد الثبوت.
حكم- لو اختلفا بالمطلوب فقال المدعي ان لي عليك سيارة وقال المنكر بل لك علي شاة وليس سيارة فدعويان وكل منهما مدع ومنكر يتحالفان بعد فقد البينة لاحدهما.
حكم- لو اقر المدعى عليه ولكنه ادعى التلف غير المضمون احتاج للبينة بان التلف غير مضمون والاتحالفا وان اقر بان التلف مضمون واختلفا بالقيمة فالاصل عدم الزيادة فالقول قول المنكر مع يمينه.
حكم- المعلومية اما ان تكون شخص معلوم مدعي ومعلوم مدعى عليه ومعلوم عينا معينة واما مجهول ولكنه في محصور فيمكن المصالحة او القرعة بين المحصورين والاشياء المحصورة واما غير محصور فلابد من التفتيش حتى يحصل التعيين او الحصر على الاقل
6- ان تكون الخصومة اما للرفع او الدفع
حكم- عقد الجلسة مع القاضي اما لرفع مظلمة حصلت او لدفع مظلمة محتمله قد ضيف منها مثل ما يتقاضى الابن ليثبت بنوته حتى يرث من الوالدين والاخوة ويرثون بالمستقبل واما اذا كان النزاع بعد وفاة الوالد فان اثبات الولد ولادته من والدهم لرفع مظلمة عزله ومنعه من الارث.
7- الجزم بالدعوى.
حكم- قال بعضهم بلزوم الجزم فلو قال اني احتمل اني استحق على فلان كذا فلا يجيزها, ولكن الاقرب القبول وطالب من المدعى عليه اما ان يقر واما ان ينكر ولكل حكمه وكذا اذا قال اني استحق على فلان واني احتمل كذا فان اقر المدعى عليه طلب منه التفسير انه اي شيء وان انكر جرت معاملة المدعي المنكر ثم ان عدم الجزم اما لشكه واقعاً واما انه مستيقن ولكن تكلم بلفظ الاحتمال اما حياء او خوفاً او سهواً او غلطاً.
حكم- لايشترط حضور المدعى عليه, كما في صحيح محمد بن مسلم قال: الغائب يقض عليه اذا قامت عليه البينة ويباع ماله ويقض عنه دينه وهو غائب ولكون الغائب على حجته اذا قدم ولا يدفع المال الى الذي اقام البينة الا بكفلاء اذا لم يكن ملياً)(2).

حكم- لايضمن القصار الثوب اذا تلف ةغيره, الا ان يكون متهما بالتقصير كما في صحيح عن الصادق (ع) قال (لا يضمن الصائغ ولا الحائك الا ان يكونوا متهمين فيخوف بالبينة ويستحلف لعله يسترج منه شيئاً)(3), وعنه (ع) (لايضمن القصار الاما جنت يداه وان اتهمته احلفته)(4).

حكم- يثبت القضاء في حق الغائب في حقوق الناس, واما في حقوق الله كالحدود بالزنا واللواط والسحاق فقد قيل عدم الثبوت وهو غير ظاهر ويرده ما ثبت من زنا المغيرة في المدينة وهو وال في الكوفة نعم لا يجرى الحد الا ان يدافع عن نفسه اذا اراد.


(1) مهذب الاحكام 27/60.

(2) الوسائل ب26 ح1 و4 كيفية الحكم.

(3) الوسائل ب29 ح11 و12 الاجازة.

(4) الوسائل ب29 ح11 و12 الاجازة.