اسم الموصول في علم البلاغة

يؤتى به لتعيين مصداقه إذا لم تعرف اسم الشخص فتقول جاء الذي التقيناه أمس
وقد يؤتى لأغراض أخرى منها:
1 - التشويق مثل ما إذا كان صلته حكماً غريباً كقول الشاعر:

والذي حارت البرية فيه

 

حيوان متحدث من جماد



2-إخفاء الأمر على غير المخاطب كقول الشاعر:

وأخذت ما جاد الأمير به

 

وقضيت حاجاتي كما أهوى.



3 - التنبيه على خطا المخاطب كقوله تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ] وكقول الشاعر: إن الذين ترونهم أخوانكم يشفى غليل صدورهم إن تصدعوا.
4- التنبيه على خطأ غير المخاطب كقول الشاعر:

إن التي زعمت فؤادك ملها

 

خلقت هواك كما خلقت هوى لها



وقوله تعالى: [إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ] [إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ].
5 - تعظيم شأن المحكوم به والمحكم له كقول الشاعر:

إن الذي سمك السماء بنى لنا

 

بيتا دعائمهُ أعزل وأطول)



6 - ومنها التهويل لتعظيم كقوله تعالى [فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ].
7 - التهويل للتحقير ولشدة التنقيد كقولهم (من لا يعرف أي طرفيه أطول يقول ما يقول) (دعه وما يقول) (وما يفعل) (الديوث هو الذي لا يهتم بما قال وما فعل يقال له وما يفعل به).
8 - كراهة اسم المشار إليه كما إذا كان اسم أبيه بطة أو كدش أو برغوث أو جحش أو زبالة فلا يصرح باسمه وإنما يقول: (جاء أبي وذهب أبي ويقول الذي رباني هو أبي) أو إذا أعطاك شيئاً حقيرا ككمية من الزبالة فتقول (شيء ما أعطاني فلان) أو أعطيت.
9 - إشارة إلى الوجه الذي استحق عليه الجزاء كقوله تعالى [إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ].
10 - التوبيخ بدون استحسان ذكر اسم التوبيخ من أجله كقولهم (إن الذين أحسنوا إليكم أشبعتموهم إساءة وظلماً)
11 - الاستغراق: كل من زارك أكرمه.
12 - الإبهام نحو [وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا] [قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا].
الخامس التعريف بأل
تكون على ثلاثة أوجه فهي أما اسما موصولاً أو حرف تعريف أو تكون زائدة والموصول هي الداخلة على أسماء الفاعلين والمفعولين قال في الألفية:

 

ال حرف تعريف أو اللام فقط

 

فنمط عرفت قل فيه النمط



ولا يدخل الموصول على الصفة المشبهة
والصفة المشبهة ما دل على معنى وذات ويشمل اسم الفاعل واسم المفعول وأفعل التفضيل ولا تصاغ من الفعل المتعدي وتكون في ما استحسن جر فاعلها مثل حسن الوجه ومنطلق اللسان وطاهر القلب وأصلها طاهر قلبه ومنطلق لسانه ووجهه مرفوع بحسن على الفاعلية.
ولا يجوز في غيرها من الصفات فلا يقال زيد ضارب الأب عمرا
يقصد ضارب أبوه عمراً ولا زيد قائم الأب غدا يقصد زيد قائم أبوه غداً ويجوز إضافة اسم المفعول إلى مرفوعه تقول زيد مضروب أبوه فهو جار مجرى الصفة المشبهة.
والصفة المشبهة لا تصاغ من الفعل المتعدي فلا تقول زيد قاتل أب بكر تقصده زيد قاتل أبوه بكرا)
ولا توصف إلا بالفعل اللازم الحالي فلا يقال زيد حسن الوجه غدا أو أمس وأيضاً بالنسبة لأوزان الصفة المشبهة إذا كانت ثلاثية الحروف فهي على نوعين وهما إنه إذا كانت بوزن المضارع مثل طاهر القلب.
والثاني ما لم يكن بوزن المضارع وهو كثير بالصفة المشبهة مثل: جميل الخلق و حسن الوجه وكريم الأب.
وإن كانت من الثلاثي لزم أن توازن المضارع مثل منطلق اللسان ومتدحرج الكرة ومتعالي النفس وبالنسبة لأعرابها فيثبت للصفة المشبهة ما يثبت لاسم الفاعل المتعدي وهو الرفع للصفة والنصب للمضافة إليه فقولك حسن الوجه: في حسن ضمير مرفوع هو الفاعل والوجه منصوب مشبها بالمفعول به لأن حسناً شبيه بأحسن المتعدية والفاعل هو والوجه مفعول لأحسن ثم الفروق بين اسم الفاعل وهذه الصفة والصفة المشبهة تعمل عمل اسم الفاعل ولكنها لا تتصرف كتصرفه من التعدي للمفاعيل والتدخل في عدة جمل ولا يجوز تقديم معمولها فلا تقول زيد الوجه حسن بينما اسم الفاعل يجوز فتقول زيد عمراً ضارب.
ولا تعمل بأجنبي فلا تقول زيد حسن عمرا لأن عمراً لم ينسب لصفة زيد وبينما اسم الفاعل يعمل بالمسبب وبالأجنبي تقول زيد ضارب عمراً.
نعم يجوز في الصفة أن تعمل بالأجنبي إذا نسب إليه مثل زيد كريم أباً وأماً وأخاً وأختاً وغلاماً.
وقال في الألفية:

فارفع بها وانصب وجر مع ال

بها مضافاً أو مجرداً ولا

 

ودون ال مصحوب ال وما أتصل

تجرر بها مع ال سما من ال خلا



وهذا بحث اتصالها بال وعدم اتصالها وإضافتها وعدمها
فهي أما أن تتصل بالألف واللام نحو الحسن أي الحسن الجميل أو مجردة عنهما وعلى كلا التقديرين فإن لها ستة أحوال وكل منها أما بالصفة مع أل أو بدون ال فهذه اثنا عشر وجهاً وكل منها أما أن يكون المعمول مرفوعاً أو منصوباً أو مجروراً فهذه (36) فرض.
ونقول إجمالاً:
1 - 2 - أن يكون المعمول بالأل: حسن الوجه والحسن الوجه.
3 - 4 - أن يكون المعمول مضافاً لما فيه ال: حسن وجه الأب والحسن وجه الأب.
5 - 6 - أن يكون المعمول مضافاً إلى ضمير الموصوف: مررت بالرجل الحسنِ الوجهه أو مررت برجل حسن وجهه.
7 - 8 - أن يكون المعمول مضافاً إلى مضاف إلى ضمير الموصوف مثل بالرجل الحسنِ وجه أخيه أو برجل....
9 - 10 - أن يكون المعمول مضافاً ومجرد من ال الحسن وجه أب وحسن وجه أب.
11 - 12 - أن يكون المعمول مجرداً من ال والغضافة حسن وها والحسن وجهاً.
1 - فارفع بها اي صفة.
مع ال: 1 - الحسن الوجه. 2 - والحسن وجه الأب. 3 - والحسن وجه أبيه. 4 - والحسن وجه أب. 5 - والحسن وجهه. 6 - والحسن وجه.
- أو دون ال: 1 - حسن الوجه. 2 - وحسن وجه الأب. 3 - وحسن وجه أب. 4 - وحسن وجه أبيه. 5 - وحسن وجه. 6 - أو حسن وجهه.
- وأنصب: 1 - حسن الوجه. 2 - وجهاً. 3 - وجه أب. 4 - وجه أبيه. 5 - وجهه. 6 - وجهاً وجه الأب.
وانصب مع الأل الحسن الوجه. 2 - وجهاً. 3 - وجه أب. 4 - وجه أبيه. 5 - وجهه. 6 - وجه الأب.
وجر مع ال: الحسن وجهٍ. 2 - الوجه. 3 - وجه أب. 4 - وجه أبيه. 5 - وجهه. 6 - وجه الأب.
وجر بدون ال: 1 - حسن وجه. 2 - الوجه. 3 - وجه أب. 4 - وجه أبيه. 5 - وجهه. 6 - وجه الأب.
أو لا تجرر: أي يمتنع مع الجر من هذه الفروض: أولا جر المعمول المضاف إلى ضمير الموصوف فلا يصح القول (الحسن وجهه) أي الخامس من الخامس
ثانياً: جر المعمول المضاف إلى ما أضيف إلى ضمير الموصو فلا يقال نحو الحسن وجه أبيه أي الرابع من الخامس.
وثالثاً: جر المعمول المضاف إلى المجرد من ال وهو مضاف فلا تقل الحسن وجهِ أب وهو الثالث من الخامس.
رابعاً: جر المعمول المجرد من ال والإضافة مثل الحسن وجهٍ وهو الأول من الخامس.
خامساً: جر المعمول مع الأل غير المضاف فلا يقال الحسن الوجه بالكسر وهو الثاني من الخامس.
سادساً: لا يصح السادس من الخامس أيضاً فالخامس وهو جر المعمول مع الصفة ذات ال لا يصح كله في نظري ولكن ابن مالك وشارحه أجاز الاثنين الأخيرين وهو ضعيف.
نرجع إلى أحكام ال وقد قلنا أنها أما اسماً موصولاً بمعنى الذي وقلنا أنها لا تدخل على الصفة المشبهة والتي ذكرنا آنفاً في الصفة المشبهة ليست هي صلة وإنما هي للتعريف وزائدة.
لأن الصفة المشبهه للثبوت والاستقرار وكذلك لا تدخل ال الموصولة على اسم التفضيل فلا يقال (لما أحسنه أو الأحسن به بكسر السين وإذا دخلت فإنما هي حرف تعريف.
وربما وصلت: أ - (ال الموصولة) بالضرف كقول الشاعر:

من لا يزال شاكراً على المعه

 

فهو حرٍ بعيشة ذات سعه.



ب - أو وصلت بجملة أسمية كقول الشاعر:

من القوم الرسول الله منهم

 

لهم دانت رقاب بني معد



ج - أو فعلية فعلها مضارع كقوله (... صوت الحمار اليجدع).
الوجه الثاني أن تكون ال للتعريف: وهي عهدية وجنسية وكل منهما ثلاثة أقسام فالعهدية: إما أن تكون أ مصحوبها قد ذكر قبلاً (معهوداً ذكريا) بكسر الذال كما قال الله تعالى: [كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ](1).
وقال تعالى: [فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ](2).
وهذه يسد الضمير مسد أل مع مصحوبها فإذا قلت أرسلنا إلى فرعون رسولا وفرعون قد عصاه فالضمير الهاء قد سد مسد ال مع رسول، وكذلك لو قلت فيها مصباح وهو في زجاجة وهي كأنها كوكب دري فقد أعطى كل المعنى وسد المطلب ولكنه خلاف البلاغة.
ب - أو تكون معهوداً ذهنياً كقوله تعالى: [إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ](3).
لأن أبا بكر لم يذكر اسمه في الآية وإنما هو في الذهن والمسلمون عرفوا من لحق الرسول دون غيره وأنجبر أن يصحبه معه.
وكذلك: [إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ](4).
ج - ومن الذكر ما ذكر تلويحا وليس بشخصه مثل قوله تعالى [وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى]. إذاً الذكر قد ذكر قبلاً وليس بصريح إذ قالت زوجة عمران أني ذكرت لك ما في بطني فقولها (ما) إشارة إلى الذكر لأن الانثى لا تنذر لخدمة المسجد.
أو معهوداً حضوريا ًولا تقع هذه إلا بعد اسم الإشارة تقول جاء هذا الرجل
أو النداء: مثل السلام عليك أيها النبي ورحمة وبركاته أو إذا الفجائية نحو خرجت فإذا الأسد أمامي.
أو اسم الزمان: الحاضر نحو الآن ونحو [الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ](5) وهو ما عبر عنه بالحضور بذاته (اليوم)
ثانياً: الجنسية: ال وهي إما (أ) لاستغراق أفراد الجنس فهي تخلفها (كل وجميع وما شابه من الالفاظ العموم مثل [وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا](6) [إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ](7).
2 - أو لاستغراق صفات الجنس وتخلفها ألفاظ العموم ادعاءً ومجازاً وليس حقيقة كقوله أن البطل هو فلا) (وإن الكرم هو حاتم).
3 - أو لتعريف الماهية والذات وهي ليس بمعنى الكل لا حقيقة ولا مجازاً مثل [وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ](8).
أو قولك (لا أتزوج النسا) أو لا أنجب الأولاد.
فهذه ليست للجمع ولا للاستغراق وإنما هي للماهية ولذا لو نذر أو حلف أن لا يشرب الماء وقد شرب قطرة منه فقد حنث.
الوجه الثالث الزائدة وهي نوعان لازمة وغير لازمة فالزائدة كالتي في الأسماء الموصولة (اللتي الذي) والتي في الأعلام (كالنضر والنعمان واللات والعزى) أو مرتجلة أي بغير مناسبة ولا إطراد كالسمؤأل
أو غالبة ومطردة كالبيت مقصود به الكعبة والمدينة بقصد المدينة المنورة والنجم يقصد الثريا.
والشيخ: للشيخ الطوسي، والمحقق: للحلي والسيد للسيد المرتضى والثانية غير اللازمة وهي إما كثيرة بالاستعمال وهي غالباً تكون بالعلم المشار إلى أصل عمله كالحارث والعباس والضحاك وهذا ما يتوقف على السماع وأما شاذة وغير مطردة الاستعمال وتغلب في الشعر نحو

 

باغذ أم العمر من أسيرها

 

حراس أبواب على قصورها.



أسيرها أي محبها والعمر بفتح العين ولم تثبت الواو فيه لأن الألف واللام لا يدخل على عمر بضم العين.

 

وكذلك مثل رأيت الوليد بن اليزيد مقامراً

 

شديدأً بأعمال الفسوق مجاهره.



وفي غير الشعر كقولهم (أدخل الأول فالأل ومثل: جاء الجمع الغفير وقرأ بعضهم [لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ](9). بفتح يخرج
ومعلوم الحال واجبة التنكير فتكون ال زائدة شاذة ولكن هذه القراءة شاذة.
ملاحظة مهمة على لام الاستغراق وهو أن الاستغراق بلفظ الفرد أعم وأكثر من استغراق المثنى مثلاً لا رجل في الدار) نفي لكل فرد
أما لا رجلان) فهو لا ينفي الفرد ولا الجمع وكذلك إن الفرد أشمل من الجمع فقولك لا رجال) لا ينفي الفرد والمثنى وهذا الكلام في النكرة المنفية فقط ولا تشمل الجمع المعرف بالال مثل (الرجال قوامون على النساء) فإنه يشمل الفرد والمثنى.


(1) المزمل ص وآله 73/15 - 16.

(2) النور 24/35.

(3) التوبة 9/40.

(4) الفتح 48/18.

(5) المائدة 5/3

(6) النساء 4/28.

(7) العصر 103.

(8) آل عمران 3/36.

(8) المنافقون 63/8.