الباب الثالث: في الكناية

وقد مر بعض التعريف والتمثيل لها وهنا زيادة وتوضيحات.
الكناية لغة: الظاهر أنها يائية فإنك تقول كنيت ابني محمداً بأبي الحسن ولم تقل كنوت أو أن المشهور فيها الياء دون الواو في جميع مشتقاتها.
ومعناها لغة: عدم التصريح إذا كنيت أمراً يعني أشرت به إلى أمر ملازم له مثلاً إذا قلت إنا لا أعصي الله علم العارفون منك أنك تشير إلى شخص أنه يعصي بدون إشارة قولية ولا بالبدن.
واصطلاحاً: هو اللفظ الذي يراد غير مصداقه من المعنى ولا بشرط أن يقصد مصداقه أيضاً.
فيكون مريداً للمعنى الأصلي والفرعي.
مثل قولك: زيد طويل الباع) تقصد أنه مستطيع لتحقيق ما يراد منه ومستوعب ما يريد أو يراد منه.
ويمكن أن تقصد أيضاً أنه طويل الباع حقيقة وهو ما بين الكفين إذا مديده مع قصد المعنى الثاني.
فعدلت عن التعبير بالاستيعاب المعنوي إلى اللفظ بالاستيعاب المحسوس وهو مدة اليدين.
نعم قد يمتنع قصد المعنى الأصلي كما في قوله تعالى [وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ] إذ أن الله ليس بجسم حتى تتحرك يديه وتضم السماوات وإنما هي بقدرته وكذا قوله تعالى [الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى] يعني استولى واستطاع الإدارة التامة.
وبالجملة أن اللفظ إما أن يراد معناه الحقيقي فهو الحقيقة وإما أن يراد غير معناه الحقيقي فهو مجاز وإما أن يراد غير معناه مع إمكان إرادة معناه فهو كناية.