الصغرى والكبرى

إن الجملة الكبرى هي الجملة المشتملة على جمل غيرها مثل زيد قام أبوه والصغرى فعليه أو اسمية التي وحدها مثل قام أبوه
والكبرى أما هي بوجه أو أخذ مثل زيد قائم أوبه فهي اسمية أسمية أو ذات وجهين زيد يقوم أو قام أبوه فهي اسمية فعلية
ومثل نصرت القائم بالأمر فهي فعلية أسمية.
الثاني الجمل التي لا محل لها
الأصل في الجمل أنها لا تحل محل المفرد
1 - الأول المستأنفة وتسمى الابتدائية بالمعنى غير المشهور لأن المشهور أن الابتدائية هي المصدرة بالاسم ولو كان لها محل.
أ - ومستأنفة هي أما منقطعة عما قبلها نحو (مات فلان رحمه الله) وقوله تعالى: [قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ](1).
ب - ومنه جملة العامل الملغى لتأخره نحو: زيد قائم أظن) فزيد قائم مبتدأ وخبر مرفوعان ولم يتأثرا بأظن.
ج - وخص البيانيون الاستئناف بما كان جواباً لسؤال مقدر نحو [أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا] وهو فماذا قالوا فأجابه [فَقَالُوا سَلَامًا] ولهذا لم تعطف عليه وفصلت عن الأول وجملة [سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ] جملتان حذف خبر الأولى ومبتدأ الثانية والتقدير (سلام عليكم أنتم قوم منكرون).
وقول الشاعر (زعم العواذل أنني في غمرة صدقوا ولكن غمرتي لا تنجلي
فجملة صدقوا جواب لسؤال هل صدقوا في زعمهم.
وهنا مسائل:
1 - قد يخفى الاستئناف مثل (لا يسّمعون) من قوله تعالى: [وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى](2). إذ يتبادر إلى الذهن أنه صفة لكل شيطان أو حال منه وهذا باطل على زعم ابن هشام قال إذ لا معنى للحفظ من شيطان لا يسمع وإنما هي للاستئناف النحوي وليس استئناف بياني لفساد المعنى.
ب - قوله تعالى: [فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ] (3).
فجملة إنا نعلم ليس مقولاً لهم وإنما هي مستأنفة وهي قول الله تعالى فليس هي محلاً من الأولى.
ج - [وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا](4) مثل ما قبلها فإن جملة [إِنَّ الْعِزَّةَ] ليس مقولاً للكفار.
د - [أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ](5).
جملة ثم يعيده مستأنفة وليس لها محل من الأولى لعدم إعادة الخلق بعد وعدم رؤيتهم ذلك.
هـ - زعم أبو حاتم أن من الاستئناف [تُثِيرُ الْأَرْضَ] من قوله تعالى [لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ](6) وأنه يحسن الوقوف على (ذلول) وهو لا وجه له لأنه إن أثارت الأرض فهي حال أو عطف بيان لذلول فهذه لها محل من الأعراب.
2 - يحتمل الاستئناف وغيره في ما يلي.
أ - الجملة التامة المنفية وما بعدها في نحو قوله تعالى: [لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ](7).
هذه (5) جمل: لا تتخذو..... لا يألونكم... ودوا.. قد... وما تخفى ظاهرها هكذا (.... لئلا يألونكم... في حال كونهم ودوا عنتكم وفي حال قد بدت موصولة بالعطف بما بعدها وعليه فلا استئناف بل كل الجمل لها محل وقال في المغني(8) يجوز أن (لا يألونكم وقد بدت) صفتين أي بطانة غ..ير ما نعتكم فساداً بادية بفضائهم والصفة يمكن أن تتعدد بدون عاطف أقول ومن القريب أن يكون جملة (ودوا) مستأنفة وكذا (قد بدت) موصولة بما بعدها.
3 - عدة جمل غير مستأنفة على المشهور.
أ - إن قام زيد أقوم) قال المبرد أنها مستأنفة بإضمار الفاء وليس بمعتمد.
ب - زيد إن أتاني أكرمته) أجاز سيبويه نصب زيد
والأقرب الرفع لأنه في جملة شرطية والشرطية لا تعمل في ما قبلها.
ج - مذ ومنذ وما بعدهما في نحو: ما رأيته مذ يومين) قال السيرافي هما حال وقال هشام ليس بشيء لعدم الربط وقال الجمهور مستأنفة جوابا لسؤال مقدر ما أحد ذل فيجيب مذ أو منذ يومين.
د - جملة أفعال الاستثناء ليس ولا يكون وخلا وعدا وحاشا وغير مثل جاءني القوم ليسوا زيدا أو غير زيد أو خلا زيد فالجملة المستثنات صفة ويجوز تقديرها حالاً.
هـ - الجملة بعد حتى الابتدائية كقول جرير يهجو الأخطل

فما زالت القتلى تمجد دماءها

 

بدجلة حتى ماء دجلة أشكل(9)


قال الجمهور جملة (أشكل) مستأنفة والأظهر أنها خبر لماء دجلة.
الجملة الثانية من التي لا محل لها.
المعترضة بين شيئين لا فادة الكلام تقوية وتسديداً أو تحسينا في مواضع.
1 - بين الفعل ومرفوعه كقول الشاعر:

شجاك أظن ربع الظاعنينا

 

ولم يعبأ يعزل العاذلينا


والمعروف أن ربع فاعل وفعله شجاك وأظن ملفي العمل وهو جملة معترضة وروي بنصب ربع مفعول أول لا ظن وشجاك مفعول ثاني مع ضمير مستتر هو وقوله

 

وقد ادركتني والحوادث جمة

 

أسنةُ قوم لا ضعاف ولا عزل


2 - بينه وبين مفعوله قول الشاعر.
3 - بين المبتدأ والخبر
أ -

وفيهن والأيام يعثرن بالفتى

 

نوادب لا يمللنه ونوائح



فالأيام مجملة معترضة بين المبتدأ فيهن والخبر نوادب
ب - ونحو كذبة أبي بكر عندما غصب فدك من الزهراء(ع) قال أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله قوله (نحن معاشر الأنبياء لا نورث)
فمعاشر تدعى جملة الاختصاص اعترضت بين المبتدأ وخبر
ج - وكقول أكلة الأكباد هند وهو الاعتراض بالاختصاص.

نحن بنات طارق

 

نمشي على النمارق


فبنات جملة الاختصاص في محل نصب بالاختصاص وقد وقعت بين المبتدأ نحن والخبر نمشي فلا محل لها من الإعراب في جملة المبتدأ والخبر.
د - والاعتراض بكان الزائدة في نحو ما قيل (أو بني كان موسى).
4 - المعترضة بين ما أصله مبتدأ وخبر كقوله

وإني لرام نظرة قبل التي

 

لعلي وإن شطت نواها أزورها


على أن أزورها خبر لعل والتقدير التي لعلي أزورها
وإن شطت نواها

وقوله لعلك والموعود حق لقاؤه

 

بدا لك في تلك القلوص بداء


فجملة والموعود معترضة بين لعلك وخبرها بدالك
والقلوص الناقة التي ارتفع لبنها
وقوله:

يا ليت شعري والمنى لا تنفع

 

هل أغدون يوماً وأمري مجمع


قيل أن جملة الاستفهام هل... خبر وشعوري مبتدأ والمنى جملة معترضة أي شعوري اجتماع أمري وقيل أن الخبر محذوف وهو موجود
أي شعوري موجود وطرح هذا المعنى بصورة تمني واحتمل أن ليت لا خبر لها هنا
فالاعتراض بين الشعر ومعموله وهو الغدو باجتماع الأمور وكيف كان فالظاهر أن الشعور اسم ليت والغدو باجتماع الأمر خبره


وقول الحماسي:

أن الثمانين وبلغتها

 

قد احوجت سمعي إلى ترجمان


ويجوز أن تكون المعترضة بين اسم أن وخبرها كقول القائل: أن وحبك بضنين بك.
5 - كون المعترضة بين الشرط وجوابه كالآية الكريمة: [وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ](10).
ونحوه قوله تعالى: [فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ](11).
ومثله [إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا](12).
والظاهر أن: يكن فعل الشرط فالله جواب الشرط فلا جملة معترضة وجملة فلا تتبعوا معطوفة على الجملة قبلها مرتبة عليها ومعناها إتباعكم الهوى خلاف العدالة وعدم إتباعكم عدل.
وتثنية الضمير (بهما) لا يبعد كونه جواب شرط أن يكن لأن (أو) للتنويع وهي بحكم الواو في وجوب مطابقة الضمير الراجع لعدليها.
والآية [قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ](13).
وأحب خبر كان فلا يوجد جملة معترضة.
6 - المعترضة بين القسم وجوابه كقوله تعالى قال [فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ](14).
الأصل فالحق قسمي لأملأنّ واعترضت جملة الحق أقول وانتصب الحق الأول لنزع الخافض لأنه كان يقول فأقسم بالحق فحذف القسم والباء ودخلت الفاء على الحق.
والحق الثاني مفعول لفاعل أقول أي أنا وقدم المفعول (والحق) على الفعل (أقول) للاختصاص
وكذا الآية الكريمة [فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ](15).
واعترضت جملة التعظيم للقسم (وأنه لقسم...) بين أقسم وبين جواب القسم أنه لقرآن كريم) واعتراض ثاني إذ اعترضت (لو تعلمون) بين الموصوف (لقسم) وصفته (عظيم).
8 - اعتراض بين الموصول وصلته تقول الشاعر:

ذاك الذي - وأبيك - يعرف مالكا

 

والحق يدفع ترهات الباطل (16)


وهو لجرير وقد اعترض بين (الذي) وصلته (يعرف ما لكا) قسم بالأب (وأبيك) وذا قوله:

وإني لام نظرة قبل التي

 

لعلي وأن شطت نواها وأزورها


فاعترض جملة (وإن شطت) بين لعلي التي صلة الموصول وبين خبر الموصول (أزورها).
9 - بين أجزاء الصلة كقوله تعالى: [والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلما]
قال المغني إن جملة وترهقهم ذلة معطوفة على... (كسبوا السيئات فهي من الصلة وما بينهما) يعني جزاء سيئة بمثلها اعتراض بين به قدرهم جزاءهم وجملة: ما لهم من الله من عاصم خبر
نقلها عن أبي عصفور ورده.. (ثم إنه ليس يتعين لجواز أن يكون الخبر جزاء سيئة بمثلها).
والذي أفهمه والله أعلم أن مالهم من الله جواب الموصول واعترض جزاء سيئة بمثلها) والمعطوف عليه وهو [وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ].
جملتان اعترضتا بين فعل الموصول وخبره
وإن جملة مالهم من الله محلها النصب لأنها حال من جملة ترهقهم وجملة التشبيه (كأنما...) حال من مالهم.. أو وصف لها
10 - بين المتضايفين كقولهم: هذا غلام والله زيد) ولا أخا فاعلم لزيد وأخ ليس منصوبة وإنما على لغة القصر فهو مثل (لا عصا لك).
11 - بين الجار والمجرور كقول: اشتريته من لو علمت البصرة.
12 - بين الناسخ والمنسوخ كقول الشاعر

كأن وقد أتى حول كميل

 

أثا فيها حمامات مثول


13 - بين الحرف وتوكيده كقول الشاعر:

ليت وهل ينفع شيئاً ليت

 

ليت شباباً بوع فاشتريت


14 - بين حرف التنفيس والفعل كقول الشاعر:

وما أدري وسوف - أخال - أدري

 

أقوم ال حصن أم نساء


فإن في الجملة اعتراضين الأول وسوف أخال أدري معترضة بين ما أدري وخبر أقوم والثاني بين سوف وفعلها أدري اعترضت كلمة (أخال)
15 - بين قد والفعل كقول الشاعر:

أخالد قد والله أوطأت عشوة

 

وما قائل المعروف فينا يعنف (17)


قاله أخو يزيد البجلي مبينا لخالد القسري أن أخاه لم يدخل بيت جارية سارقاً وإنما عاشقاً حتى خلصه من حكم قطع اليد والذي سبب الزواج منها وقوله أوطأت عشوة يعني حكمت بحقه بالسرقة جزافاً أو خطأ كما نقول أن فلاناً يخبط عشواء).
وكيف كان فقد دخل القسم بين قد و أوطأت.
16 - بين حرف النفي ومنفيه كقول الشاعر

ولا أراها تزال ظالمة

 

تحدث نكبة وتنكؤها


ومثله

فلا وأبي دهماء لا زالت عزيزة

 

على قومها ما دام للزند قادح



17 - بين جملتين مستقلتين نحو قوله تعالى: [فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ](18).
على أن الجملة [نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ] تفسير لقوله تعالى (من حيث أمركم... وقد اعترضت بينهما جملتان وهما... يحب... ويحب).
وهذا غير ظاهر فإن جملة (نساؤكم) جملة متأخرة مستقلة لا علاقة لها بسابقها بحسب علم النحو وأن كان فيها إيماء لحيثية أمر الله تعالى
بل أن الريب يرجع إلى أصل العنوان وهو كون جملة معترضة بين جملتين مستقلتين فكيف يعتبر اعتراض مع أنهما مستقلتان؟!
هنا أولاً وثانياً قد استفاد (ابن هاشم من الآيتين (من حيث أمركم.... نساؤكم حرث).
أن لا يجوز الدخول بالدبر إذ الدبر ليس منه نسل فليس هو موضع حرث
أقول يمكن دفع التحريم أولاً بأن الآية نزلت في إجازة الرسول صلى الله عليه وآله لعمر وغيره حيث أخبروه بإتيان نسائهم من دبرها
وثانياً: أن الحرث ليس دائماً منتج إذ بعض الحرث يحصد منه ثمرة وبعضه يفسد ولا ينتج بشيء فهذا النساء بعض مقاربتهم تسبب الحمل وبعضها لا تحملهن.
وثالثاً: أن الآية بدأت بمنع الرجال مقاربتهن عند الحيض وإباحة ما بعد الحيض فالحيثية مفسرة والقيود الزائدة عن الطهارة من الحيض مشكوك فتحمل على عدم الاعتبار
ورابعاً - نحن لم نخصص الاعتماد في الآيات فقط فإن لنا فقهاً واسعاً من القرآن والسنة للمعصومين(ع) وسيرتهم عليهم الصلاة والسلام وما استفاد العلماء.
وقد ثبت من ذلك كراهة الدبر لا حرمته
ب - وقوله تعالى: [وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ](19).
فقوله (أن أشكر لي: عطف بيان لقوله ووهبنا واعترضت بينهما جملتان حملته... وفصاله)
ج - وقوله تعالى: [رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ](20).
فإن قرأت وضعت بسكون التاء فهو من تتمة كلامها
وإن قرأت بسكونه التاء فهو من كلام الله تعالى وعلى ضم التاء يكون كل آية من كلامها وقد تسلسلت مشاكية أمرها إلى الله فإنها قد دعت من الله أن يهب لها ذراً من حيث أنه نذرته لخدمة بيت المقدس محرراً وإذا بها أنثى لا تصلح الأنثى لخدمة المساجد خصوصاً الشابة خارقة الجمال كمريم(ع) فلعلها تتعرض للاعتداء من قبل بعض الفاسقين وكان الفسق والفجور مستشري في بني إسرائيل
فقعد لها وليس الذكر كالأنثى تعني في خدمة المسجد فإن الأنثى لا تصلح ولذلك لما جاءت بعيسى(ع) كانوا لو كان كلامه وهو وليد لا يصدقون أي قائل ببراءتها.
وكيف كان فالتركيب الغني للجملة أن قالوا بأن بأن جملة والله أعلم وجملة وليس الذكر معترضان بين ابتداء كلامها جملة [رب إني... إلى آخره وإني سميتها...]
د - وقد يعترض أكثر من جملتين كقوله تعالى: [أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (45) مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ](21).
فجملة الاستفهام هكذا: ألم تر.. الكتاب من الذين هادوا يحرفون الكلم
واعترضت بين الجملتين خمس جمل يشترون.. ويريدون... والله.. وكفى.. وكفى) إذا اعتبرنا جملة من الذين هادوا عطف بيان للذين أوتوا نصيباً وتخصيصاً لهم لأن أهل الكتاب أعم من اليهود فإنهم مع النصارى والمجوس.
الجملة الثالثة من التي لا محل لها من الإعراب: التفسيرية
وهي الفضلة الكاشفة لحقيقة ما تليه
1 - كقوله تعالى: [وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ](22).
فجملة الاستفهام (هل) مفسرة للنجوى ويجوز أن تكون بدلاً منها وهي معمولة لقول محذوف تقديره (قالوا هل هذا).
مثل قوله تعالى: [وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ](23).
أي يقولون لهم سلام عليكم.
2 - [إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ](24).
فخلقه... تفسير لمثل آدم في الخروج عن التوالد الطبيعي.
3 - [هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ](25).
فجلمة تؤمنون تفسير للتجارة وقيل مستأنفة معناها الطلب أي آمنوا.
4 - [وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا](26).
فمستهم وما بعدها مفسرة للمثل.
5 - [حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا](27).
إذا قدرت إذا ملغاة عن الشرطية فيقول تفسير للجملة وإلا فهي جواب وجزاء لها.
مسألة: المفسرة ثلاثة أقسام.
أ - مجردة من حرف التفسير وهي الغالب كما في المارة من الأمثلة.
ب - ومقرونة بأي كقول الشاعر:

وترمينني بالطرف أي أنت مذنب

 

وتقلينني لكن أباك لا أقلي (28)


أي وتقولين لكن أباك لا أقلي
ج - ومقرونة بأن نحو [فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ](29).
6 - [ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ](30).
فجملة ليسجننه مفسره للضمير المستتر في بدا
وقال ابن هشام أنها جواب لقسم مقدر وأن المفسر هو مجموع الجملتين والإشكال فيه أن القسم إنشاء ولكن المفسر هنا وهو خبر لا إنشائي وهو أن الجملة جزء من حادثة عظيمة وهي قصة يوسف.
وأعلم أنه لا يمتنع أن تكون الإنشائية مفسرة بإنشائية.
نحو: أحسن إلى زيد أعطه ألف دينار.
أو يكون مفرداً يؤدي معنى الجملة كقوله تعالى: [وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا](31).
فالذين ظلموا بمعنى الجملة.
7 - [وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ](32).
إن الفعل وعد يتعدى لاثنين والثاني محذوف تقديره خبراً عظيما أو الجنة المسببة من المغفرة والأجر فأقيم السبب مقام المسبب والجملة مفسرة للمحذوف.
الجملة الرابعة: الجملة المجاب بها القسم
كقوله تعالى: [وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ](33). إنك مفسر
[وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ](34) لأكيدن إنك مفسر.
و[لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ](35) في الحطمة إنك مفسر.
[وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ](36) لا يولون مفسر عاهدوا.


(1) الكهف 18/84.

(2) الصافات 37/6- 8.

(3) يس 36/76.

(4) يونس(ع) - 10/65.

(5) العنكبوت 29/19 - 20.

(6) البقرة 71.

(7) آل عمران 3/118.

(8) ج2/504.

(9) ذكره في المغني 1/173 برقم 207.

(10) النحل 16/101.

(11) البقرة 24.

(12) النساء 4/135.

(13) التوبة 9/24.

(14) ص 38/85.

(15) الواقعة 56/75 - 77.

(16) في المغني 2/511.

(17) في المغني 2/513 وتفصيله في 1/227.

(18) البقرة 222 - 223.

(19) لقمان(ع) - 31/14.

(20) آل عمران 3/31.

(21) النساء 4/44 - 46.

(22) الأنبياء 21/3.

(23) الرعد 13/23 - 24.

(24) آل عمران 3/59.

(25) الصف 61/10 - 12.

(26) البقرة 214.

(27) الأنعام 6/25.

(28) المغني 2/523 وتتمته في 1/106.

(29) المؤمنون 23/27.

(30) يوسف 12/35.

(31) الأنبياء 21/3.

(32) المائدة 5/9.

(33) يس ص وآله 36/2 - 3.

(34) الأنبياء 21/57.

(35) الهمزة 104/4.

(36) الأحزاب 33/15.