الملحق الأول: السرقات الشعرية والنثرية

السرقة في اصطلاح البلاغيين هي: أن يأخذ الكتاب أو القصيدة أو المقطوعة الشعرية أو النثرية وينسبها لنفسه.
وأنواعها ثلاثة: نسخ ومسخ وسلخ.
1 - النسخ ويسمى انتحالاً وهو أن يأخذ السارق اللفظ والمعنى معاً بلا تغيير أو بتبديل بعضها أو كلها بمرادفها وهذا مذموم وسرقة محضة وكما فعل عبد الله بن الزبير بقول معن بن أوس:

إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته

ويركب حد السيف من أن تضيمه

على طرف الهجران أن كان يعقل

إذا لم يكن عن شفرة السيف مزحل.


يقول أنه يحاربك إذ أضمته أي حرمته حقه وأهنته إذا لم يكن مزحل أي معتزل عن السيف بحيث لم يملكه أو لم يكن بقربه.
وكما سرق يزيد شعر الأموي الجاهلي حينما انتصرت قريش على النبي صلى الله عليه وآله في حرب أحد إعاده يزيد بن معاوية حين قتل الحسين وأصحابه وسبى عياله

 

ليت أشياخي شهدوا

لأهلوا واستهلوا فرحاً

قد قتلنا القرم من ساداتهم

لعبت هاشم بالملك فلا

لست من خندف إن لم أنتقم

جزع الخزرج من وقع الأسل

ثم قالوا يا يزيد لا تشل

وعدلناه ببدر فاعتدل

خبر جاز ولا وحي نزل

من بني أحمد ما كان فعل


فنسبها لنفسه وزاد عليها البيت الأخير ولعن الله بني أمية قاطبة آمين.
أما تبديل الألفاظ بمرادفها كما فعل بقول الحطيئة

دع المكارم لا ترحل لبغيتها

واقعد فإنك الطاعم الكاسي


فقال الآخر:

ذر المآثر لا تذهب لمطالبها

واجلس فأنت الآكل اللابس


وقريب منه تبديل الألفاظ بضدها مع رعاية النظم والترتيب كما فعل بأبيات حسان

 

بيض الوجوه كريمة أحاسبهم

شم الأنوف من الطراز الأول


فقال آخر.

سود الوجوه لئيمة أحاسبهم

فطس الأنوف من الطراز الآخر.


ب - وأما المسخ (الإغارة) هو أن يأخذ بعض اللفظ أو يغير بعض النظم فإن امتاز الثاني بحسن السباك فممدوح نحو قول الشاعر

 

من راقب الناس لم يظفر بحاجته

وفاز بالطيبات الذاتك اللهج


فقال الآخر:

من راقب الناس مات هما

وفاز باللذات الجسور


فإن الثاني أبلغ وأوضح وأسهل تعبيرا واخصر منه
فإن امتاز الأول بالمحسنات فالثاني مذموم وإن تساوى تساوى
ج - والسلخ (الإلمام) وهو أن يأخذ السارق المعنى وحده فإن امتاز التعبير الثاني فهو أبلغ نحو قول الشاعر:

 

هو الصنع أن يعمل فخير وأن يرث

فللريثُ في بعض المواضيع أنفع.


وقول الآخر:

ومن الخير بطؤ سيبك عني

أسرع السحب في المسير الجهام


فالأول قال أن تعمل خيرا يرث خير فللريث بفتح اللام لام توكيد وليس مكسوراً يعن أن التريث أي ترك العمل في بعض الأوضاع أنفع من العمل وقول الآخر: أنه من الخير أن لا تتعجل بترك ما ينفعني
وأمر بإسراع السحب في المسير الخاطئ
السيب الترك الجهام: العمل الخاطئ مثل الشخص المتجهم أي المكفهر والغاضب أقول وكلا البيتين غير بليغين ومعقدي المعنى واللفظ والثاني أوخم وأسمج وزاد عليه في احتياجه للتوضيح والتقريب
وقول الشاعر:

ولم يكن أكثر الفتيان مالا

ولكن كان أرحبهم ذراعا


وقال الآخر:

وليس بأوسمهم في الفتى

ولكن معروفه أوسع


ويتعلق بالسرقات الشعرية والنثرية ثمانية أمور.
الأول: الاقتباس وهو أن يضمن المتكلم شعره أو نثره شيئان من كلام الغير او من القرآن أو غيره على وجه لا يشعر بأنه كلام الغير.
فمثاله بالنثر: فلم يكن إلا كلمح البصر أو هو أقرب حتى أنشد فأغرب مقتبسة من قوله تعالى.
وقول الحريري: أنا أنبئكم بتأويله وأميز صحيح قوله من عليله)
مقتبسة من قوله تعالى: [أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ](1).
وقول عبد المؤمنين الأصفهاني: لا تغرنك من الظلمة كثرة الجيوش والأنصار [إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ] نص الآية في ذيل الخطاب ومعنى الآية في صدره مقتبسة من قوله تعالى [فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ].
وفي الشعر:

وتغر تنضد من لؤلؤ

إذا ما ادلهمت خطوب الهوى

بالباب أهل الهوى يلعب

يكاد سنا برقه يذهب

 

مقتبس من قوله تعالى [يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ](2).
وقول الشاعر:

إن كنت على هجرنا

وإن تبدلت بنا غيرنا

من غير ما جرم فصبر جميل

فحسبنا الله ونعم الوكيل


مقتبسة من قوله تعالى [فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ](3).
والثانية مقتبسة من قوله تعالى [الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ](4).
وقول الشاعر:

إن كانت العشاق من أشواقهم

فإن الذي أتلوا لهم يا ليتني

جعلوا النسيم إلى الحبيب رسولا

كنت اتخذت مع الرسول سبيلا

مقتبسة من قوله تعالى.
ولا بأس أن يكون في المقتبس بعض التغيير كقول الشاعر

قد كان ما خفت أن يكون

إنا إلى الله راجعونا


مقتبس قوله تعالى [إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ].
ومثاله في الشعر مقتبساً من الحديث الشريف
قول الشاعر:

قال لي إن رقيبي

قلت دعني وجهك

سيء الخلق فداره

الجنة حفت بالمكاره


وقوله

لا تعاد الناس في أوطانهم

وإذا ما شئت عيشاً بينهم

قلما يرعى غريب الوطن

(خالق الناس بخلق حسن)


ومثاله في المنثور المقتبس من الآيات ما قدمته في مقدمة هذا الكتاب (ويحسن أن يكون) الطالب (.... قد فهم نكتاً كثيرة فيها من البلاغة وسحر البديع... (ليعطي كل ذي حق حقه)... لينتهج الطالب الأريب ذاك الأسلوب تينك الأرهاصات في كتابه وخطابه ويحسر السامع ويبهر الناظر [وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ](5). [وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي..](6).
وبالجملة فالاقتباس منه ما لا ينقل فيه اللفظ المقتبس عن معناه الأصلي إلى معنى آخر كما تقدم ومنه ما ينقل معناه إلى معنى آخر كقول ابن الرومي:

 

لئن أخطأت في مديح

لقد أنزلت حاجاتي

ك ما أخطأت ما مفعي

(بواد غير ذي زرع)


مقتبس من قوله تعالى [رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ] (7).
وقصد الشاعر بالواد: هو الرجل الشحيح البخيل كالوادي الذي لا زرع فيه وأيضاً إن الاقتباس إما أن يكون مقبولاً كما لو لم يحرم من الكلام أو مردوداً كالمحرم أو المكروه.
الثاني: التظمين: وهو أن يظمن الشاعر شيئاً من شعر الغير.
الأول: مع التنبيه عليه إن لم يكن مشهوراً وبذلك يزداد شعره حسنا
كقول الصاحب ابن عباد

 

أشكو إليك زمانا ظل يعركني

وصاحبا كنت مغوطا بصحبته

وباع صفو وداد كنت أقصره

كأنه كان مطويا على أحن

إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا

عرك الأديم ومن يغدوا على الزمن

دهراً فغادرني فرداً بلا سكن

عليه مجتهداً في السر والعلن

ولم يكن في قديم الدهر أنشدني

من كان يأ لفهم في المنزل الخشن


الأديم: المطر الشديد الدائم.
وباع صديقه وده الذي كان يظن أنه لا يوده مثله غيره ويعلن ذلك الود في الناس إن فلان يودني وداً لا يودني أحد مثله.
بينما كان في واقعه كان مطوياً على عداوة ولم يكن ينشده أي لم يخبره أنه يعاديه فهو ليس من الكرام لأن الكرام إذ أيسروا ذكروا وأكرموا أصحابهم الواقعين في الحال الخشنة.
وقال أيضاً:

إذا ضاق صدري وخفت العدى

فبالله أبلغ ما ارتجي

تمثلت بيتا بحالي يليق

وبالله أدفع ما لا أطيق.


وقول الحريري:

على إني سأنشد عند بيعي

أضاعوني وأي فتى أضاعوا

 

والمصراع الأخير للشاعر المرجي لما كان محبوساً إذا قال

 

أضاعوني وأي فتى أضاعوا

وصبر عند معترك المنايا

ليوم كريهة وسداد ثغر

وقد شرعت أسنتها بنحري.


وثانياً وأما مع عدم التنبيه عليه
فقد قلنا مع شهرته فهو ظاهر ومشهور أنه لغيره كأبيات الصاحب ابن عباد وكقول الشاعر:

 

قد قلت لما أطلعت وجنانه

أعذاره الساري العجول ترفقا

حول الشقيق الغضى روضة آسى

ما في وقوفك ساعة من بأسي



الشقيق أي الصديق الغضى أي الجميل مثل الآس هو نوع من الورود والشطر الأخير من شعر أبي تمام

 

ما في وقوفك ساعة من بأسي

تقضي حقوق الأربع الأدراس


أي تقضي الأموات.
وأحسن التضمين أن يشتمل الشعر أو الكلام نكتة لا توجد في الأصل كالتورية والتشبيه كما في قول ابن أبي الأصبع.

 

إذا لوهم أبدى لي لماها وثغرها

ويذكرني من قدها ومدمعي

(تذكرت ما بين العذيب وبارق

(مجرى عوالينا ومجرى السوابق).


فالمصرعان الأخيران قصيدة لأبي الطيب قوله.

 

تذكرت ما بين العذيب وبارق

مجرى عوالينا ومجرى السوابق


قصد المتنبي كانوا نزولا بين العذيب وبارق يجرون الرماح عند مطاردتهم الفرسان ويسابقون الخيل.
والشاعر الآخر قصد بالعذيب تصغير العذب يعني شفة الحبيبة


وبارق ثغر تشبيبه بالبرق وما بينهما ريقها
وشبه قدها بتمايل الرماح وتتابع دموعه شبهه بجريان الخيول ولا بأس من تغير المصدر قليلاً.
كقول الشاعر:

 

أقول لمعشر غلطوا وغضوا

هو ابن جلا وطلاع الثنايا

من الشيخ الرشيد وأنكروه

متى يضع العمامة تعرفوه



وهو الذي أنشده الحجاج لعنه الله حين هدد أهل الكوفة

 

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا

إذا أضع العمامة تعرفوني.


الثالث: العقد وهو نظم المنثور لأعلى وجه الاقتباس ومن شروطه أن يأخذ المنثور بجملة لفظه أو بمعظمه فيزيد الناظم فيه وينقص ليصحح وزن الشعر فيأخذ من القرآن مثلاً قوله.

 

أنلني بالذي استقرضت خطاً

فإن الله خلاق البرايا

يقول (إذا تداينتم بدين

وأشهد معشراً قد شاهدوه

عنت لجلال هيبته الوحده

إلى أجل مسمى فاكتبوه)


ففي السطر الثاني مقتبس عن قوله تعالى[وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا](8).
السطر الثالث معقود وليس مقتبس من الآية [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ](9).
ومن الحديث الشريف كقوله

 

إن القلوب لأجناد مجندة

فما تعارف منها فهو مؤتلف

بالأذن من ربها تهوي وتأتلف

وما تناكر منها فهو مختلف


معقود من الحديث الذي مضمونه: إن النفوس إذا تعارفت في عالم الذر تعارفت في الدنيا وإذا تناكرت تناكرت في الدنيا.
الرابع: الحل وهو نثر النظم كقول الشاعر.

 

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه

وصدق من يعتاده من توهم



تقول في نثره إذ ساء خلق الرجل ساءت ظنونه ويصدق توهمه أي الريب والشكوك التي يكثرها المرء في الناس تصدق يعني يصدق المفتري على الناس ويكذب المخلص والصادق.
الخامس التلميح: وهو إلى قصة أو حادثة معروفة للسامعين أو القارئين أو إشارة إلى شعر مشهور أو مثل سائر من غير تنبيه على أنه مأخوذ من كذا وهو على أقسام:
1 - هو الإشارة إلى قصة حدثت.
أ - نحو قول الشاعر:

يا بدر أهلك جاروا

وقبحوا لك وصلى

فليفعلوا ما أرادوا

وعلموك التجري

وحسنوا لك هجري

فأنهم أهل بدر


أشار بالبيت الأخير للحديث المكذوب على الرسول صلى الله عليه وآله بزعم أنه قال (ما يضر أهل بدر ما يفعلوا بعد ذلك فإنه قد غفر لهم).
نقله بعض صحاح السنة وهو كذب فإنه هذا الضمان لا يصح حتى لنفس الرسول صلى الله عليه وآله إذ قال (لو عصيت لهويت) وقال الله تعالى [قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ](10).
ب - وقوله تعالى [هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ](11).
أشار النبي يعقوب(ع) إلى كذبة أبنائه في حق يوسف(ع) وقولهم له [وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ](12).
وقوله تعالى [إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ].
هذا قول أخوة يوسف أشاروا به إلى يوسف أنه لما كان صغيرا أرادت عمته أن تبقيه عندها فلم يقبل والده حتى أدعت أنه سرق منها وكان حكم السارق استخدام المسروق منه له.
وقال الشاعر:

فوالله أدري أأحلام نائم

المت بنا أم كان في الركب يوشع


يشير إلى يوشع بن نون(ع) وصي موسى(ع) أنه كان يقاتل الجبارين يوم الجمعة ولم يستطع التوقف للصلاة حتى غابت الشمس أو كادت فدعى الله حتى أوقف الشمس في كبد السماء أو أرجعها.
وقد عمل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله وسلم.
ولكن كتب وأقلام وخطب المخالفين لأهل البيت(ع) لم يذكروا ذلك لأهل البيت(ع) ويقدمون الغير عليهم في كل شيء.
2 - الإشارة إلى شعر مشهور نحو قول الشاعر

 

لعمرو مع الرمضاء والنار تلتضي أرق وأحفى منك في ساعة الكرب.


إشارة إلى قول آخر.

 

المستجير بعمرو عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار


3 - الإشارة إلى أمثال سائرة نحو قوله

من غاب عنكم نسيتموه

أظنكم في الوفاء ممن

وقلبه عندكم رهينة

صحبته صحبة السفينة


لعله يقصد الحديث الشريف (مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تركها غرق وهوى).
لعله فهمه مثلاً وليس حديثاً ولكن يبعد قصده قوله (من غاب عنكم نسيتموه) فإن أهل البيت(ع) كنفس رسول الله لا ينسى الذي قلبه في حبه وكأنه معه.
السادس حسن الابتداء أو براعة المطلع: هو أن يفتتح بكلام لطيف مناسب للمقام يهيء السامع للاستماع ويشوقه للمواصلة
قال ابن رشيق إن حسن الافتتاح داعية الانشراح ومطية النجاح وذلك مثل قول المتنبي:

 

المجد عوفي إذ عوفيت والكرم وزال عنك إلى أعدائك السقم


وتزداد براعة المطلع حسنا إذا دلت على المقصود واستوعبته وتسمى براعة الاستهلال وهي أن يأتي الناظم أو الناثر في ابتداء كلامه بما يدل مقصوده منه بالإشارة لا بالتصريح.
كما في قوله تعالى [وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي] إشارة إلى طلب النجاة له.
وقول أبي الخازم مهنأً للصاحب بن عباد بمولود له

بشرى فقد أنجز الإقبال ما وعد وكوكب المجد في أفق العلا صعدا


بشره بدون أن ينص على سبب البشارة وقول آخر في الاعتذار:

 

لنار الهم في قلبي لهيب

فعفوا أيها الملك المهيب.


السابع: التخلص هو الخروج مما ابتدأ به الكلام إلى غرض للمقصود بحيث لا يشعر السامع بالانتقال ومنه قول الشاعر:

 

وإذ جلست إلى المدام وشربها

وإذا نزعت عن الغواية فليكن

فاجعل حديثك كله في الكاس

لله ذاك النزع لا للناس


فقد انتقل إلى المقصود وهو الوعظ بالتدرج وقد ينتقل مباشرة بدون رابط بينهما ويسمى ذلك (اقتضابا) كقول أبي تمام:

 

لو رأى الله في الشيب خيرا

كل يوم تبدي صروف الليالي

جاورته الأبرار في الخلد شيبا

خلقا من أبي سعيد غريبا


الثامن: حسن الانتهاء حسن الختام (براعة القطع)
وهو أن يجعل المتكلم آخر كلامه عذب اللفظ حسن السبك يشوق السامع لإرادة المواصلة
كقول أبي نؤاس:

 

وإني جدير إذ بلغتك بالمنى وأنت

فإن تولني منك الجميل فأهله

بما أملت فيك جدير

وإلا فإني عاذر وشكور


وقول غيره:

بقيت بقاء الدهر يا كهف أهله وهذا دعاء للبرية شامل

وقال ابن حجة:

عليك سلام نشره كلما بدى به يتغالى الطيب والمسك يختم


وقال آخر:

ما اسأل الله إلا أن يدوم لنا

لا أن تزيد معاليه فقد كملت.


(1) يوسف(ع) - 12.

(2) النور 24/43.

(3) يوسف(ع) - 12/18.

(4) آل عمران 3/173.

(5) الزمر 39/69.

(6) هو(ع) - 11/44.

(7) إبراهيم(ع) - 14/37.

(8) طه ص وآله 20/111.

(9) البقرة 282.

(10) الأنعام 6/15.

(11) يوسف(ع) - 12/64.

(12) يوسف(ع) - 17.