الاعلمية عدم شرطيتها وعدم مصداقيتها:

مسألة الاعلمية طويلة وفي كل مراحلها مشكلة ويتم الكلام فيها على احكام.
[حكم -1120] نقر بوجود اعلم من بين الفقهاء ولاينكر ان شخصا اذكر من آخر وشخصا أقدم في العلم والتعليم من آخرين وشخصا أكثر اخلاصا في تحصيل العلم وتعليمه وجهدا فيه. كيف وقد ورد (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) وكيف لا وان الانسان في اول اجتهاده يكون اقل من المجتهدين الاخرين ادراكا الحجج وجمعا للأدلة واافهم العرفي وتطبيقا على النظائر وفهما للأحاديث وادراكا للآيات حتى يتقوى ويصلب عوده ويستقيم عموده بالدرس والتدريس ومواصلة المباحثات ويقدم رأيا ويعرض عن آخر ويتقلب بالفتوى أي تقلب حتى يستيقن بعد عقود من الزمن على رأي معين وفتوى مستقرة وهذه المراحل يمر بها كل المجتهدين أجمعين ولا ينفلت منها شخص منهم ولكن ننكر وجود محتهد يثببت اعلميته في كل الاحكام وادراكه ذلك في كل الابواب لو راجعنا شروط وتعريفات الاعلمية وطبقناها كيف وقد رأينا بعض التلاميذ ناقشوا اساتذتهم فارجعوهم عن آرائهم في مسائل كثيرة فاين كان ادراك الاستاذ الاعلم حين كان مصراً على رأي مرفوض وخلاف العرف ومباين لظاهر الادلة؟
وندعم هذه الشبه بمثل حديث (ليس العلم بكثرة التعلم وانما هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء) والاية [فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا](1) والمعلوم ان سليمان(ع) كان شابا وداود كان شيخاً كبيراً قضى عمره بالعلم والتعليم وعليه فثبوت أعلمية شخص في كل الدورة الفقهية من الاخرين في الحوزة اجمعين وفي كل شيء اول الكلام وضرب من الخيال وانما أعلمية نسبية وادركية جزئية والجزئي لا يكون كاسبا ولا مكتسبا والاعلمية ان ظهرت فغير واقعية ولو كانت واقعية فلا يجوز لتلاميذه ومن بعده ان يرد عليه ويعلق على رسالته.
[حكم -121] الرفض الاكيد للأعلمية الواقعية لمن قيل في الحوزات انه اعلم نعم ربما يكون اشهر واكثر تدرباً او اكثر طلابا ومتعلقين او أبسط اسنان او اقوى مدافعين وانه وطلابه اذا بطشوا بالمناظر لهم والمجادل لحججهم بطشوا جبارين.
ومعلوم ان العلماء بعضهم اقوى لسانا حين القاء حجته والحن في حججه من بعض وان الاعلمية الواقعية لاتثبت بحدة اللسان وتفوق المعنوية ولذا ترى بعض العوام يتفوقون على بعض العلماء عند المناظرة والاحتجاج ويسكتونهم ويخجلونهم كالعفاريت تستولي على فريستها.
[حكم -122] انك ترى كل مجموعة من الفضلاء يعتقدون او يشهدون باعلمية شخص باسباب بريئة او متعهمة ومنها انهم درسوا عنده فعظم في انفسهم فاخذوا يشهدون باعلميته ولو حضروا عند غيره لحصلت لهم نفس هذه العقيدة او اشد.
[حكم -123] نستبعد التأكيد اعملي لتحري الأعلمية في الحوزات وقد رأينا ارجاع بعض العلماء مقلديهم الى طلابهم او ابنائهم في احتياطاتهم مع وجود كبار العلماء الذين هم اعلم من طلابهم بهم يقيناً مع ان المجيز لهذا الرجاع ممن يقول بوجوب الرجوع الى الاعلم حتى في الاحتياطات !
وكذا نرى علماء يوصون مقلديهم بالرجوع الى طلابهم او ابنائهم في التقليد بعد موتهم مما يظهر عد الجدية في تطبيق قاعدة الاعلمية نعم انها مستحسنة عند الجميع اذا لم يعارضها شعيرة اهم منها شرعاً
[حكم -124]
أ- ادلة التقليد مطلقة غير مقيدة بالاعلمية وادلة قبول الرواية مطلقة غير مقيدة بذلك ابداً وانما عند التعارض مما يحير المجتهد في الفتوى بأي الروايات مع عدم امكان الجمع بينها لتعاند مضامينها فيضظهر العمل بالتراجيح
ب - حين الترجيح لم يقدم الاعلمية دائما بل رواية ابن حنظلة وهي المعتمدة قدمت اعدلهما ثم ذكر الافقه والاصدق والورع وخبر موسى الاعدل والافقه مع ان الظاهر ان المقصود بالصفات في الروايات الجمع وليس العطف فيها للترتيب فالاعلم الاقل ورعا لايقدم اذ الورع وقوة العدالة هي تنقض الامة من فسادها وفتنها وانحرافاتها.
[حكم -125] مقام التقليد بعيد عن مقام الراوية فان مقام التقليد هو مقام التبيلغ والارشاد فيراد من المرجع في هذا المقام ان يكون ناشطاً في التبليغ والجهاد في سبيل ارشاد الامة والاخذ بايديها الى الحق وابعادها عن الضلال والفساد والااحراف في العقائد وحل المشاكل واخماد الفتن واشاعة الرحمة بين الناس قال الله تعالى: [وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا](2)
[حكم -126] لا يجب الفحص عن الاعلم وان فحص فسيجد كل طلاب مجتهد يثبتون له اعلمية استاذهم وكل حاشية عالم قد تيقنوا باعلمية صاحبهم جون ان يتهموا في اخلاصهم وصدقهم في طرح رأيهم وشهادتهم.
[حكم -127] الأعلم هو الأعرف بالقواعد والمدارك لكل مسألة والاجمع لها والحث اطلاعا لنظارها وللاخبار والاجور تطبيقاً للحجج على مواردها والاكثر عرفية في الاستنباط.
[حكم -128] العالم الذي يكثر الاجتماع بالناس واتصالا بجميع شرائح المجتمع والاقرب منهما لتفسيرهم للنصوص العامية والعلمية حتى يحصل على ملكة صائبة في تفسير الاحاديث الشريفة لأنها قد القيت على العوام وليس على الفلاسفة والاصوليين ففهم العلوام للنصوص هو المعتمتد في الاستدلال اكثر ممن التفسير الاصولي والفلسفي.

 فالاعلمية في العالم الاجتماعي اكثر ضمانا منها في العالم المنزوي في غرفات العلم والذي لم يمارس الخطابة في الناس والمناقشات معهم.


(1) الأنبياء 4 -21.

(2) النساء95/4.