القول الرابع الانكشاف القطعي والاجتهادي:

[حكم -8] فرق الشيخ الاردبيلي لها بين انكشاف الخطأ انكشافاً قطعيا فيجب الاعلام وبين انكشاف الخطأ اجتهاديا فلا يجب
وأورد عليه: بأن الإجتهاد واقع تنزيلي يتخذه المسلمون اتخاذ العلم الواقعي والأدلة التي تدل على ذلك.
وفيه انه يمكن أن يجاب بأن القضية تتحمّل اجتهادات عديدة فلو نقل ناقل فتوى خطأ وكانت الفتوى موجودة لغير المجتهد المخصوص فلا يجب على الناقل أن ينقضها ويرجع عنها ويبلغ من سمعه بخطئها إلا إذا كان السامع أوالسائل أراد مجتهداً معيناً وأما إذا لم يكن مجتهد يعي يقول طبق ما نقل الناقل فيجب التبليغ مادام السامعون يعملون بما يسمعون، وخذ هذا منا كتفصيل في المسألة واعتبره هو القول الخامس.
الأمر الثاني: هل الاعلام واجب على المخطيء أم يعم؟

[حكم -9] قالوا بالإطلاق لوجوب إعلام الجاهل في الاسلام بالأدلة الشرعية.
ومن أهم مواردها حالة الخطأ بالفعل المسبب الوقوع بخلاف الشرع وباب القضاء بين الناس الخاص بالقضاة حيث ورد فيه: القضاة أربعة (ثلاثة في النار وواحد في الجنة)(1)
مثلا لو أفتى مجتهد لشخص أن جلسة الاستراحة غير واجبة وسمع سامع كان يعلم بأن فتوى هذا المفتي وجوبها وجب عليه أن يبلغ لأن المفتي قد سهى أو غفل أو نسي أو لم يعرف أن يعبر عن رأيه ولم يفهمه سامعه.
الأمر الثالث: قد قلنا به آنفا.
الأمر الرابع: وهو هل يعم وجوب التبليغ للخطأ حتى لو علم المفتي بأن فتواه أو ما نقله لا يعمل به أو مخصوص بالفتوى المعمول بها.
من حيث أن النقل طريق لحكم الشرع والناقل لم يعلم أن نقله مؤثر بذي الطريق وعامل فيه سلباً أو إيجاباً
فحكمه حكم من استغاب شخصا ً غير موجه لكلامه لأحد ولا سامع له.
فانه لا يجب الاستيهاب منه من هذه الجهة وان كان وجوب الاعتذار من حيث الحقد وظن السوء لو كان محرماً
الأمر الخامس الضرر وعدمه والخطأ قصوراً أو تقصيرا

[حكم -10] هل النقل أو إعادة التنبيه على الخطأ يتوقف على عدم الضرر والحرج وهل الفرق بين الخاطئ بالنقل مقصراً وبين الناقل قاصراً.
والمعلوم ان نقل الفتوى كبقية أحكام الشرع فإنها تؤطر بإطار عدم العسر والحرج والضرر ويوازن بين الضرر منها والضرر بها فيعمل على أقل الضررين ولا فرق بين كونه حين النقل كان قاصراً أو مقصراً وذلك لأن العفو عند النقل للقاصر لايستوجب العفو مطلقا حين علم حقيقة الفتوى والتفصيل الصحيح فاذا لم يبلغ المنقول اليه بالخطأ فلا عذر له.
وهذه رواية في عقاب إضلال بالناس.
وصحيح هشام بن الحكم وأبي بصير عن أبي عبد الله(ع) قال: كان رجل في الزمن الأول طلب الدنيا من حلال فلم يقدر عليها، وطلبها من حرام فلم يقدر عليها، فأتاه الشيطان فقال له ألا أدلك على شيء تكثر به دنياك وتكثر به تبعك؟ فقال بلى، تبتدع ديناً وتدعو الناس إليه ففعل فأستجاب له الناس وأطاعوه فأصاب من الدنيا ثم انه فكر فقال ما صنعت ابتدعت دينا ودعوت الناس اليه ما أرى لي من توبة إلا أن آتي من دعوته إليه فأردَّه عنه فجعل يأتيأاصحابه الذين أجابوه فيقول أن الذي دعوتكم اليه باطل وانما ابتدعته فجعلوا يقولون كذبت بل هو الحق ولكنك شككت في دينك فرجعت عنه فلما رأى ذلك عمد الى سلسلة فوتد لها وتداً ثم جعلها في عنقه قال لا أحلها حتى يتوب الله عزوجل علي فأوحى الله عزوجل الى نبيِّ من الأنبياء قل لفلان وعزتي لو دعوتني حتى تنقطع أو صالك ما استجبت لك حتى ترد من مات على ما دعوته اليه فيرجع عنه)(2)


(1) الوسائل 12/59 صفات القاضي

(2) الوسائل 79 /1جهاد النفس