الفتوى و القضاء

حكم- الفتوى والقضاء منصبان خَطيران لا يرتكبهما الا نبي (صلى الله عليه وآله وسلم) او امام معصوم (ع) أو عبد صالح عادل قد تعلم ما يؤهله لحل النزاعات بين الناس قد قال الامام (ع) في حقه (فاتخذوه حاكما فاني جعلته عليكم حاكما) وقال أيضاً (فانهم حجتى عليكم وانا حجة الله وان تصدى غيرهم فهو ملعون له خزي الدنيا وعذاب الاخرة وغضب الجبار).
حكم- القضاء هو تطبيق للفتوى في اموال الناس واعراضهم ونفوسهم فان صدر من اهله فله اجران في الدنيا والاخرة وكرامتان, كرامة الفتوى وكرامة ادلائها وتطبيقها لتحقيق الحق واظهار الباطل وان صدر من غير الاهل فله اثمان ويجزيه الله تعالى بجرمين جرم الفتوى الباطلة اللعنية الباطلة, وجريمة تطبيقها لتحريم الحلال وتحليل الحرام من اموال الناس واعراضهم ونفوسهم.
حكم- القضاء واجب كفائي وقد يكون عينياً اذا انحصر في فضلاء لهم الاهلية ولا يستطيع غيرهم القيام به وا داء دوره بصورة صحيحة ومبرورة
وقد يكون حراماً- وهو تصدي من ليس اهلاً ويحلل ويحرم بما يروق له ولا علم كامل ولا مراجعة للعلماء.
او مستحبا- فان القضاء بين الناس مستحب ذاتا لانه اصلاح بين الناس وقد ورد اصلاح ذات البين افضل من عامة الصلاة والصيام بالاضافة الى استحباب تكثير القضاة المصلحين اذا وجد غيرهم ممن له الاهلية كا ستحباب كثرة ائمة الجماعة والخطباء والمرشدين
ومكروها: فيها يكون غيره قد تصدى وهو اهل وبه الكفاية وهذا الشخص يتدخل ويحل القضية فيكون كا لداخل في سوم اخيه وقد ورد الكراهة في هذا الدخول في كل المعاملات
ومباحاً- انه مباح للموامن ان يمارس كل ما هو حق له من القضاء وغيره وكذلك اذا تعارضت مصلحة الممارسة مع مصلحة الترك فيكون مباحاً يختار المكلف الفعل او الترك.
حكم- يجب على العلماء وخصوصاً مراجع الدين ان يتصلوا ويتعرفوا على القضاة ويهدون الضال منهم ويحاولون صرف غير ذي الاهلية عن القضاء الى وضائف آخرى ولو بالاتصال بالحكومة وا لوزارات غير العادلة, وسيأتي جواز التوسل بالظالمين لتحقيق الحق ونصرة المظلوم اذا اقتض ذلك وكذلك تكليف من به الكفاية من علماء الحوزة وتوظيفهم لهذا المهمة وبينما نرى العلماء قد القوا حبلها على غاربها ولجؤا الى حجور بيوتهم والبلاد تضج بالظالمين من جور القضاة وغيرهم
حكم- على الخطباء والمحاضرين في المجتمعات الاسلامية ترشيد المجتمع لنبذ القضاء الجائر وطلب العدالة وانكار المنكرات في الدوائر الرسمية, واكثار الخطب في توضيح شروط القاضي والمطالبة في تعين من هو اهل لها
حكم- اذا امكن المتقاضيان او المتقاضون ان يراجعوا القاضي العادل والمتشرع العارف وتنصلح القضية ويرجع الحق الى من له وجب مراجعة وحرم مراجعة القضاء الرسمين الذين نصبوا من قبل الحكومات الجائرة, واذا لم يمكن تخليص الحق الابمراجعة الجائر بالحكومة الجائرة جاز المراجعة اضطراراً وورد عن ابي بصير قال قلت لابي عبد الله (ع) قول الله عز وجل في كتابه [وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ...](1), فقال يا ابا بصير ان الله عز وجل قد علم ان في الامة حكاما يجورون اما انه لم يعن حكام اهل العدل ولكنه عنى حكام اهل الجور يا ابا محمد انه لو كان لك على رجل حق فدعوته الى حكام اهل العدل فابى عليك الا ان يرافعك الى الحكام اهل الجور ليقضوا له لكان ممن حاكم الى الطاغوت وهو قول الله عز وجل [أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ...](2))(3).
حكم- اذا امكنه من مراجعة حاكم عادل لتخليص الحق ومع ذلك راجع الحاكم الجائر وخلص الحق اثم بمراجعته وقول بعضهم بحرمة المال ايضاً على صاحبه الذي حصله بواسطة الطاغوت واستندوا الى حديث عمر ابن حنظلة عن ابي عبد الله (ع) (من تحاكم اليهم في حق او باطل فانما تحاكم الى اطاغوت وما يحكم له فانما يأخذ سحتا وان كان حقه ثابتا)(4).
حكم- البحث حول مراجعة لحكام الجور طويل وفيه تفريع كثير ولكن نتعرض له في كل فصول بحسب المناسبات والمواقع في احكام الفصول ومن الفروع التي يلزم البحث فيه.

  1. المراجعة في حال التقية.
  2. المراجعة للجائر لعدم امكان تخليص الحق بمراجعة العادل.
  3. حكم الحق الذي يأخذ بحكمهم.
  4. الرجوع الى حاكم شيعي ولكنه فاسق يحكم بالباطل.
  5. الرجوع الى حاكم شيعي فاسق يحكم بتقليد علماء الشيعة.

حكم- اما الرجوع في حال التقية الى قضاة منصوبين من الحكومة الجائرة فهو جائر والحق المأخوذ بحكمهم حلال لصاحب الحق, ففي الحديث عن عطاء ابن السائب عن علي بن الحسين (ع) قال اذا كنتم في أئمة جور فاقضوا في احكامهم ولا تشهروا انفسكم فتقتلوا وان تعاملتم باحكامنا كان خيرا لكم(5).
حكم- الحاكم الجائر قد يحكم بما يصيب الواقع فلا اشكال باخذ ما حكم به وان كان مراجعته للتقية او بما لايمكن التخليص الا بمراجعته واما ان امكن مراجعة العادل الشيعي وقد راجع الجائر ففي الرواية, عن عمر بن حنظلة قال سألة ابا عبد الله (ع) عن رجلين من اصحابنا بينهما منازعة في دين او ميراث فتحاكما الى السلطان او الى القضاة أيحل ذلك؟ فقال (ع) من يتحاكم اليهم في حق او باطل فانما تحاكم الى الطاغوت وما يحكم له فانما يأخذ سحتا وان كان حقه ثابتا لانه اخذه بحكم الطاغوت وقد امر الله ان يكفر به قال الله تعالى:( ) فقد قالوا في تفسيره ان السحت حكما وليس السحت المال بالذات فان اخذ المالك ماله واستعمال ماله فليس باخذ سحتا وانما الحكم الصادر من الجائر هو السحت وهو الاثم والا فلو حرم المال لحرمت الزوجه الراجعة لزوجها بحكم الجائر وكانت زوجة واقعاً.
حكم- واما مراجعة الحاكم الشيعي الجائر فهو مراجعة جائر ايضاً ولا يختلف عن ما روي فيه الحديث ووصف الاخذ انه سحت نعم اذا كان شيعيا ويعمل باحكام الشيعي فا لاخذ ليس سحتا وانما الاثم الميل إليه بسبب انه ظالم, لقوله تعالى [وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ](6)

والخلاصة: ان قول الامام (ع) (ما يحكم له) ان (ما) هي اسم مواصل معناها المال الذي يأخذ سحت يحرم على آخذ استعماله فهل يجب ان يرجعه الى الغاصب؟!! قلنا هذا محال, او ان (ما) هي مصدرية اي ان عملية الاخذ هي حرام بدون ان نفاض الحرمة على نفس المال كمثل الذي يريد ان ينقذ غريقاً با لماء فمر على شخص داس بطنه متعمداً بلا اخطاء للمرور عليه ووصل الى النهر وانغذ الغريق.
حكم- اذا راجع الشيعي الى قاضي سني فقضى له فان اصاب الواقع فقد مر آنفاً تفريعه وحكمه وان حكم له بما ليس في مطابقا لمذهب أهل البيت (ع) فحليته تتوقف على تطبيق الحلية ولو بسبب الا لزام فيجوز ان يستحل المال, مثلا لو قضى بحصة من الارث لي وانا اخو الميت وللميت بنت ان كانت شيعية فلا يجوز لي ان اخذ الحصة من الارث لا نها لها, وان كانت البنت سنية مقلده لفتاوى العصبة جاز لي ان اخذ الحصة.

حكم- القاضي واعوانه كبقية موظفي الدولة لهم المعاش الكافي سواء كان غنيا او فقيراً وسواء كان واجبا عليه لتعينه عليه او غير واجب, وربما كان في قربة قاض لم يأخذ المعاش من الدولة وانما معاشه على المتخاصمين جاز ذلك ولكن يأخذ بالمساواة لا ان يأخذ زيادة ونقيصة حتى يميل لمن يعطيه اكثر او يتهم بذلك وفي وصية الامام علي (ع) لمالك الاشتر قال: وافسح له بالبذل ما يزيح علته وتقل معه حاجته الى الناس)(7), وما قيل من حرمة اخذ الاجرة على الواجبات مطلقاً فقد اثبتنا ضعفه خصوصا في الاعمال النظامية اي ما يتوقف عليها نظام حياة البشر وتعارف اخذ الاجرة عليه في النظام العام الشائع بين الناس مثل الطب والهندسة والزراعة والصناعة وتبليط الشوارع ومد القناطر والجسور.


(1) سورة البقرة 188.

(2) سورة النساء 4/60.

(3) الوسائل ب1 ح3 و4 صفات القاضي.

(4) الوسائل ب1 ح3 و4 صفات القاضي.

(5) الوسائل ب11 ح2 آداب القاضي.

(6) سورة هود 11/113.

(7) الوسائل ب8 ح9 آداب القاضي.