فصل الاحتياط:

عن الامام الصادق(ع) (اخوك دينك فاحتط لدينك)
[حكم -85] الاحتياط هو الاشتمال والاحاطة بالشيء وفي اصطلاح الفقهاء هو العمل طبق اشد واقرب الاحتمالات في تطبيق الواقع الشرعي وابعد شيء عن احتمال التقصيرأوالمخالفة له وهو ينقسم الى احتيا ط اجتهادي وهو بان يجتهد فيحصل على ادلة الاقوال فيعمل على طبق اصعب واجمع الادلة في العمل الشرعي واحتياط التقليد بان يأخذ بأصعب وأشد الفتاوى تطبيق الواقع والمثال هو ان بعض الادلة والفتاوى في التقليد وتقول بكفاية التسبيحات الركعة الثالثة والرابعة مرة واحدة في كل صلاة وادلة واراء اخرى تقول بلزوم الثلاث فالمحتاط يذكر الثلاث ولايكتفي بالمرة وادلة واقوال تقول بعدم وجوب جلسة الاستراحة وفتاوى اخرى تقول بالوجوب فان المحتاط يجب ان يجلس جلسة الاستراحة واقوال تقول بوجوب القصر في صحن الحسين(ع) على المسافر واقوال تجيز التمام ولا يرتكب المحتاط كفاية العمل بما اشكل به بعضهم فيقصر ولا يصلي تماما وكل ما فيه اختلا ف يعمل المحتاط بكل المحتملات والاجتهادات.

[حكم -86] الاحتياط له الاحكام الخمسة فالعمل بمحتمل الوجوب واجب ان اراد الاحتياط وترك محتمل الوجوب واجب والعمل به حرام ومحتمل الاستحباب مستحب ومحتمل الكراهة العمل به مكروه وتركه غالبا مستحب والمباح مباح وتحريمه حرام لانه فتوى مخالفة للواقع وبالجملة المحتاط بما لم ينبغي المفتون بحكمه فيعمل باقرب الاحتمالات للواقع.
[حكم -87] المحتاط اذا عمل مدعياً الحكم القطعي ولم يقصد الاحتياط فهو مبتدع آثم لانه قصد الوجوب في ما لم يثبت الوجوب وأدعى الحرمة فيما لم يفتى بتحريمه وهكذا
[حكم -88] الاحتياط من الامور الصعبة فلا يسلكه الا من كان متفقا أو يسأل المتفقهين والافقد يكون الاحتياط خلاف الاحتياط كمل فصلنا ومثلنا في الجزء الأول
[حكم -89] الاحتياط: اما ان يكون

  1. من عبادة أو معاملة أو بامر وضعي كالطهارة
  2. واما ان يكون موجبا للتكرار ام لا
  3. وامكا ان يكون في جزء كالسورة بعد الحمد في الصلاة
  4.  أو في شرط كعدم لبس المرأة ذهب في الاحرام
  5. أو في مانع كالشك بين الثانية ومازاد قبل اكمال السجدتين فان الاحتياط الاعادة ولا يكتفي بالعمل باحكام الشك كما يقول المشهور
  6.  أو في قاطع كالبكاء في الصلاة فاني اجيز كطلق البكاء فيها والمحتاط لايفعل لان المنع وبطلان الصلاة به قول المشهور

[حكم -90]: قد أشكل جماعة في الاحتياط بالعبادة وخصوصا في التكرار فقالوا انه يجب في العبادة الرابعة مقاصد

أ - قصد نية القربة الى الله تعالى

ب - قصد تعيين الصلاة أو الطواف أو الصوم انه للقضاء أو للاداء وما شابه

ج - قصد الوجه وهو الوجوب أو الاستحباب أو مطلق الرجحان

د - قصد التبعية أو الاصلية وقصد الشرطية أو الجزئية فاذا قصد الصائم الصوم اليوم العاشر وكان هو الثامن فيمكن ان يقال انه ارتكب مخالفة للعبادة واذا قصد المصلي انه هذه الركعة الرابعة وكانت الثالثة فكذلك واذا قصد ان لقيام في الصلاة انه شرط والواقع انه جزء واذا قصد القيام في النافلة وهو ليس بشرط واذا قصد جزئية ووجوب القنوت في الصلاة وهو ليس بواجب فقد ارتكب مخالفة.

اقول اما قصد القربة الى الله تعالى وطلب رضوانه في العبادة فهو مجمع عليه نصاً وفتوى واما بقية المقاصد والمخصصات فغير واجبة الا اذا اشتبه بغيره فمثلا الذي كان عليه صوم واجب واخر مستحب فاللازم التعيين نعم لو نوى صوم شهر رمضان الاستحباب فلا يبطل لعدم صحة غير صيام الشهر واما مثل صلاة الظهر والعصر فانه اذا نوى ثمانية ركعات واداها بالكيفية ظهرا وعصرا بدون ان يخصص الاداء باسميها صحتا واما اذا قدم اربعا بنية لعصر جهلا صحت ظهر ويؤدي بعدها العصر فان قد رتب المرتب بخلاف الواقع كنية القصر قبل الظهر والاقرب الغاء ترتيبه وصحة الصلاة ايضا لانه جاهل وانها اربع مكان ابع وانما ترتيب غير المرتب فلا يجب كنية اليوم العاشر من الصيام فهو غير واجب واذا خالف بان كان ثامنا وهو نواه عاشر فلا يبطل بل كذا مثل عدد الركعات كنيةالرابعة وهي الثالثة في الواقع ولكنه عمليا قد قام الرابعة ايضا بنية الصلاة وما شابه تلك المخالفات فلايضر بالصلاة واما نية الوجوب والاستحباب وما شابه مما يسمى نية الوجه فلا يجب واذا خالف فلا يبطل فاذا ادى النذر الواجب بنية الاستحباب فقد أجزأ واذا ادى الحج بنية التبرك الاجم ولا يغرف وجوباً ولا استحبابا فقد اجزأ عمله وهكذا وعليه فالاحتياط مطلقا راجح ولا اشكال فيه ولكنه في مثل هذه التدقيقات غير واجب
[حكم -91] بناء على ما قلنا آنفا لو كان له ثوبان وقد نجس احدهما جاز ان يكرر الصلاة بالصلاة احدهما ثم الصلاة بالاخر حتى لو قدر على عدم تكرار بان يصلي بثوب غيرهما طاهرا يقينا واذا قدر التعلم ان عليه الصلاة قصرا أو تماما جاز له ان يكرر تماما ثم قصرا بدون ان يتعلم الوجوب منهما ويعبر عنه بالامتثال الاجمالي مع قدرته على التفصلي فان المشهور عدم الاشكال فيه
[حكم -92] إذا ادى المكلف العبادة على وجهها وكامل شروطها جاز ان يعيدها ليحسنها اكثر من الأولى وان الله يختار افضلهما فبالأوس جواز ذلك بسبب الاحتياط نعم لوكان وسواسيا فقد يحرم عليه اتبع الشيطان واالعمل بالوسوسة
[حكم -93] قلنا بان الاحتياط أمر حسن ولا دليل على المنع منه ولكن بشروط وهي ان نقول: أولا ان لا يخالف حكما ثابتا أو احتياطا اخر كما ورد في بعض الفتاوى في حق المشتبه بالنجس بين ثوبين انه يصلي عاريا ويترك الثوبين المشتبهين بالنجاسة ويشدد المنع في احتمال النجاسة ولم يجعل التعري بمثل من العيب فهذا الاحتياط في ظني انه خلاف الحتياط
ومثل اذا ضاق الوقت فلا يؤدي اجزاء الصلاة المحتاط فيها مثل تكرار التسبيحات في الركعتين الاخريتين وما شابه لئلا يخرج من الوقت
وثانيا ان لا يغطي كثرة التكرار أو غيره من اشكال الاحتياط الى الوسوسة أو يدعو الى السأم وربما ضعف نفس المحتاط
وثالثا –ان لايزيد على مقدار الوقت كالصلاة الى اربع جهات احتياطا من لم يعرف القبلة والوقت لا يزيد على مقدار الصلاتين مثلاً.
[حكم -94] الاحتياط في مستوى التقليد أو الاجتهاد فهناك قرائن تقدم الاحتياط وقرائن توقف هذا التقديم [وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ] نعم ان الاجتهاد هو مقدم على التقليد اذ تحصيل الاحكام بنفسه أولى من استنابة غيره وان التوصل الى الواقع اضمن للرضوان الى الله من الاعتماد على اراء الاخرين ولكن هذا لم نتوثق بانه اكتسب درجة اللزوم وقد حكم بعضه باللزوم وهو بعيد.
[حكم -95] ان الاحتياط اما في المسألة الاصولية أو في الفرعية يعني اما ان المفتي يفتي بان العمل كذا احتياطا واما ان المفتي يفتي بشيء والمكلف تحصل له شبهة موضوعية كاشتباه الزوجة بغير الزوجة فيحتاط ان يعقد كليهما أو احتياطا أو يطلق كلتيهما أو اشتباه حكمي فيشك بين وجوب هذا أو هذا فيؤديهما كلهما أو هذه الكيفية از هذه فيؤدي بالكيفيتين
[حكم -96] من حيث قلنا بالتخيير بين الاحتياط والتقليد والاجتهاد وان فضلنا الاحتياط ثم الاجتهاد ينتقل من أي احد منهما الى الاخر بلا حرج ولا اشكال فللمكلف.