فصل لزوم عقد الإيجار

[حكم - 471] قلنا ان العقود الأصل فيها اللزوم وما وما أخرجنا من اللزوم ألا العارية و الوديعة و الرهانة من جهة المرتهن و الشفعة من جهة الشفيع
فالإجارة الأزمة لا تنفسخ ألا بالخيار او التقابل
والخيار أما لأحدهما او لكليهما
وقلنا ان المعطاة مثل العقد أللفضي ان ثم فقد كزم وهذا في كل العقود
[حكم - 472] يجوز بيع العين المستأجر قبل انتهاء مدة الإجارة و لا يجوز الإجارة أذا لم ثم البيع قبلها الا أذا اشترط ذلك مع المشتري و لا تنفسخ الإجارة عند عقد البيع
وإنما تنقل الى المشتري مسلوبة المنفعة مدة الإجارة و أذا جهل المشتري أنها مستأجرة فله خيار الفسخ او يتصالح معه على اخذ المشتري الأجرة بعد البيع
وهذا الخيار سموه خيار العيب و لم يجيزوا له الأرش لأنه ليس عيبا ً حقيقيا ً والأولى انه خيار تخلف الوصف الضمني كما في العروة لان العرف في المبيع هو صوف بالانتفاع عند تمام العقد وإذا علم المشترى أنها مستأجرة و مع ذلك أقدم على الشراء فلا حق له بالفسخ ألا اذا ظن قلة المدن فبان طولها او ظن قلة العيال فبان كثرتهم مما يؤثر بالبناء و لو فسخ رجعت الأجرة لانتهاء المؤجر لأنها البيع
[حكم - 473] اذا بيعت العين المستأجر الى المستأجر فان حرها في عقد الايجار انتهاء الاجرة عمل على التصريح وان قالا باستمرار الاجرة الى الوقت المضروب صح واستمرت الاجارة وان لم يشترطا فالاقرب عندي انفساخ الاجارة الا اذا كان حين عقد الاجارة كانا يعلمان انه سيشتري قبل غاية الاجارة فانه يبقى الاجرة للمؤجر و ان باع في مدة الاجارة غاية الاجارة فانه يبقى الاجرة للمؤجر و ان باع فيمدة الإجارة و بغيرها هذا الوجه لا تبقى الأجرة للمؤجر لأنه بايع و على ذلك قرائن ومنها ان الأمة إذا اشتراها كان نكاحها بيد المشتري فان شاء أبطل و ان شاء أجاز و ان اشترى زوجته بطل نكاحها و يجامعها بالملك لأنه اقوي من النكاح و ان اعتق أمته حرم جماعها لان ملك نفسها أعظم من إحكام العبودية و ماهية لها و الإحكام للموضوع الأقوى
وقد روى سعيد بن يسار قال قلت لأبي عبد الله(ع) المرأة ترى الدم وهي جنب اتغسل عن الجناية او غسل الجنابة و الحيض واحد فقال قد أتاها ما هو أعظم من ذلك)(1)
وقد قلت في حاشيتي على مهذب الإحكام عن المستأجر الفقير (انه يجهد نفسه و يقطع من لقمته لدفع الإيجار وهو يتضور كالعطشان لماء سبيل يخلصه من هذا العطاء
فلما تأتيه منحة من ارث او غيره يتنفس الصعداء و يقول قد فرج الله عني وإذا بالفقيه يقف له بالمرصاد كحجر العثرة و يقول أعط الأجرة مع عطائك الثمن بعيد غايته في نظري)
[حكم - 474] لو قلنا ببقاء الإجارة في حال التملك بالبيع فان فسخ البيع فلا يحدث شيء و إنما تبقى الأجرة لبايع الفاسخ وإما لو قلنا بطلت الإجارة عند البيع فان فسخ البيع يلزم تجديد عقد الإيجار و إلا فلا حق للفاسخ بالبقاء بالدار نعم لو كان البيع بخيار فلم يتم البيع المطلق فلم ينفسخ الإيجار إلا ان يتم البيع فما دام الخيار فان فسخ بقي الإيجار بدون احتياج لإعادة العقد للإيجار
[حكم - 475] لو اجر الدار ووكيله باعها لغير المشتري فان رضي المالك صح العقدان لم يرض بعمل الوكيل صح عمل المالك و بطل البيع و ان عكس صح عمل المالك وهو البيع و بطل الإجارة
والسر في بطلان عمل الوكيل انه وكيل قبل تصرف المالك فلما تصرف معناه انه اعرض عن الوكالة المنافية لإرادته حيث لا لم يرد الإيجار الذي عمله الوكيل
وان رضي بعمل الوكيل أيضا صح البيع و الإيجار
[حكم - 476] لو باع المالك على زيد و اجر و كيله على نفس زيد فان لم يرض المالك بفعل الوكيل بطل كما قلنا و كذا العكس و ان رضي يصح البيع و بطل الايجار على قولنا و صح الاثنان على قول مبقي الاجارة مع الشراء
[حكم - 477] لو عقد المالك للبيع او للإيجار و عقد الفضولي العقد الأخر
فان كان الإيجار لغير المشتري جاز للمالك إجازة الفضولي و صح العقدان و ان كان البيع لنفس المستأجر فان قلنا بصحة العقدين جاز للمالك إجازة الفضولي و صح العقدان
وان قلنا بعدم صحة العقدين فلا حق له ان يجيز الفضولي إلا ان يفسخ احد العقدين فيصح العقد بقي الإيجار أو البيع
[حكم - 478] اذا مات المستأجر او المؤجر اختلف ببطلان الإجارة و عدمه و الأولى التفضيل بين ان الإيجار لخصوص الذي مات و ان الحق له بين إسكان عائلته و عدمه
فان موته يبطل الإيجار و يحتاج الى تجديد العقد ان شاء الطرفان و ان كان العقد غير منظور فيه لشخص العاقد و إنما كان له و لعائلته و لعل هذا هو الغالب فلا يبطل العقد بموته
والتفصيل في طرف المؤجر لو مات كذلك
او ان يقال بان مدة الايجار سارية المفعول في حق ورثة المؤجر فان البيت انتقل الى ملكهم منزوع الفائدة في تلك المدة كما هو في حال البيع و هذا فريب في النظر
[حكم - 479] اذا استأجر السيارة على ان يسوقها فلان فمات بطلت الاجارة كما لو استأجر خصوص هذه السيارة فتلفت بطلت الإجارة
ولو لم يخصص الإجارة خصوص هذا السائق فمات لم يبطل الإجارة و كذا لو لم يخصص هذه السيارة فتلفت السيارة فلا تبطل الإجارة و كان على الأجير إيجاد وسيلة أخرى لنقل المستأجر و إغراضه
[حكم - 480] اذا استأجر سيارة شاحنة او غيرها لحمل مواد مصنعه و اختص بركوبها صاحب المصنع ثم مات لم تبطل الإجارة إلا إذا اختص العقد صاحب المصنع فقط
[حكم - 481] اذا اجر البطن السابق الوقف فماتوا و صار بيد البطن اللاحق فقد قال المشهور و العروة بت القول ببطلان الإجارة قال لان الملكية محدودة) 1
وهذا التعليل غير ظاهر فان موت الإنسان المالك ينتقل ماله الى الورثة و هم قالوا بطلان الإجارة مع ان الظاهر ان موت لمالك اشد انتقال للمالك
لان البطن لم يملك الوقف و انما يصرف النفع للبطن و اذا مات لم يحدث للملك مالك آخر فتأمل
وكيف كان فيمكن مواقفه العروة و اتباعها عليهم الرحمة و الرضوان بان البطون لم تملك الوقف فلم تملك قرار تأجيره باكثر من في حصتهم في حياتهم فان ماتوا كان للبطن الأخر أجارة الإيجار و عدمه و هذا ليس من قبيل بطلان الإيجار و تجديده بل إدامة لعقد الإيجار
[حكم - 482] اذا اجر نفسه لخدمة او لوظيفة في مزرعة او في مصنع او في محل تجاري او أي وظيفة
فمات هذا العامل فان عقد الإيجار لخصوص هذا العامل فانه حين يموت ينتهي عقد الإيجار
وأمان كان الإيجار مفتوح لفئة من الناس و كان هذا العامل قام بمهمة هذا العقد
فحين يموت فلا تبطل الإجارة و انما يلزم قيام شخص من وراثة او أصحابه الذين معه بالعمل لأداء العمل فالإجارة باقية
[حكم - 483] اذا مات المستأجر فان كان الإيجار لخصوص إعماله فقد بطل العقد و ان كان استأجر لشركة و لعمل يشرك فيه مع غيره فبموته لا تنقض و انما يتواصل الاتفاق مع بقية الشركة
[حكم - 484] اذا اجر الدار و اشترط على المستأجر السكن بنفسه فمات المستأجر اتهت مدة العقد و ان شاء المالك ان يطول العقد بالتأجير مع ورثته وعائلته وكذا اذا قيد التأجير بشخصه
[حكم - 485] أذا آجر الولي أو الوصي الصبي في عمل من الأعمال وانه اذا بلغ أو قرب البلوغ كما قلنا انه اذا زاد على العشر سنين و كان رشيدا ً كان متنفذ فله الخيار بفسخ الاجاره
ولكن بشرط ان لا يكون متهورا ً سفيها رفضه العمل كسولا ً عن الخدمة فلا يؤيذ برفض العمل
[حكم - 486] اذا جرت المرأة نفسها ثم تزوجت قبل انقضاء زمن الايجار فللزوج الخيار في فسخها اذا كانت الخدمة منافية لحق الزوج واما اذا لم تناف حقه فالخيار بيدها فان اختارت الفسخ فلا بد ان ترضي المستأجر اذا يكن يدري حين حين العقد بحصول زواجها بعد العقد فاذا لم يرضى بالفسخ فمشكل احوطه اكمالها مدة الايجار
[حكم - 487] اذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عينا ً و كلف قبل العقد جاهلا ً به فان كان مما تنقص به المنفعة فللمستأجر الخيار و له ان يطلب تقليل الاجرة و حتى من اول عقد الاجارة و الى المستقبل و المؤجر اما ان يستجيب و ام ان يفسخ الاجارة
[حكم - 488] اذا ظهر في الدار المستأجر زيادة لم يلتف اليها المالك المؤجر حين العقد و هو ما يزيد بها الاجرة
فللمؤجر المطالبة بزيادة الاجرة بل له ان يأخذ الزيادة لما سبق و معلوم ان هذا اذا صدق انه مضبون فان استجاب المستأجر وزاد فالعقد سائر المفعول و ان لم يستجب فللمؤجر الخيار ان يفسخ
[حكم - 489] اذا وجد المؤجر عيبا ً في الاجرة سابقا على الاستلام فان كان العيب مسقطالها عن الاعتبار كما اذا كانت مبدلة الطبقة و المفروض كزم ان يعطيه النقود الجديدة فاعطاه القديمة الساقطة فاللازم ان يعطيه من جديد بالنقود الجديدة
وان لم يكن العيب مسقطالها كما اذا كان الثمن قميصا ً جديدا ً واذا به بعض التمزيق فله المطالبة
اما التبديل بالصحيح و اما ان يعطيه ارش العيب بالتراضي بينهما و اما ان يفسخ المؤجر العقد هذا اذا كانت الاجرة عينا معينه و اما اذا كانت كلية فعلى المستأجر التبديل الا اذا تعذر البديل للتخيير بين الارش و الفسخ
[حكم - 490] في عقد الاجارة يشمله خيار المجلس كما في الاعتبار وكما رواية الدعائم (الخيار يجب في الكراء كما يجب في البيوع وكذا يشمله خيار الغبن و العيب و التأخير و تبعض الصفقة و الشرط و خلاف الشرط و تخلف الوصف و تعذر التسليم والاشتراك
مثل ان يستأجر البيت لنفسه فيتبين ان له شريك و التفليس و التدليس و ما يفسد ليومه
وعلى ايه حال ان المعاملة تصح و تلزم اذا خلت من أي ضرر و عسر و حرج و غرر
[حكم - 491] قالوا بان المنفعة يملكها المستأجر بمجرد تمام العقد وان كان لا يأخذه الا باذن المؤجر يعني ان من الاداب اللازمة شرعا ً عدم نقل الملكية عمليا الا بتسالم ورضاء الطرفين و كذا يملك المؤجر الاجرة بالعقد و لكنه لا يغصب ويجير المستأجر على التسليم
والا يكون ما يسمى سوء الاستيفاء نعم اذا تخلف احدهما تسليم الحق اجير الاخر
وليس على احد تسليم ما عليه حتى يستلم و ان تعاسرا لزم توسط امين بينهما
[حكم - 492] لا تستقر حقية المستأجر للمؤجر الا بالوفاء بالاجرة و لا ملكية المؤجر للاجرة الا بالوفاء بالمؤجر
فلو امتنع احد الطرفين او حصل حدث مانع بطلت الاجارة وان بذل المؤجر العين المستأجرة و لكن المستأجر امتنع عن التسليم فما دام لم يستلم العين و لم يأخذ المفتاح فلا اجرة عليه و ان كان قد يعتبر عاصيا ً اثما ً و عليه فقول العروة (اذا استأجر دابة للركوب او لحمل المتاع الى مكان كذا و مضى زمان يمكن له ذلك وجب عليه الاجرة و استقرت و ان لم يركب او لم يحمل..)(2)
لا يخلو من اشكال نعم اذا سلمه المؤجر و غاب عنه ثم حضر فقال لم استلم و كان قد آه وضعه في جنيه ولم يصرح له اني لم استلم فعليه الاجرة و هذا و هذا يعتبر تسليما ً
[حكم - 493] قال في العروة: واما ان وقعت على كلي و عين في فرد و تسلمه فالاقوى انه كذلك مع تعيين الوقت و انقضائه نعم مع عدم تعيين الوقت فالظاهر عدمه استقرار الأجرة المسمات و بقاء الاجارة و ان كان ضامنا الاجرة المثل لتلك المدة من جهة تفويضه المنفعة على المؤجر ) لا يخلو من تهافت لان قوله وتسليمه) فان هذا الاستلام بقصد الانتفاع وهذا القصد من المؤجر والمستأجر فلا يسمى كليا فان في الاستلام صار معينا ولم يبق كليا وقوله (تسلمه) ينافي قوله (مع عدم تعيين
الوقت فان الاستلام اذا تم وقصد انه استلم للاستفادة فلا يبقى اثر و أهمية لتعيين الوقت نعم لو لم يقصد المستأجر الاستلام للنفع و انما استلم وديعة او عارية فلا وجه لتسليمه استلام للاجارة
وعليه فان كان الاستلام بنية انه العين المؤجر فعلى المستلم الأجرة المسمات و ان لم يقصد استلام الاجارة فلا وجه لفرض اجرة المثل
وله ان يحتج على المؤجر انك لم تعين لي الاستلام الايجاري و انا فهمت ان استلم عارية حتى تعين انت و انا وقت استلام ايجاري و انا لم افوت عليك الوقت وانما انت تركتها في جنبها بدون اعلامي و التفاول معى ان استلم المؤجر
[حكم - 494] اذا استأجر دارا ً فانهدمت
أ – فان هدمها المؤجر الزم ببناء ما تهدم منها و بقيت الاجارة وان عصى و لم يعمرها فلهم فسخها
ب – و ان هدمها نفس المستأجر وجب على المستأجر بناء ما تهدم وبقى الايجار
ج – وان انهدمت بصورة طبيعه كالمطر و الريح و زلزلة وغيرها فان بناها صاحبها بقي عقد الايجار وان تركها بطل الايجار نعم ان البناء ان كانت افضل من الدار المنهدمة فللمستأجر طلب الزيادة عن الاجرة المسمات للبناء القديم
وان كانت اقل فللمستأجر ان يقلل الاجرة المسماة فان قبل المؤجر و الا فلهما فسخ العقد
[حكم - 495] اذا اجرة الدار ثم انهدم بعضها فللمستأجر ان يقلل من الاجرة بمقدار الباقي معمورا ً و لا حدهما ان يفسخ العقد لتبعض الصفة
[حكم - 496] اذا منع الظالم من الانتفاع فان لم مكن اخضاع الظالم امكن فسخ الايجار
ومعلوم ان مقدار المنع الحاصل يتحمل تعويض اجرته على الظالم المانع اذا لم يسكن المستأجر فعلا واما لو سكن و لم يخرجه الظالم فعليه الاجرة و ان سكن المستأجر و لكن الظالم منع اعطاء الاجرة
فالظالم ضامن لوصل الاجرة الى المؤجر و على المستأجر محاولى ايصاله الاجرة

[حكم - 497] لو حدث للمؤجر حدث منع من تسليم الدار الذي اجره قبل التسليم او بعد التسليم و قبل الاستفادة يمكن فسخ الاجارة او تعويض بدار بدل عنه و حينئذ اما ان يكون الحدث المانع من بعد استلام المستأجر ما استأجره فلا تبطل الاجارة الا ان يعلم المؤجر و يرد عليه واما من قبل الاستلام فلم يحصل الاستلام فلا اجارة و حينئذ فاما ان يكون التأجير لعين كلية امكن ان يسلم المستأجر عينا اخرى من الكلية و يبدأ التأجير
واما ان يؤجر عيناه فعلينا وقد حدث منع الاستفادة بها فقد بطلت الاجارة و لهم التعاقد على عين اخرى يمكن الاستفادة بها فيتم التأجير و العقد آخر

[حكم - 498] لو حدث للمستأجر حدث لم يستطيع السكن كما اذا تمرض فنقل لمدينة أخرى
فاما ان يكون السكني غير مخصوصة للشخص المخصوص فيسكن بعض عائلته و يسري الايجار و ان لم يفعل غيره فسخ العقد وان كان الشخص مشروط ان يكون هو بالذات لا غيره فيمكن اسقاط الشرط و يسكن غيره بدله فتسري المعاملة واما ان يكون تخصيص الشخص على نحو القيد ان ماهية الايجار متحدة مع التخصيص كما اشرنا اليه قريبا


(1)

(2)