فصل اكل وشرب غير اللحوم

حكم- ذكرنا في اول بحث الاطعمة ان عشرة اشياء تحرم اكلها وشربها غير الحيوانات وهذا التفريغ والتفصيل لذلك ومنها الاكل والشرب المضر ضرراً بالغاً ولا يحرم ما يضر ضرراً جزئياً يزول بسرعة فلو اكل شيئاً مهلكاً مميتاً او شيئاً يشل اعضاءه او يعطل بعض الاعضاء فهذا هو الحرام ومن ذلك عدوا ما يذهب الشهوة الجنسية او يجعل الرجل او المرأة عقيماً, نعم يجوز منع الحمل منعاً مؤقتاً والمرأة اذا كانت لها اولاد وعجزت عن الحمل ويسبب لها المضاعفات من المرض والاوجاع يجوز لها ان تعقم نفسها عن الحمل مؤبداً او يفصل الرحم.
حكم- اذا اعطي دواء الشفاء فيه اكثر احتمالاً وجب شربه واذا كان الضرر فيه اكثر اشكل شربه نعم اذا احتمل الهلاك كالسم حرم شربه واذا دار امره بين الهلاك وبين قطع بعض الاعضاء ارتكب القطع كما اذا حصل مرض ببعض الاعضاء ورأى الطبيب ان بقاءها يوجب للسراية على النفس فقطعها اضمن للحياة بشرط ان يكون الطبيب حاذقاً ومتيقناً بالنتيجة غير متسامح بالحكم وغير متهور كاكثر المتطببين.
حكم- يحرم التداوي بالمسكرات كالحشيشة والافيون والخمر والبيرة والمشمومات والمزروقات بالابر لانها ان نفعت مرة ودفعت بعض الاوجاع فان الفاعل يدمن عليها ويعيش سكيراً مخموراً وهذا اعظم الفساد وعظيم البلاء.
حكم- يحرم اكل الطين حرمة مغلظة وهو التراب وما شابه كالرمل والجص والجبصين والآجر وخصوصاً المحرقات منه كالاسمنت والنورة والمسممات منه كتراب بيوت العقارب والحيات والحشرات السامة وخصوصاً اذا صحب التجاسات والقذارات.
حكم- ماء الانهر الصغيرة ان كان متوحلة جداً بحيث كان الطين فيه مرئياً اشكل شربها فلا بد من تصفيتها قبل الشرب وان كان طبيعياً جاز شربه والغبار غير المرئي على بعض المأكولات, واما الغبار الكثيف فلا يجوز اكله مع الفاكهة او وحده كالفاكهة المرفوعة من الوحل, وفي الرواية عن ابن ابي زياد عن ابي جعفر الباقر (ع) قال: (من اكل الطين فانه تقع الحكة في جسده وتورثه البواسير ويهيج عليه داء السوء أو يذهب بالقوة من ساقيه وقدميه وما نقص من عمله فيما بينه وبين صحته قبل ان يأكله حوسب عليه وعذب به)(1).
حكم- يستثنى من حرمة اكل الطين اكل طين قبر الامام الحسين (ع) بمقدار الحمصة لا اكثر للاستشفاء فقط, فعن الواسطي قال: قال ابو عبد الله (ع) : (الطين كله كلحم الخنزير ومن اكله ثم مات منه لم اصل عليه إلا طين القبر), (قبر الحسين (ع) , فان فيه شفاء من كل داء ومن اكله بشهوة لم يكن له فيه شفاء)(2).
حكم- في بعض الاخبار ذكر طين قبر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وائمة البقيع ولا يخلط معها غيرها فعن الثمالي عن ابي عبد الله (ع) انه سئل عن طين الحاير هل فيه شيء من الشفاء فقال: (يستثنى ما بينه وبين القبر على رأس اربعة اميال وكذلك قبر جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكذا طين قبر الحسن وعلي ومحمد (ع) فخذ منها فانها شفاء من كل داء وسقم وجنة مما تخاف ولا يعد لها شيء من الاشياء الذي يستثنى بها الا الدعاء وانما يفسدها ما يخالطها من اوعيتها وقلة اليقين لمن يعالج بها)(3).
حكم- شرط الاستشفاء اولاً احترامها وتقديمها وثانياً الاعتقاد بها وثالثاً يصحبها بالدعاء ورابعاً ان لا يزيد مقدار حمصة وخامساً ان لا يخلط معها غيرها ففي الحديث الآنف الذكر قال: (ولقد بلغني ان بعض من يأخذ من التربة شيئاً يستخف به حتى ان بعضهم يضعها في مخلات البغل والحمار وفي وعاء الطعام والخرج فكيف يستشفى به من هذا حاله عنده)(4).
وعن حنان وروي ان رجلاً سأل الصادق (ع) فقال اني سمعتك تقول ان تربة الحسين (ع) من الادوية المفردة وانها لا تمر بداء الا هضمته فقال: (قد قلت ذلك فما بالك) قلت اني تناولتها فما انتفعت بها قال: (اما ان لها دعاء فمن تناولها ولم يدع به واستعملها لم يكد ينتفع بها) قال فقال له ما يقول اذا تناولها؟ قال: (تقبلها قبل كل شيء وتضعها على عينيك ولا تناول منها اكثر من حمصة فان من تناول منها اكثر من ذلك فكأنما اكل من لحومنا او دمائنا فاذا تناولت فقل: (اللهم اني اسألك بحق الملك الذي قبضها واسألك بحق النبي الذي خزنها واسألك بحق الوصي الذي حل فيها ان تصلي على محمد وآل محمد وان تجعلها لي شفاء من كل داء واماناً من كل خوف وحفظاً من كل سوء) فأذا قلت ذلك فاشددها في شيء واقرأ عليها [إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ1], فان الدعاء الذي تقدم لاخذها هو الاستيذان عليها وقراءة [إِنَّا أَنزَلْنَاهُ...] ختمها)(5).
حكم- احتاط المشهور بعدم اخذ الطين البعيد عن قبر الحسين (ع) وان كان الحديث الآنف قد ذكر اربعة اميال يعني = 7500 متر يعني قبر عون بن عبد الله من جهة تقريباً والى قبر احمد بن هاشم من اخرى وما يقارب خان الربع من جهة النجف وهذا مشكل فالاحوط ان لا يزيد عن طين نهر الحسينية وهي تبعد اقل من كليو متر.
حكم- احتاط جماعة بعدم الاعتداد بطين غير قبر الامام الحسين (ع) ولا يخلو من اشكال, أولا: قد مر الحديث ان الاستشفاء بتربة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وتربة البقيع مع الاحاديث الكثيرة في بركة قرب النبي والنور الذي معه وحوله, وثانياً: روى الطبرسي قال سئل ابو عبد الله (ع) عن طين الارمني يؤخذ منه للكسير والمبطون ايحل اخذه؟ قال: (لا بأس اما انه من طين قبر ذي القرنين وطين قبر الحسين (ع) خير منه)(6), فانه اجاز مستند بقرب قبر ذي القرنين (ع) , نعم لا نقول بهذه السعة ولكن قرب قبور المعصومين (ع) لا يخلو من حجة.
حكم- اذا علم بان هذه التربة حسينية فلا اشكال واذا لم يعلم فيثبت بالبينة او بشخص ثقة وعارف ويكفي اخبار ذي اليد لو كانت بيد شخص.
حكم- ان التربة المقدسة الحسينية لها كرامات كثيرة وعظيمة وقد علمت من احد علمائنا الاساتذة انه يركب مركباً في البحر فكثرت الامواج وكان في المركب اناس كثير فقرب ان يغرق فسمى باسم الله ودعا والقى تربة حسينية كانت معه فاعتدل وذهبت الامواج ووصلوا سالمين سعيدين, وروي: عن الحسين بن ابي العلاء حنكوا اولادكم بتربة الحسين (ع) , وعن الامام الباقر (ع) : (اللهم فاجعلها شفاءً من كل داء وعزاً من كل ذل وامناً من كل خوف وغنى من كل فقر), وقال الراوي: قلت قد عرفت جعلت فداك الشفاء من كل داء فكيف الامن من الخوف؟ فقال: (اذا خفت سلطاناً او غير سلطان فلا تخرجن من منزلك الا ومعك من طين قبر الحسين (ع) ).
حكم- يحرم الخمر بضرور الاسلام في الكتاب والسنة وان القرآن قد تدرج في بيان تحريمها ومع ذلك نرى بعض الجهلة بعبارات الاسلام يشككون بالتحريم في القرآن فبدأ بقوله: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ...43](7) فلم يرعووا عن غيهم, [يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا...219](8), إنهم كانوا يتاجرون فينتفعون بالاثمان وقد سايرهم الله فذكر مورد نفعهم حتى يهتدوا ويقبلوا الاوامر ولكهنم لم يفد معهم وآخرها قد نزل [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ90 إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ91](9), فقال بعضهم انتهينا انتهينا ولم ينتهوا.
واما التحريم بالقرآن فهو اشد واعم بقوله [فَاجْتَنِبُوهُ] هي اعم مما ان يقول (حرمت عليكم) فاستقرأ القرآن حين يقول [حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ...] يعني اكلها فقط, واذا قال [حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ...] يعني نكاحها وليس يحرم غير النكاح وهكذا, بينما اذا يقول (اجتنبوا الخمر) يعني لا يستحل كل تقلب واستعمال لها ولذا في الحديث يقول (لعن في الخمر عشرة...).
وعن الامام الباقر (ع) : (لا يبعث الله نبياً ولا يرسل رسولاً الا ويجعل في شريعته تحريم الخمر), وعن الامام الصادق (ع) : (ان الخمر ام الخبائث ورأس كل شر يأتي على شاربها ساعة يسلب لبه فلا يعرف ربه ولا يترك معصية الا ركبها ولا يترك حرمة الا انتهكها ولا رحماً ماسة الا قطعها ولا فاحشة الا اتاها وان من شرب منها جرعة لعنه الله وملائكته ورسله والمؤمنون وان شربها حتى سكر منها نزع منه روح الايمان من جسده وركبت فيه روح سخيفة خبيثة ملعونة ولم تقبل صلاته اربعين يوماً ويأتي شاربها يوم القيامة مسوداً وجهه مدلعاً لسانه ليسيل لعابه على صدره ينادي العطش العطش).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (من شرب الخمر بعد ما حرمها الله على لساني فليس باهل ان يزوج اذا خطب ولا يشفع ولا يصدق اذا حدث ولا يعاد اذا مرض ولا يشهد له جنازة ولا يؤتمن على امانة) بل (لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها عشرة غارسها وحارسها وعاصرها وشاربها وحاملها والمحمولة اليه وبايعها ومشتريها واكل ثمنها), وورد: ان من تركها ولو لغير الله بل صيانة لنفسه سقاه الله من الرحيق المختوم.
وهذه كله مصاديق لما قلنا بان النهي والتحريم بقوله اجتنب اشد واعم مما ان يقول حرمت عليكم ولكن المشككين والمرتابين السخفاء ليس لهم حدود.
حكم- حرمة الخمر مغلظة كتحريم كل انواع المسكر سواءاً كان مشموماً او مدهوناً او مشروباً او مزروقاً بالابر ويكفي في الحرمة ان يسكر بعض الناس فربما بعض الناس لا يسكرون به لخاصية بدمائهم وجسدهم فانه يحرم عليهم أيضاً لانه مسكر في نفسه.
حكم- اذا انقلبت الخمر حل شربها سواء كان مشروباً او مطعوماً وسواء بعلاج او بلا علاج كما اذا مزج فيه شيء او جعل في مكان بحرارة معينة او استملك في خليط, واما مسألة النجاسة فاني لا اعتقد بنجاسة الخمر ولا غيره من المسكرات.
حكم- السبيرتو وغيره وبعض النيفيا والعطور وعموم الدهون والمراهم على البدن التي يكتب عليها انها من الكحول يعني من المسكرات او خليط فيها الكحول يحرم شربها ولا اشكال بوضعها على البدن بجرح او قرحة او روم او يبوسه الجلد او كسل العضلات فتوضع لنشاطها او تقشر الجلد, وكذا في تعطير الثياب بها لقول الامام الصادق (ع) : (ان الثوب لا يسكر).
حكم- الفقاع وهي ما يسمى بالبيرة وكذا العصير العنبي اذا نشى بسبب الحرارة او غلى بالتسخين فانه يحرم حتى يذهب ثلثا ويكون دبساً سميكاً وقد رأينا في كتاب الطهارة بان ذهاب الثلثين ليس بالدقة وانما هو كونه دبساً سميكاً بحيث يصبغ الاناء كما في الرواية, واحتطنا في عصير التمر او الفواكه بالتحريم حتى يكون دبساً.
حكم- قلنا في كتاب الطهارة بان العنب والكشمش والتمر وغيرها اذا وضعت بالمرق وفورت فلا تحرم سواء بقيت صحاحاً او تفسخت لان العصير معناه العصر وهذا ليس بمعصور فلا يحرم بالغليان بل الزبيب والحصرم لا يخرج منهما ماء حتى لو عصر الا اذ يضاف عليهما ماء ثم يسحقان فيه فيكون عصيراً.
حكم- العنب والزبيب والتمر وغيرها لها عصارة وهي الماء الخارج منها بعد العصر وثفالة وهو القشور المسحوقة بعد العصر وهي تؤكل ولا تشرب ولا يحتاج لذهاب ثلثيها ويمكن ان تجعل في المرق وتفور بلا ذهاب ثلثين لانها ليست عصيراً.
حكم- شراء العصير من السوق يجوز شربه ان لم تعلم انه غلى وان علمت بانه غلى فان شريته ممن لم تعلم انه يحلل العصير قبل ذهاب الثلثين او لا يحل فخذه ايضاً واشربه, واما اذا علمت بانه يحلله مع عدم ذهاب الثلثين فلا تشربه حتى تحقق او تفوره وتذهب الثلثين.
حكم- يحرم استعمال مال الغير بغير اذنه الا من استثنته الآية(10) مضمونها انه لا حرج على المضطر كالاعرج والمريض ولا على غير المضطر ان تأكلوا من بيوتكم او بيوت ابائكم او امهاتكم او اخوانكم او اخواتكم او اعمامكم او عماتكم او اخوالكم او خالاتكم او ما ملكتم مفاتحه بالشراء او الايجار او الاعارة واما الوديعة والرهن فلا يعتبر تمليكاً فيحتاج الى الاذن او صديقكم الذي تتزاور معتاداً معه.
حكم- لم يذكر في الآية الابناء والبنات ولعله للتعارف بان مالهما ماله وقد يشكل ذكر النساء من كل طبقة الاخوات والعمات والخالات مع امكان شمول اطلاق الاخوة والاعمام والاخوال عليهن اذ جمع مع ذكورهن مثل شمول قوله تعالى [عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ...73](11) لشمول الزهراء مع علي والحسن والحسين والنبي على رأسهم, والجواب ان التخصيص هنا لازم لان مصرف الاخ والعم والخال من جبيه فلا يحتاج للاستئذان واما مصرف الاخت والعمة والخالة فليس من جيبهن وانما من ازواجهن وقد يكون زوجها غريباً وقد لا يرضى بالضيافة ولكن الله تعالى اجاز فجاز.
حكم- الظاهر شمول الاذن للفروع والاصول وانما ذكرت الام والاخت والعمة والخالة لتأسيس قاعدة للاذن بسبب القرابة والا لخصص وعليه فلا يجب الاستئذان ولا التحرز من الاكل بيوت اباء الاباء وامهات الامهات وابناء الابناء وابناء الاخوة والاخوات وبناتهم وابناء الاعمام والاخوال والعمات والخالات, نعم لا يدخل من تعلق بالسبب لا بالنسب فلا بد من الاستئذان من زوجة الاب والاخ او العم او الخال اذا انفصلن عنهم, وكذلك من زوج البنت او الاخت او الام او العمة او الخالة اذا انفصلوا عنهن وكذلك قرابات هؤلاء سواء انفصلوا ام لا.
حكم- يجوز استعمال غير الاكل في بيوت هؤلاء مما هو مساو للاكل مثل النوم والتبول والاجتماع بهم بغير المخالفات الشرعية فلا يجوز مثلاً الاختلاء مع زوجة الاخ ام العم او الخال او الصديق او بنات العمة او الخالة او اختلاء البنت مع زوج الاخت او العمة او الخالة او ابن العمة او العم او الخال او الخالة او صديق اخيها او ابيها او ابنها.
حكم- اذا علمت بكراهة احد هؤلاء من دخول بيته بسبب شرعي كما لو كان عنده بنات يخاف منك الاطلاع عليهن لانهن غير محارم كبنت العم والخال او لأن لك عادات غير مقبولة لديهم مثل الفضولية في معرفة بعض الاسرار او التلاعب بالاغراض او الاسئلة المحرجة والتصرفات الشاذة او كان لا بسبب, فالظاهر حرمة الدخول واستعمال حاجيات الكاره للحديث (لا يحل مال امرئ الا بطيبة نفسه), (الناس مسلطون على اموالهم وأنفسهم), وعليه فتحليل اكل الرجل والاختلاط مع اخته او عمته او خالته ليس معناه الاختلاط مع بناتهن واختلاطه واكله من اخيه وعمه وخاله لا يجر التحليل الى الاختلاط مع ازواجهم, واختلاط واكل البنت من عمها او خالها لا يجوز اختلاطها مع اولادهم وكذا من عمتها وخالتها واختها لا يفضي الى عمل علاقات مع ازواجهن بل يمنع شرعاً الدخول على غير المحارم والاختلاط بهم الا مع الحجاب والعفة وعدم الاختلاء.
حكم- اذا كان اصحاب هذه البيوت بعض الاكلات مدخريها أو معتزين بها كالعسل الاصلي والخل المعتق فلا يجوز استعمالها الا باذن ولعل نفوسهم لا ترضى فالاجازة مخصوصة للاكل والاستعمال المعتاد اكله واستعماله, كما انه اذا كانوا فقراء واكلهم شحيح لا يملكون على ما يزيد عن قوتهم فلا يجوز الاكل منهم وابقاؤهم بالعوز الجوع, ويجب برهم واتيان الاكل لهم مهما امكن.
حكم- الآية قد خصت البيوت فيشكل الاكل والاستعمال لما اعدوه للبيع والتجارة في دكاكينهم ولا الدخول في الاماكن غير المعتادة الدخول لغيرهم والتصرفات غير المعتادة مثلاً فتح خزانة الملابس والتفرج على الملابس وتفتيش الاغراض المدخرة في الخزانات من نقود وذهب وغيرهما, فهذا تعدي على الشرع والعرف فان الشرع قد اجاز الاكل فقط وفي البيوت فقط وافتينا بما شابه الاكل من باب الفحوى او المساواة من التخلي والصلاة والنوم الموقت والتحدث غير المحرج.
حكم- في حالة الجوع والضرر تحل كل الاكلات والشراب التي تدفع ذلك الجوع وترفع الضرر من الحيوانات غير المأكولة اللحم او من الميتة او من الاكلات الممنوعة, فيأكل لسد الرمق وحفظ الحياة ولا يتعدى عن ذلك وكذا لو خاف على نفس محترمة مثل اذا كان له اطفال فانه يصبر على الجوع ولكن الاطفال لا يتحملون فانه يجلب لهم ميتة او يذبح حيواناً غير مأكول اللحم او ان الحامل خافت على جنينها الموت فتسد رمقها بشيء حفظاً للجنين.
حكم- ومن الضرورات الاكراه والعمل بالتقية واللازم ملاحظة الاهم والمهم فيرتكب المهم لدفع المحرم الاهم والاشد فاذا خير بين القتل وشرب الخمر فانه يشرب ولا يعين على قتله, نعم يحد الاكراه بقتل الغير فاذا امر بقتل الغير فلا يفعل حتى لو يقتل هو للرواية تقول (لا تقية بالدماء).
حكم- التداوي بكل شيء من الحرام والحلال الا بالخمر فانه لا دواء بالخمر وما زعموا ان فيه الدواء فانهم كاذبون نعم يمكن ان بعض الادوية فيها كحول يضطر للتداوي بها ولكل الكحول غير مسكرة في اصلها او انها قد استحلت وانقلبت فقد حلت كالخمر ينقلب خلاً وكيف كان فالدواء وما شابه اذا كتب عليه ان فيه الكحول وان يعلم بنفعه لمرضك يجوز استعماله وشربه وليس كشرب الخمر الصريح.
حكم- ورد قول الامام في ابن ابي يعفور(رح) في خبر المفضل قال: كتب ابو عبد الله حين مضى عبد الله بن ابي يعفور (يا مفضل عهدت اليك عهدي كان الى عبد الله بن ابي يعفور صلوات الله عليه فمضى صلوات الله عليه موفياً لله عز وجل ولرسوله ولامامه بالعهد المعهود لله وقبض صلوات الله على روحه محمود الأثر مشكور السعي مغفوراً له مرحوماً برضا الله ورسوله وامامه عنه بولادتي من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ما كان في عصرنا اطوع لله ولرسوله ولامامه منه فما زال كذلك حتى قبضه الله اليه برحمته وصيره الى جنته ساكناً فيها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وامير المؤمنين (ع) انزله الله بين المسكنين مسكن محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وامير المؤمنين (ع) وان كانت المساكن واحدة والدرجات واحدة فزاده الله رضى من عنده ومغفرة من فضله برضاه عنه)(12).
حكم- ورد عن ابن ابي يعفور(رح) قال: كان اذا اصابته هذه الاوجاع فاذا اشتدت شربت الحسو من النبيذ فسكن عنه فدخل على ابي عبد الله (ع) فاخبره بوجعه وانه اذا شرب الحسو من النبيذ سكن عنه؟ فقال له (لا تشربه). فلما رجع الى الكوفة هاج به وجعه فاقبل اهله فلم يزالوا به حتى شرب فساعة شربه سكن عنه فعاد الى ابي عبد الله (ع) فاخبره بوجعه وشربه فقال له: (يا ابن ابي يعفور لا تشرب فانه حرام انما هو من الشيطان موكل بك ولو قد يئس منك ذهب) فلما ان رجع الى الكوفة هاج به وجعه اشد مما كان فاقبل اهله عليه فقال لهم لا والله ما اذوق منه قطرة ابداً فأيسوا منه اهله فكان يهتم على شيء ولا يحلف وكان اذا حلف على شيء لا يخلف فلما سمعوا أيسوا منه واشتد به الوجع اياماً ثم اذهب الله به عنه فما عاد اليه حتى مات رحمة الله عليه).
حكم- البنج هو التخدير فان كان بنجاً موضعياً فلا اجد فيه اشكالاً واما البنج العام وخصوصاً اذا كان يشرب فهو كشرب المسكر على ما يظهر من بعض الاحاديث فعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (سيأتي زمان على امتي يأكلون شيئاً اسمه البنج انا بريء منهم وهم بريؤن مني)(13), وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : (سلموا على اليهود والنصارى ولا تسلموا على اكل البنج), وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : (من احتقر ذنب البنج فقد كفر)(14).
حكم- شرب الدخان فمن المعلوم انه نوع من الفحم وقد حرمنا اكل الفحم حتى لو احرق الخبز وصار كالفحم فاكله مشكل والسيكارة تحرق وشاربها يبلع الدخان ويسود معدته وامعاءه وكبده, ولكن مع ذلك لا نحكم بالتحريم لان بعض الاجساد ينفعها الدخان كما اذا كانت كثيرة الرطوبة فان التدخين ينشفها ويصحها ولذا ترى بعض المدخنين يعمرون عمراً طويلاً, وكيف كان فالدخان ان لم يحس منه الضرر فهو مكروه واما اذا حصل الضرر ومنع عنه الاطباء فقد حرم.
حكم- اولاً: ان البنج الذي يجعلونه ببدن المريض حتى يعملوا له عملية جراحية ولا يحس بها حتى لو قطع بدنه تقطيعاً, انا اشك بان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما حدث عن البنج قصد هذا البنج, وثانياً: ان اخباره مرسلة وغيره مسندة, وثالثاً: ان هذا البنج لا يسكر وانما قاطع للحواس بالمرة والمسكر لا يذهب الحواس وانما يضطرب العقل ويضعف الحواس ويشل الاعضاء حتى لا يستقيم بالحركة والمشي والله اعلم.


(1) الوسائل ب58 ح13 الاطعمة المحرمة.

(2) الوسائل ب59/1و3 الاطعمة المحرمة.

(3) الوسائل ب59/1و3 الاطعمة المحرمة.

(4) الوسائل ب59/1و3 الاطعمة المحرمة.

(5) الوسائل ب59 ح7 الاطعمة المحرمة.

(6) الوسائل ب60 ح3 الاطعمة المحرمة.

(7) سورة النساء 4/43.

(8) سورة البقرة 219.

(9) سورة المائدة 5/90 – 91.

(10) سورة النور 24/61.

(11) سورة هود 11/73.

(12) مهذب الاحكام 23/184 عن رجال الكشي 215ط النجف.

(13) مستدرك الوسائل ب27 ح6 الا شربة المحرمة وهو آخر سطور الاطعمة والاشربة.

(14) مستدرك الوسائل ب27 ح6 الا شربة المحرمة وهو آخر سطور الاطعمة والاشربة.