تصحيح العمل بالامارة الظنية:

حكم:- اشكل المستشكلون في جعل الامارة الظنية للعمل والاكتفاء بها مع قدرة المكلف على تحصيل العلم واجابوا بعدة وجوه:
الأول: القول بالسببية: ان الامارة ليست طريقاً إلى الواقع وانما هي سبب شرعي أي لها الموضوعية الشرعية ودفع ذلك بأن أولا ان الامارة لا تقل بأصابة الواقع عن العلم الذي يمكن ان يحصل لبعض المكلفين واكتفى الشرع بالامارة وثانياً ان تضييق الامر في تحصيل العلم مما يوجب العسر والحرج الذين هما مرفوضان في الشرع.
الثاني: المصلحة السلوكية (1) رأى الشيخ الانصاري (رحمه الله) في تصحيح جعل الطريقية للامارة والعمل عليها المصلحة السلوكية وهي ان في اطاعة العبد بمولاه بما وصل اليه بأتباع الامارة مصلحة واجر يعوض عن مصلحة الواقع المفقود ويعوض عن ثواب العمل بالواقع ولكن المظفر(رحمه الله) قدم عليها مصلحة التسهيل واعتبر السلوكية نوعاً من الاضطراب والايهام والانصاري (رحمه الله) انما اعتبر السلوكية لإنه لم يصح لديه موضوعية الامارة ولا طريقيتها فسلك طريقاً بينهما.
اقول: ان دعوى العسر والحرج غير تامة إذا خاطبنا المجتهد المستنبط وقلنا له انك إذا استطعت ان تحصل على العلم في مسألة ما أو حصلت بحجة اقوى من التي توصلت اليها فعليك بتحصيل الاقوى ويتخرج على هذا البحث بعدم جواز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص وبالجملة فإنه لا يجوز للمستنبط ان يصمد على رأى قبل ان يستنفد قواه العلمية في أي مسألة يدان يستنبطها وعليه فلا يصح عمله ولا اجتهاده قبل ذلك ولا ينفعه مصلحة سلوكية ولا مصلحة التسهيل ولكن قصد هؤلاء الاعلام بهذه المعالجات (مصلحة سلوكية أو مصلحة تسهيل أو دعوى السببية وقد دفعت بالطريقية لا يقصدون الدفاع عن المستنبط إذا قصر بالاستنباط وانما يقصدون تصحيح العمل بالامارات وهي ليست من العلم القطعي والحق معهم لأن الامارات طريق إلى الواقع وليس بأيدينا طريق اقوى لتحصيل الواقع وان مصلحة التسهيل تقتضي العمل بها تعذيراً وتنجيزاً ويضاف اليها المصلحة السلوكية فإن طاعتنا واهتمامنا بتحصيل الأوامر الشرعية فيه من الاجر ما يعوضنا عن الاجر المختص بالعمل بالواقع الذي لم نتوصل اليه.


(1) اصول المظفر (رحمه الله) 2/38.