الرشوة

حكم- كل انسان يعمل عملاً حلالاً وخدمة للمجتمع ويأخذ عليه اجرة او معاشا يتفق عليه مع اصحاب العمل فهو حلال, وكل شخص يعمل للناس ويأخذ على عمله اجرة او معاشا ثم يطلب من الذي يراجعه لاخذ حقه من تلك الدائرة او المصنع او الجهة الرسمية او الاهلية والمفروض ان المراجع يحصل على حقه بدون أجر فيطلب منه الاجر ولو لم يكرمه فلا يوقع على الورقة او لا يكمل اوراقه ويؤخر مطلبه فهذا حرام وسحت ونوع من انواع الرشوة فلا تخص الرشوة للقاضي واما الرشوة للقاضي او دارة القضاء بكل موظفيها فهوا اشد حرمة لان القاضي حينئذ يمثل الى من يعطيه اكثر ويجور على الفقير الذي لايرشيه, والا يات وا الروايات في ذلك كثيرة وصريحة.

  1. فعن عمار بن مروان قال سألت ابا جعفر (ع) عن الغلول فقال كل شيء غل من الامام فهو سحت واكل مال اليتيم وشبهه سحت والسحت انواع كثيرة منها اجور الفواجر وثمن الخمر والنبيذ والمسكر والربا بعد البينة فاما الرشا في الحكم فان ذلك الكفر بالله العظيم جل اسمه وبرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) (1) وعن الولي المرتشي.
  2. عن الاصبع عن امير المؤمنين (ع) قال ايما اول احتجب من حوائج الناس احتجب الله منه يوم القيامة وعن حوائجه وان اخذ هدية كان غلولاً وان اخذ الرشوة فهو مشرك)
  3. وعن قاضي الحاجة على اساس انها مجانية فيأخذ عليها فائدة عن الامام الرضا (ع) عن ابائه (ع) عن علي (ع) في قوله تعالى اكلون السحت قال هو الرجل يقضي لا فيه الحاجة ثم يقبل هديته(2).
  4. حكم- لوعمل الشخص عملاً لاخر على انه مجانا ولكن اخذ عليه اجره سواء بعنوان الاجرة او الهدية وما شابه, فتحليل هذه العطية مشكل خصوصا لو اعطى اخذ الحاجة حياءً او خوفا من عدم قضائها.

حكم- قال الله تعالى [فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا](3), وعن ابن فرقد قال سألت ابا عبد الله (ع) عن البخس فقال (ع) هو الرشا في الحكم)(4).
حكم- الرشوة حرام حتى مع الحكم بالحق, فعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : لعن الله الراشي والمرتشي ومابينهما يمشي)(5), وعن الدعائم عن جعفر بن محمد (ع) انه قال السحت الرشوة في الحكم قيل يا ابن رسول الله وان حكم بالحق قال وان حكم بالحق قال فاما الحكم بالباطل فهو كفر كما قال الله عز وجل [وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ44](6).
حكم- يمكن ان تعرف الرشوة انه اعطاء الشخص لتخليص حاجته بغير ان يستحق عليه الاعطاء واكثر منه اثما هو اعطاء الواسطة في سلب حق الاخرين إليه وهذا يشمل القاضي اولاً ثم يصدق على كل ذي عمل وخرج بهذا التعريف الهدية والحبوة وما شابه لانه تعطي بطيب نفس المعطي ولايقصد تخليص حاجة ولا سلب حق.
حكم- اذا جعل الشخص لمن يراجع الدوائر الرسمية عنه جعلاً او اعطاه اجرة وهذا يشتغل بذلك ويسمى مخلص معاملات رسمية وهذا يأخذ اجرته ويأخذ كلما صرف في تلك الدوائر من المصاريف ومنها انه يرشي بعض الموظفين اذا لم يمكنه التخليص الا بالرشوة, فعمل هذا الواسطة حلال اذا لم يرتشي هو أيضاً ولم يعط الرشوة الا اضطرار واقعياً وليس بمجرد ادعاء الاضطرار.
حكم- الحمال الذي يقف في المطارات وحدود الدول يتلقى المسافرين وغيرهم ويحمل او يدفع اغراضهم ويطلب الاجرة فان اذن له صاحب الاغراض او طلب حمل الاغراض او دفع العربة فله الاجرة بالمعروف والا فليس له اجرة وانما يجبر المسافر ويأخذ رشوة لانه موظف له معاش في المطار او الحدود
حكم- الكاتب في الدوائر الرسمية وغيرها الذي يملي اوراق طلبات المراجعين ان كان مكلفا من الادارة الرسمية وله معاش منها فلا حق له لطلب الاجرة لمليء الاوراق من المراجع, وان لم يعين له معاش فهو أجير من كل من يريد تقديم اوراق الطلب ويسمى (عرض مالي).
حكم- الواقف في المطار على ميزان الاغراض يعطيه صاحب الاغراض رشوة ليعبر عدة اغراض بدون وزن او يكتب اقل من وزنها فهذا الموظف خائن لشركة الطيران ومرتشي وهو حرام عليه واما صاحب الاغراض فان كان مغبونا لاخذ الشركة منه اجرة الركوب باهضا او انها شركة رسمية حكومية او انه تعارف التسامح بالزيادة بين الشركات جاز تحميلها اكثر من الوزن المعروف في بطاقة الطائرة او الباخرة او السيارة فلا بأس والا فهو اثم أيضاً.
حكم- بعد سقوط النظام البعثي في العراق استولى جماعة على مواقف السيارات في الشارع وعلى ابواب الدوائر والكراجات المباحة فلا تقف سيارة في مكان الا ويأخذون عليها اجرة الوقوف هؤلاء ان كان وقوفهم لتنظيم الموقف وحراسة السيارات ومنع التعديات عليها ضروري وحقيقية بحيث لم تسلم السيارة من السرقة والتعدي لولا وجود هذا المستولي حق له اخذ الاجرة بالمعروف والا فهو غاصب من حيث ان اصحاب السيارات لم يكلفوه ولم يأذنوا له الا قهراً عليهم حياءً او خوفا من طرده ومنع الاجرة عنه.
حكم- الهدية حلال ولكن الهدية للسلطان او للوالي والمسؤل الكبير في الدولة لاتخلو من غرض الامالة والرشوة لتقديم المهدي على الاخرين في العطاء واسقاط الواجبات ولذا ترى الدم الشديد للولاة الذين جاؤا باموال بحجة الهدايا ففي الحديث عن ابي حميد الساعدي قال استعمل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رجلاً من بني أسد يقال له ابو الهيثمة على الصدقة فلما قدم قال هذا لكم وهذا اهدي الي فقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على المنبر فقال ما بال العامل نبعثه على اعمالنا يقول هذا لكم وهذا اهدى لي فهلا جلس في قلب بيت امه وأبيه ينظر ايهدى له ام لا والذي نفسي بيده لا يأخذ احد منها شيئا الاجاء يوم القيامة يحمله على رقبته ان كان بعيراً له رغاء او بقرة لها خوار او شاه تنقر ثم رفع يده حتى رأينا عفرة ابطه وقال اللهم هل بلغت).
حكم- اذا كان العطاء للموظف الذي معاشه ليس على المراجعين من قبل القيام بالعمل اي قبل التوقيع على الاوراق ان كان عمله التوقيع او قبل ملئها او قبل تقديمها للاخرين فهو رشوة وكذا اذا عمل بنية الاخذ او بعلمه بان المراجع سيعطيه او باحتماله واما اذا لم ينو الاخذ ولا علمه والمراجع لم يعلم بضرورة ان يعطي بان يشرط ان يعلم بعدم لزم العطاء ولكنه بعد انجاز العمل اعطى شيئا من طيب نفسه فهذا هو الهدية المحللة.
حكم- لو اعطاه بعد انجاز العمل ولكن بنية ان يسهل معاملته الاخرى لعدم انتهاء معاملاته في هذه الدائرة ولو بعد حين بعيد فالظاهر انه من الرشوة وكذا لو اعطى الموظف لينقلها الى غيره فهوا رشاء لغيره بواسطة هذا الناقل وتصدق الرشوة سواء كانت المعاملة لنفس المعطي او لغيره
حكم- لا فرق في الرشوة بين عنوان الرشوة او الهدية او الحبوة وكانت بالمشارطة او بنيتها او بالعلم بحصولها ولا فرق بين كونها عينا او دينا او منفعة او انتفاعاً كسكن الدار او خياطة الثوب نعم لو شك الشخص ان هذا وجه من وجوه الرشوة ام لا فلا بأس ان يأخذ وكذلك يجوز ان يعطي.
حكم- يجب على القاضي او الموظف ارجاع الرشوة على صاحبها ولا يجوز أخذها ويتفرع منه الكلام بالنسبة لارشاء رئيس الجمهورية للوزراء او الوزير للمدراء او مدير الدائرة لموظفين فان كان يقصد ادامة وضيفته وعدم انتخاب غيره فهو رشوة وخيانة للمجتمع الذي تسلط عليه, وان كان يقصد دفعهم للجد والاجتهاد واسراع تسهيل معاملات المراجعين واظهار الخيانات والتقصيرات من الاخرين فهو عمل بار وعطاء لازم ومثله مثل اعطاء الاب لاولاده بعض الهدايا حتى يتدينوا ويزيدوا عبادة واتقانا في العبادة ويحسنوا اخلاقهم وتاليف قلوبهم على الايمان والتقوى والسيرة الحسنه.
حكم- لو تصدى للقضية قاضيان او اكثر وجب ان يبث بالحكم ويتفقوا ثم ينفذوا على المشتكى عليه, نعم لو تلكأ بعض القضاة بسبب جبن او جهل أوغيره جاز للاخر التقدم والادلاء بالقضاء والنفاذه اذا كان على يقين.


(1) الوسائل ب5 ح1 و10 و11 ما يكتسب به.

(2) الوسائل ب5 ح1 و10 و11 ما يكتسب به.

(3) سورة الاعراف 7/85.

(4) الوسائل ب8 آداب القاضي.

(5) مستدرك ب8 ح9 و2 آداب القاضي.

(6) سورة المائدة 5/44.