[حكم -40] ان هذا الباب قد تعرضنا له في أول الكتاب ولكن لابد ان نشير اليه استذكاراً لوجوه التقليد: فالتقليد بالفروع قد فصلناه طويلا واما التقليد في اصول الدين فمنه مذموم ومنه مقبول
فمن التقليد المذموم في القرآن والسنة هو التقليد الاعمى الذي لا يفضي الى معرفة الحقيقة:
وثانيا بالاجماع وهومستند لبعض ما سنذكره وثالثا بالعقل اذ قالوا ان اصول الدين هي الاساس لسعادة الدنيا والاخرة فيجب بناؤها على اليقين حتى لا يؤل الاعتقاد بها الى الزوال.
القسم الثاني مدح التقليد الموجب لليقين
[حكم -41] ان التقليد في اصول الدين فيه اختلاف شديد والحق ان المكلف يجب عليه ان يتبين ويعلم بالفطرة والعقل واتباع القرآن والسنة بالعلم واليقين واما فروع اصول الدين التي اشرنا لها آنفا أو كل العقائد غير الضرورية وان الذم الذي قد مضى انما هو تقليد الذي لا يفضي الى العلم كما قال تعالى: [وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ](6)
[حكم -42] وقوله تعالى: [وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ](7).
وفي نهج البلاغة: أول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به)(8) وفي سيرة المسلمين في زمان الرسول(ص) فان النبي(ص) واصحابه كانوا حين يسلم شخص يكتفون منه ان يتعلم الصلاة ويصلي معهم وكذلك في زمان الائمة ومن بعدهم الى هذا الزمان نعم ربما بنصبون لهم شيئا من التعليم والتدريب وليعلم ان هذه العفوية في التصرف وترك الذي يسلم بما يعتمد في معرفته بكليات اصول الدين لا يدل على صحة التقليد بهذه الضروريات وانما يدل ان العقل والصخبة للفضلاء هي كفيلة بالاعتقاد به الالكليات الضرورية واما في الفروع لهذه الاصول فلم يدركها بهذه السهولة فلا مانع من التقليد نعم ان كثيرا من الناس قد اسلموا بالعواطف والعلاقات الاجتماعية ولم يبدأوا بالعقيدة والعقل وربما يشير الى ذلك قوله تعالى: [وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ](9).
وفي مجمع البيان: وجاءت الرواية ان عثمان بن مظعوهن قال كنت اسلمت استيحاء من رسوال الله(ص) لكثرة ما كان يعرض على الاسلام ولما يقر الاسلام في قلبي)