البحث الأول: التشبيه حسي وعقلي

إن المشبه والمشبه به إما حسيان والحسيان إما حقيقة وهو المدرك بالحواس الظاهرة الخمس النظر والسمع والذوق والشم واللمس (1).
وإما إدعاء وهو المتخيل كقوله تعالى عن شجرة الزقوم. [إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ](2) فإن الشياطين لم يرهم الناس ولا عرف رؤسهم ولا رأوا شجرة الزقوم فالتشبيه خيالي لتعزيز النفوس وتنفيرها عن المعاصي المسببة لدخول جهنم.
كذا قول الشاعر:

كان الحباب المستدير برأسها

 

كواكب در في سماء عقيق


فإن تخيل وجود كواكب من الدر وسماء من عقيق وشبه بها الحباب المستديرة ويمكن أن يعتبر الخيال من غير الحسي إذ هو إدراك بالحواس الباطنة والحسيان كقوله: أنت كالشمس ضياء
العقليان: نحو العلم كالحياة والجهل كالموت إذ العلم ليس شيء محسوس بالحواس الظاهرة وإنما هو محسوس بالباطنية وكذا الحياة لا تحس إلا بإثارها من التحرك والعمل.
والضلال هو عقلي يحس بالحواس الباطنة ولكن شبهه بالعمى وهو محسوس بالظاهرة والجهل بالباطنة والموت محسوس بالظاهرة وقد قالوا إن العقلي هو المدرك بغير الحواس الظاهرة كالرأي والخلق والحظ والأمل والعلم والذكاء والشجاعة وإنما أثارها تحس بالحواس الظاهرة.
وعلى كل حال فالمشبه والمشبه به:
1 - الحسيان: أنت كالشمس.
2 - والمشبه حسي والمشبه به عقلي نحو طبيب السوء كالموت.
3 - والمشبه عقلي والمشبه به حسي نحو العلم كالنور.
4 - العقليان: العلم كالحياة والجهل كالموت.


(1) وفي مقابلها الحواس الباطنة وهي التي تعين درجات العلم فهي العالمة والظانة والشاكة (المرتابة) والواهمة والمتخيلة.

(2) الصافات 37/64 - 65.