اشتراك العالم والجاهل بالحكم:

حكم:- ان الإحكام الشرعية يشترك فيها العالم بها والجاهل لا ان الحكم الواقعي شيء ويتغير بحسب وصول المجتهدين اليه فلكل عالم حكمه بحسب ما توصل اليه وهو قول العامة ويسمون المصوبة نعم ان الشيعة يقولون دخالة العلم في تنجز التكاليف فالحكم الواقعي يتنجز في حق العالم به تعذيراً وتنجيزاً ويعفى الله الجاهل إذا لم يقصر في تحصيله للحكم الواقعي ومن هذه الجهة كان المجتهد مأجور إذا توصل بأجرين اجر لجهده واجتهاده واجر لأصابته الحق والمجتهد غير المصيب له اجر واحد وادلة البراءة الشرعية والعقلية بحق الجاهل متوافرة ومنها قوله تعالى [وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً](1) وهنا فتح الاصوليين بحثاً طويل الذيل مترامي الاطراف واسع الاركان لا بأس ان نطير اذ طاروا ونركن اذ ركنوا ونجمل بعض التعاريف التي داروا صولها.
1- ان العلم شرط لتنجز التكليف لا علة تامة


حكم:- خالف هذه القاعدة العامة وبعض علمائنا قالوا ان الإحكام الشرعية الواقعية تثبت في حق العالم بها فمن لم يعلم ولم تقم عنده الحجة فلا حكم بحقه وتعدى العامة من الاشاعرة فقالوا ان الدين انما يثبت بحسب اجتهاد المجتهد وكل مجتهد مصيب الواقع وعن كبار علمائنا كالشيخ الانصاري (رحمه الله) فقد قال: ان الاخبار متواترة في اشتراك العالم والجاهل بالإحكام وعلله المظفر (رحمه الله) إنه لو كان الحكم معلقا على العلم لزم الخلف اذ لا وجوب للصلاة الا بالعلم به وتعلم العلم بالوجوب لا يمكن الا إذا تعلق بطبيعي الصلاة فكيف يحصل العلم بشيء هو متوقف عليه هذا خلف اقول لو عبر بالدور لكان أوضح فلا يعقل حصول العلم لدى المكلف بغير ما هو مفروض الحصول وبالجملة فالإحكام حاصلة وموجودة في حق العالم والجاهل واشكل فيه ان الاطلاق والتقييد متلازمان في مقام الإثبات لإنهما من قبيل العدم والملكة فإذا استحال التقييد في مورد استحال معه الاطلاق ايضاً فكيف اذن نستكشف اشتراك الإحكام من اطلاق ادلتها لأمتناع تقييدها العلم والإطلاق كالتقييد محال بالنسبة إلى قيد العلم في ادلة الإحكام والشيخ النائيني (رحمه الله) اصر على عدم امكان الإطلاق واشتراك العالم والجاهل من نفس ادلة الإحكام فلا بد من إثباته من متمم الجعل مثل اثبات وجوب تقييد وجوب الجهر والاخفات والقصر والاتمام بالعلم بالوجوب من دليل آخر وهو متمم الجعل واجاب المظفر بما معناه انا لا نحتاج إلى اطلاق الادلة في اثبات ما لم يمكن اطلاقه وتقييده بل نعتمد على عدم التقييد بالعالم فالاطلاق لا يحتاج إلى بيان وانما من الاستنتاج العقلي فعلم الاطلاق سواء بالبيان الأول أو الثاني المسمى بمتمم الجعل نعم يمكن ان يصرح الشرع لأتباعه بعذر الجاهل وعدم عقابه وهذا ليس معناه تقييد الحكم بالعالم كأعفاء الناسي والساهي وعلى ذلك فسر قول الإمام أبي جعفر(ع) فيمن صلى في السفر اربعاً (ان كانت قرأت عليه آية التقصير وفسرت له فصلى اربعا اعادة وان لم يكن قرأت عليه ولم يعلمها فلا اعادة)(2).


(1) الاسراء 17/15.

(1) الوسائل صلاة المسافر.