اختلاف العلماء:

[حكم -21] اختلف الفقهاء في مقدار الواجب من القضاء والتدارك على اربعة اقوال:

  1. وجوب تحصيل البراءة اليقينية باداء كل المحتملات.
  2.  وجوب قضاء المقدار المتيقن اي اداء اقل الاحتمالات وهو اختيار العروة.
  3. وجوب القضاء حتى يحصل الظن بالبراءة يعني اكثر من الشك واقل من اليقين.
  4. التفصيل بين الوقت وخارجه

القول الأول: وجوب الاعادة في الوقت دون القضاء خارج الوقت.
 أو لا: الاشكال هو فيما شك المكلف في مقدار الفائت منه في الوقت المتنجّز كما مثلوا بما مضت عليه سنوات وكان في وقت يصلي وفي آخر يترك الصلاة ثم تاب واراد ان يقضي وشك في مقدار ما فاته، وكذا حسب الظاهر فيما لو علم بانه لم يصل من بلوغه الى حينه وهو في 16 سنة من العمر وشك في أول بلوغه أنه في الرابعة عشر أو في الخامسة عشر حتى يجب قضاء سنة أو سنتين أو علم بان بلوغه كان بالخامسة عشر وشك في مقدار عمره الآن ولكن في المثالين الاخيرين البراءة أقرب واظهر هذا لأن الشك في التكليف هنا
استدلال القول الأول: ان الاشتغال يستدعي الفراغ وقد اشتغلت بتكاليف لا يعلم مقدار البراءة منها فيجب اكثر الاحتمالات
أقول: الظاهر أن الاصل مجرد دعوى أي أن الاشتغال اليقيني بهذه الزيادة أول الكلام.
2- استصحاب عدم الاتيان به يقتضي وجوب تداركه.
وهو استصحاب للعدم فمن هذه الجهة لا يكون مثبتا وهذا في الواجبات غير الموقتة.
واما في الموقتة كالصلاة والصوم ونحوهما من جهة ان التقييد بالوقت من باب تعدد المطلوب فيستصحب اصل التكليف الى ان يتيقن الاداء كاملا.
وايدوا ذلك بما روي في قضاء الصوم: ان الله تعالى يريد من عباده صوم شهر في السنة ويريد كذلك كون ذلك الشهر رمضان فإذا فاتت صفة كونه رمضان بقي اصل الواجب وهو صوم شهر وصفة كونه من رمضان من باب تعدُّد المطلوب.

[حكم -22] عن صاحب الحاشية: ان موارد الأقل والأكثر على قسمين:
الأول: ما شك في وجود تكليف زائد على المتيقن وهو مجرى البراءة.
والثاني: ما إذا شك في مقدار التكليف المنجز الواصل الى المكلف زائدا على القدر المتيقن وهو مورد الاحتياط، ولكن اذا ثبت انه منجز زائدا على القدر المتيقن ومسألتنا كذلك فان المقلد كان مدَّةً بلا تقليد والعبادات منجزة فاذا اراد اداء الفائت وشك بمقدار المدَّة فاحتمال ان يكون التكليف المنجز منجزاً عقلا
وقالوا ليس هذا شك بين الاقل والأكثر اذ فيه الشك في اصل تعلق الدين في ذمته زائدا عن المتيقن وهو مورد للبراءة لحديث الرفع وغيره واجاب صاحب الحاشية بالتنجز يدور مدار المنجز حدوثا وبقاء فاذا حصل المنجز حصل التنجز والا فلا واحتمال وجود تكليف منجز موجب لاحتمال التنجز مندفع بالبراءة والفرق بين الدين المشكوك الزيادة وبين الصلاة غير ظاهر.
3- ان البناء على البراءة يوجب الوقوع بمخالفة العلم نظير ما قالوا في وجوب الفحص عن الشبهات الموضوعية بحيث ترك الفحص فيها يوقع بمخالفات كثيرة.
اقول: أو لا قد مر ان الاصل بالشبهات الموضوعية عدم وجوب الفحص الا ما دل الدليل
وثانيا: ان البراءة هي المتخذة في هذا الامر وغيره
وثالثا: اما الوقوع في مخالفات فله نظائر كثيرة في الفقه مع ذك حكم فيها بالبراءة مثل حكم واجدي المني كل منهما بالبراءة والطهارة ومثل درهمي الودعي وغير ذلك مما يحصل المكلف بمخالفة الوقع ولكن يجيز الشرع تلك المخالفة.

 

القول الثاني
وهو الاداء لمقدار المتيقن من الفوات وادلتهم
الأول: ان القضاء بامر جديد ومع الشك في مقدار الفائت يكون المقدارالمتيقن منه محلا كالأمر القطعي بالقضاء والزائد على مجرى البراءة.
وما مر من ان موضوع القضاء الفوت وهو امر عدمي لا وجودي فقد رد: ان الفوت وجدانا وعرفا امر وجودي والمستصحب هو عدم الاتيان بالمأمور به واثبات الفوت الوجودي بالأمر العدمي مثبت لا محالة فلا يتبع
نعم لو قيل بكون الفوت امرا عدميا أو كون القضاء بالامر الأول توجَّهَ التمسك بالاستصحاب في اثبات الاشتغال بالمقدار المشكوك لكن اصالة البراءة حاكمة عليه باطلاقاتها.
الثاني قاعدة التجاوز والفوات اذ انه كان حين فات منه العمل اكثر تذكرا وعلما بمقداره وكيفيته فلما تاب بعد ذلك بنى على اداء ما يتيقن به والزائد على البراءة لأنه لم يتذكر التكليف به والشاهد احاديث كثيرة ومنها قوله(ع) في حديث زرارة (... فاذا قمت من الوضوء وفرغت منه وقد صرت في حال اخرى في الصلاة أو في غيرها فشككت في بعض ما سمى الله مما أو جب الله عليك فيه وضوءه لا شيء عليك فيه...)(1)
والحلبي عنه(ع) (ان ذكرت وانت في صلاتك انك قد تركت شيئا من وضوئك المفروض عليك فانصرف فاتم الذي نسيته من وضوئك واعد صلاتك)(2)
وصح محمد بن مسلم قال سمعت ابا عبد الله(ع) يقول: (كل ما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكرا فامضه و لا اعادة عليك فيه)(3) وبكير بن اعين: قال (قلت له الرجل يشك بعدما يتوضأ قال هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشك)(4) وعنه(ع): اذا استيقنت انك احدثت فتوضأ واياك ان تحدث وضوءاً ابداً حتى تستيقن انك قد احدثت)(5) وهذه وان كانت في اصالة الاستصحاب ولكن اسلوبها يتخرج منها قاعدة التجاوز وان الاعادة والاحتياط الموجبة للوسوسة وخروج الانسان من الطبيعة المتوسطة في كل ما ممضى وشك فيه وكذا قوله: فيمن يشك بين الثلاث والاربع بعد تمام الصلاة: (لم يعد الصلاة وكان حين انصرف اقرب الى الحق منه بعد ذلك)(6) صح اسماعيل عن الامام الباقر(ع): (كل شيء شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه)(7) وهذا عام للشك في الحدث والشك بالحدث يعني انه يمضيه ويصححه اذا شك بكماله وتمامه أو اذا شك بحدوث التكليف به مما ادى مما تيقن التكليف به وموثق محمد بن مسلم عنه(ع): (كل ما شكك فيه مما قد مضى فامضه كما هو)(8)


(1) وسائل 24/1 وضوء وعنه البيان 4/115.

(2) وسائل 24/3 وضوء وعنه البيان 4/115.

(3) وسائل24/6 وضوء عنه البيان 4/115

(4) وسائل 24/7 وضوء عنه البيان 4/115

(5) وسائل 44/1 وضوء عنه البيان 4/115

(6) وسائل 27/3 الخلل في الصلاة.

(7) وسائل ب3 ح4الركوع.

(8) وسائل 23/3 الخلل في الصلاة.