الاعتكاف

كتاب الاعتكاف وهو الخامس من الموسوعة [حكم -1] الاعتكاف هو اللبث في المسجد الكبير قربة الى الله تعالى ثلاثة أيام أو أكثر.
والعكوف في اللغة هو الإنحناء واحتواء شيء يشرف عليه فيقال عكف في كذا حتى حققه والخشوع والخضوع وكامل الاطاعة ويعبر عن الانطواء والانزواء عن الناس أيضاً وكذلك التذلل لشخص ما وقد يعبر عن تعسر الأمور وذهاب العز وحياة الشقاء.
[حكم -2] يصح الاعتكاف في كل وقت يصح فيه الصوم ولا يصح ما لم يصح الصوم وأفضل أوقاته شهر رمضان وبالأخص العشر الأواخر.
وهو لا يجب في أصل الشرع وإنما هو مستحب وقد يجب بايجار أو نذر وأخويه أو في ضمن عقد لازم ويصح عن نفسه أو غيره متحداً أو متعدداً من الأحياء والأموات.
[حكم -3] يشترط فيه أمور:

  1. الايمان بمعنى الاسلام وأما التشيع ومودَّة أهل البيت^ فلا يبطل لو خالفها وإنما لا يقبل عمله إلا بها.
  2. العقل التام بالشعور والقصد فكل من فقد العقل لا يصح اعتكافه ولو ببعض الوقت.
  3. نية القربة كما في كل العبادات.
  4. ان يكون ثلاثة أو أكثر فلو شرع فيه يوماً جاز تركه وإذا أتم يومين وجب الثالث. وابتداء النية من الفجر.
  5. الصوم فلا يصح بدونه ولا يصح ممن لا يصح منه الصوم كالمسافر والحائض والنفساء والمريض ولا يصح من المفطر.
  6. [حكم -4] اذا نوى أو نذر الاقل من ثلاثة فلا يصح وإذا نذر الاكثر من ثلاثة ويتخللها العيد فلا يصح الا أن يكون الأول ثلاثة أو أكثر وكذلك ما بعده حتى يجعل كل منهما اعتكافا مستقلا ولا حدَّ لاكثره.
    ويدخل الليالي المتوسطة فيه ولا تدخل الليلة الاولة والليلة ما بعده إلا إذا أدخلهما بالنية.
    [حكم -5] لا يكفي الاعتكاف التلفيقي يعني ينوي الاعتكاف من الظهر الى ظهر اليوم الرابع وانما ابتداؤه من أول الفجر وآخره الى الغروب.
    نعم يحتمل جواز التلفيق بالليالي فيبدأ من الليل ويدخل الليلة الأخيرة أو من بعض الليل الى بعض ليلة الرابع.

  7. ان يكون في مسجد جامع.

[حكم -6] لا يصح النذر أو النية للاعتكاف في غير المسجد ولا يصح في مسجد صغير حتى إذا اقيمت فيه صلاة جماعة ولو تعددت المساجد تخير بينها بشرط ان تكون جامعة للناس وليس المساجد الصغيرة التي ربما يقام بها جماعة يعني ان تكون مشهورة في البلد.
[حكم -7] لو كان أجيراً في عمل فلا يجوز ان يترك العمل المؤجر له ويعتكف الا مع الاذن أو يتفق على حل الاجارة او يكون وقت الاجارة غير أيام الاعتكاف.
وإذا كان العمل لا ينافي الاعتكاف كالخياطة باليد وما شابه فيصح الاعتكاف مع انجاز مطلب الاجارة وان كان مكروهاً.
ولو ترك الاجازة واعتكف بلا استئذان من صاحب العمل فعل حراما وضمن العمل وصح الاعتكاف.
[حكم -8] يشترط شرطا تكليفياً إذن الزوج لزوجته إذا كان الاعتكاف منافياً لحقه وأما لو لم يناف حقه فلا يعتبر الإذن الا إذا استلزم الخروج والاختلاط بالرجال فلا بد من اذن.
[حكم -9] يشترط استدامة اللبث في المسجد ولا يخرج الا لضرورة وإذا خرج من غير ضرورة فعل حراماً ورجع وصح اعتكافه لان النهي يحمل على التكليفي ما لم يصرح بفساد الاعتكاف.
وأما لو خرج جاهلاًَ أو ناسياً أو مكرهاً فلا حرمة.
ومما استثنوا من حرمة الخروج: التبول والتغوط والاغسال واجبة ومستحبة وللشهادة على شيء مهم وأداء الشهادة وتشييع الجنازة وحضور مجلس الوعظ ولجلب الطعام للعيال اذا لم يكن غيره وأداء الديون والحقوق للناس أو لله تعالى.
[حكم -10] إذا تعين ووجب الاعتكاف فلا يصح كما قيل العدول من اعتكاف الى آخر وأما لو لم يتعين أو لم يجب فيجوز العدول كما يجوز الترك وذلك قبل اليوم الثالث وأما بعدها فمشكل.
ويجوز النيابة عن واحد وعن سبعة وعن سبعين كما في كل العبادات المستحبة غير المعينة سواء بعنوان اهداء الثواب أو النيابة.
وتشديد صاحب العروة رحمه الله-على عادته- بلا دليل لان المنع يحتاج الى دليل وليس الاجازة.
[حكم -11] الصوم لا يشترط ان يكون لأجل الاعتكاف فيصح الايجاري وصوم القضاء والكفارة وغيره ولو نذر الاعتكاف في آخر شهر رمضان ثلاثة أيام فصادف ثبوت العيد في الثالث بطل الاعتكاف والنذر فلا يجب قضاؤه.
ولو نذر اعتكاف النهار دون الليل لم يصح أيضاً.
[حكم -12] لو نذر اعتكاف وقت مجهول لديه كقدوم فلان من السفر أو خلاص فلان من السجن فلا ينعقد حتى يعلم الوقت وإذا نذر الوقت الذي يعقب قدومه أو خروجه أو ولادة الولد أو زواج فلان وغير ذلك صح وتعين حين يتعين ويحصل الامر.
[حكم -13] لو نذر شهر مسمى كرجب وشعبان وما شابه فبمقداره من الثلاثين أو 29 ولو نذر شهراً مطلقاً فان بدأ بأوله انصرف الى الهلالي منه وان بدأ بغير أوله انصرف الى الثلاثين يوم لا أقل ولو نذر شهراً انصرف الى المتتابع ولو نذر ثلاثين فلا يجب التتابع الا إذا قصده.
[حكم -14] لو نذر اربعة أيام أوخمسة ولم يشترط التتابع فان اعتكف يوماً ثم قطع بطل ولم يؤدِّ شيئاً من النذر وكذا يومين وان ادى ثلاثة صح وجاز تفريق ما بعدها عنها ويتمها ثلاثة حتى يكون اعتكافاً مستقلاً فيؤدي كل ما نذر.
ولو نذر أربعة جاز وأجزأ ولا يجب اكماله ستة لتتابعه بالثلاثة قبله ولو نذر خمسة وجب السادس به.
لحديث ابي عبيدة عن الباقر(ع) ((من اعتكف ثلاثة أيام فهو يوم الرابع بالخيار ان شاء ثلاثة أيام أخر وإن شاء خرج من المسجد فإن أقام يومين بعد الثلاثين فلا يخرج من المسجد حتى يتم ثلاثة أيام آخر))(1)
[حكم -15] لا يعتبر وحدة المسجد بالاعتكاف الواحد فيجوز ان يجعل اعتكافه في مسجدين او اكثر فيجوز ان يعتكف نهاراً في مسجد وليلاً في آخر لقرب أهله مثلاُ.
وعليه فلا حديث بتعيين السطح دون السرداب والحرم دون الغرف نعم لو كانت الغرف لم توقف بالمسجدية فلا يصح الاعتكاف فيها وإنما الاعتكاف بالمسجد فقط.
[حكم -17] قبر مسلم وهاني سلام الله عليهما ليسا من المسجد فعلاً ولعله سيثبت مسجديتهما والمحلات المشكوكة بالمسجد لا يبنى على مسجديتها حتى يعلم. ويثبت المسجد بالشياع والبينة والشخص الثقة ونفس الواقف والمتولي من قبله والورثة والوصي والكتيبة الموثوقة والاوراق الرسمية المضبوطة وحكم الحاكم الشرعي.
[حكم -17] لو نذر الاعتكاف بالمسجد فاعتكف في مكان ثم علم بانه ليس بمسجد وجب اعادة الاعتكاف في مسجد لاداء النذر.
[حكم -18] لو احتلم فاجنب في المسجد فله ان يغتسل بالمسجد أو خارجه وإن اراد الاغتسال بالمسجد اشترط الاسراع لتحصيل الطهارة وإذا لم يسرع الخروج فعل حراما ولم يبطل اعتكافه.
وكذا لو غصب مكان غيره الذي كان الغير سابق إليه فقد فعل حراماً ولكن لم يبطل اعتكافه وكذا استعمال الامور الغصبية وبعض الأفعال المشتبهة بالحرام.
وأما تقييدات العروة والاكثار من الحكم بالبطلان فان صاحب العروة S يكاد ان يشترط النبوة والعصمة في المعتكف.
[حكم -19] لو أذن الزوج لها بالاعتكاف واعتكفت ثم طلقها طلاقاً رجعياً فلا تخرج من المسجد ولا يجوز له اخراجها إذا وجب عليها.
وان اعتكفت بدون اذن ولم يجب عليها وطلقت رجعياً فلو اذن الزوج بقيت واتمت وان لم يأذن خرجت وبطل الاعتكاف عند الخروج.
[حكم -20] لو اعتكف بدون اذن الزوج ثم طلقها طلاقاً بائناً أقرت على الاعتكاف وسقط اذنه ولو انقلب البائن الى رجعي رجع اعتبار اذنه إذا لم يجب عليها الاعتكاف كما اذا طلقها خلعياً أو مباراة فهو بائن ثم رجعت بالبذل رجع الطلاق رجعياً.
[حكم -21] قد قلنا ان الاعتكاف أصله مستحب ولكن قد يجب وجوباً تعييناً كما اذا نذر أو استوجر على ايام مخصوصة معينة.
او وجوبا مطلقاً فالمستحب لا يجب الا ان يتم يومين فيجب الثالث والوجوب المطلق كذلك فإذا شرع وفي اليوم الأول أوالثاني وقبل آخر النهار أعرض جاز له ووجب التفرغ لايام أخرى ليؤدي الواجب وإذا أكمل اليومين فلا يجوز له الإعراض ووجب اكماله وصح في اسقاط الواجب.
وأما الواجب المعين فمن حين الشروع يجب الاكمال وحرم الاعراض.
[حكم -22] يجوز له ان يشترط الفسخ متى شاء كما في موثق عمر قال: ((واشترط على ربك في اعتكافك كما تشترط في احرامك ان يحلك من اعتكافك عند عارض لك من علة تنزل بك من أمر الله تعالى))(2)
بأن يقول مثلاً اللهم ان قدم أبي من الحج تركت الاعتكاف فلو جاء ابوه وهو في يومه الثالث جاز له أيضاً الخروج لملاقاته وترك الاعتكاف.
[حكم -23] لا يجوز له اشتراط منافيات الاعتكاف بان يبيت في بيته مثلا أو ان يجامع زوجته سواء كان الشرط في نذر أو غيره.
ويجوز اشتراط التعليق المعلوم كما اذا قال اذا كان غدا الجمعة فانا من اليوم معتكف وهو يعلم ان غداً هي الجمعة فيصح اعتكافه.
بل وكذا لو علقه على امر غير معلوم كما إذا قال إن لم يجئ غداً أستاذي فأنا من هذا اليوم معتكف فينوي الاعتكاف من اليوم وهو مراعى فان جاء استاذه لتدريسه خرج من الاعتكاف - كما يجوز له ترك الاعتكاف بدون شرط ما قبل اليومين - وان لم يجئ أتمَّ اعتكافه فجزم العروة بالبطلان وجماعة من المعلقين والشارحين بعيد في النظر.


(1) الوسائل ب4 ح3 اعتكاف.

(2) الوسائل ب 9 ح2 اعتكاف