مقدمات الحكمة:

حكم: هذه المقدمات قرينة على استعمال المتكلم في اطلاق كلامه في عموم ما لفظه ولم يقصد الاشارة إلى مورد خاص وشيء معهود في نفسه أو في نفوس السامعين فطلبه بكامل الارادة أو إنه يقصد بخلاف ما يقوله لقرينه في المقام أو في الكلام وهذا الباب انما فتح لتنبيه علماء الشيعة ان لا يأخذوا بكل حديث ويكتفوا بصحة السند مثلاً وانما يفحصون حال الإمام(ع) حين التكلم أو زمإنه أو مكإنه أو اجلاسه وسامعيه حتى يتيقنوا ان مراد الإمام معنى ما يقول أو لا يقصد ما يقول بسبب تقيه وقهر أو بسبب كلام تقدم يخصصه أو يعممه أو يصرفه عن معناه ويعرف ذلك بثلاث مقدمات على المشهور:
أ- امكان الاطلاق والتقييد على ظاهر الحال والمقال بأن لم يدل دليل على منع الاطلاق والتقييد.
ب- لم ينصب الإمام(ع) قرينه مقالية أو حالية على التخصيص أو التقييد أو الصرف عن ظاهر المعنى والقرينة متصلة أو منفصلة كما لو كان في مقام السخرية والردع فإنه يقول بعكس ما بقصد.
ج- ان يكون الإمام(ع) في مقام البيان كما إذا كان وقت الحاجة فلا يجوز تاخير البيان عن وقت الحاجة.
فلو ثبت إنه كان قاصداً الاهمال أو الاجمال أو الابهام فلا اعتماد على عموم اللفظ ولا عمل بظاهر معناه حتى يبين المبهم ويفصل المجمل ويعتبر المهمل ومثلوا لذلك
بقوله تعالى[فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ](1) فإنه في مقام اصل تشريع صيد الكلب وليس في مقام كون مكان عضته نجسة ولا غيره من الإحكام التي لم تذكرها الآية وكذلك احاديث عدد النجاسات مثلاً أو عدد المطهرات أو عدد مفطرات الصوم أو عدد اجزاء الصلاة وشروطه في قولهم مثلاً الماء طهور أولاً يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب خمس خصال لإنه قد ثبت ان المفطرات اكثر من ذلك فهذا الحديث في مقام الاجمال أو قوله تعالى في الحج [فلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ](2) فإن محرمات الاحرام 23 شيء وليس فقط هذه الثلاثة.
د- ويزيد مقدمات لغير المعصوم(ع) ان لا يكون غافلاً ساهياً عند التكلم ملتفتاً لنتائج قوله من السلبيات والايجأبيات وغيرها زل.


حكم: ورد في آيات كثيرة إنها تخاطب الرسول(ص) وتعني غيره كما ورد في تفسيرها إنها مثل (اياك اعني واسمعي يا جارة)مثل قوله [لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ](3) ومثل (قل اني اخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم) ومثل[لِيَغْفِرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ](4)
القدر المتيقن


حكم: من لواحق مقدمات الحكمة إذا كان في القضية قدراً متيقناً عند المأمور فلا ينعقد الاطلاق وليس على المولى ان يقيد ما دام المأمور ملتفتاً وعارفاً لذلك.
مثلاً إذا امرك ابوك بشراء اللحم من السوق وانت تعلم ان لحم الأرنب والكنغر وما شابه حرام في نظره أو معاف لديه غير مرغوب وان لحم الجمل غير معروف لديه ولم يأكل منه عادة ولا طلبه ولا اكله مرة ولا امر به فالقدر المتيقن في البيت وعند الوالد الآمر هو اما لحم الدجاج أو الغنم فلا بد على الولد ان يأتي باللحم المعهود وليس له ان يخالف والا فهو مردود ويعتبر عاصياً وليس على الآمر ان يخصص الطلب لعلمه بأن المأمور يعلم بهذا الاعتياد وبهذا الاعتياد يقيد المطلق وليعلم ان العمل بالقدر المتيقن لا يتطرق الا إذا استند على ظاهر حالي أو مقالي ويعمل به عند الاجمال أو الاهمال أو الشك والشبهة وليس عند الاطلاق الذي يبعد تقييد وهذا مايناشدون الفقهاء بعضهم عند الاستدلال.


(1) البقرة: 5/4.

(2) الزمر: 197.

(3) الأنعام 39/65.

(4) الفتح 6/15.