البحث الخامس: النداء

وهو طلب المنادى بعض أو كل السامعين له بحروف ظاهرة أو مقدرة نائبة عن فعل النداء: نادى ينادي.
وهن: الهمزة وأي ويا وآي وأيا وهيا بدون تشديد و وا فالهمزة وأي لنداء القريب والباقات للبعيد وقد يخالف ذلك ليدل على قربه من قلبه وحبه أو سطوته وعقابه.
كقوله:

أسكان نعمان ألاراك تيقنوا

 

بأنكم في ربع قلبي سكان.


الأراك: الحي الذي فيه شجر الأراك.
وربع بالفتح جماعة نسبهم إلى قلبه لأنهما أحباؤه.
وقد ينزل القريب منزلة البعيد إما إبعاداً له لكراهته أو تعظيماً له فنقول بالتصغير: أيا ظالمي
ونقول في التعظيم مثلاً:

أمولاي رب العالمين رحيم

 

نوالك نرجوا وأنت كريم.



وقد تخرج أدوات النداء عن معنى النداء إلى معاني ومقاصد أخرى مثل:
1 - التنبيه وغلفات النظر مثل قول البارودي:

يا أيها السادر المزور من صلف

 

مهلاً فإنك بالأيام منخدع



السادر هو الذاهب عن الشيء المترفع والذي لا يبالي والمزور بتشديد الراء المنحرف عن الصواب
والصلف: التكبر وسوء الأخلاق.
2 - التفجع: وأظهراه وأقوماه وا ابتاه.
3 - التحذير كقول الشاعر:

فيا الغلامان اللذان فرا

 

أياكما أن تعقبانا شرا



4 - الإغراء: كقولك لمن أغمد سيفه ولم يتقدم بالقتال يا سياف يا بطل يا مقدام يا متقدم.
5 - الإستغاثة: مثل يا لله للمؤمنين يا للرجال للانتصار.
6 - والندبة: كقوله تعالى: [يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ](1).
7 - والتعجب: كقوله تعالى: [يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ](2).
8 - البشرى كقوله تعالى: [قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ](3).
9 - التعيير بالتمادي بالغي: كقول الشاعر لعبد الله بن الزبير الذي هتك كرامة الكعبة:

 

يا لك من قبرة بمعمر

 

خلا لك الجو فبيضي وأصفري



قاله له حين سافر الإمام الحسين(ع) عن مكة إلى كربلاء وكان ابن الزبير كارهاً لبقائه إذا أراد الخلافة له وأراد أن يجعل مكة مقر خلافته ولا يهتم لو أحدث الحروب فيها وسفك الدماء وحت لو هدمت كما حصل كل ذلك.
10 - الزجر.
11 - التطمين كقول الشاعر يخاطب ناقته بعد خروجه من سجن عباد:

 

عدس ما لعباد عليك إمارة

 

أمنت وهذا تحملين طليق.



12 - التحسر والندم كقوله تعالى عن لسان الكافر في جهنم: [يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا](4).
13 - التوجع كقول المريض آه يا لرأسي آه يا ظهري.
14 - التحزن والرثاء:

أيا قبر معن كيف واريت جوده

 

وقد كان منه البر والبحر مترعا



المترع الحوض والنهر المملوء والفائض من الماء الزلال.
15 - التذكر للذكريات.
16 - التضجر والتحسر.
17 - الإختصاص كقوله تعالى: [رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ](5).
أهل: بالفتح لأنه منادى مضاف بتقدير يا اهل البيت.
18 - للتفاخر: كقوله (أنا أكرم الضيف أيها الرجل).
19 - للتواضع: كقوله أنا الفقير المسكين أيها الرجل.
اللهم أغفر لنا أيتها العصابة.
وهذان المعنينان من الاختصاص أيضاً.

20 - التخويف: [يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ](6).


(1) يوسف(ع) - 12/84.

(2) هود(ع) - 11/72.

(3) يوسف 19.

(4) النبأ 78/40.

(5) هود(ع) - 11/73.

(6) مريم 19/45.