الثالث السفه خلاف الرشد و الحكمة

[حكم - 345] السفيه ضد الحكيم فالحكيم هو الذي يضع الأمور مواضعها مواضعها فلا إفراط و لا تفريط أي لا يقصر بأداء الحق و لا يبالغ أكثر من الحق في كلامه و في تصرفه في مصارفه المالية و المادية
وخلافه السفيه فيتكلم حين اقتضاء الأمر الإنصات والسكوت و يسكت عند لازم الكلام و يسرف بالمال و المادة حين اقتضاء الإقتار ويقتر حين لزوم الصرف و البذل و يشتري ما هو غير لازم و يلقي بوضل ما هو مهم له و لعياله
ويتعصب لأمور غير مهمة و يهدأ ويحلم حين اقتضاء التعصب و الهمة فهو دائما مخدوع مغبون و متجاسر على الآخرين و جريئ سخيف التصرف حقير الارادة عافه النفس
[حكم - 346] ورد في الآية الكريمة (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قلالله المشرق و المغرب)(1)
وسماهم سفهاء لانهم فتنوا بينهم و تشاجر وامع الناس عن تحويل القبلة و هو امر طبيعي فان الجهات كلها لله تعالى و الله يأمر عباده ما يشاء انه حكيم عليم و لو كانوا راشدين لقابلوا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وسألوه عن بعض الاسباب بكل احترام و لغاية الاستفهام وليس الاستهزاء و السخرية و الفتنة بين الناس و لكنهم سفهاء و منافقون ومن ورائهم اليهود و النصارى
[حكم - 347] السفيه محجور عليه فيما سفه فيه و الغالب محجور عليه بالمال و المادة اخذا ً و عطاء فانه يأخذ بغير حق و يعطي بغير حق فلذلك لا تمضي معاملاته من بيع و شراء و هبة و ايداع و مضاربة الا باشراف الولي من اب او ابن او رشيد من اهل بيته او من غير اهله
[حكم - 348] لا فرق في الحجر على السفيه بين من بلغ سفيها او سفه بعد البلوغ و قد يكون سفيها ثم يرشد و يذهب عنه الحمق فيرتفع عنه الحجر و يعتمد بالمعاملات و لو عاد حجر عليه
وهذا الحجر لا يشرط ان يكون بامر الحاكم الشرعي نعم لو اختلف في امره و حصل العناد من الاطراف تحاكموا الى حاكم عادل و عاقل
[حكم - 349] الغالب التعبير عن المسرف ماليا اخذا ً و عطاء بالسفيه و اما غير الطبيعي في سائر التصرفات من طلاق و زواج و كلام وسكوت و تعصب و تحلم فالغالب ان يسمى احمقا ً و هو الذي يضع الامور في غير مواضعها و خلافه العاقل و الرشيد و الطبيعي و الحكيم

ولا يشرط في تسمية بالسفيه او الأحمق ان يكون جاهلا ً او ساهيا او غافلا ً فقد يكون عالما ً و كثير العلم و هو سفيه و أحمق بل أكثر من ذلك انه مخبول و مضطرب العقل و مهووس و الأكثر منه المعتوه و الأشد منهم المجنون و هذا قد يحتمل علوم دقيقة و مهمة أيضا
[حكم - 350] استشكلوا في صحة الوقف من السفيه من جهة عدم صحة الفضولية في الوقف و الظاهر أولا صحة الفضولية فيه كسائر المعاملات و ثانيا ً يصح من السفيه اذا أجاز وليه لعدم الدليل على المنع
[حكم - 351] لا صراحة في الأدلة ببطلان معاملات السفيه رأسا ً نعم لو كان مخدوعا و مغبونا صح وليه او لرشيد من أهل بيته او معارفه ان يفسخ المعاملة و ليس للطرف الآخر في المعاملة الامتناع عن الفسخ لصدق الغبن بل مطلقا بل مطلقا اذا علم بسفاهته
[حكم - 352] تصح عبادات السفيه الا المالية كالحج و الخمس و الزكاة و ما شابه فانه لا بد من إشراف شخص رشيد على تصرفه والنذر وما شابه ان تعلق بعبادة او عمل صح وان تعلق بمال فلا بد من إشراف الولي
[حكم - 353] اذا اودع شخص او اعار سفيها فاتلفها ضمنها السفيه و ان كان المعطي مقتصرا ً أيضا هذا فيما باشرا تلافها
واما اذا تلفت عنده فلا يضمنه الا مع التعدي او التفريط لانه كالمباشر الاتلاف
[حكم - 354] في قوله تعالى [وَابْتَلُوا الْيَتَامَى](2)
يعني اختبروهم في ادارة شؤن الحياة يعني مثل عقد المعاملات مع الناس و تكوين أسرة بالزواج و التولد و حضور المجتمعات و التصرف العقلائي في كل تلك الأمور فهو رشيد و الا فهو سفيه و البنت تختبر بشؤن البيت من التنظيف و التنظيم و الخياطة والطبخ و ما شابه

[حكم - 355] الاية الكريمة مثل ما قيدت الاعتماد عليه بالبلوغ كذلك قيدت الرشد يعني عدم السفه قال الله تعالى [وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا] و الايناس و الاستيباس هو التعرف على الشخص والارتياح له لكمال عقله و السرور و الميل اليه


(1)

(2)