البحث الثالث: الأوامر:

حكم: للأمر مادة وهي (أ – م – ر) وله صيغة وهي على أفعل أو فليفعل وما شابه من الرباعي والخماسي والسداسي والأمر هو الطلب الأكيد بالقول وليس معه قرينه تصرف معناه عن الحتمية وقد ينوب عنه الإشارة بالوجه أو العين أو باليد خصوصاً إذا كان مانع من التصريح.


حكم: تعارف بين أهل اللغة بأن الطلب من العالي إلى الداني يسمى أمراً ومن الداني إلى العالي يسمى استدعاء ومن المساوي التماساً ومن المهم أنا ما دمنا نبحث هذه المواضيع لتحقيق الأوامر الشرعية فلا وجه للقول أن الأمر يشمل المسأوي أو الأدنى وتسمية طلبهما أمراً والأمر المشهور إنه يدل على الوجوب وقيل المقدار المتيقن الاستحباب وقيل إنه مشترك لفظياً بين الوجوب والاستحباب وقيل لا يدل على شيء أكثر من إنه طلب وحكمه أو ثانوي ويختص بأحد الإحكام بحسب حال القائل والأمور والزمان و المكان والحق مع المشهور وإلا فلا يستطيع أحد أن يثبت لزوم الأوامر إذان أكثرها فلا من القرائن غير الأمر المطلق وأيضاً إذا أمر الإمام (ع) بأمر والسامع لم يفعل فهل يشكره السامعون ويحترمونه ؟.
الجواب: كلا بل هو مذموم في عرف المؤمنين والذم لا يصح إلا لفاعل الحرام وتارك الواجب وهذا الوجوب ليس معنىً ذاتياً للصيغة ولا للمادة وإنما يعرف من أمر خارج وهو لمقام العلو الشرعي وبمقتضى الآداب الإنسانية حتى لو كان من المسأوي أو الأقل فعصيان الناس بعضهم بعضاً من الأخلاق السيئة وعدم الاحترام ومما يوجب اختلال النظام والعدأوات وسيأتي تقسيمات الواجب قريباً وكيف كان فقد دأب شراح العروة وغيرها على الابتداء بشرح الوجوب وتقسيماته وأنواعه وأقسامه هي أقسام الأمر فلنقسم الأوامر ومنها ننتقل إلى الشرح الفقهي وكتابة الموسوعة.


حكم: للأمر أقسام كثيرة ونحن نذكر أهمها ونحمل القول فيها:
1- التعبدي والتوصلي: المعنى المتعارف عند المتأخرين هو أن التعبدي هو الذي لا يصح إلا أن تؤدي بقصد القربة وهي العبادات الواجبة والمستحبة والتوصلي هو بقية الأعمال الإسلامية مما يؤدي بدون احتياج لنية التعبد والتقرب.
والتقسيم القديم أن التعبدي هو الذي يؤديه المكلف ويفتي به المفتي بدون أن يتوصل لعلته الحقيقية فيعلمها تسليماً وتعبداً كالصلاة مثلاً يؤديها بدون أن يعرف علة أيجابها والتوصفي هو ما توصل العلماء لعلته مثل حرمة الخمر لإنه مسكر وحرمة الزنا لفساد الأخلاق وضياع الأنساب والعار اللاحق وللفقهاء قدس الله أرواحهم مسائل كثيرة حول في النية القربة وما ينافيها وكيف تصدق وكيف لا تصدق وأبطلوا العبادات بأي مناف قد لازم أو جأور العبادة مما لم نر ذلك وسيأتي في مواضع كثيرة في أحكام الشرع.


حكم:اختلفوا في إمكان أخذ نية القربة إلى الله في منطوق الأمر بالعبادة فالذي يقول الإمكان وهو الظاهر قال إنه كبقية الأوامر فالمولى تعالى والرسول(ص) وأولياؤه يقول يا عبدي إذا قمت إلى الصلاة تطهر من الخبث في البدن واللباس ولم يزد ويقول تطهر من الحدث ويزيد قوله وآتوا القربة إلى الله فما لم يقيده فهو مطلق لا يجب فيه نية القربة وما قيده وجب النية الزائدة ومن يقول بعدم أمكان أخذ القربة في الأمر يقول أن الأصل بعمل العبد أن يأتي بالعمل بنية الامتثال لأمر الله تعالى ما يكون معه قرينة الإطلاق فيعمله بدون قيد نية القربة والأنصاف أن عدم القدرة دعوى تبرعية وثبوت أصالة التعبدية بعيدة في نظرنا بل هو قيد زائد يحتاج إلى دليل ولماذا لا يستطيع التقييد بالقربة ولو بأحداث أمرين؟! وهنا فوائد عديدة:
الأولى: الأوامر الشرعية


حكم:أن الله تعالى جعل هذه الشريعة السهلة السمحاء فلو قدر أن الأوامر الشرعية مقدارها مائة ألف فإنك تجد فيها ألف واجب وألف حرام والباقي ثمانية وتسعون ألفاً مستحبات ومكروهات ومباحات ولذلك تجد أن أكثر الأوامر الشرعية وردت لغير الوجوب وأكثر النواهي الشرعية وردت لغير التحريم نعم أن لذلك قرائن فهذا لا يسقط حكمنا على طبيعي الأمر الشرعي بإنه للوجوب وعلى طبيعي النهي الآلاهي والرسالي والمعصومي على التحريم.
الثانية: في التوصلي والتعبدي
قلنا انفاد من معاني التوصلي عند الفقهاء حالياً وما قبل الآن هو ما توصل المكلف لعلته ومعنى التعبدي ما يعمله المؤمن ويفتي به المفتي تسليماً لأمر الله وأمتثالاً لأمر الشرع ويحرم المفتي والمكلف تسليماً لنهي الله بدون أن يعرفا علة تشريعه فإنه يجب أن نلتفت إلى معنى العلة وعدم ثبوتها فإنا قد رأينا الروايات تعني بكل أمر ونهي وتقلله وتعطي أسباب تحريمه أو وجوبه أو استحبابه أو كراهته تجد ذلك في كتب علل الإحكام للشيخ الصدوق وغيره.
نقول أن أكثر ما سمي في الأحاديث وفي لسان الرواة بإنه علة الحكم أكثره لم يقصد به إنه علة واقعية أصلية شرعية أنما هي أما حجة أقناعية يلقيها الإمام(ع) لتقريب قلوب العاملين بالشرع وتقوية تعلقهم بشرعهم وإنما هي حجة وحكمة الحكم سميت علة الحكم على التوسع في اللغة وعلامة أن هذه علة الحكم وهذه ليست بعلة وإنما هي حكمة أن العلة يدور مدارها الحكم مثل أن حرمة الخمر لإنه مسكر فلذلك إذا أنقلب خلا فقد حل فإنه ذهب عنه العلة التي حرم بسببها بينما ما روي في حرمة الزنا إنه يضيع الأنساب ويسقط الحياء ويسبب العدأوات فهل يدور الحكم على هذه العلل فلو بلعت حبوب لا تحمل بالزنا ولم تعلم العوائل ولم تحصل العدأوات وبقوا متحأبين وأن الزانيين قد ضدعا وفعلاه مرة واحدة ولم سقط الحياء فهل تحكم بحلية هذه الزنية ؟.
كلا ثم كلا فهذه العلل إنما هي حكمة للتحريم لا يدور مدارها التحريم.