الحرف الثاني هل:

بحثت هل في علم المنطق أيضاً ففي المنطق بحث عن مراحل الأسئلة بما وأي وهل ولم ولا بأس أن نحيط ونذكر طلابنا حولها ثم نرجع لعلم المعاني البلاغي فإن المطلوب بأدوات السؤال هذه أما تصور أو تصديق في خمس مراحل:
الأولى تطلب تصور معنى اللفظ تصوراً إجمالياً لغوياً صرفاً فإذا سألت ما معنى اليائسة أجبت أنها كبيرة العمر وما معنى المهر أجابوك بأنها صغير الحصان.
الثانية: تطلب تصور ماهية المعنى لمعرفة تمييزه عن غيره تمييزاً جامعاً ومانعاً.
فتأتي بحرف (ما) في السؤال فتقول (ما المهر هو في ذاته)
وتسمى ما: الشارحة لأنها يعرف منها شرح الاسم.
والجواب للسؤال ما هو الإنسان:
إما بالفصل والجنس القريبين فيقال حيوان ناطق فهذا حد تام
وأما بالفصل القريب والجنس البعيد فيقال جسم ناطق فهذا حد ناقص.
وأما بالفصل البعيد والجنس البعيد فيقل جسم نامي فهذا حد ناقص.
وأما بالفصل القريب فقط فيقال ناطق فهذا حد ناقص
وأما بالجنس القريب فقط فيقال حيوان فهذا حد ناقص.
وأما بالخاصة مع الجنس القريب فيقال حيوان ضاحك فهذا رسم تام.
وأما بالخاصة مع الجنس البعيد فيقال جسم ضاحك فهذا حد رسم ناقص.
وأما بالخاصة فقط فيقال ضاحك فهذا رسم ناقص.
وأما بالعرض العام فقط فيقال باصر فهذا رسم ناقص.
وأما بالعرض العام مع الجنس القريب فيقال حيوان باصر فهذا رسم ناقص.
وأما بالعرض العام مع الجنس البعيد فيقال جسم باصر فهذا رسم ناقص.
والحد هو الذي يعرف الذات للشيء والرسم الذي يعرف الذات الخاصة الملازمة لذات الشيء أو العرض العام الملازم له وهذا كله في تصور الشيء وتعريفة لتتصوره.
المرحلة الثالثة: طلب وجود الشيء والسؤال بهل البسيطة فتقول هل وجد الإنسان على الأرض هل كان كذا.
التعريف الاسمي والتعريف الحقيقي والسؤال بما: حقيقية أو بسيطة.
إذا سألت ما الإنسان هو في ذاته أجاب المسؤول بالحد التام أو الناقص.
إذا سألت ما الإنسان هو في عرضه أجاب المسؤول بالرسم التام أو الناقص وعرضه يعني صفاته الملازمة لذاته.
والسؤال نفسه السؤال (بما) والجواب نفس الجواب.
ولكن إن كان السؤال وأنت عارف بوجود الشيء المسؤول عنه مثلاً إذا سألت ما الهامور أجاب المجيب سمك بالبحر.
فإن كنت عارفاً بوجوده فسؤالك بما الحقيقة إذ سألت عن حقيقة موجودة ثابتة لديك وإن سألت وأنت لا تعرف وجوده من عدمه فالجواب بما الشارحة البسيطة ولذا قال المناطقة:
الحدود قبل الهليات البسيطة حدود إسمية
وهي بأعيانها بعد الهليات تنقلب حدوداً حقيقية.
المرحلة الرابعة: طلب التصديق أي بعد ما عرفت الشيء تسأل عن حاله أو صفاته وهذا السؤال يكون بهل المركبة يعني سؤال عن ثبوت الشيء للشيء فالبسيطة يسأل بها عن ثبوت الشيء فقط فيقال هل الله موجود والمركبة يقال هل الله تعالى الموجود هو خالق؟
الخامسة: هي بعد معرفة وجود الشيء وثبوت المسند عليه تسأل عن علة الشيء وهي سؤال عن إحدى علتين فأما السؤال عن علة الحكم فقط أو عن علة الوجود للشيء وعن علة الحكم عليه فالسؤال عن علة الحكم فقط: لِمَ كان الله مريداً لخلقه والسؤال عن علة الحكم مع علة الوجود: هل الله مريد فقال نعم فتقول لم الله مريد.
والسؤال (بما) مصدره: مائية.
كما إن السؤال بما هو مصدره: ماهية بالتشديد والسؤال بلِمَ مصدره لمية والعلة عليه بالتشديد والكم كمية وأما أي: فهو لطلب تمييز الشيء عما يشاركه في الجنس تمييزاً ذاتياً فيقال الإنسان أي شيء هو في ذاته فيجاب هو حيوان ناطق.
أو تمييزاً عرضياً فيقال أي شيء في عرضه فيجاب أنه حيوان ضاحك أو ناظر أو حساس كما مر في الجدول آنفاً.
وعلى كل حال فإن حرف هل يقال أنها يطلب بها التصديق فقط.
ولذا لا يذكر معها حرف أم ولا يذكر لها معادل من جملة ثانية فلا يقال هل زيد معلم أم طبيب ويقال هل زيد معلم أو طبيب لأن هل يجيب السائل الجاهل بالحكم وأم المتصلة تجيب السائل العالم بالحكم ويسأل بأم عن المعادل للشيء.