القسم الثاني: الصيد بالآلة:

حكم- لا يؤكل الحيوان بالجرح في غير الرقبة الا اذا كان الحيوان ممتنع ولم يستطع ان يمسكه ويصوب عليه ويرميه فتصيبه الرمية فهذا يصاد اما بالكلب واما بالآلة ويحل بذلك ويشترط ان يكون حاداً وبشرط ان يقتل بالجرح وليس بالدهس ولا باللطم ولا بغير ذلك, ومن ذلك السيف والخنجر والسكين او الرمح والسهم والقوس والنشاب.
حكم- يشترط في الالة الصائدة المتحدد وانها تخرق البدن فلا تحل الذبيحة او الصيد اذا وقع عليه شيء ثقيل ولم يدخل البدن وانما تسحقه سحقاً فلا بد ان تكون متحددة حتى تخرق الجلد, نعم في الرصاص الحديثة سواء كانت من الحديد ام من غيره ما دام كانت صغار كالحادة فتكون جارحة وتخرق فعن ابي عبيد عن ابي عبد الله (ع) قال: (اذا رميت بالمعراض فخرق فكل وان لم يخرق واعترض فلا تأكل)(1), والاعتراض هو الضرب بالجانب العريض من الرمح وغيره فلا يحل.
والحلبي عن ابي عبد الله (ع) قال: عن الصيد يرميه الرجل بسهم فيصيبه معترضاً فيقتله وقد كان سمى حين رمى ولم تصبه الحديدة قال:(ان كان السهم الذي اصابه هو الذي قتله فاذا رآه فيأكل)(2), فانه لا يشترط اصابة الحديدة ما دام قد جرح, وعن علي (ع) في رجل له نبال ليس فيها حديد وهي عيدان كلها فيرمي بالعود فيصيب وسط الطير معترضاً فيقتله ويذكر اسم الله وان لم يخرج دم وهي نبالة معلومة فيأكل منه اذا ذكر اسم الله عز وجل.
حكم- ورد عدم حلية الصيد بالجلاهق(3) وهي كرات صغيرة يمكن ان تكون مثل الحمصة او اكبر, وكذلك البندق فهي غالباً لا تخرق وان خرقت فسوف تتلف وتخسف ما حول المقتل لانها غير حادة, ففي الحديث عن سليمان قال: سألت ابا عبد الله (ع) عما قتل الحجر والبندق ايؤكل؟ قال: (لا)(4) ومثله غيره, وهذا غير الرصاص التي في الاسلحة الحالية فانه محدد وصغار وقوى الدفع بحيث يخرق البدن باسرع من السكين فروايات الخرق تشمله (اذا رميت بالمعراض فخرق فكل وان لم يخرق واعترض فلا تأكل)(5).
حكم- لا يبعد ان من فرض الحديد انه يشمل بقية الفلزات كالصفر والالمنيوم والفافون والحديد الخفيف الذي يصنع منه الرفوف والصفيح (التنك) والذهب والفضة فكله حديد ولكنها بمسميات جديدة وبعضها قديمة.
حكم- لو رماه اكثر من واحد وكلهم قد سمى فاصابوه فقتلوه حل واشترك كل من أصابه وتفصيل ما مر في صيد الكلب ان هنا من كون الصائد مسلماً او مسمياً وقاصداً الصيد للمصيد او للاعم منه ولو رمى بآلة مغصوبة حل الصيد وكان شريكاً للمالك ولو اثخنه بدون تسمية ثم سمى واكمل الذبح كفى وكذا لو اتخنه كافر وذكاه المسلم مع التسمية فيحل وبالعكس لا يحل كما عن الجعفري قال: سألته عن ظبي او حمار وحش او طير صرعه رجل ثم رماه غيره بعدما صرعه؟ فقال (ع) : (كل ما لم يتغيب اذا سمى ورماه)(6).
حكم- المصيد قد يكون ممتنعاً بالاصل وهي الحيوانات الوحشية والطيور والاسماك وقد يكون في الاصل اليفاً ثم يكون ممتنعاً بسبب سقوطه في بئر مثلاً او دهس بالسيارة بعيداً بحيث لا يصل اليه الا هو زاهق الروح فيرميه من بعيد ويسمي لان الحالة ادخلته بحكم الصيد.
حكم- الصيد كالذباحة فانها تحلل اللحم للحيوان المأكول وتحلل اللبس والاستعمال وتمنع تنجس اللحم والجلد وكذلك الصيد للمأكول يؤكل والملبوس يلبس.
حكم- لو قطعت الالة الحيوان فان كانت غير معتبرة شرعاً للصيد فالقطعة التي ليس فيها الراس هي حرام والقطعة التي فيها الرأس تحلل بالذبح وان كانت شرعية كالسيف والرمح حل الجزءان وان اتسع الزمان للتذكية وجب تذكية ما فيه الرأس ويحرم الجزء الآخر , قال ابو جعفر (ع) قال امير المؤمنين (ع) (ما اخذت الحبالة من صيد فقطعت منه يداً او رجلاً فذروه فانه ميت وكلوا مما ادركتم وذكرتم اسم الله عليه)(7), وعنه (ع) في رجل ضرب غزالاً بسيفه حتى ابانه أيأكله؟ قال: (نعم يأكل مما يلي الرأس ويدع الذنب)(8).
وعنه (ع) في الرجل يضرب الصيد فيجدله بنصفين, قال (يأكلهما جميعاً وان ضربه فابان منه عضواً لم يأكل منه ما ابان منه واكل سايره)(9).
حكم- يتملك الحيوان الوحش الممتنع بثلاث أمور: الاول: وضع اليد عليه واخذه بيده, والثاني: وقوعه في شبكة صيده, والثالث: ان يضربه حتى يعطله ويجعله غير ممتنع وهو مشرف عليه واشترطوا القصد برميه وتعطيله والا فلا يملك اذا لم يقصد الملك, ولو عشش الطير في داره فلا يملكه حتى ينوي ذلك ويستولي وكذلك لو توصل حل في مزرعته.
حكم- شروط الالة من كونه حاداً جارحاً خارقاً للبدن والصياد ان يكون مسلماً قاصداً وما شابه إنما تفرض فيما اذا حصل القتل وازهاق الروح بهذا الصيد, واما اذا لم يحصل القتل لعدم كونه حرام لحمه وجلده او يراد ولكن لم يحصل القتل حيث اعتمد على تذكيته بالذبح فلا شروط بالصيد بالحجارة والحبال والشباك وبواسطة الصقور والفهود والاشعة وغيرها مما يسبب ايقافه وتعطيله وامكان إمساكه, فلو مسكه فقد ملكه حتى لو افلت بعد ذلك.
حكم- لو طارده فدخل ملك آخر فاخذه صاحب الملك فهو للآخذ بحسب ما ظهر في الرواية عن السكوني عن ابي عبد الله (ع) ان امير المؤمنين (ع) قال في رجل ابصر طيراً فتبعه حتى وقع على شجرة فجاء رجل فاخذه؟ فقال امير المؤمنين (ع) : (للعين ما رأت ولليد ما اخذت)(10).
حكم- لو رماه فلم يعطله ثم رماه آخر فعطله او قتله فهو للثاني ولو عجز عن نقله فتركه فجاء آخر فحمله واطعمه وقواه فهو للثاني كما في خبر صحيح ابن سنان عن الصادق (ع) : (من اصاب مالا او بعيراً في فلاة من الارض قد كلت وقامت وسيبها صاحبها مم لم يتبعه فاخذها غيره فاقام عليها وانفق نفقته حتى احياها من الكلال ومن الموت فهي له ولا سبيل له عليها انما هي مثل الشيء المباح)(11).
حكم- لو صاد طيراً فرأى فيه علامة كخيط في قوائمه او قلادة في رقبته او قرط في اذنه او صبغ على بدنه او قطع بعض ريشه فلا يملكه بل هو لقطة يلزم ان يعرّفه حتى اليأس كما مر في احكام اللقطة, والصيد الذي يملك هو الذي لا علامة عليه لملك الغير.
حكم- لو صنع وكراً بالسطح للجوء الحمام فما وكرت لم يملكه ما لم يحبس عليه ويقصد الملك فاذا وكرت أو عششت اي وضعت بيوضها ونوى ذلك فلا يجوز لغيره تملكها, نعم لا يجوز للغير مد يده الى وكر غيره واخذ الطير ولعله قصد التملك حتى يعلم الاعراض وعدم التملك.
حكم- لو ملك شخص اميرة النحل فقد ملك مجموعتها فلا يجوز للغير اخذ واحدة منها, واذا ملك نحلة سايبة فلا يملك المجموعة, واذا مسك الشخص طيراً او وحشاً او نحلاً وجاء آخر مدعياً انها ملكه فان جاء بعلامة في الحيوان فانها له وان لم يضع علامة فلا بد من الاثبات بالبينة او الشاهد مع اليمين.
حكم- ورد في الحيوانات الاهلية اذا توحشت حل قتلها بالصيد عن صحيح الحلبي عن الصادق (ع) في ثور تعاصى فابتدره قوم باسيافهم وسموا فاتوا علياً (ع) فقال: (هذه ذكاة وحية) اي سريعة (ولحمه حلال)(12), والعيص بن القاسم عن الصادق (ع) ان ثوراً بالكوفة ثار فبادر الناس إليه باسيافهم فضربوه فاتوا امير المؤمنين (ع) فاخبروه؟ فقال (ع) : (ذكاة وحية ولحمه حلال)(13).
وعبد الرحمن عن ابي عبد الله (ع) ان قوماً اتوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا ان بقرة غلبتنا واستصعبت علينا فضربناها بالسيف فامرهم باكلها(14), وابي بصير عنه (ع) : (ان امتنع عليك بعير وانت تريد ان تنحره فانطلق منك فان خشيت ان يسبقك فضربته بالسيف او طعنته بحربة بعد ان تسمي فكل الا ان تدركه ولم يمت بعد فذكه)(15), يعني بنحره.
والحلبي عن ابي عبد الله (ع) في رجل ضرب بسيفه جزوراً أو شاة في غير مذبحها وقد سمى حين ضرب؟ قال (ع) : (لا يصلح اكل ذبيحة لا تذبح من من مذبحها يعني اذا تعمد ذلك ولم تكن حاله حال اضطرار فاما اذا اضطر إليه واستصعب عليه ما يريد ان يذبح فلا بأس بذلك)(16).
حكم- لو رمى صيداً وشك انه اصابه وغاب فلحقه فراه وسهمه فيه وهو ميت حل لحمه, ولو رمى فاصابه السهم ثم سقط من جبل او في ماء فمات فلا يحل ولو وجد صيداً ميتاً ومصيباً من السهم ولم يدر ان السهم لمن وانه مات من السهم فلا يأكله.
حكم- كراهة الصيد ليلاً وكراهة ذبح او صيد الفراخ, فعن عبد الرحمان عن ابي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (لا تأكلوا الفراخ في اعشاشها ولا الطير في منامه حتى يصبح), فقال رجل ما منامه يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ قال: (الليل منامه فلا تطرقه في منامه حتى يصبح ولا تأتوا الفراخ في عشه حتى يريش ويطير فاذا طار ففوق له قوسك وانصب له فخك)(17).


(1) الوسائل ب22 ح1 و2 الصيد.

(2) الوسائل ب22 ح1 و2 الصيد.

(3) الجهلق: جمعها جلاهق بضم الجيم البندق المعمولة من الطين فارسي معرب كما في مجمع البحرين 393.

(4) الوسائل ب23 ح1 الصيد.

(5) الوسائل ب22, 1 – 5 الصيد.

(6) الوسائل ب18 ح7 الصيد.

(7) الوسائل ب24 ح1 الصيد.

(8) الوسائل ب35 ح2 و4 الصيد.

(9) الوسائل ب35 ح2 و4 الصيد.

(10) الوسائل ب38 الصيد.

(11) الوسائل ب13 ح17 اللقطة.

(12) الوسائل ب10 ح9 و2 و3 الصيد.

(13) الوسائل ب10 ح9 و2 و3 الصيد.

(14) الوسائل ب28 ح1 الصيد.

(15) الوسائل ب28 ح1 الصيد.

(16) الوسائل ب10 ح9 و2 و3 الصيد.

(17) الوسائل ب10 ح9 و2 و3 الصيد.