الإلزاميات وعدمها:

[حكم -5] الإشكال في هذه المسألة: أنه هل الوجوب للتبليغ بالخطأ بالأحكام الإلزامية وهو الوجوب والحرمة أو لكل حكم نقله خطأ فعليه أن يبلغ المنقول إليه؟
وثانياً:هل الوجوب بالمفتي والناقل أم يعم غيرهما؟
وثالثاً: هل وجوب الإعلام يعم ما إذا وافق حجة شرعية أو فتوى مفتي ولو لغير المقصود بالنقل عنه.
ورابعاً هل يخص ما إذا اعتمد السامع على هذا النقل وعمل به أو مطلقاً.
وخامساً هل يقيد النقل والإعادة بعدم الحرج والضرر أو لا يقيد وتعليق السيد السيستاني عليها بقوله: ((إذا كان لنقله دخل في عدم جري المنقول اليه على وفق وظيفته الشرعية فالأحوط الإعلام إلاّ لم يجب وهكذا الحال فيما بعده)).

[حكم -6] إن صاحب العروة (رحمه الله) اطلق وجوب التبليغ على من نقل فتواه أو فتوى غيره للناس سواء بالواجبات أو غيرها وتبعه جماعة من المعلقين القول الثاني: انهم قيدوا الوجوب باللزوم كما لو نقل الوجوب حراما ً أو بالعكس أو نقلهما استحباباً أو كراهة أو اباحة.
دون ما اذا بدل غير اللزومية وهي الثلاثة ببعضها أو بدلها لا حرمة أو الوجوب.
واستلوا بأمور الأول: ما يفعله السامع ليس حراماً ولا دليل على حُرمة الحكم الملتزم به بحكم مخالف لحكمة اذا لم يغير حكماً لزومياً ومثلوا لذلك مثل الفتوى بوجوب صلاة الليل أو حرمة شرب التتن أو كراهة الصلاة في المسجد أو إباحة الإكتحال للصائم أو استحباب شم الرياحين له.
مما لا يلزم تغيير حكم إلزامي ولكن رد عليهم القائلون بالإطلاق بوجوب التبليغ للسامعين بخطأ النقل في كل تغيير في حكم شرعي بعدة أدلة:
منها أن التغيير لحكم يغير ما أنزل الله فيجب أن يبلِّغه حتى يحكم بما انزل الله تعالى. وكونه معذوراً حين نقل الخطأ لجهله لا يستلزم استمرار التعذير من بعد العلم بخطئه فيجب تصليح الخطأ بأول وقت ممكن وفي صحيحة عبد الرحيم القصير عن الامام الصادق(ع) (لا يخرجه) أي المسلم (الى الكفر الا الجحود والاستحلال أن يقول للحلال هذا حرام وحرام هذا حلال)(1)
ووجوب التبليغ ليس في حالة السائل والناقل للمسألة فقط وانما لكل عالم بموضوع يحتاج إلى ذلك الموضوع أحد مثل ما إذا علم بمال للميت والورثة لم يعلموا به فيجب إعلامهم به وهكذا كل من اخبره الميت بشيء ولم يخبر الورثة أوادَّخر عنده شيئاً قال في العروة (نعم إذا كان له من مال مدفون في مكان لا يعلمه الوارث يحتمل تفويتاً عدم وجوب إعلامه لكنه أيضاً مشكل وكذا إذا كان له دين على شخص والأحوط الإعلام واذا عُدَّ عدم الإعلام تقويتاً فواجب يقينا ً) (2)
كيف لا يكون تفويت إذا لم يخبرهم غيره فلا وجه للإشكال بوجوب التبليغ.
الثاني من أدلة وجوب التبليغ مطلقاً:
أنه إضلال عن الواقع وربما كان المكلف مريضاً أو تعباً أو متعاجزاً عن القيام بغير الواجب أو ترك الحرام فاذا اخبرته بالوجوب لشيء مستحب فقد أضللته وعسَّرت الحياة عليه وكذا إذا أخبرته بالتحريم لشيء مكروه وهكذا كل تغيير لحكم شرعي يجب تعديله إلى الصحيح.
الثالث: ما ورد من المفتي لما أفتى به:
كصحيح ابن الحجاج في قصة ربيعة الرأي وقول الإمام الصادق(ع) (وكل مفتٍ ضامن)(3)
القول الثالث بتفصيل آخر.

[حكم -7] فرق بعض الفقهاء بين الذي ينقل الفتوى إلى من لا يعمل بها أو لم يبتل بها وانما ينقل لمجرد التعليم فلا يجب ان يعلمه الفتوى الجديدة للمفتي مثل ان يعلمه فتوى تجارية والسائل ليس من التجار أو يعلمه أحكام الحيض والنفاس والسائل رجل كبير ليس له زوجة أو زوجته يائس.
وبين من ينقل فتوى الى من يعمل بها كتعليمه أحكام الحج وهو متوجه لأداء الحج يعلمه الفتوى الجديدة إذا كان المجتهد عن فتوى اخرى
ويجب ان يعلمه بالخطأ والصواب إذا كان قد سمع فتوى خاطئة وأيضاً إذا علم بأن المتلقي سوف يعمل بالفتوى فيجب أن يعلمه ما أستجدت من الرأي للمجتهد.
وبين من لا يعلم بانه سوف يعمل أو يعلم بانه سوف لا يعمل فلا يجب الاعلام بتغير الفتوى

وهذا الرأي متين ولا مناص منه.


(1) البيان: 4/181 عن الكافي 2/27.

(2) العروة: أحكام الأموات م3.

(3) الوسائل: 7/2 آداب القاضي.